الرئيس السنيورة : هم حزب السلاح والقمصان السود ونحن حزب الدولة والقانون والنظام الديمقراطي لكن من اعطى هذا وذاك حق التحدق باسم لبنان

قال رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة ان جوهر اعتراضنا ورفضنا ومعارضتنا للحكومة الراهنة، ليس أن أطرافاً وصلت إلى السلطة بديلاً لقوى الرابع عشر من آذار، بل لأن هذا الوصول كان نتيجةً للانقلاب المسلَّح و للاستقواء بالسلاح الذي مارسه ويمارسه حزب السلاح والسيطرة المسلحة
، وإلاّ ما تفسيرُ الجهر عَلَناً بأنهم إذا أرادوا تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الدولية فانهم لن يتمكنوا من أن يجدوا أحدا لا اليوم ولا غدا ولا بعد 300 سنة! أليس ذلك مردُّه إلى الاستقواء بمنطق السلاح والغلبة. فمن جهة يترك لرئيس الحكومة الجديدة، السلطة الصورية، ويسمحون له بالقول إنّ التعاون مع المحكمة، وقرارها الظني، مسألة أساسية، ليعود ويأتي بعد ذلك مَنْ هو بمثابة الشريك الضامن في الحكومة ويعلن أمام كل الناس إن المحكمة ذات أهداف تآمرية إسرائيلية وأن مئات القرارات الاتهامية لن تنال منا أو تُبَدِّلَ في الأمر شيئاً. إنّه فعلاً العَجَب العُجاب! يشاركون في الحكومة ويسيطرون عليها وفي الوقت نفسه يقوضون سلطتها وهيبتها.
كلام الرئيس السنيورة جاء خلال رعايته الاحتفال السنوي الذي اقامه نادي كترمايا الثقافي الاجتماعي في اقليم الخروب تكريما لشهداء المجزرة الاسرائيلية التي استهدفت كترمايا عام 1982 وذلك في قاعة خلية مسجد كترمايا وحضره: امين عام تيار المستقبل احمد الحريري، والنائب محمد الحجار وممثل وزير المهجرين علاء ترو مدير عام الوزارة احمد محمود ، ممثل النائب وليد جنبلاط سليم السيد ، ممثل النائب نعمة طعمة منير السيد ، ممثل النائب دوري شمعون زياد يعقوب ، ممثل مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي المقدم عماد الحاج شحادة ، و منسق تيار المستقبل في جبل لبنان الجنوبي الدكتور محمد كجك وهيئات بلدية واهلية واجتماعية واقتصادية ومخاتير و حشد من اهالي المنطقة ..
السنيورة اعتبر أن ما جرى منذ إسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي كان على رأسها الرئيس سعد الحريري، هو محاولة انقلابية للسيطرة على الدولة والوطن. وقال: ان جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم تكن إلا الخطوة الأولى لزعزعة الوطن والدولة والمنطقة... إلاّ أنهم لم يحسبوا حسابا للشعب اللبناني، ولأحرار لبنان، اغتالوا رفيق الحريري وظنوا أننا سنبكيه لأسبوعٍ وننسى. لكنهم اخطأوا في الحسابات ..واليوم كما واجهنا في السابق مؤامرة الاغتيال، سنواجه الانقلاب ومحاولة سيطرة الانقلاب والانقلابيين، وهذه المواجهة لا تكون بالاستكانة أو الاكتفاء بالصوت العالي، بل بالوعي والنضال والتماسك والإصرار والمتابعة والثبات على المواقف وفي كل ذلك لن نحيد عن الوسائل السلمية و نظل نحرص على تجنب اللجوء إلى العنف بأي شكل من أشكاله.
واضاف: هدفهم السيطرة على البلاد عبر الإمساك بأنفاس الدولة ومراكزها، وهدفنا الثبات والتمسك بالحق والقانون. هدفهم استيلاد قانون مشوه للانتخابات النيابية للسيطرة على التمثيل الشعبي ومجلس النواب المقبل، وهدفنا توسيع التمثيل، والوصول مرة جديدة إلى الأكثرية البرلمانية الواضحة عن طريق صناديق الاقتراع. هدفُهُمْ الذي قالوه وأعلنوه هو حمايةُ المتهمين باغتيال الرئيس الحريري ورفاقه وإسقاط المحكمة الخاصة بلبنان، وهدفُنا الحقيقةُ والعدالةُ وليس الانتقام ولا الثأر. هدفُهم الإمساكُ بقرار الدولة وهدفُنا إعادةُ القرار إلى الدولة ومؤسسات الدولة، وإلى حماية حياة المواطنين وحرياتهم، وعيشهم المشترك.هم حزب السلاح والقمصان السود ومحاولة فرض الأمور عن طريق القوة، ونحن حزب الدولة والعيش المشترك والقانون وتحقيق العدالة والحرية والديمقراطية.
وتساءل السنيورة : هل من المعقول أن يشاركوا في الحكومة ومجلس النواب ويسيطرون بقوة السلاح على قرار الدولة، وفي ذات الوقت يضعون الدولة جانباً للنطق باسمها ومن دون علمها؟ وفي المحصلة إلزامها وإلزام اللبنانيين بما يقومون به دون الرجوع إلى المؤسسات الدستورية اللبنانية.
وسأل الرئيس السنيورة : من أعطى هذا أو ذاك الحقَّ في إطلاق التهديدات والتحذيرات بخصوص موضوع نفط لبنان وغاز لبنان، من دون العودة إلى السلطات الرسمية اللبنانية، و من دون العودة إلى ما يريده شعب لبنان ودولته ومؤسساته وسلطاته الرسمية ..
وقال: نريد أن تحمي دولة لبنان موارد لبنان الطبيعية لا ان ينفرد فريق وحسب اهوائه والاشارات التي يتلقاها باطلاق التعليمات من هنا وهناك ويورط الدولة ويمنعها من استثمار مواردها الطبيعية.. نريد سلاح الدولة ان يحمي لبنان وليس من المقبول أو المعقول أو المسموح، استمرار هذه الاستباحة للقرار في لبنان. ومصادرة قرار ودور الدولة فيه.
واضاف السنيورة : ان معارضتنا للسلاح ومعارضة من يتوسله من أجل الاستيلاء على الدولة وإضعافها في الوقت ذاته هي لدرء المزيد من الخطر على حياة اللبنانيين، وعلى أمنهم وأمانهم وحقوقهم الأساسية، بما فيها حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وسمعة بلدهم .. وإنّ منطق الاستقواء، واستخدام فائض القوة في كل وجوه الحياة اللبنانية، واتخاذ القرار عن اللبنانيين من دون استشارتهم، لن يصنع بلداً ولن يقيم دولة ولن يحقق استقراراً ولا انتصاراً.
واذ جدد انحيازه إلى مسيرة التغيير والاصلاح العربي دون أن يعني ذلك التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية الشقيقة اوالقبول والسكوت عن أعمال القتل الجماعي الجارية في أكثر من بلد عربي. قال الرئيس السنيورة: نعم للإصلاح ولا للجمود والتحجر، نعم للتطوير ولا للاستبداد والقمع والتسلط، نعم للديمقراطية وتداول السلطة بشكل سلمي، ولا للانقلاب المسلح، نعم للحرية واحترام التنوع في الوحدة، ولا لفرض الرأي الواحد واللون الواحد، نعم للعيش المشترك الإسلامي المسيحي، ولا للتفرقة والتباعد، نعم للشركة والمحبة، لكن في ذات الوقت نعم للثقة والالتزام والوفاء، نعم للمقاومة ضد العدو الإسرائيلي لتحرير الأرض، ولا للسلاح المتفلت من إرادة وإمرة الدولة والموجَّه إلى صدور اللبنانيين، نعم- نعم للصمود والشهادة في مواجهة الاحتلال، ولا لسقوط القتلى والجرحى والضحايا بسلاح الأشقاء في الوطن والأمة.
ورأى السنيورة أن ما أصبح يقلقنا، هو أن العدو الإسرائيلي يكاد يحقق أهدافه في لبنان هذه الأيام من دون حرب، متخوفا من أن تُصبحَ إسرائيلَ قادرةً على تحقيق أهدافها من دون حروب وذلك بسبب التناحر الداخلي وتباعد الرؤى بين اللبنانيين. وقال: بعد صدور القرار 1701 واندحار العدوان الإسرائيلي، وبدء مسيرة إعادة الاعمار التي اندفعنا في تنظيمها وتمويلها وإطلاقها وإتمام اغلبها، أصر البعض على افتعال الخصومات، إلقاءً للمسؤولية على الغير لتخفيف الضغط عن نفسه، وسعياً من طريق وهج السلاح للاستيلاء على النظام والدولة. وبعد ذلك تمَّ تحويلُ وجهة السلاح من الجنوب إلى الداخل وبين الشوارع والأزقة في بيروت وغيرها من المدن والبلدات، فكان حصار السراي وكانت التظاهرات المتنقلة وكانت التشابكات والاحتقانات المفتعلة والمدبَّرة، وصولاً إلى ما أَسمَوهُ باليوم المجيد في السابع من أيار بعد أن تم اقتحام بيروت عسكرياً، وانتُهكت حرمة العاصمة وبعض المناطق وكانت النتيجة، سقوط شهداء وتدمير ممتلكات وإحراق مؤسسات وتخريب بيوت عامرة.
واعتبر السنيورة أن السلاح المقاوم الذي كان قد اكتسب شرعية وطنية وقومية بسبب دوره في مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض، فقد هذه الشرعية بسبب انحرافه عن المهمة التي وُجد من أجلها فبعد أن كان السلاح المقاوم وسيلةً لتحقيق الأهداف الوطنية بات وسيلةً لقيام الغلبة الداخلية.
وقائع الاحتفال
استهل الحفل بتلاوة ايات من الذكر الحكيم بصوت المقرىء الشيخ سيد عطوي فالنشيد الوطني اللبناني فكلمة ترحيبية من عريف الحفل محمود يونس ، ثم كانت كلمة لرئيس نادي كترمايا الثقافي الاجتماعي عماد عبد الرحيم الذي توجه بالتحية لارواح شهداء مجزرة كترمايا التي ارتكبها العدو الاسرائيلي العام 1982 والى سائر ارواح شهداء الوطن ..
ثم تحدث الرئيس السنيورة فقال:كل عام وانتم بخير وبركة مع حلول هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك، شهر المحبة والإخلاص والتضحية والتفكر في الأمور من حولنا وفي ذاتنا وفي علاقاتنا بخالقنا. قبل تسع وعشرين سنة، وفي هذا المكان بالذات، وفي اليوم الثاني من بدء الاجتياح الإسرائيلي على لبنان في العام 1982 انقض طيران العدو الإسرائيلي، على وسطهذه البلدة الوادعة، مستهدفا المواطنين الأبرياء والعزل، المسلمين كما المسيحيين، من نساء وأطفال ورجال كانوا موجودين بالمصادفة، إما في هذا المسجد المبارك أو في محيطه، أو في منازلهم ومحالهم ومتاجرهم.وكانت الحصيلة المفجعة لهذا العدوان الغادر ضد هذه البلدة الآمنة، كما تعرفون، سقط منها قرابة الـ 50 شهيدا منهم 32 شهيداً وشهيدة و60 جريحاً وجريحة من ابناء البلدة ، وتدمير العشرات من المنازل السكنية والمتاجر والسيارات، إضافةً إلى تدمير قسم من هذا المسجد المبارك. وبذلك تكون كترمايا هذه البلدة الوادعة والصابرة قد دفعت في ذلك اليوم، ضريبةَ دمٍ غاليةٍ وباقيةٍ عن كلِّ لبنان. صحيحٌ أنَّ أغلب مناطق لبنان وبلداته من الجنوب إلى بيروت إلى البقاع، مروراً بصيدا وصور، قد شهدت آنذاك قتالاً ضارياً وعنيفاً مع قوات العدو الإسرائيلي، سقط بنتيجته الكثير من الشهداء، لكنّ الصحيحَ أيضاً أنَّ ما تعرَّضت له كترمايا ذلك اليوم كان بمثابة المجزرة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي عن سابق تصوُّر وتصميم، والتي استهدفَتْ بلدةً لبنانيةً مُسالمةً لم تكن جبهةً عسكريةً أو موقعاً محصَّناً، وقد طالها هذا العددُ الكبيرُ من الضحايا الأبرياء.
واضاف: وإذا كان اللبنانيون ومعهم العالم قد صُدِموا بحقٍّ من هول وبشاعة ووحشية صور مجزرة قانا عام 1996، والتي سقط ضحيتها أكثر من مائة شهيد، فإنّ اللبنانيين سمعوا بالكاد بمجزرة كترمايا عام 1982، والسبب بسيط ومعروف، وهو الفارق في الزمن والتطور التقني. ففي العام 1982 كانت وسائل الإعلام ما تزال تعمل على التقنيات القديمة والبطيئة. ولقد ساهم توسع العدوان الإسرائيلي جغرافياً آنذاك ليطال كل مناطق لبنان في ساعات، لكي يزداد الانشغال عن مجزرة كترمايا. أما في العام 1996 فكانت وسائل الإعلام هذه قد انتقلت إلى مرحلة البث التلفزيوني المباشر والذي أَسهم في كشف الإجرام الإسرائيلي ونقل وقائعه بشكل حي لحظةً بلحظة إلى كل أرجاء العالم. وبهذا الواقع تكون كترمايا قد ظُلمت مرتين، لا بل ثلاث مرات الظلم الأول كان قد تم بقصْد وعلى يد العدو الإسرائيلي، الذي استهدف الأبرياء من أهلها، فقتل منهم من قتل ودَمَّر وسطها وهدم منازلها، والظلم الثاني كان بغير قصد حين قصَّرت وسائل الإعلام والسلطات المسؤولة والأطراف السياسية واسهمت في ذلك ظروف وقوع العدوان وأوانه، حيث لم يجر إيلاءُ هذه البلدة حقَّها من الاهتمام والمتابعة والتقدير اللازم للشهداء البررة وعائلاتهم وللتخفيف من آلام وعذابات الجرحى والمصابين.وهي ربما ظلمت مرة ثالثة بسبب التفرقة في عملية التعويضات والمساعدات .ولهذه الأسباب كلها وبالرغم منها، دعوني أقُل لكم يا أهلنا في كترمايا وإقليم الخروب، إن بلدتكم ومنطقتكم كانت وما تزال منارةً للعروبة في لبنان، وشعلةً وطنية قبل العدوان الإسرائيلي وبعده، وقبل مجزرة كترمايا وبعدها، فإخلاصُكُم لوطنكم وأمتكم ثابتٌ لا يتزعزع، فالتحية والإكبار للشهداء الأبرار، الذين صنعوا بدمائهم مجد لبنان وفخر الأمة في كل بقعة من بقاع لبنان وفي كل مرحلة من مراحله. إن وطنكم يفخر بكم وأمتكم تعتز بشهدائكم وشهداء الوطن في مواجهة العدوان الإسرائيلي على لبنان وفلسطين وسائر ديار الأمة العربية.نعم وطنكم يفخر بكم إذ إنّ شهداء كترمايا هم كباقي شهداء الأمة في هذه المسيرة الطويلة من التضحيات في كل بلاد ومدن الأمة العربية من غزة إلى جنين ورام الله والسويس وقانا وصور وصيدا وبيروت وكل مناطق وقرى لبنان.
وقال: إن هذا الانتشار والتصاعد في مسلسل الاعتداءات والتضحيات يؤكد على ترابط ووحدة هذه الأمة العربية وتماسكها وتضحياتها وكذلك في تطلعاتها وآمالها. ولهذه الأسباب رأينا كيف انتقلت شرارة الثورة العربية في الأشهر الأخيرة من تونس إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا وكل الأرجاء العربية لأن هذه الأمة جسمٌ واحد بحقّ، وروحٌ واحدةٌ وأُمةٌ واحدة.لهذه الأسباب أعلنّاها ونُعيدُ تكرارَ انحيازِنا الواضح والصريح إلى مسيرة التغيير العربي ومسيرة الإصلاح العربي دون أن يعني ذلك التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية الشقيقة ودون ان يعني ذلك أيضاً القبول والسكوت عن أعمال القتل الجماعي الجارية في أكثر من بلد عربي. نقولها عالية مدوية: نعم للإصلاح ولا للجمود والتحجر، نعم للتطوير ولا للاستبداد والقمع والتسلط، نعم للديمقراطية وتداول السلطة بشكل سلمي، ولا للانقلاب المسلح، نعم للحرية واحترام التنوع في الوحدة، ولا لفرض الرأي الواحد واللون الواحد، نعم للعيش المشترك الإسلامي المسيحي، ولا للتفرقة والتباعد، نعم للشركة والمحبة، لكن في ذات الوقت نعم للثقة والالتزام والوفاء، نعم للمقاومة ضد العدو الإسرائيلي لتحرير الأرض، ولا للسلاح المتفلت من إرادة وإمرة الدولة والموجَّه إلى صدور اللبنانيين، نعم- نعم للصمود والشهادة في مواجهة الاحتلال، ولا لسقوط القتلى والجرحى والضحايا بسلاح الأشقاء في الوطن والأمة.
وتابع : لقد ظن اللبنانيون أن المآسي التي تعرضوا لها عام 1982 ستكون آخر مآسيهم، لكن التجارب بينت أن لبنان كان يخرج من مشكلة ليدخل في أخرى، والعدو الذي اجتاح لبنان عام 1982 بحجة إنهاء منظمة التحرير الفلسطينية، قام بتدمير لبنان والعمل على إنهاء الوجود المسلح للمنظمات الفلسطينية. لكنه في الوقت ذاته، وبسبب عدوانيته وهمجيته دفع إلى استيلاد قوى لبنانية شعبية متنوعة قاومت احتلاله وتوصلت بعد سنوات من المواجهة بكل الوسائل المتاحة إلى طرده.ولهذه الأسباب فإنّ المعارك التي خاضها المقاومون اللبنانيون من كل الأطراف والشهداء الذين سقطوا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، انضموا إلى شهداء كترمايا الأبرار وشهداء باقي المناطق، ليرسموا معالم طريق التحرير والعزة التي أَسهم فيها كل اللبنانيين. ولهذا فإنّ مهمة المقاومة في لبنان، كانت بالنسبة للشعب اللبناني والشعوب العربية مهمةً جليلةً ومقدَّسةً لأنها استهدفت تحرير الأرض ومقاومة الاحتلال، وهي مهمةٌ اكتسبت شرعيةً سياسيةً ووطنيةً كاملة.لكن أيها الأخوة، إن ما أصبح يقلقنا، هو أن العدو الإسرائيلي يكاد يحقق أهدافه في لبنان هذه الأيام من دون حرب، وقد يتعجب البعض من هذا الكلام، نعم العدو الإسرائيلي يكاد يحقق أهدافه في لبنان من دون حرب أو عدوان مباشر، وكلكم يعرف أن هدف إسرائيل كان وما يزال يحاول جاهداً زعزعة البنيان العربي بشكل عام واللبناني طبعاً وذلك عبر العمل على بث الفرقة بين أبناء البلد الواحد والصف الواحد. واليوم خوفي الكبير أن تُصبحَ إسرائيلَ قادرةً على تحقيق أهدافها من دون حروب وذلك بسبب التناحر الداخلي وتباعد الرؤى بين اللبنانيين. فإسرائيل التي اعتدت على لبنان في صيف العام 2006 تلقّتْ ضربةً موجِعةً من اللبنانيين وذلك بسبب تمسكهم بوحدتهم الوطنية وبسبب نجاح الحكومة اللبنانية في عملها في الداخل اللبناني لجمع كلمة اللبنانيين وحضهم على احتضان بعضهم بعضاً وكذلك في عملها الدبلوماسي في الخارج من أجل التوصل إلى إدانة العدوان الإسرائيلي. كذلك فقد كان لتضامن وتضحيات الشعب اللبناني وبسالة وتضحيات وصمود المقاومة آنذاك الأثر الكبير وهي كلها عوامل منعت العدو الإسرائيلي من تحقيق أهدافه وبالتالي منعته من الانتصار. ولهذا فقد أصيبت إسرائيل عام 2006 بالخيبة بسبب فشلها في تحقيق أهدافها وبسبب هذا التناغم والتكامل والتماسك الذي ظهر يبن اللبنانيين على مختلف المستويات، وهو ما تجلى من قوةٍ ومن تجسيد للوحدة الوطنية بين اللبنانيين. لكن الذي جرى انه بعد صدور القرار 1701 واندحار العدوان الإسرائيلي، وبدء مسيرة إعادة الاعمار التي اندفعنا في تنظيمها وتمويلها وإطلاقها وإتمام اغلبها، أصر البعض على افتعال الخصومات، إلقاءً للمسؤولية على الغير لتخفيف الضغط عن نفسه، وسعياً من طريق وهج السلاح للاستيلاء على النظام والدولة.والذي جرى أيضاً أنه وبعد ذلك أيضاً تمَّ تحويلُ وجهة السلاح من الجنوب إلى الداخل وبين الشوارع والأزقة في بيروت وغيرها من المدن والبلدات، فكان حصار السراي وكانت التظاهرات المتنقلة وكانت التشابكات والاحتقانات المفتعلة والمدبَّرة، وصولاً إلى ما أَسمَوهُ باليوم المجيد في السابع من أيار بعد أن تم اقتحام بيروت عسكرياً، وانتُهكت حرمة العاصمة عاصمة كل اللبنانيين بيروت وبعض المناطق التي كانت تحتضن الجميع ولا زالت تحتضن كل اللبنانيين منذ كان لبنان، وكانت النتيجة، سقوط شهداء وتدمير ممتلكات وإحراق مؤسسات وتخريب بيوت عامرة.
وقال: باختصار إن السلاح المقاوم الذي كان قد اكتسب شرعية وطنية وقومية بسبب دوره في مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض، فقد هذه الشرعية بسبب انحرافه عن المهمة التي وُجد من أجلها و تبدُّلِ الدورِ المرسومِ له، وتحوَّلَ غايةً لحامليه وهدفاً للتمسك به لفرض السيطرة على البلاد عن طريق استخدام النفوذ المتولد من وجوده لتغيير معادلات سياسية و إحداث ارغامات متعددة لا يقبل بها احد. فبعد أن كان السلاح المقاوم وسيلةً لتحقيق الأهداف الوطنية بات وسيلةً لقيام الغلبة الداخلية.لقد قلت في مجلس النواب، إننا حتماً مع تكريس مبدأ تداول السلطة وهذا جوهر النظام الديمقراطي ، ولكن يفترض أن يكون هذا التداول نتيجةً لما تحتويه صندوقةُ الاقتراع ونتيجةً لإرادة الناخبين وليس نتيجةً لإرادة السلاح والمسلحين. وهنا جوهر اعتراضنا ورفضنا ومعارضتنا للحكومة الراهنة، فالسبب ليس أن أطرافاً وصلت إلى السلطة بديلاً لقوى الرابع عشر من آذار، بل لأن هذا الوصول كان نتيجةً للانقلاب المسلَّح و للاستقواء بالسلاح الذي مارسه ويمارسه حزب السلاح والسيطرة المسلحة، وإلاّ ما تفسيرُ الجهر عَلَناً بأنهم إذا أرادوا تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الدولية فانهم لن يتمكنوا من أن يجدوا أحدا لا اليوم ولا غدا ولا بعد 300 سنة! أليس ذلك مردُّه إلى الاستقواء بمنطق السلاح والغلبة وتكريس صيغة الازدواج والتناقض ما بين الكلام والتصرف. فمن جهة يترك لرئيس الحكومة الجديدة، السلطة الصورية، ويسمحون له بالقول إنّ التعاون مع المحكمة، وقرارها الظني، مسألة أساسية، ليعود ويأتي بعد ذلك مَنْ هو بمثابة الشريك الضامن في الحكومة ويعلن أمام كل الناس إن المحكمة ذات أهداف تآمرية إسرائيلية وأن مئات القرارات الاتهامية لن تنال منا أو تُبَدِّلَ في الأمر شيئاً. إنّه فعلاً العَجَب العُجاب! يشاركون في الحكومة ويسيطرون عليها وفي الوقت نفسه يقوضون سلطتها وهيبتها.
واضاف: تمرُّ بلادُنا هذه الأيام، بمرحلةٍ بالغةِ الخطورة والدقة، تترافق مع تطورات عربية، لا تقل أهمية وخطورة. وما يجري اليوم، سيترك آثاره علينا وعلى وطننا خلال الأيام والسنوات المقبلة. من هنا، فإنه من المهم جداً أن نعرف كيف نتفاعل ونتعامل مع التطورات الراهنة والمحيطة. صحيح أن الكثير من الأطراف يجهد لتحويل بلدنا ساحةَ نفوذٍ أو صندوقة بريد لإرسال الرسائل الإقليمية، وصحيح أن ما يجري في المنطقة ينعكس مباشرةً علينا، لكن الصحيح أيضاً، أنه لدينا نحن اللبنانيين إرادة ورؤية نتمكن من خلالهما أن نقرر كيف تكون انعكاساتُ الأمور علينا.من هنا، فإني سأكون شديد الصراحة والوضوح، أن ما جرى في لبنان خلال الأشهر الماضية، وتحديداً منذ إسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي كان على رأسها الرئيس سعد الحريري، هو محاولة انقلابية للسيطرة على الدولة والوطن. بل انتم تعرفون أن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لم تكن إلا الخطوة الأولى لزعزعة الوطن والدولة والمنطقة.. لقد حمل رفيق الحريري مشروع لبنان المنارة والريادة القادر على النهوض بعد محنة الحرب الأهلية، وسعى لبناء دولة مواطنة حديثة يجتمع اللبنانيون في كنفها، دولة تعزز الانتماء الوطني وتعيد بناءه وتأخذه نحو المستقبل وليكون متلائماً مع ما يجري في منطقتنا وفي العالم من حولنا من متغيرات على أكثر من صعيد. ولكن جاءت جريمة الاغتيال لتستهدف المشروع وقائد المشروع. فالذي جرى كان يستهدف قلب المقاييس وتغيير الأحوال. إلاّ أنهم لم يحسبوا حسابا للشعب اللبناني، ولم يحسبوا حساباً لأحرار لبنان، اغتالوا رفيق الحريري وظنوا أننا سنبكيه لأسبوعٍ وننسى. لكنهم اخطاوا في الحسابات فان حضور رفيق الحريري يزداد يوما بعد يوم في غيابه ولم يحسبوا أن في لبنان شعباً واعياً وشباباً ثائراً، فكانت انتفاضة الاستقلال، التي قلبت كل الموازين وغيرت كل المعادلات وردَّتْ على جريمة الاغتيال بثورة الأحرار في ساحة الشهداء، التي أعادت الحرية والاستقلال إلى لبنان.
واليوم أيها الإخوة وكما واجهنا معكم في السابق مؤامرة الاغتيال، سنواجه معكم الانقلاب ومحاولة سيطرة الانقلاب والانقلابيين، وهذه المواجهة لا تكون بالاستكانة أو الاكتفاء بالصوت العالي، بل بالوعي والنضال والتماسك والإصرار والمتابعة والثبات على المواقف وفي كل ذلك لن نحيد عن الوسائل السلمية و نظل نحرص على تجنب اللجوء إلى العنف بأي شكل من أشكاله.نعم لن نحيد في عملنا ونضالنا ومواجهتنا عن الوسائل السلمية والديمقراطية.وسنسير على خطى إخواننا في العالم العربي من اجل اعلاء شأن الدولة العربية الحرة والديمقراطية. هدفهم السيطرة على البلاد عبر الإمساك بأنفاس الدولة ومراكزها، وهدفنا الثبات والتمسك بالحق والقانون. هدفهم استيلاد قانون مشوه للانتخابات النيابية للسيطرة على التمثيل الشعبي ومجلس النواب المقبل، وهدفنا توسيع التمثيل، والوصول مرة جديدة إلى الأكثرية البرلمانية الواضحة عن طريق صناديق الاقتراع. هدفُهُمْ الذي قالوه وأعلنوه هو حمايةُ المتهمين باغتيال الرئيس الحريري ورفاقه وإسقاط المحكمة الخاصة بلبنان، وهدفُنا الحقيقةُ والعدالةُ وليس الانتقام ولا الثأر. هدفُهم الإمساكُ بقرار الدولة وهدفُنا إعادةُ القرار إلى الدولة ومؤسسات الدولة، وإلى حماية حياة المواطنين وحرياتهم، وعيشهم المشترك.هم حزب السلاح والقمصان السود ومحاولة فرض الأمور عن طريق القوة، ونحن حزب الدولة والعيش المشترك والقانون وتحقيق العدالة والحرية والديمقراطية.هل من المعقول أن يشاركوا في الحكومة ومجلس النواب ويسيطرون بقوة السلاح على قرار الدولة، وفي ذات الوقت يضعون الدولة جانباً للنطق باسمها ومن دون علمها؟ وفي المحصلة إلزامها وإلزام اللبنانيين بما يقومون به دون الرجوع إلى المؤسسات الدستورية اللبنانية.
وقال: من أعطى هذا أو ذاك الحقَّ في إطلاق التهديدات والتحذيرات بخصوص موضوع نفط لبنان وغاز لبنان، من دون العودة إلى السلطات الرسمية اللبنانية، و من دون العودة إلى ما يريده شعب لبنان ودولة لبنان ، ومؤسسات لبنان وسلطات لبنان الرسمية ناهيك عما لذلك العمل من توريط للبنان وحكومته وتأثير سلبي على المستثمرين المحتملين في هذا القطاع والذين نريد منهم أن يساعدونا على تطوير مواردنا الطبيعية في مياهنا الاقتصادية الخالصة. نريد دولة لبنان ان تحمي موارد لبنان الطبيعية لا ان ينفرد فريق وحسب اهواؤه والاشارات التي يتلقاها باطلاق التعليمات من هنا وهناك ويورط الدولة ويمنع من استثمار مواردها الطبيعية نريد سلاح الدولة ان يحمي لبنان ,ليس من المقبول أو المعقول أو المسموح، استمرار هذه الاستباحة للقرار في لبنان. ومصادرة قرار ودور الدولة فيه، وإلا ما المعنى من وجود المؤسسات والانتخابات والهيئات التمثيلية. إن هذه الاستباحة تهدد مصائر اللبنانيين ومصالحهم. فليس صحيحاً أنه لا علاقةَ بين موقفنا من السلاح ومساعي البعض لتقويض سلطة الدولة والنيل من اهتمامات المواطنين ومصالحهم الحياتية وهدر فرص تقدمهم نحو المستقبل. بل على العكس من ذلك، فإن معارضتنا للسلاح ومعارضة من يتوسله من أجل الاستيلاء على الدولة وإضعافها في الوقت ذاته أمرٌ متصلٌ اتصالاً وثيقاً بدرء المزيد من الخطر على حياة اللبنانيين، وعلى أمنهم وأمانهم وحقوقهم الأساسية، بما فيها حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وسمعة بلدهم ودوره الاقتصادي وتطلعات شبابهم. إنّ منطق الاستقواء، واستخدام فائض القوة في كل وجوه الحياة اللبنانية، واتخاذ القرار عن اللبنانيين من دون استشارتهم، لن يصنع بلداً ولن يقيم دولة ولن يحقق استقراراً ولا انتصاراً. وحدها الدولة القادرة العادلة التي تضم كل اللبنانيين وتحترم كل اللبنانيين قادرة على صنع الاستقرار وحماية لبنان وتحقيق التطور والإنماء والتلاؤم في هذا العالم المتغير، ووحدها هي القادرة على ضمان العيش الكريم والازدهار للوطن والبحبوحة للمواطنين.
كما وتخلل ذلك عرض فيلم قصير لصور الدمار والمجزرة التي ارتكبها العدو الاسرائيلي في البلدة وراح ضحيتها نحو 50 شهيدا واكثر من 60 جريحا فيما دمرت 122 وحدة سكنية بالكامل ...