مطالبة الرئيس المكلف بالتبصر في مواقفه استنادا إلى الثوابت الوطنية والتجاوزات تضمنت خروجا على قواعد النظام السياسي وتخلي الحكومة المقبلة تجاه المحكمة الدولية يشعر اللبنانيين بالغلبة والقهر

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثاني: 
اجتماع برئاسة المفتي قباني في دار الفتوي بحضور الرؤساء ميقاتي السنيورة والحريري

عقد اجتماع مشترك في دار الفتوى للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، بدعوة من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، في حضور رؤساء الحكومات رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري والرئيس المكلف نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة والنواب المسلمين السنة ومجلس المفتين.

وصدر بيان عن المجتمعين جاء فيه: "إستهل الاجتماع بعقد خلوة ضمت مفتي الجمهورية والرؤساء الحريري وميقاتي والسنيورة في مكتب المفتي قباني دامت نصف ساعة، ثم توجه الجميع الى بهو دار الفتوى حيث استهلت الجلسة بكلمة لمفتي الجمهورية الآتي نصها: أصحاب الدولة، أصحاب السماحة، أصحاب السعادة النواب، الإخوة أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، أهلا وسهلا بكم في دار الفتوى، داركم ودار اللبنانيين جميعا. أنتم جميعا أبناء هذا الوطن، وتمثلون أبناء هذا الوطن، أنتم أبناء هذه الدار، وتمثلون أيضا أبناء هذه الدار، في سداد رأيكم مآل أمورهم، وفي قراراتكم يكمن مصيرهم، ومآل أوضاعهم، في وحدتكم وحدة المسلمين وخيرهم، وفي تباعدكم هوانهم، أنتم إخوة في الوطن مهما تباعدتم، وأخوتكم في الله وفي الإيمان، دوما سوف تجمعكم. وفى ذكرى مولد خير خلق الله سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ليس لنا إلا أن نستذكر هدي قدوتنا صلى الله عليه وسلم، وكيف أنه وحد أمة متقطعة الأوصال، وأنه جاء برسالة التوحيد، توحيد الله وحده في العبودية وتوحيد الناس جميعا في أمة واحدة. وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: "وإن هذه أمتكم أمة واحدة*وأنا ربكم فاتقون"، فعلينا بالوحدة مهما اختلفت آراؤنا ولنحذر الفرقة فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟" قالوا: بلى يا رسول الله؛ قال: "إصلاح ذات البين، ألا إن فساد ذات البين، هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، وإنما تحلق الدين".
أضاف البيان: "ألا إن ما أصاب وطننا لبنان، خلال السنوات الست الماضية، من حالات عدم الاستقرار السياسي المتكررة والمستمرة، ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله تعالى، قد أصاب الوطن في كيانه والمواطن في رزقه حتى تقهقر حالنا، لذلك كان لابد لنا من لم الشمل اليوم في هذه الدار الجامعة بينكم، دار المسلمين وكل اللبنانيين، بعد ما آلت إليه الأمور في الآونة الأخيرة في وطننا لبنان إلى ما آلت إليه، للنظر في أمرنا، وللتداول في شؤوننا، لنجتمع على ثوابت ومقررات، نضعها معا ونلتزم بها نهجا ومنهاجا، يكون الدستور روحها، ومصلحة الوطن والمواطنين في صلبها، ووحدتنا نتيجتها".
وتابع: "لنضع نصب أعيننا أن اللبنانيين جميعا، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة، وحدة متكاملة في هذا الوطن، تربطهم تلك الوحدة الوطنية الجامعة، وترعى شؤونهم وثيقة اتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، لا فضل لأحدنا على الآخر إلا بمقدار خدمته لوطنه، وبمقدار محافظته عليه، وأننا أبناء هوية واحدة، وأبناء أرض واحدة، وأبناء وطن واحد، هويتنا عربية، وأرضنا عربية، ووطننا لبنان، وأنه لا عدو لنا في هويتنا وأرضنا ووطننا إلا الصهاينة المغتصبين لأرضنا العربية فلسطين، وفقنا الله تعالى وإياكم أيها الإخوة، للعمل لما فيه رضاه، وبسم الله الرحمن الرحيم، افتتح هذه الجلسة".

البيان الختامي

ثم توالى على الكلام الرئيس الحريري، ثم الرئيس ميقاتي، ثم الرئيس السنيورة، بعد ذلك دار نقاش في مسودة البيان، وتم بالاجماع الموافقة على البيان الذي تلاه نائب رئيس المجلس الشرعي الوزير السابق عمر مسقاوي الاتي نصه: "حفلت السنوات الماضية من حياة لبنان الوطن والدولة والعيش المشترك بعدة أمور وظواهر رأينا فيها نحن المسلمين اللبنانيين ما يشكل خطرا على الدولة، والسلم الأهلي، وعلى أصول المشاركة السياسية في النظام بين المكونات الوطنية، وتأكيدا على الالتزام الوطني بالدولة والدستور والنظام العام، رأينا أنه من واجبنا وحقنا التنبيه إلى هذه المخاطر وتأثيراتها السلبية على الاستقرار، وتضامن اللبنانيين ووحدتهم، وعلى العلاقات بين طوائف البلاد وفئاتها، وحرصا منا على حماية النظام العام على أساس وثيقة الوفاق الوطني رأينا التأكيد على الثوابت الاتية:
أولا: في الدولة: لقد تلاقى اللبنانيون على اختلاف فئاتهم وطوائفهم ومذاهبهم على إقامة الدولة التي تصون الوطن، وترعى العلاقات والمشاركة الصحيحة والعادلة بين مكونات البلاد الطائفية والوطنية، من خلال نظام ديموقراطي، يضمن التنوع داخل الوحدة، بحيث لا يتناول الخوف، أو الغبن، أو الاستبعاد، أو الإقصاء، أيا من تلك المكونات، وما توصل اللبنانيون إلى كل ذلك دفعة واحدة، بل عبر مراحل متعددة، وحروب ونزاعات ونضالات، أسهمت دروسها وعبرها في الوصول إلى وثيقة الوفاق الوطني بالطائف (عام 1989)، والتي تأسس عليها الدستور الحالي بروحه ونصوصه المعروفة، والتي لا يجوز تجاهلها أو الخروج عليها، حفظا للاستقرار، وفق الآليات المتفق عليها داخل النظام، لقد راعت وثيقة الوفاق الوطني مصالح جميع اللبنانيين على أساس تعدد المكونات ووحدة المواطنة معا، وفتحت الأفق على تطوير النظام والتقدم من خلال آلياته وأعرافه باتجاه اكتمال إقامة الدولة العربية الحرة والمدنية الحديثة، ويمر نظامنا اليوم في مرحلة دقيقة وحساسة بسبب ما تعرض له منذ الطائف من استنزاف وتعويق واستضعاف من الداخل والخارج، وما شهده من خروج عن القواعد أو محاولة تغييرها بقوة الأمر الواقع، وهذه أمور ينبغي التفكير فيها والتحسب لها، ومراجعتها بدون تعسف أو استخفاف.
إن النظام الوطني الديموقراطي اللبناني لا يجد منافذ وآفاقا للتحقق والتطور بسبب تفاقم التجاوزات والأطماع باسم طوائف ولمصلحة قوى مهيمنة فيها، تعمل على إخضاع الآخرين لمنطقها السياسي، في تجاوزات للدستور أو للنظام العام، فتعتمد تارة الالتفاف عليهما، وتارة أخرى الغلبة بالسلاح، وهدفها دائما التلاعب بالأولويات التي ينبغي القيام بها لاستكمال تطبيق الدستور. وهذا فضلا عن رفع الصوت بأوهام الأعداد والحجم، إن الثابت لدينا في الأمر الدستوري هو تنفيذ الدستور الحالي بنصه وروحه، وتطبيق نصوصه كاملة من دون انتقاص أو انتقاء.
ثانيا: في العيش الوطني الواحد: كان العيش الوطني الواحد وما يزال هو القاعدة التي قام عليها لبنان واستمر رغم كل الصعوبات الداخلية والخارجية. وأساس ذلك العيش الشراكة الكاملة على أساس المناصفة في التمثيل السياسي، والمشاركة في بناء المؤسسات، بين المسيحيين والمسلمين. وعماد تلك المشاركة هو التزام الطوائف بالنظام، والتمثيل الصحيح لكل الفئات، والتمثيل الوازن بداخل الطوائف، واحترام خصوصيات الآخرين ما امكن لكي يظل التوازن في النظام السياسي عاملا مهما بين عوامل الاستقرار والأمان للجميع، وذلك لأن الإحساس بالغبن أو بالإقصاء عند أي جماعة على المستوى الوطني العام أو الطائفي الخاص، يولد انعزالا داخل الطائفة المعنية، ويقابله انكماش وتحفز بداخل جماعة أخرى أو أكثر، وقد أدى ذلك دائما إلى تهديد الاستقرار الوطني، وحدوث النزاعات التي عانى منها اللبنانيون كثيرا.
ثالثا: في المكونات الوطنية للنظام: لقد أقام النظام اللبناني، وبالتوافق بين المسلمين والمسيحيين شراكة في تكوين السلطة وفي إدارتها، وهكذا كان رئيس الدولة وما يزال مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النواب أو السلطة التشريعية مسلما شيعيا، وكان من مسؤولية أهل السنة تولي منصب رئاسة الحكومة قبل الطائف وبعده، وما كان ذلك امتيازا بقدر ما كان وما يزال دورا ومسؤولية، فرئيس الحكومة في ديموقراطيتنا باعتباره رئيس السلطة الإجرائية، هو وحده الذي يتعرض للمساءلة والمحاسبة من بين رؤوس المؤسسات الدستورية، وتستند قدرته على القيام بمهامه، وتمتين التواصل بين المكونات الوطنية إلى صلاحياته الدستورية، وإلى قوته التمثيلية في بيئته اللبنانية الخاصة، وفي المدى الوطني العام.
رابعا: في التسامح والعدالة: لقد تخللت المسار السياسي للنظام اللبناني نزاعات كثيرة ناجمة في الغالب عن الخروج من جانب جماعة أو أكثر عن النظام من خلال عدم الالتزام بآلياته، أو ناجمة عن الاستقواء أو متأثرة بالغايات التي لا يستطيع النظام قبولها أو التسليم بها إلا بخرق أسسه وقواعده، وقد أدت هذه الاختلالات إلى فتح الباب أمام اعتبار الاغتيال وسيلة مباحة للتخلص من الخصوم دون أي مراعاة للمساءلة أو للمحاسبة والعقوبات، وبعد كل اغتيال، كانت تحدث المسامحات الشكلية والتسويات التي تقوم على الخوف أو الغلبة. أما الواقع فإن هذه المآسي التي دمرت الحياة السياسية، ووترت العلائق بين مكونات لبنان وفئاته وصدعت بنيانه الوطني، ما نسيت ولا غفرت، ولا يمكن أن تتحرر الحياة السياسية، ويتأكد الاستقرار الوطني، والعلاقات السليمة والسلمية بين الفئات والتيارات السياسية إلا بضمان حق الاختلاف وحرية الرأي وتحقيق العدالة، لقد تعرضت فئات واسعة من اللبنانيين من علماء وسياسيين وإعلاميين ومثقفين، كان منهم الرئيس رشيد كرامي وسماحة المفتي الشيخ حسن خالد وكوكبة من الشهداء اللبنانيين البررة، ثم كانت عاصفة الاغتيالات الهوجاء التي بدأت باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما تبعها من جرائم إغتيال، إن كل ذلك هو الذي حتم لجوء اللبنانيين إلى العمل والتمسك بمبدأ إقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، تحقيقا للعدالة، وصونا للحق في الحياة الحرة والآمنة، وحماية لحرية العمل السياسي والإعلامي وضمان الاستقرار الوطني.
خامسا: في الدولة اللبنانية الواحدة: لقد تعاهد المسلمون والمسيحيون في ما بينهم على شراكة عمل وطني، في بناء الدولة المدنية، دولة العيش المشترك، ودولة المواطنة والمساواة وحكم القانون، وعدم تأجيل ذلك أو تعليقه (قارن ببيان الثوابت العشرة الصادر عن اللقاء الإسلامي الموسع في دار الفتوى عام 1983). إنها دولة الهوية والانتماء العربيين والوطن النهائي للبنانيين جميعا، كما أقر في دستور الطائف، وهم يعتبرون هذا الانتماء التزاما مبدئيا وعلى أساسه كان العمل مع شركائهم في الوطن وكان لبنان مبادرا في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية. وهو ما يزال ضمن الإجماع العربي الذي هو خيارنا في كل شأن ضمن الطموحات الكبرى للأمة العربية، وهم لذلك يعملون ضمن المؤسسات الدستورية، على تجنب سياسات المحاور أو أن تكون بلادهم ساحة مفتوحة للصراعات، ويدعمون العمل العربي المشترك من أجل صون المصالح العليا للأمة، ومن أجل استقرار لبنان وتقدمه.
سادسا: في القضية الفلسطينية: لقد كانت قضية الشعب الفلسطيني ولا تزال قضية العرب الأولى، ولقد شارك المسلمون شأنهم شأن بقية اللبنانيين والعرب الآخرون، الإخوة الفلسطينيين في نضالهم من أجل التحرير من الاحتلال الإسرائيلي وحق العودة ومنع التوطين وإقامة الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين وعاصمتها القدس، وهذا الالتزام هو الثابت في عروبتهم وعروبة لبنان، كوطن ودولة وممارسة سياسية ومن خلال الدولة اللبنانية، لذا فإن القضية الفلسطينية هي المحور الذي يعلو على سياسات المحاور والأحلاف والاستغلالات، ومن هنا فإن التزامنا بدعم الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل التحرير هو الأساس الذي تبنى عليه المواقف ضمن الإجماع العربي، إن مقاومة المشروع الصهيوني متعدد الجوانب والأساليب والطرق وهو التزام على الأمة وكان لبنان دائما في طليعة المبادرين إليها والعاملين عليها وهو في أساس وحدة الأمة ونضالها في مواجهة هذا المشروع.
سابعا: في العلاقات مع سوريا: لقد اعتبرنا دائما أن الروابط الوثيقة مع سورية هي جزء لا يتجزأ من هويتنا العربية الواحدة، وهذا ما أكدته وثيقة الوفاق الوطني لجهة العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا، وإننا من موقعنا الوطني والقومي لن نوفر جهدا من أجل ضمان أن تستعيد هذه العلاقات طابعها الأخوي، خارج التأزم الذي عرفته في السنوات الأخيرة، والاختلالات المزمنة في الحقبة التي سبقتها، وذلك من أجل الوصول إلى التكافؤ في الحقوق والالتزامات بين الدولتين الشقيقتين سواء في السياسة أو الأمن القومي المترتب على أزمات المنطقة، ومشكلات العلاقات الإقليمية والدولية.
ثامنا: في الشرعية الدولية: يتمسك اللبنانيون والمسلمون من بينهم ومن خلال الدولة بمفهومها الوطني والسيادي، بالعلاقات المنفتحة والمتصالحة مع المجتمع الدولي والتزاماتها، وبالاستظلال بالشرعية الدولية، ومواثيق الأمم المتحدة، ومبادئ عدم الانحياز، ويأبون الدخول في سياسات الأحلاف والمحاور الإقليمية والدولية، والتي كانت دائما بين أسباب الخلافات والانقسامات بالداخل اللبناني، وبالداخل العربي.
تاسعا وأخيرا: في المجريات الراهنة: استنادا إلى ما سبق، فإن تجاوزات السنوات الست الماضية، والتي تتضمن خروجا متكررا على قواعد النظام السياسي بدءا من اسلوب التعامل مع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والشهداء الاخرين، مرورا بالتراجع عن إجماعات الحوار الوطني، واجتياح بيروت بعد حصار للحكومة وإقفال للمجلس النيابي، وما حدث أخيرا من تعطيل مبرمج لعمل حكومة الوحدة الوطنية ثم إسقاطها، والتمادي في تكرار الأسلوب ذاته. إن كل ذلك التجاوز والخروج على الدستور والقانون، يخل بعدة قضايا هي في أساس النظام اللبناني، والعلاقات بين اللبنانيين:
أ-‌ إننا نرى في أسلوب الإسقاط لحكومة الوحدة الوطنية بعد التعهد بعدم الاستقالة، وفي ملابسات التكليف، خروجا على مسائل مبدئية، يستحيل التسليم بهما عرفا أو ميثاقا، بغض النظر عن أسماء الشخصيات المعنية ومزاياها الخاصة والعامة. وذلك لأن الإقصاء والظروف المحيطة بالتكليف فيهما الكثير من التجاوز والإخلال، والتجاهل لإرادة الناخبين والتعدي على خياراتهم التي مارسوها إقتراعا بحرية في انتخابات وطنية عامة في عامي 2005 و2009، مما أدى إلى تشويه قواعد النظام السياسي، والإخلال بأسس الوفاق الوطني.
ب‌- إن أي تخل سافر أو مضمر في برنامج عمل الحكومة المنوي تشكيلها عن التزامات لبنان تجاه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، يشعر أهالي الشهداء والغالبية من اللبنانيين، بالغلبة والقهر والتشفي والاستفزاز والتخلي عن حقهم بالعدالة بما يتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، وحقوق المواطنة.
ج- إن طريقة عملية الإسقاط والظروف المحيطة بالتكليف والذرائع التي استخدمت خلالها، وازدواج المعايير، تعيد جميعها إلى ذاكرتنا ممارسات خبرناها في مراحل عديدة من تاريخنا السياسي القريب. وهذا الأمر يزيد من حجم الاحتقان ومن شدته داخل صفوف اللبنانيين، بعد التجارب القاسية التي عانوا منها خلال السنوات الماضية. وهكذا تجتمع لدينا عدة اعتبارات تثير القلق والتساؤل، وهي:
- الإصرار على زج لبنان في سياسات المحاور. - الإصرار على الترهيب بالسلاح واستخدامه فعلا في العمل السياسي للتعطيل أو للسيطرة. - والإصرار على تجاهل نتائج الانتخابات الوطنية الديمقراطية في العامين 2005 و2009 وتعطيل مفاعيلها التمثيلية. - والإصرار على تجاهل إجماعات الحوار الوطني. - والإصرار على تعطيل العدالة، وعلى التنكر لدماء الشهداء.
إننا إذ نلفت انتباه اللبنانيين جميعا، إلى الممارسات المخالفة لروح الدستور وللقانون وللعيش الوطني الواحد، خلال السنوات الماضية وإلى مغزاها وأبعادها الخطيرة وما نتج عنها وترافق معها من صدمات متلاحقة، نذكر بالآثار السلبية لهذه التصدعات على وحدة اللبنانيين، وعلى العلاقات بين اللبنانيين جميعا، وعلى النظام العام. وبناء عليه نطالب الرئيس المكلف بالتبصر في مواقفه استنادا إلى هذه الثوابت الوطنية وعدم الخروج عليها.
لقد جاء هذا التذكير بالثوابت، لأننا نعتبر أنفسنا معنيين بتجنيب وطننا وعيشنا المشترك وجماعتنا، المزيد من الانقسامات ووجوه التفرق والاختلال. إننا نحذر من كل هذا العبث والتلاعب بمصائر الوطن والدولة والمجتمع الذي لا يقبله اللبنانيون الحريصون على السلم الأهلي، وعلى التوافق الوطني، ولا نظن الرئيس المكلف يقبله: قال الله تعالى في كتابه العزيز? ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات?. صدق الله العظيم".
ولدى خروج النائبين الوليد سكرية والنائب قاسم هاشم اشارا الى تحفظهما على البيان. ثم توجه الجميع الى بيت الوسط حيث وجه الرئيس الحريري دعوة لكافة الحضور لتناول الغداء على مائدته.

تاريخ الخطاب: 
10/02/2011