الرئيس السنيورة لـ الحدث : حزب الله يسيطر على سلطة لبنان الواقعة في ازدواجية

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

 

أجرت قناة الحدث مساء السبت في 13 نيسان الجاري اتصالا مع دولة الرئيس فؤاد السنيورة، وكان حديث مع دولته حول ذكرى الحرب الاهلية اللبنانية وضربة إيران لإسرائيل وانخراط حزب الله في المعركة.

س: هذا الشعار "تنذكر وما تنعاد" إلى أي مدى اليوم هو ملبد بالمخاطر والتخوف من أن "تنعاد" وما أوجه التشابه بين الأمس واليوم؟

ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. مما لا شك فيه أن هذه الذكرى، ذكرى مؤلمة تحفر عميقا في ضمائر اللبنانيين، وتعود لتوقظ هواجسهم، ولاسيما أنهم لايزالون يتحملون نتائج وتداعيات تلك الحرب الداخلية المؤلمة، والتي أخذت بعد ذلك أشكالاً مختلفة من هدن طويلة وحروب متكررة وأزْمات من مختلف الأنواع والأشكال، والتي دخلت عليها أطراف إقليمية عديدة، ولاسيما من قِبل إسرائيل، وكذلك من قبل إيران. والحقيقة أنَّ اللبنانيين شهدوا على مدى التسعة والأربعين عاماً الماضية، تردياً وانهياراً كبيراً في سلطة ودور الدولة اللبنانية وهيبتها، ولاسيما بسبب ما أصبح يُعاني منه اللبنانيون لجهة ازدواجية السلطة ما بين الدولة والدويلة. إذْ أنه، وفي المبدأ، يُفترض أن لا تكون هناك ازدواجية في السلطة في أي بلد، ولاسيما في بلد مثل لبنان. إذْ انّه عندما يكون هناك ازدواجية في السلطة، تبدأ المشكلات، ويحاول عندها كل فريق من الفرقاء اللبنانيين الاستفادة من تغير موازين القوى لتعزيز سلطته أو تسلطه على الآخرين؛ وإنْ لم تكن لدى هذا الفريق أو ذاك قوة في عضلاته، فإنّه يحاول أن يستجير ويستعين بعضلات أصدقائه، من أجل الاستقواء على الفرقاء الآخرين، وهو ما بات يُسهم في تهديم الوحدة الوطنية الداخلية.

هذا- للأسف- ما تحمَّله لبنان على مدى هذه السنوات الماضية، وهذا علماً أن لبنان قد مرّ بفترات من الهدوء النسبي، وحيث جرت المحاولة من أجل استعادة الاعتبار للدولة في سطلتها وهيبتها ونفوذها. ولكن في كل مرحلة كانت تعترض لبنان خلالها ظروف إقليمية غير مستقرة، بحيث كانت تنعكس الأمور سلباً على لبنان واللبنانيين بسبب استمرار هشاشة الاوضاع الداخلية في لبنان، وهذا ما كان يؤدي إلى جعل الامور أكثر سوءاً في كل محنة جديدة كانت تطرأ على لبنان.

نحن اليوم في لبنان، نعاني من حالة يسيطر فيها حزب الله على السلطة في لبنان، وحيث تسود حالة ازدواجية في السلطة اللبنانية، وحيث ينحسر وجود الدولة وهيبتها واحترامها وسلطتها الواحدة والحصرية. وها نحن الآن نشهد هذا الوضع المتأزم، ولاسيما بعد الحرب التي اندلعت في غزة. وبالتالي، فإننا نشهد تداعيات هذه الحرب على لبنان، وهو الأمر الذي كنتُ قد حذَّرت منه في اليوم الثامن من شهر تشرين الاول/ أكتوبر 2023 ونبّهتُ حتى لا ينزلق لبنان إلى هذه الحرب، بما يحمله هذا الانزلاق من تداعيات ومخاطر لا يستطيع لبنان أن يتحملها، ولاسيما بسبب تراكم وتراكب الأزْمات الكبرى الأخرى التي يخضع لها لبنان الآن، وهي برأيي أربع أزمات متراكمة في الوقت ذاته، ومتراكبة فوق بعضها بعضاً أكان ذلك في وجود أزمة وطنية وسياسية ودستورية في لبنان أصبحت تحُول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليحل محل الرئيس الذي انقضت مدة ولايته الرئاسية، وحيث يسود الفراغ في سدّة الرئاسة، وفي عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على تسيير الأمور في البلاد حسب ما يريده ويأمله اللبنانيون.

هذا إضافةً إلى وجود أزمة اقتصادية ماحقة، ووجود أزمة النزوح السوري في لبنان. هذا ناهيك عن أن لبنان لم يعد لديه شبكة الأمان العربية والدولية التي كانت لديه في الماضي، والتي سمحت له أن ينهض من كبوته، ولاسيما بعد حربين كبيرين تعرض لهما لبنان في تموز وآب 2006، وحرب نهر البارد التي شنّتها منظمة فتح الإسلام الإرهابية على لبنان في العام 2007.

* س: عندما تقول بانكم حذرتم سابقا من تداعيات الحرب على غزة وفتح جبهة الجنوب هل لبنان اليوم قاب قوسين أو أدنى تزامنا مع هذا الرد الإيراني الذي يكون فعليا انجرار الى الحرب وما هي المخارج لعدم الوقوع في مثل هذه الأزمة؟

ج: لقد عودتنا إيران على مدى السنوات الماضية أنها تحارب الى آخر لبناني أو سوري أو فلسطيني أو عراقي أو يمني. وبالتالي نحن نشاهد الآن النتائج التي يمكن أن تنجم عن إقحام لبنان في أتون هذه الحرب، والتي لا يقدر لبنان على مواجهتها ولا تحمل نتائجها. طبيعي بعد ذلك سوف تسعى إسرائيل إلى أن تقوم بردة فعل عسكرية.

والسؤال: هل ستكون ردّات الفعل الإسرائيلية أو الإيرانية مضبوطة؟ هل تكون مثلما جرى في ردة الفعل الإيرانية التي حصلت منذ أشهر عديدة في العراق، والتي قامت بها إيران ضد القاعدة الأميركية في عين الأسد ردّاً على اغتيال أحد المسؤولين الإيرانيين، أم أنها ستكون قابلة للانزلاق إلى أكثر من ذلك؟

لقد شهدنا خلال اليومين الماضيين إطلاق دفعة من الصواريخ من قبل حزب الله من الجنوب اللبناني نحو هضبة الجولان. هل هذا مؤشر إلى أنه يمكن أن تنزلق الامور إلى أكثر من ذلك؟ من جهتي أنا أقول إن لبنان لا يستطيع تحّمل نتائج أن يستدرج إلى هذه الحرب. وبالتالي حزب الله هو الذي يتحمل نتائج دفع لبنان إلى خضم أتون خطير في مثل هذه المعركة المحتدمة في غزة والضفة الغربية.

قد تكون هذه العملية كلها مجرد سيناريو مضبوط ما بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، وأنا أميل الى هذا السيناريو المضبوط. في هذا الصدد، فإني أعتقد أن الجميع يُعوِّلُ على أن لا تخرج الأمور عن السيطرة، ولاسيما أن إيران برأيي لا تريد التسبب بمواجهة كاملة. وكذلك أيضاً، فإنَّ الولايات المتحدة لا تريد مواجهة كاملة، كذلك ربما إسرائيل لا تريد مثل هذه المواجهة المنفلشة وغير المضبوطة، ولكن ربما لنتنياهو شخصياً حسابات خاصة مختلفة تدفعه من أجل الاستمرار في حرْف الانتباه عما يقوم به في غزة، وحرْف الانتباه عنه شخصياً ليتجنب الانتقادات والتأثير السلبي على شعبيته داخل إسرائيل، وحيث سيخضع عندما يحل الهدوء للمحاسبة، ربما قد يتعرّض للسجن.

 س: كان معنا الآن خبراء عسكريون على الخط، وهم يقولون بأنّه يجري إطلاق مسيرات من العراق او من اليمن أو من إيران نحو إسرائيل. وبالتالي، فإنّ إسرائيل لن تضرب لا في العراق ولا في اليمن انما ستضرب هذه المرة في لبنان، دولة الرئيس ربما هذه الذكرى قد تكون عبرة وبالتالي من بيده الحل برأيك؟

ج: لا شك في أن هناك منْ يحاول أن يدفع لبنان إلى الانجرار والتورط في خوض هذه المعركة. القرار الآن- وللأسف- ليس بيد الحكومة اللبنانية، هناك منْ يأخذ القرار عن لبنان وهو حزب الله. وهذه مشكلة كبيرة والخوف من أن يتورط حزب الله أكثر فأكثر في هذه العملية ويورط لبنان في أتون حرب لا يستطيع لبنان الخروج منها.

أنا أعتقد أنه لا يزال أمامنا مجال من أجل أن لا ينخرط لبنان أكثر فأكثر. من الطبيعي أن إسرائيل سوف تسعى إلى أن تحرف الانتباه عما يجري في غزة وعن خطتها في اقتحام مدينة رفح، وبالتالي هي تريد من خوض هذه المعركة أن تخرج بنتيجة أو بإنجاز عسكري، لاسيما وأنها لم تستطع حتى الآن أن تحقق شيئا من أهدافها في غزة باستثناء القتل والتدمير. وبالتالي هي تريد أن تحقق إنجازا في لبنان يعوضها عما لم تستطع أن تحققه في غزة، وبالتالي وأيضاً أن تزيح عن كاهلها وكاهل المقيمين من الإسرائيليين في المستعمرات الشمالية هذا التهديد الدائم الذي يشكِّله لها الوجود العسكري لحزب الله في جنوب لبنان والتأثيرات السلبية لذلك التي يمكن أن تقع على إسرائيل. ولذلك من المهم أن لا يجعل لبنان نفسه عن طريق حزب الله مادة للاستغلال من قبل إيران، وبالتالي أن لا يدفع لبنان واللبنانيون أثمان كبيرة، وبالتالي ازهاقاً كبيراً في الأرواح البريئة، وتدميراً كبيراً لا يتمكن بعدها لبنان من النهوض.

تاريخ الخبر: 
13/04/2024