الرئيس السنيورة : الرئيس السنيورة : الحكومة الحالية تكاد تشبه شخصيات متحف الشمع و نقول لاخواننا الذين يستشهد ون على مقربة منا في شوارع مدن وقرى سوريا قلوبنا معكم وتخفق لصيحاتكم

-A A +A
Print Friendly and PDF

 وصف رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة الحكومة الحالية بأنها حكومة تكاد تشبه شخصيات متحف الشمع، نظيفة لماعة باردة، لكن من دون نبض حياة.وقال: ان هذه الحكومة الحاضرة في الصورة غائبة عن الفعل والتأثير، ومحكومة ومسيَّرةِ بفعل القوى التي أتت بها، وواقعة تحت سلطة ولاية السلاح وحزب القمصان السود

. ورأى انه كما واجه شباب وأحرار لبنان مؤامرة اغتيال الرئيس الشهيد ورفاقه، فإنّ أحرار لبنان الآن، لن يتراجعوا عن مواجهة الانقلاب وسلطة الأمر الواقع المفروضة على اللبنانيين إن كان على الأرض أو عبر الحكومة الحالية.

كلام الرئيس السنيورة جاء خلال رعايته في صيدا حفل افطار جمعية جامع البحر الخيرية والذي اقيم في واحة السلام في مقر الجمعية في صيدا وحضره : مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان ومفتي صيدا الجعفري الشيخ محمد عسيران ، عضو المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى الحاج محيي الدين القطب ، ورئيس المركز الثقافي الاسلامي الخيري الشيخ الدكتور صالح معتوق، ومنسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود والمسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود والمسؤول التنظيمي للجماعة في الجنوب حسن ابو زيد ، ممثل رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي عضو المجلس البلدي محمد حسن البابا وعدد من اعضاء المجلس البلدي،  المدير الاقليمي لأمن الدولة في الجنوب العميد يوسف حسين، رئيس فرع المعلومات في الجنوب العقيد عبد الله سليم ، ورئيس مكتب مكافحة المخدرات في الجنوب الرائد هنري منصور ، رئيس رابطة اطباء صيدا الدكتور نزيه البزري ، رئيس رابطة مخاتير صيدا ابراهيم عنتر ، وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير وورؤساء ممثلي جمعيات وهيئات اهلية وتربوية .

وقال الرئيس السنيورة ان وقائع الأيام الماضية تثبت حقيقة السيطرة العسكرية والأمنية لحزب السلاح والمسلحين. لافتا الى أنه وقعت حوادث متعددة من الجنوب إلى الضاحية إلى بيروت دلت كلها على أن المؤسسات الرسمية غير موجودة أو غير معنية بحماية الناس والمواطنين العزل الذين لا ملجأ لهم إلا الدولة التي غيبت نفسها، أو غيبوها وارتضت هي بذلك. كل ذلك، وفي الوقت ذاته يخرج رئيس الحكومة باستنتاج يعلنه للرأي العام بان الحكومة بعيدة عن المسائل المثارة من قبل النواب في الجلسة التشريعية، ولا علاقة لها بها، لأن ما أثير استهدف ما جرى أيام الحكومة السابقة، من دون أن يتوقف أمام كل هذه الحوادث المتراكمة بسرعة والتي تثبت أن الحكومة الحالية قد أسلمت زمام الأمور إلى جهات من خارج المؤسسات الرسمية. متسائلاً: من يمنح الناس الحماية، ومن يعطي المواطن الاطمئنان بأن هناك جهةً مسؤولةً عنه، وهي في ذات الوقت جهة خاضعة للمحاسبة؟.

ورأى السنيورة أن اخطر ما بدأت ملامحه بالتكون هو ظاهرة انتشار حالة صمّ الآذان واللامبالاة بما يتهدد الناس ويقلقهم إزاء حرياتهم وأمنهم وكرامتهم. وقال: تبدو الحكومة إزاء الكثير من القضايا وكأنها حكومة تم توضيبها بشكل متقن في برادات الوسطية المزيفة، لكن في ذات الوقت كأنها حكومة مقيمة في زمن آخر من هذا العالم.يُضرب المتظاهرون المدنيون العزل في الشوارع وتستباح حرمات المواطنين أمام أعين القوى الأمنية والأجهزة الرسمية، والحكومة والمسؤولون فيها لا يحركون ساكنا ولا يعتبرون أن الأمر يعنيها. تقع انفجارات هنا وهناك ويسقط ضحايا وتحدث خسائر وبالكاد نعرف ما الذي جرى ولا أحد يكلف نفسه عناء الشرح للمواطنين حول ما يجري من أمور. يتم الاعتداء على مواطنين في قرى لبنانية متعددة في الجنوب بالضرب والتنكيل ولا من يتحرك لنصرتهم أو يقف إلى جانبهم وما من قضاء أو تقارير رسمية. يعلن مخطوفون أنهم بعد أن جرى اختطافهم في لبنان نقلوا إلى بلد مجاور، ولا احد يهتز أو يتحرك أو يعتبر انه مسؤول، أو يفتح تحقيقا أو يستدعي سفيرا معنيا للسؤال والاستفسار.

وفي الشأن السوري قال السنيورة : نحن لا نريد التدخل فيما يجري في الشقيقة سوريا. فالشعب السوري أدرى بشعاب بلده، ونحن ما نتمناه لسوريا هو ما يتمناه الشعب السوري لنفسه. كذلك فإننا لسنا ايضا من دون إحساس أنساني أمام صور الدماء المسفوكة والأرواح المزهوقة.

وقائع الحفل

بعد كلمة ترحيب من عضو المجلس الاداري للجمعية سعيد جمعة ، القى رئيس الجمعية الحاج محمد طه القطب كلمة قال فيها : للمرة الثانية على التوالي حرصنا على ان يكون راعي هذا الافطار دولة الرئيس الأستاذ فؤاد السنيورة لما له من اياد بيضاء وحرص بالغ على جميع الجمعيات الخيرية والأهلية وعلى وجه الخصوص جمعية جامع البحر الخيرية في صديا لما تقوم به من خدمة للمجتمع على اكمل وجه وبمهنية عالية وشفافية في الأداء لتكون النموذج الجيد والمثال الذي يقتدى به لتشجيع اهل الخير والعطاءعلى الجود في عطاءاتهم . وان للجمعية تطلعات في المجتمع الصيداوي الذي يلزمه الكثير من الحلول لمشاكله الاجتماعية والتربوية والاقتصادية ، لذلك اعدت الجمعية انشاء مشروع مركز مجتمعي حيوي في مدينة صيدا بإسم " زهرة النارنج " يؤمن التفاعل بين الأجيال وتحديدا جيل المتقاعدين وجيل اليافعين من الشباب الذين يواجهون صعوبات وتحديات تربوية واجتماعية . ولقد كان لدعم ومساندة دولة الرئيس فؤاد السنيورة اكبر حافز لنا على انطلاقة العمل وبذل المزيد من الجهد لتحقيق هذا المشروع الذي من اهدافه الاهتمام بالمتقاعدين عن طريق توفير ناد لهم وافادة الأجيال الشابة من خبراتهم ومعلوماتهم والاهتمام بالحالات المعرضة للتسرب المدرسي والانحراف السلوكي وحالات عمالة الأطفال ، كل ذلك في سبيل الارتقاء بالمجتمع الصيداوي وتطوير القدرات على مختلف الصعد الاجتماعية والثقافية والتربوية والبيئية والاقتصادية والصحية .

السنيورة

ثم تحدث راعي الحفل الرئيس فؤاد السنيورة فقال:صحيح أن شهر رمضان المبارك، هو شهر الخير واليمن والبركة، ولاسيما حين ينصرف الإنسان إلى ذاته وخالقه، في تأمل وتفكر وتبصر، واستغفار وعبادة. لكن الصحيح أيضا، أن من ابرز ميزات هذا الشهر الفضيل انه يتيح للصائمين مناسبات للتلاقي، والتحاور وتبادل الآراء. فأنتم تدركون، وأنتم معشر أهل الخير والبركة والعطاء، كم أُكِنُّ لكم ولأهلي في مدينة صيدا من احترام وتقدير وكم أتطلع إلى اللقاء بكم وبهم والحديث معكم جميعاً بين الحين والأخر، لكنّ مشاغل الأيام والمسؤوليات السياسية والعامة لا تتيح لي دائماً ورغم كل ما ذكرت أن التقي بكم وأتواصل معكم بقدر ما أريد وارغب. ويكاد يكون شهر رمضان محطةً محبَّبةً تُتيحُ لي الاستزادة منكم والتشاور معكم، حيث نتباسطَ ونفكِّرَ ونُعيدَ قراءة واستعراض ما مضى من تجارب حفلت بها أيامنا بين صوم وآخر، حيث بات شهر رمضان بالنسبة لي محطة موعودة ومنتظرة للقاء بكم أيها الأحبة. أهمُّ ما في أمر اللقاء بكم، انه لقاء يدفعني إلى التفكير والمراجعة والتأكيد على العودة إلى الأسس والمنطلقات والقواعد الرئيسية للمبادئ والقيم التي نشأنا عليها والتي أرسيتم أنتم أُسُسَها ودعائمها في مدينة صيدا التي نحب ونريد لها أن تزدهر ونعمل جميعاً من أجل أن ينعم إخواننا في صيدا وفي كل لبنان بالأمن والأمان والحرية والكرامة والعدالة والاستقرار من جوانبه كافة.نعم لقد أرسيتم أنتم عبر التزامكم بقيم ومبادئ التسامح والتعاون والمساعدة وعبر الالتزام بالأخلاق الكريمة للمؤمنين والقائمة على احترام الآخرين كقيمة إنسانية والسعي لعمل الخير، والعمل على مساعدة من هو بحاجةٍ فعلاً وتثبيت مقولة التكافل الاجتماعي فيما بين أبناء المدينة كما والتآزر بين المؤمنين في الوقت المناسب والمكان المناسب.إن جمعيتكم التي انطلقت قبل ما يزيد عن نصف قرن من الزمن، والتي تضربُ جذورَها عميقةً في أرض هذه المدينة لتشكل هذه الواحة من العطاء، تقوم بالعمل النافع الذي يعود بالخير على الآخرين ولا سيما إلى أولئك الذين هم بحاجة له. وما تقومون به في رعاية المسنين هو نموذج لهذا العمل النافع، وهل هناك أفضل من رعاية المحتاج بعد تعب العمر وأفول الصبا والشباب والقوة، وما نفع المساعدة إن لم تكن تستهدف من يحتاجها عن حق وأن يجري وضعها في موضعها المناسب.لقد أبدعت جمعيةُ جامع البحر، في مجالُ رعاية كبار السنّ. وقد قال الله تعالى: "ووصينا الإنسان بالوالدين إحساناً"، كما قال: "وصاحبْهما في الدنيا معروفاً"، وهل هناك معروفٌ وإحسانٌ أكبر من رعايتهما في شيخوختهما، وهي رعايةٌ قد لا يقتصرُ سببُها على عجز البنين والبنات لسبب أو آخر عن القيام بذلك، وإنما هناك احتياجاتٌ لكبار السنّ لا تستطيع في كثير من الأحيان القيام بها غير المراكز المتخصّصة. وإذا كانت رعايةُ كبار السنّ واجباً دينياً وأخلاقياً، فإنها أيضاً عملٌ اجتماعيٌّ وإنسانيٌّ كبيرٌ وجليل، وهو ضروريٌّ للتوازن والانسجام والاستقرار في المجتمعات، وبالتالي إعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه.وقال ربُّ العالمين في كتابه العزيز: "والذين في أموالهم حقٌّ معلوم، للسائل والمحروم". وقول رسول الله (ص): ما آمَنَ مَنْ بات شبعان وجارُهُ جائع. وقول عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: لو كان الفقر رجلاً لقتلْتُه.هذا ما تقومون انتم به، وتعملون من أجله، ولهذا فان عملكم مبارك ومشكور، ومن الواجب دعمه ومساندته وتعزيز جهودكم لمأسسته وضمان استمراريته وتطوره وتقدمه. ولهذه الأسباب فقد سعيتُ انطلاقاً من ومستنداً إلى همتكم العالية واندفاعكم وطموحكم ومثابرتكم وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى إلى تأمين التمويل اللازم للمركز التربوي الاجتماعي الجديد الذي ارتأيتم تسميته "زهرة النارنج" والذي عزمتم على إقامته لكي يشكِّلَ مركزاً لخدمات المسنّين والشباب في آن معاً وبما يؤمن التواصل والتفاعل بينهما ولكي يشكل هذا المركز نقطة التقاء بين الجيلين حيث تنظم فيه الحلقات الدراسية وتتم الاستفادة من تجارب الأقدمين لنقلها إلى اليافعين. وقد وُفِقْنا والحمد لله في استجابة الإخوة رئيس وأعضاء مجلس إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بتبنيه هذا المشروع وتوفير التمويل اللازم له فلهم منكم ومنا الشكر والتقدير.

واضاف الرئيس السنيورة : تعلمون وتدركون وتتابعون أننا نمر الآن في مرحلة بالغة الدقة والخطورة علماً أنّ منطقتنا بشكل عام شكلت على مدى عقود طويلة منطقة أزمات وتحولات بشكلٍ دائم. لكن ما يجري اليوم في بلداننا العربية يضيفُ معطياتٍ جديدةً لم تكن موجودةً سابقاً، وما نعيشُهُ اليوم من تحولات هامة وعميقة التأثير يكاد لا يتكرر إلا مرة أو مرتين في القرن من الزمن. ففي بداية القرن الماضي، أي في بداية القرن العشرين، شهدنا تحولات كبيرة في العالم والمنطقة العربية، لتعود ثورة الضباط الأحرار عام 1952 بقيادة جمال عبد الناصر وتبدأ مرحلة جديدة من التغيير، عبر عنها بما سُمّي وقتها الثورة من القمة. وهي المرحلة التي عمت وتأثرت بها اغلب بلدان امتنا العربية. وقد عشنا منذ تلك الأيام على وقع ما جرى من تحولات عام 1952 في مصر شقيقتنا الكبرى وكان ما كان.لكن ما يجري اليوم هو مرحلة بداية تغيير جديدة، إنما هذه المرة حركة أو ثورة انطلقت من القاعدة باتجاه القمة. بمعنى أن الشرارة التي أطلقها الشاب المعدم محمد بوعزيزي في تونس ثأرا لكرامته، كانت شرارة أشعلت الهشيم اليابس في النظم والمجتمعات العربية فانتقل اللهيب بسرعة من تونس إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا وباقي الأرجاء العربية. لقد صبرت الشعوب العربية طويلاً، حتى كاد اليأْس أن يتسرب إلى النفوس، لكنّ ما جرى في أكثر من بلد عربي في الأشهر الماضية أَثبت أنّه مازال في هذه الأمة خيراً، وخيراً كبيراً وواعداً، وأنها أمةٌ قادرةٌ على التعافي. والدليل أنّ ما كنا نعتقده مستحيلاً بات الآن حقيقة. فلقد بدأت مرحلة التغيير وما نراه اليوم أمامنا يعني أنه لن تكون هناك عودةٌ إلى الوراء، وما كان سابقاً وقبل أَشْهُرٍ من أوضاع ظنناها ثابتة غير قابلة للتغيير والتعديل، نراها اليوم تأخذ طريقها نحو التغير والتبدل. وها قد أصبح واضحاً أن الربيع الذي انطلق في الأرجاء العربية لا يمكن إيقاف اندفاعته وهو الذي لا بد أن ينعكس علينا ونتأثر به وعلينا بالتالي أن نتحضر لكي نواكب هذا التغيير ونعمل على أن نتلاءم مع متطلباته وتداعياته.

وقال: سأقولها بصراحة لكم ، إن ما يجري في العالم العربي يدل على أن مسيرة التغيير نحو ما يطمح ويتوق إليه الشباب العربي من تعزيز للديمقراطية والحريات والعمل على استعادة الكرامة المفقودة قد انطلقت ولا مجال لوقف اندفاعتها. لا ينبغي لنا أن نبتئس أو نخاف مما نراه من مظاهر تدل على لجوء البعض إلى استعمال القوة والبطش وسفك الدماء والإيغال في مقاومة هذه التحولات الجديدة والتصدي لها. فهذه مسيرة، وبالرغم مما نراه من ممارسات سلبية، ستأخذنا كشعوب عربية حتماً، آجلاً أم عاجلاً، إلى وضع أفضل مما نحن عليه الآن. المهم هو الجوهر انه قد انتهت مرحلة وبدأت مرحلة جديدة سقط معها جدار الخوف ولن يكون بالتالي مكان للقمع والقتل والتسلط من دون حسيب أو رقيب. سيذهب زمن الاستكبار والاستئثار بالحكم من دون حساب وسنتدرج على طريق الديمقراطية والحرية واستعادة الكرامة.لقد عبّر الشباب العربي عن رأيه بأنه يريد التغيير وأنه يريد استعادة كرامته المسلوبة في كل الاتجاهات. فأنظمتنا العربية فشلت على مجى ستة او سبعة عقود في استعادة الأرض المغتصبة من قبل العدو الإسرائيلي وفشلت في تحقيق ما كان مأمولاً منها على صعيد تحقيق التنمية والتطوير الاقتصادي، فلا هي حررت الأرض المحتلة، ولا هي حققت الديمقراطية، ولا هي لبت توق شعوبها إلى الحرية، ولا هي نجحت بتحقيق النمو والتنمية كما ينبغي ولا كما كان مؤملاً. وبالتالي هي لم تنجح في أن تدفع بأوطانها إلى الأمام على مستوى التطور الاجتماعي ومعالجة المعدلات العالية للأمية ومؤشرات الفقر بشكل عام وبشكل فعال. لهذه الأسباب فإنّ الربيع العربي الذي نُعلنُ انحيازنا إليه هو في الحقيقة ثورة شاملة تتبناها مجتمعاتنا العربية من اجل استعادة الكرامة والإعداد للمستقبل ومواجهة تحدياته، ولن يستطيع احد أن يوقف هذا التغيير. إننا نرى أن الأنظمة العربية التي تواجه شعوبها عليها أن تختار بين القبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة وفهم الرسالة وتخفيف الخسائر وسلوك الطريق المؤدي إلى الديمقراطية، وتعزيز الحريات والتلاؤم مع تحديات الآتي من الأيام على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، او وفي المقابل الاستمرار في الرفض والمكابرة وتكبير التكلفة عليها وعلى شعوبها وتحميل أجيالنا القادمة المزيد من الخسائر والتراجع. وما نعتقده أن الخيار يجب أن يكون واضحاً.

وتابع الرئيس السنيورة : لقد كانت انتفاضة الاستقلال في لبنان اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بمثابة التجربة الأولى في هذا القرن الجديد في مواجهة الظلم والتعسف والقمع والتسلط، ولقد كانت رسالةً عابرةً للحدود، لفتت أنظار الشباب العربي وقامت باستثارة وعيهم. رسالة قالت انه وعبر حركة ديمقراطية سلمية، يمكن لنا أن نقوم بالتغيير، ويمكن لنا أن نواجه آلة العنف مهما قويت وتكبرت.وكما واجه شباب وأحرار لبنان مؤامرة اغتيال الرئيس الشهيد ورفاقه، وتمكنوا من تغيير الأمر الواقع، فإنّ أحرار لبنان الآن، لن يتراجعوا عن مواجهة الانقلاب وسلطة الأمر الواقع المفروضة على اللبنانيين إن كان على الأرض أو عبر الحكومة الحالية. هذه الحكومة الحاضرة في الصورة لكن الغائبة عن الفعل والتأثير، الحكومة الحاكمة والمسؤولة أمام الناس ومجلس النواب حسب الدستور والقانون، والمحكومة والمسيَّرةِ بفعل القوى التي أتت بها، أي الواقعة تحت سلطة ولاية السلاح وحزب القمصان السود. وليس أدل على ذلك من وقائع الأيام الماضية التي تفضح حقيقة الزيف في الادعاء، حيث تثبت الوقائع حقيقة السيطرة العسكرية والأمنية لحزب السلاح والمسلحين. فقد وقعت حوادث متعددة من الجنوب إلى الضاحية إلى بيروت دلت كلها على أن المؤسسات الرسمية غير موجودة أو غير معنية بحماية الناس والمواطنين العزل الذين لا ملجأ لهم إلا الدولة التي غيبت نفسها، أو غيبوها وارتضت هي بذلك.كل ذلك، وفي الوقت ذاته يخرج رئيس الحكومة باستنتاج يعلنه للرأي العام بان الحكومة بعيدة عن المسائل المثارة من قبل النواب في الجلسة التشريعية، ولا علاقة لها بها، لأن ما أثير استهدف ما جرى أيام الحكومة السابقة، من دون أن يتوقف أمام كل هذه الحوادث المتراكمة بسرعة والتي تثبت أن الحكومة الحالية قد أسلمت زمام الأمور إلى جهات من خارج المؤسسات الرسمية. لكن من يمنح الناس الحماية، ومن يعطي المواطن الاطمئنان بأن هناك جهةً مسؤولةً عنه، وهي في ذات الوقت جهة خاضعة للمحاسبة؟

وقال: إن اخطر ما بدأت ملامحه بالتكون هو ظاهرة انتشار حالة صمّ الآذان واللامبالاة بما يتهدد الناس ويقلقهم إزاء حرياتهم وأمنهم وكرامتهم. تبدو الحكومة إزاء الكثير من القضايا وكأنها حكومة تم توضيبها بشكل متقن في برادات الوسطية المزيفة، لكن في ذات الوقت كأنها حكومة مقيمة في زمن آخر من هذا العالم. يُضرب المتظاهرون المدنيون العزل في الشوارع وتستباح حرمات المواطنين أمام أعين القوى الأمنية والأجهزة الرسمية، والحكومة والمسؤولين فيها لا يحركون ساكنا ولا يعتبرون أن الأمر يعنيها. تقع انفجارات هنا وهناك ويسقط ضحايا وتحدث خسائر وبالكاد نعرف ما الذي جرى ولا أحد يكلف نفسه عناء الشرح للمواطنين حول ما يجري من أمور. يتم الاعتداء على مواطنين في قرى لبنانية متعددة في الجنوب بالضرب والتنكيل ولا من يتحرك لنصرتهم أو يقف إلى جانبهم وما من قضاء أو تقارير رسمية. يعلن مخطوفون أنهم بعد أن جرى اختطافهم في لبنان نقلوا إلى بلد مجاور، ولا احد يهتز أو يتحرك أو يعتبر انه مسؤول، أو يفتح تحقيقا أو يستدعي سفيرا معنيا للسؤال والاستفسار. أنها حقيقة حكومة تكاد تشبه شخصيات متحف الشمع، نظيفة لماعة باردة، لكن من دون نبض حياة.

واضاف : صحيح أن السياسة المطلوبة والمتبعة، هي عدم التدخل في شؤون الآخرين، وخاصة في شؤون الدول الشقيقة بعد أن عانينا الأمرين من التدخلات في شؤوننا، لكن الصحيح أن للبنان رأيا وتقاليد وشرعة يتمسك بها وينحاز إليها ولا سيما فيما يختص بموضوع الحريات. نحن لا نريد التدخل فيما يجري في الشقيقة سوريا. فالشعب السوري أدرى بشعاب بلده، ونحن ما نتمناه لسوريا هو ما يتمناه الشعب السوري لنفسه. كذلك فإننا لسنا ايضا من دون إحساس أنساني أمام صور الدماء المسفوكة والأرواح المزهوقة.

وخلص للقول: من هنا، من صيدا، ومن هذا الجمع الكريم، وفي هذه المناسبة الرمضانية السمحاء، حيث يستشهد إخوان لنا على مقربة منا في شوارع مدن وقرى سوريا، أقول لهم ، قلوبنا معكم تخفق لصيحاتكم المطالبة بالحرية والإصلاح وبالتغيير السلمي.نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم سبيل الإيمان والتقوى. وان يرشد أشقاءنا سبيل الرشاد وسبيل النصر الأتي.كل رمضان وأنتم بخير وليستمر عمل الخير لدينا ولتبق جمعيةُ جامع البحر نموذجاً للخير والعمل الجادّ من أجل رفاه مجتمعنا وتوازُنه ورعاية كباره: "فأما الزبد فيذهب جُفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض". صدق الله العظيم.

تاريخ الخطاب: 
06/08/2011