الرئيس السنيورة :أدعو كل إخواني اللبنانيين لنضع خلافاتنا على الطاولة وليس على رؤوس الناس والمقاومة هي عنوان وطني يمكن أن يجتمع اللبنانيون من حوله أما السلاح فهو موضوع اختلاف

القى رئيس كتلة المسقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة كلمة في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الاقتصاد العربي الذي انعقد صباح اليوم في فندق الفينيسيا ممثلا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وفي ما يلي نص الكملة
أيها السيدات والسادة،
حفلت الشهور الخمسةُ الماضية بأحداثٍ عاصفةٍ في سائر أنحاء العالم العربي. وكان الأبرز في تلك الأحداث خروج الملايين من المواطنين في أكثر من بلد عربي إلى الشارع مُطالبين بالتغيير السلمي تحدوهُم أربعُ قيم: الكرامة والحرية والديمقراطية والعدالة. أمّا النزعةُ السلميةُ والمدنيةُ فسببُها نهجُ العُنْف الذي ساد بالداخل العربي ومِنْ حوله على مدى العقود الأربعة الماضية، من جانب السُلُطات وخصومِها وجانب الجهاديين المتطرّفين، وجانب الكيان الإسرائيلي، وأخيراً الرئيس جورج بوش ومُحافظيه الجدد. وقد حدث كُلُّ ذلك في غياب الشارع العربي والجمهور العربي، بل إنّ المقصود من ذاك العُنْف المتبادل والمستمرّ إنما كان وما يزال الحيلولةَ دون خروج وانتفاضة ذاك الجمهور العربي لاستعادة حقّه في الكرامة والحرية وصُنع المستقبل. لقد قرر هذا الجمهور بلوغَ هذه الأهداف من دون الوقوع في فخّ العنف أي أنه قرر عدم اللجوء إلى العنف في تطلُّب التغيير، وبعدم الإجابة على العنف المستخدَم ضدَّه بذات الطريقة.
لقد قرّر هؤلاء الشباب أنّ الكرامةَ الفرديةَ والعامةَ لا يمكنُ بلوغُها إلاّ بالحرية، أي امتلاك القدرة على ممارسة الحقوق الأساسية دونما خشيةٍ من عنفٍ أو قمعٍ أو إرهاب. والهدفُ بالطبع إنشاء أنظمة ديمقراطية للمشاركة في صون المصالح الوطنية والقومية، وممارسة العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني بحريةٍ ومن طريق السِلْم والتضامُن واحترام حُرُمات الدم والمال والكرامة الشخصية والعامة، ومبدأ التداوُل السلمي على السلطة، وإحلال حكم القانون، ومكافحة الفساد والاستغلال وسوء استعمال السلطة من جهة والعمل على تحقيق النموّ البارز والتنمية الاقتصادية المستدامة التي يشارك المواطنون من مختلف الشرائح ومن مختلف المناطق بالاستفادة من خيراتها.
أيها الإخوة والأخوات،
إن علينا أن ندرك أهمية نجاح هذه الانتفاضات ولكن أيضاً أن ندرك أنه من الطبيعي أن تحصل انتكاساتٌ هنا وهناك، كما أنه من الطبيعي أن تكون لحركات التغيير التي تُواجهُها بعض السلطات بالعنف أعباء وتكاليف في الأرواح والموجودات والسوق وحركة الإنتاج. بيدَ أنّ هذه المسائلَ كلَّها هي مشكلاتٌ في طريق النجاح، وليس في طريق الفشل. ويكونُ علينا ونحن نتابع خطوات التغيير، وبوصفنا سياسيين واقتصاديين و مهتمين بالشأن العام، أن نلتفت إلى الآثار والنتائج، وإلى الفُرَص والمستقبل المختلِف والمنفتح الذي تتشكّلُ معالمُهُ اليومَ، بعد أن كان الأُفق ضيقاً أو مسدوداً لعقود.
أيها السيدات والسادة،
مما لا شكّ فيه أن نجاح هذه الانتفاضات العربية يسهم في وضع عملية الإصلاح الاقتصادي على الطريق الحقيقي والصحيح.
صحيح أنه قد بذلت جهود كثيرة على مدى العقدين الماضيين في العالم العربي لضمان استقرار الاقتصاد الكلي في أكثر من بلد عربي، وحيث جرى التقدم على مسارات السيطرة على مؤشرات وعوامل أساسية كالعجز المالي والعجز في الحساب الجاري ومعدلات التضخم. كما أنه تم تحقيق معدلات معقولة من النمو الاقتصادي الحقيقي.
لكن معدلات النمو المعقولة التي حُقِقت لم تأتِ بالفائدة الكاملة على الجميع، حيث لم تحظ شرائح من المواطنين في جميع المناطق وبشكل كاف بما كان نأمل تحقيقه من ذلك النمو أي المزيد من المشاركة في العملية الاقتصادية. ولذلك لم تتوسع كما ينبغي قاعدة أصحاب المصلحة بشكل كاف لتثبيت سلامة واستمرارية النظام الاقتصادي وكذلك السياسي. ولم يرتفع بالتالي وبشكل كاف عدد الأشخاص المعنيين باستقرار النظام بكونهم شركاء في استدامته وفي الحفاظ على مزاياه. وعلى سبيل المثال، لم تمثل مشاريع الخصخصة التي تم الشروع بها تحريراً اقتصادياً حقيقياً وكافياً إذ إنها وفي حالات كثيرة أدّت إلى بيع أصول الدولة لرجال أعمال معينين دون غيرهم، وذلك من دون تحرير القطاعات المُباعة بالمعنى الاقتصادي الحقيقي للكلمة، أي التحرير الذي يؤدي في المحصلة إلى توفير خدمات ممكنة أفضل وبكلفة ممكنة أقل ودون أن تمارس الدولة بالتالي دورها الناظم لتلك القطاعات الاقتصادية بما يحمي مصالح جميع الشركاء المعنيين بها.
لقد علمتنا التجارب الاقتصادية في كثير من البلدان أن تحقيق معدل مرتفع للنمو، أمر ضروري لكنه ليس كافياً بحد ذاته. فعدد المستفيدين من هذا النمو وكيفية توزعه على الفئات والقطاعات كافة هو أمرٌ أساسي كذلك. إن هذا يعني بالتالي، أن النمو العادل الذي يشعر كل طرف أنه مستفيد منه هو وحده الذي يؤمن النمو المستدام على المدى الطويل.
على صعيد آخر، فإنه من الواجب تسليط الضوء على نقطة مهمة مازالت محط شكوى في معظم دولنا العربية، ألا وهي غياب تقدم كاف على مسار سيادة الحكم الرشيد المتقبل أيضاً للمحاسبة والمساءلة. كذلك استمرار غياب الشفافية اللازمة ومستويات مقبولة من الصراحة والإفصاح. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك قصوراً في إدراك أهمية التعرف إلى مواطن الفساد في الإدارة والاقتصاد ودورها في توليد وزيادة مشاعر الإحباط لدى المواطنين ولاسيما لدى الشباب منهم. وهذه كلها أمور تزيد من الأسباب الداعية إلى الفشل في تحقيق التوقعات وبالتالي إلى زيادة حدة اليأس والشعور بانسداد الأفق. لقد تفاقمت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية في أكثر من بلد عربي وتزايد الإحساس بعدم استفادة كافة شرائح المجتمع بالشكل الملائم من معدلات النمو المرتفعة. كما زادت نقمة الشرائح المهمشة بسبب الارتفاع الكبير في معدلات التضخم وكذلك البطالة ولاسيما لدى الشباب. ولقد اقترن جميع ذلك بسوء الحكم واستشراء الفساد والمحسوبية. ذلك ما أدى إلى حالة متفجرة كما شهدنا في تونس ومصر بشكل خاص وغيرها ليس بالقليل بعد ذلك. فلا عجب والحال كذلك أن تكون قضايا الفساد والإثراء غير المشروع لبعض المقربين من الأنظمة في مقدمة استهدافات هذه الحركات التغييرية، التي سمّت مراكز السلطة الاقتصادية بأسمائها، وهي أسماء اعتاد الناس حتى زمن قريب جداً على التهامس بها فقط جراء الخوف المفرط من القمع.
على هذا، فإن العقد الاجتماعي الاقتصادي الجديد المطلوب إبرامه لا يشمل تحقيق النمو ومكافحة التضخم والتقدم على مسارات تحقيق الأهداف المالية والنقدية والتنموية فحسب، إنما ينبغي التأكد من أنه يجري التقدم اللازم على صعيد الاستثمارات الجديدة في القطاع الموفرة لفرص العمل الجديدة وكذلك في إيجاد المساكن الملائمة للشباب بما يسهم في خلق مستوى أفضل من الطمأنينة بشأن مستقبلهم. من جهة أخرى للتأكيد على العمل على تمكين الشباب من خلال مستويات أفضل من التعليم والتدريب التقني تتلاءم مخرجاته مع حركة الاقتصاد ومجالات نموه وتطوره المستقبلي. كذلك العمل أيضاً على إنشاء المؤسسات القادرة على دفع الإصلاحات السياسية والديمقراطية وكذلك الاقتصادية والاجتماعية قُدماً وذلك مع تفعيل قدرة هذه المؤسسات على ممارسة الرقابة وتحقيق التوازن بين بعضها بعضاً.
إنه من واجب السلطات والقوى الاقتصادية وقوى المجتمع المدني التي ستنشأ وتتطور من رحم هذه الانتفاضات العربية أن تتولى معالجة هذه القضايا بحكمة وحزم ومثابرة وتصميم. ولكن علينا الاعتراف أيضاً بأن هذا كله لن يكون كافياً بالنسبة لعدد من الدول العربية التي شهدت هذه الانتفاضات كمصر وتونس واليمن، ما لم يتضافر معها الدعم الخارجي السخي الذي يمكن أن يساهم في صيانة وتصويب المسارات المستقبلية لهذه التحولات الديمقراطية.
إن الأمن الحقيقي بكافة أشكاله في منطقتنا العربية لا يقتصر على أمن دولة واحدة أو منطقة واحدة بل هو في الحقيقة أمن عربي نشارك جميعاً في صنعه ونتحمل مسؤوليته ونعمل على صيانته. ولذلك فإن من واجبنا ولاسيما الدول العربية القادرة، أن نتحمل مسؤولياتنا التاريخية تجاه هذا الشباب العربي الذي يحاول وللمرة الأولى منذ عقود أن يرسم بنفسه صورة غده بشكل واع وناضج ومتلائم مع حركة العصر وبما يؤهله للمشاركة في رسم مسار مستقبل هذه الأمة.
هناك مسؤولية كبرى من الواجب تحملها، على الصعيدين الاقتصادي والمالي لناحية الإسهام في تمويل العجوزات المتوقعة في الحساب الجاري وفي الموازنة لدى تلك الدول التي تخوض غمار التجارب الديمقراطية الجديدة ولاسيما فيما يتعلق بمعالجة والتصدي للانخفاض الحاصل والمتوقع في نسب النمو الاقتصادي الحقيقي والتدهور في مستويات السياحة والاستثمار الأجنبي. إن هذا مطلوب من أجل:
أولاً: حماية هذه الديمقراطيات الناشئة وتحفيزها على الاستمرار وصون ديناميتها وحيويتها حتى تستطيع أيضاً مقاومة ضغوط العودة إلى اعتماد تجارب اقتصادية سابقة أثبتت فشلها في العالم العربي بل في معظم دول العالم، كالتأميم وتكبير دور الدولة في الاقتصاد بدلاً من تعزيز أسلوب دور الدولة الناظم والمحفز للعمل الاقتصادي. إن الولوج في هذا المسار التراجعي سيدخلنا في حلقة مفرغة جديدة من الوعود الزائفة والتوقعات الوهمية وبالتالي التعثر.
وثانياً: حماية عروبة هذه التحركات والتزامها بالخطوط الوطنية العربية العريضة وإقدارها على لعب دورها في تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك ولاسيما فيما خصّ دور مصر الهام في العالم العربي.
لقد وعد الرئيس أوباما ومن ثم مجموعة الثمانية مشكورين بتقديم التزامات هامة لتونس ولمصر، وجاءت المبادرة السعودية أيضاً بتقديم دعم سخي لمصر. ولكن الواقع يبقى أن هذان البلدان سيواجهان فيما سيواجهانه الكثير من التحديات والكثير من المطالب والتوقعات المتراكمة غير الموفاة على مدى سنوات بل عقود. إن هذا الواقع يتطلب إدارة أفضل لمسائل الشأن العام وتهدئة واقعية للتوقعات من جانب المواطنين من جهة أولى كما يتطلب من جهة ثانية أن نقوم بواجبنا كعرب، وكمؤمنين بحق الشعوب في تحديد مصيرها، بحيث لا نتوانى عن تقديم كل دعمٍ نحن قادرين على تقديمه، بما يحفظ لهذه البلدان قدرتها على التقدم بثقة على مسارات تعزيز ديمقراطيتها وحريتها وعروبتها وتقدمها الاقتصادي.
هذا في المدى القريب العاجل، أما في المدى المتوسط والإعداد له فلا بد لنا من العودة إلى تعزيز فكرة العمل العربي المشترك والمشاريع المشتركة العابرة للحدود، والذي لا بد أن يكون مبنياً هذه المرة على القناعة والإدراك بأنه ليس بمقدورنا متفرقين أن نواجه التحديات القائمة على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي وتنموي واجتماعي. لقد أعطتنا الثورات العربية مؤشراً دامغاً يؤكد وحدة الأمة العربية وذلك عبر انتقال هذه الانتفاضات من بلد عربي إلى بلد آخر عند انطلاق شرارتها الأولى. ولقد دلّت هذه الانتفاضات العربية بوضوح على أن هناك قواسم مشتركة عديدة نواجهها كعرب كارتفاع معدلات البطالة لدى الشباب ولاسيما لدى الشباب الجامعي، وعدم اعتماد التمكين الاقتصادي الملائم لشرائح كبيرة من المجتمع وكذلك عدم إقدارهم على المشاركة الفاعلة في صنع المستقبل وطبعاً مسائل أخرى مرتبطة بالفساد وغياب الشفافية وضعف المؤسسات.
لقد أشعلت ثورة الياسمين في تونس ثورات في مصر وليبيا واليمن وسوريا وغيرها من البلدان العربية وأظهرت أن هنالك خيطاً يجمع هذه الأمة يتمثل بحالة الإحباط وانسداد الأفق السياسي والاقتصادي والاجتماعي وان هذا الخيط مليء بالتشوهات. والتحدي الكبير الذي علينا أن نواجهه اليوم هو كيف نحول هذا الخيط الجامع إلى رابط مليء بالفرص والآمال والمواجهة المتحدة للتحديات. خيطاً يؤسس لشراكة حقيقية واعدة تجعل إمكانيات كل بلدٍ عربي تتعاظم وتتكاثر من خلال تفاعلها مع إمكانيات البلدان العربية الأخرى. وتتمثل هذه التوجهات بإطلاق العمل في المشاريع المشتركة العابرة للحدود على صعيد شبكات الطرق وسكك الحديد والمواصلات ومشاريع الربط الكهربائي والنفطي والغازي وعدد كبير من المشاريع الصناعية والزراعية والتكنولوجية القائمة على اقتصاد المعرفة.
أيها السيدات السادة،
الحضور الكريم،
في العودة إلى لبنان، مما لا شك فيه أن لبنان يمر بفترة حرجة، فقد تم إسقاط حكومة الوحدة الوطنية بقرار غير مدروس ومتعجل، أُستتبعَ بمحاولة لقلب موازين القوى عن طريق أساليب غير ديمقراطية استعملت فيها وسائل غير مستحبة. وتزامنت هذه الخطوة المتسرعة مع بداية تغير المسرح العربي والإقليمي عبر الانتفاضات المندلعة والتوازنات المتبدلة. أضف إلى ذلك أن القوى التي اجتمعت على إسقاط حكومة الوحدة الوطنية تبين أنها لم تكن تملك تصورا كاملا وواقعيا ولا خطة احتياط فوقعت البلاد في هذا المأزق نتيجة لعدم التبصر وعدم الاتعاظ الداخلي من التجارب السابقة. وها هو الآن الفريق المسؤول عن تشكيل الحكومة مازال يتلكأ بالقيام بذلك.
في كل الأحوال، أود أن اغتنم هذه الفرصة وبحضوركم وعبر هذا المنبر لأقول وبوضوح.إن الواقعية والعودة معاً إلى الدولة هما طريق الخلاص الوحيد للبنانيين، فالمبالغة بالأحجام وادعاء القدرة على الإلغاء كانت جميعها موضوع تجارب في لبنان ولم نجن منها إلا مناكفات وحروباً أهلية لم نعرف خلاصاً منها ومن نتائجها المدمرة حتى الآن. فهل من يريد تكرار هذه التجارب المريرة؟ أنا لا أستطيع أن أصدق أن لبنانياً يريد حقيقة تكرار هذه التجربة المريرة ولا الخوض في غمار الفتنة الداخلية على الإطلاق، وبالتالي فأنا شديد الإيمان بأن التهويل بالفتنة لا بدّ وان يصطدم بصخرة الإيمان بالكثير الذي يجمع اللبنانيين وتمسكهم بثوابتهم الوطنية.
أنا أدعو كل إخواني اللبنانيين لنضع خلافاتنا على الطاولة بدلاً من وضعها على رؤوس الناس وبالتالي تحميلهم ما لا طاقة لهم به. هذا الكلام، هو اليوم كلام كل اللبنانيين الراغبين في الحياة الحرة والكريمة.
اللبنانيين المؤمنين بلبنان العربي الحر السيد المستقل والديمقراطي. اللبنانيين المؤمنين بالدولة الديمقراطية المدنية وضرورة العودة إليها وبشروطها وعلى أساس من احترامها. المقاومة هي عنوان وطني يمكن أن يجتمع اللبنانيون من حوله، أما السلاح فهو موضوع اختلاف طالما هو خارج عن إرادة الدولة وسلطتها. هذه هي الواقعية وان ما نريده هو ممارسة ديمقراطية حقيقية فيها أعلى نسبة من المكاشفة والحوار، وأدنى نسبة من المواجهة تمكينا للبنان من أن يلعب دوره الحقيقي في نهوض مجتمعه والمجتمعات العربية.
أيها الإخوة،
أود أن استشهد هنا بكلام للمؤلف والمؤرخ اللبناني والعالمي أمين معلوف بقوله عن اللبنانيين: "إما أن نعرف كيف نبني في هذا القرن حضارةً مشتركة يستطيع كلٌّ منا الانتماء إليها بطيبة خاطر، وتشدُّ أواصرها قيمٌ عاليةٌ واحدة، ويحدوها إيمان عميق بالتجربة الإنسانية، ويثريها تنوعنا الثقافي... وإما أن نغرق معاً وجميعاً في بربرية مشتركة لا قعر لها".
أيها الإخوة،
من هنا أود أن اشدد على أننا في لبنان وبعد كل هذه التجارب الصعبة التي مر بها وطننا وشعبنا، وفي موازاة هذه التغيرات التي يعيشها العالم العربي علينا أن ننصرف بحكمة وروية لمعالجة شؤوننا ومشكلاتنا، فلا القطيعة تنفع، ولا الثأرية توصل إلى الحق ولا الخروج عن منطق الدولة الديمقراطية المنفتحة يوصل اللبنانيين إلى ما يسمح لهم ببناء مستقبلهم. علينا أن نجهد من أجل أن يبقى لنا لبنان حرا عزيزا عربيا سيداً مستقلاً، لكي نتمكن من أن نعيش فيه وتعيش فيه الأجيال القادمة من بعدنا. لقد دلت الثورات في العالم العربي إن النظام الديمقراطي وتداول السلطة بشكل سلمي، هي غاية منشودة سبق للبنان أن سار على نهجها ويجب عليه أن يستمر بالتمسك بها.
أيها السادة
اود مجددا أن أرحب بكم وان أتوجه بالشكر إلى مجموعة الاقتصاد والأعمال والأستاذ رؤوف أبو ذكي على هذا الجهد وعلى هذا التجديد كما أود أن أرحب بهذا الجمع من رجال الأعمال العرب الذي يضم رهطاً من الأصدقاء الأعزاء .
أهلا بكم في لبنان عشتم وعاش لبنان.