الرئيس السنيورة في حديث للنهار : صيغة لبنان قامت على التوافق الاختياري وارادوا ابدالها التوافق الارغامي والحكومة الحالية باتت ساقطة وننتظر التوقيت وقد ثبت فشلهم فيما نجحنا في اصعب الظروف

الرئيس السنيورة لـ النهار : اغتالوا رفيق الحريري بهدف ضرب لبنان وتسهيل ابتلاعه وتغيير نظامه واستنساخ تقاليد انظمة اخرى •صيغة لبنان عام 1943 قامت على التوافق بالاختيار بين اللبنانيين وتم تطويرها في الطائف لكنهم ارادو ابدالها بصيغة التوافق بالارغام •الدوحة كان تطبيقا لصيغة التوافق بالاكراه عبر التنازل المرحلي لمنطق السلاح لكن النتيجة كانت فاشلة بدليل تجارب الحكومات التي تلت الدوحة •حكومة الرئيس ميقاتي فاشلة لانها تستند الى تحالف الاحقاد والكيد وسيطرة حزب الله وسلاحه وليس الى روح الميثاق الاختياري •خروجنا من الحكومة مفيد لانه اثبت فشل الاخرين في ادارة الدولة وتعلمنا منه الدروس والقيادة من المقعد الخلفي تختلف عن المقعد الامامي •في تجربتنا حققنا نموا اقتصاديا بحدود 8.5 % رغم الاغتيالات والقمع والتعطيل والعدوان الاسرائيلي وهم حققوا التراجع الاقتصادي وحرموا الناس من المازوت في عز موجة الصقيع •انفقنا في اربع سنوات 11 مليار ليرة خارج القاعدة الاثني عشرية وانفقوا في سنة واحدة ما يتعدى الخمس مليارات دولار ولم يرف لهم جفن •لم نقل يوما باسقاط نظام الاسد ولم نعتبر ان هذا الامر هدفنا وهي مسالة يقررها الشعب السوري •الحكومة ساقطة معنويا بدليل الفشل والاخفاق والسقوط المادي سيأتي وقته المناسب •موقفنا من سوريا واحد سواء كان النظام بعثيا او مسيطرا عليه من قوى اخرى ونتلاقى مع نظرة المجلس الوطني السوري للعلاقة بين البلدين •نمد ايدينا لاخواننا في الوطن على اساس اننا متساوون في المواطنة والحقوق والواجبات في ما يلي نص حديث الرئيس السنيورة لجريدة النهار المنشور اليوم الاحد في 12/2/2012 والتي اجرته معه الصحافية سابين عويس : س: رمزية الذكرى السابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري: ماذا تغير؟ ج: تسألين عن الذي تغير إنه كثير، ولكن وقبل أن أجيب على ذلك دعيني أشير إلى أمر ينبغي التأكيد عليه والذي أثبتته الوقائع اللاحقة. فاغتيال الرئيس رفيق الحريري والأحداث التي تبعته أبرزت أن المؤامرة التي تعرض لها لبنان كانت كبيرة وكبيرة جداً. لقد هدفت جريمة اغتيال الرئيس الحريري على ما يبدو إلى النيل من ركن أساسي يختصر جوهر وجود لبنان ويتمثل بصيغة العيش الواحد بين أبنائه، لكي يسهل ابتلاعه وتغيير نظامه وإزالة مرتكزاته وبالتالي العمل على استنساخ تقاليد أنظمة أخرى وفرضها على اللبنانيين عبر ضرب مبدأ التداول السلمي للسلطة المستندة إلى نتائج صناديق الاقتراع. كذلك وإلى تغيير الصيغة التي قام عليها هذا البلد وارتضاها اللبنانيون منذ الاستقلال الأول. أي الصيغة القائمة على التوافق الاختياري بين اللبنانيين والالتزام بمبدأ العيش الواحد فيما بينهم ومحاولة تبديل ذلك كله ونقل لبنان إلى نظام آخر هو نظام الغلبة والتوافق الإجباري المدعوم بقوة الوصاية أو بقوة السلاح. لقد اتفق اللبنانيون عام 1943 على تجاوز معادلة وموازين قوى الانتداب والتوجه نحو الاتفاق الداخلي على صيغة عيش واحد ونظام ديمقراطي بما يمكنهم من مواجهة الوصاية الغربية والخروج منها. ولقد كان هذا التوافق توافقا اختياريا بين اللبنانيين مسيحيين ومسلمين. وهم اعتمدوا على صيغة لبنان العيش الواحد الذي تخلى المسلمون فيه عن فكرة الوحدة العربية مقابل تخلي المسيحيين عن فكرة الاندماج بالغرب وهي التجربة ذاتها التي كررها اللبنانيون وطوروها في الطائف حيث اجتمعوا وتحاوروا وكانت وثيقة الوفاق الوطني في الطائف نتيجة إنضاج أفكار إصلاحية لبنانية. وعلى ذلك كان التوافق بالاختيار مرة ثانية على تلك الوثيقة الوطنية التي أنتجت صيغة تصلح كي تكون نموذجاً يحتذى به في أكثر من منطقة في عالمنا العربي. بالمقابل نجد أنّ التجربة الراهنة أثبتت أن تحالف الأحقاد والممارسات الكيدية، لا يقدم صيغة منتجة فعالة قابلة للتطوير والتلاؤم مع مقتضيات المرحلة الآتية والتطورات الحديثة وبالتالي هي غير قادرة على تحسين مستوى ونوعية عيش اللبنانيين. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ هذا التحالف لا يصنع حكومة قادرة ومقنعة توحي بالثقة وقادرة على الإنتاج وإدارة الدولة وهذا ما هو حاصل الآن. لقد سعى من كانوا وراء اغتيال رفيق الحريري إلى اغتيال هذه الصيغة، صيغة التوافق بالاختيار والقناعة. ولان رفيق الحريري كان ابن هذه الصيغة، أي صيغة الاختيار عبر التواصل والحوار والإقناع لا عبر الفرض أو الإرغام، فهو كان من المبادرين دوماً إلى التقدم بأفكار جديدة ومقاربات حديثة وخلاقة وتجديدية على هذه الصيغة لضمان تلاؤمها المستمر. في المقابل وعلى سبيل المثال، فإنّ ما سمي اتفاق الدوحة كان تطبيقا لصيغة التوافق عبر الإكراه أي عبر التنازل المرحلي لمنطق السلاح. ما أود قوله أن هذه الصيغة، صيغة التوافق عبر الإكراه سقطت وأثبتت فشلها بدليل تجربة حكومة ما بعد الدوحة وتجربة حكومة الرئيس سعد الحريري كما هي أيضاً تجربة الحكومة الحالية. لقد دلّت تجربة حكومة الرئيس ميقاتي وهي مازالت تدل على انه وحتى في ظل سيطرة السلاح الواحد والحزب الواحد والسيطرة والهيمنة من جهة واحدة، فإنها حكومة تفتقد إلى اللحمة والتماسك والحيوية. لماذا؟ لأنها تفتقد إلى فكرة جامعة حقيقية وتستند إلى نظرة رؤيوية للبنان المستقبل، الرؤية التي لطالما ميزت فكرة العيش الواحد لدى اللبنانيين القائم على التفاعل المجدي والبنّاء بين مكونات الشعب اللبناني والذي كان أساسه الميثاق الوطني الحقيقي. هذه الحالة التي نعيشها اليوم هي نقيض الميثاق القائم على التوافق بالاختيار وهي لن تكون إلا حكومة انقلاب تفتقر إلى القلب النابض بالحياة وتفتقر إلى الروح المتوثبة والرؤية الجامعة. وهي لذلك بحاجة كل يوم لتدخل المصلحين وتهديد المسيطرين لكي يعود الجميع إلى الانضباط حسب ما يمليه "الأخ الأكبر" والحزب الواحد. هذا لا يعني أن الحكومات السابقة كانت من دون خلافات، لكن الحكومات السابقة بما فيها ما كان بعد الطائف وقبل الدوحة كانت تقوم على منطلقات أساسها أننا أطراف متساوين بالرضى والتوافق والتعاون ولسنا واقعين أسرى غلبة السلاح أو نزعة الاستئثار بالسلطة . س: تصادف الذكرى السابعة للاغتيال مع الذكرى الأولى لخروج الفريق الاستقلالي من السلطة. تجربة المعارضة هل نجحت في المحافظة على الثوابت؟ ج: ليس بالأمر الجلل أو المستغرب الخروج من السلطة، وهذه ليست المرة الأولى التي نخرج فيها من السلطة. فلقد خرجنا في العامين 1999- 2000 من السلطة للأسباب المعروفة. الأمر المهم في هذا الشأن هو في الحفاظ على جوهر النظام الديمقراطي وعلى الثوابت والأساسيات والمبادئ والقيم التي آمنا بها ومازلنا نناضل من أجلها ونحن حريصون على التمسك بها ولاسيما مبدأ التداول السلمي للسلطة، وهو الأمر الذي له منافعه على البلاد وعلى العباد ولاسيما على المعنيين بالشأن العام من معارضة وموالاة. الأمر المهم في هذا الخصوص هو توضيح مسألة أساس وهي أننا قوى تحمل مشروعا ورؤية وتوجها، وهو ما عملنا وسنستمر في العمل من أجله. ولذا فإن الخروج من السلطة مفيد في أحيان كثيرة للوطن ولجميع أبنائه وذلك إذا ما عرفنا الاستفادة منه والتعلم من دروسه على شتى الأصعدة. إنّ أول ايجابيات الخروج من السلطة أنه يعطي الشعب اللبناني فرصة للتغيير والتجربة بما يسهم في شحذ إيمانه وتصميمه ويحفزه على تركيز قناعاته ومنطلقاته والتمسك بها ومن ثمّ إلى إجراء التعديل والتطوير اللازم للتلاؤم مع المتغيرات الحاصلة. لقد تبين للشعب اللبناني في محصلة الأمر أنّ هذا الفريق الموجود في الحكومة الآن قد أثبت فشله في إدارة البلاد وفشله في إدارة الشأن العام وهذا ما تثبته الوقائع الحاصلة والمؤشرات الاقتصادية والمالية. في هذا الخصوص، فإننا وإذا عدنا إلى الوراء ونظرنا إلى الفترة التي كنا فيها في رئاسة مجلس الوزراء وفي عز الأزمة التي كانت تواجه لبنان اثر اغتيال الرئيس الشهيد ووسط موجة الاغتيالات والتفجيرات والاعتصامات والتخريب والتعطيل وكل صنوف ومحاولات الإفشال والإعاقة، إضافة إلى التحديات التي فرضها العدوان الإسرائيلي الغادر في تموز 2006 وحرب مخيم نهر البارد في العام 2007 ضد المجموعة الإرهابية وما نتج عن ذلك كله من إزهاق للأرواح البريئة ومن دمار شامل وتخريب ونسف للبنية التحتية وتعطيل لعمل الدولة والاقتصاد. على الرغم من كل ذلك، وعلى الرغم من الأزمة المالية العالمية التي عصفت باقتصادنا، فقد نجحنا يومها في تحقيق نمو مستدام وغير مسبوق في الاقتصاد اللبناني على مدى أربع سنوات متلاحقة 2007- 2010 في حدود 8.5%. الآن وفي المقابل ورغم أن هذه الحكومة التي يفترض بها أنها حكومة اللون الواحد ووسط سيطرة أمنية تفرضها هذه الحكومة لمصلحة غلبة السلاح وغلبة منطق الحقد والكيد والافتراءات نرى أن الفشل الاقتصادي والمالي هو السمة البارزة والعلامة الفارقة لهذه الحكومة وذلك كما تبينها وتثبتها المؤشرات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية. أضف إلى ذلك فان هذه التجربة بينت للبنانيين وبما لا يقبل الشك أن كل ما كان يساق ضد حكومات المرحلة الماضية من اتهامات كان باطلا... وها هم يرتكبون اكبر المعاصي ولا يرف لهم جفن... قالوا مثلاً بأنّ حكومات الأعوام 2006- 2009 صرفت ما مجموعه 11 مليار ليرة من خارج القاعدة الاثني عشرية وان هذه الأموال لا يعرف أين ذهبت وأن هناك مخالفات في إنفاقها. والكل يذكر الحملات السياسية والإعلامية التي أطلقت نتيجة لذلك. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي جرى حين تسلموا هم زمام الأمور؟ لقد اكتشف الشعب اللبناني انه وخلال السنتين 2010- 2011 بلغ مجموع الإنفاق من خارج القاعدة الإثني عشرية ما يقارب من 14500 مليار ليرة أي ما يقارب من عشرة مليارات دولار وان الحكومة الحالية أنفقت خلال العام 2011 ومن خارج القاعدة الاثني عشرية مبلغ يتعدى الخمسة مليارات دولار. أليس هذا قمة الفشل والدجل على المواطنين والتداعي في المنطق والمقاربة. هذه الحكومة حتى الآن لم تستطع أن تقدم موازنة بينما وبالمقارنة تبين الوقائع كيف أننا استطعنا في فترة الأعوام 1994- 1998 والأعوام 2002- 2004 أعدنا الانتظام لقوانين الموازنة العامة التي جرى تقديمها وإقرارها ضمن المهل الدستورية وأننا حولنا مشاريع قوانين الموازنات 2006- 2009 إلى المجلس النيابي الذي رفض تسلم معظمها كما هو معروف وبالتالي لم يتم إقرارها وبسبب من ذلك حصلت التجاوزات على القاعدة الإثني عشرية. من جانب آخر، هل من احد قادر على إقناعنا لماذا لم يبادر وزير الطاقة والمياه إلى تقديم برنامج واضح للبنانيين يوضح ما يريد أن يقوم به لتطوير قطاع الطاقة والتيار الكهربائي ويبين بإيجاز سياسته المقترحة في الإنتاج أين وبأي وسائل، ويوضح السياسة التي سيتبعها بشفافية وتنافسية خطته في سياسة التوزيع ويوضح سياسته أيضاً بشأن موضوع التعرفة ويحدد ما هو الدور الذي سيعطيه للقطاع الخاص في هذا القطاع وما هي مصادر التمويل الصحيحة والملائمة التي سيلجأ إليها من الصناديق العربية والدولية مع الإشارة إلى أن وزير الطاقة ينتمي إلى التيار الوطني الحر الذي يتسلم وزارة الكهرباء للحكومة الثالثة على التوالي وعلى مدى السنوات الأربع الماضية. إنّ من ايجابيات الخروج من السلطة أنها تبين بالمحسوس والملموس أن القيادة من المقعد الخلفي تختلف كلياً عن القيادة من المقعد الأمامي. فالكثيرون يظهروا أنهم يتقنون القيادة من المقعد الخلفي وقلة من يحسنوها من المقعد الأمامي. ويظهر جلياً بناء لذلك أن الإخوان في تحالف الثامن من آذار حين وصلوا إلى تسلم القيادة وأصبحوا الآن متربعين على المقعد الأمامي تبين أن كل مقولاتهم قد سقطت وظهر أنها نسج خيال جامح وفاشل. وان كل الاتهامات والافتراءات التي ساقوها لفريقنا كانت اتهامات باطلة. إن كل هذا الضجيج لم يستطع أن ينتج رغيف خبز إضافي لا في مسألة الكهرباء ولا في قطاع الاتصالات ولا في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام ولا في تحقيق فائض في ميزان المدفوعات ولا في تعزيز الاستقرار المالي ولا في تخفيض العجز في الموازنة. وكما يقال: "كل هالضجة ما عملت عجة"، بل أن تجربتهم لم تحصد سوى الفشل تلو الفشل وبالتالي نرى أنه لم ولن ينفع ضجيج الفضائح المفبركة والافتراءات المزعومة والصوت العالي. في النهاية يريد اللبنانيون أن يلمسوا النتائج. ولقد كان آخر ما تكشف من فضائح وارتكابات بعد الارتكابات في وزارة الطاقة والمياه والاتصالات وفضيحة مرسوم تصحيح الأجور ومرسوم تعويض النقل، فضيحة المازوت الأحمر حيث التنفيعات في الجيوب بينما الناس في منازلها تعاني من الصقيع وتبحث عن الدفء. ستبقى فضيحة المازوت الأحمر إحدى الفضائح المهمة، ليس المهم هنا كمية المبالغ المهدورة بل المهم أن حكومة يقوم الوزراء فيها بإلقاء المحاضرات اليومية على اللبنانيين بالعفة والنزاهة قامت بتوزيع المازوت المدعوم على المحاسيب وحرمت اللبنانيين منه. التجربة مع حكومة حزب الله تقول أنها نجحت في تعميم التعاسة وزيادتها وتعميم البؤس والارتباك والتراجع الاقتصادي والفشل السياسي وليس أي شيء أخر. س: مطالب المعارضة وخطابها: من إسقاط حكومة حزب الله ونزع السلاح إلى إسقاط نظام الأسد ودعم المعارضة السورية. ماذا تحقق؟ ج: دعيني أوضح أمراً مهماً في البدء. نحن لم نقل يوماً بإسقاط نظام الأسد ولم نعتبر أن هذا الأمر هو هدفنا. هذه مسألة يقررها الشعب السوري وليست المعارضة اللبنانية. نحن عبرنا عن رأينا في موضوع دعم حركات الربيع العربي وعلى ذلك دعمنا حركة الانتفاضة السورية عبر الموقف السياسي وعبر الوسائل الإعلامية اقتداء بما كان عليه موقف وسائل الإعلام اللبنانية عبر عقود وعقود وذلك عبر نقل الوقائع الصحيحة والإفساح في التعبير. كذلك ساعدنا ومن الجانب الإنساني في استقبال المهجرين من سوريا. فهذا واجبنا ولن نقصر به، لكن لا يطلب منا احد أن ندعم بغير هذه الوسائل. أما الحديث عن سلاح حزب الله، وهذا شأن منفصل عن الشأن السوري، فنحن لدينا موقف من سلاح الحزب والسبب في ذلك أنّ هذا السلاح بات من دون شرعية وطنية خاصة بعد أن تغيرت وجهته التي ارتضيناها في فترة ماضية من أجل التصدي لعدوان إسرائيل ومحاربتها. أما أنه وقد أصبح هذا السلاح موجهاً وجهة أخرى ولاسيما حين جرى استعماله في الداخل من اجل إقامة توازنات جديدة في السلطة اللبنانية، فالأمر عندها يصبح مختلفاً. أما بالنسبة لسقوط الحكومة الحالية فإنّ سقوطها المعنوي المريع هو المشهد الذي يراه اللبنانيون ماثلاً أمامهم كل يوم من خلال جملة من الإخفاقات التي ترتكبها هذه الحكومة. وأما سقوط الحكومة المادي فإن هذا الوقت سيحين حين تنضج الأمور وسيتم حسبما تقتضيه مصلحة البلاد وفي الوقت المناسب. ونحن لن نتراجع عن موقفنا في هذا الخصوص وهذا جزء من العمل الديمقراطي. س: ما هو خطاب المعارضة اليوم وكيف ستتوجه إلى جمهورها في 14 شباط: خطاب استنهاض أو مراجعة؟ ماذا عن العناوين الأساسية للثوابت: السلاح؟ المحكمة؟ الحكومة؟ ج: ليس مبالغة القول أن الربيع اللبناني كان بمثابة الحقل العربي الأول الذي تفتحت فيه أزهار الربيع العربي في بدايات انتفاضات ذلك الربيع. لقد كان الفضل فيه لثوار وإبطال لبنان وشباب لبنان وشعب لبنان وشهداء لبنان. إنهم هم الذين أعطوا القدوة والنموذج لشباب العرب بالقول والممارسة وذلك من خلال الإصرار على نهجهم في تحقيق الحرية والسيادة والعدالة والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان. لقد أثبت اللبنانيون أن حركة سلمية يمكنها أن تقف بوجه الطغيان والوصاية والآلة العسكرية. ولذلك فحين تحرك الشعب اللبناني في الرابع عشر من آذار 2005 استطاع كسر حاجزي الخوف والصمت لدى شباب لبنان وبعدها لدى شباب العرب. في لبنان كانت المنازلة الأولى مع أنظمة الاستبداد العربي وها هي تتفتح وروداً وأزهاراً في بلدان عربية أخرى. ما نريد أن نقوله للبنانيين أن الصبح لم يعد ببعيد وان الشمس ستشرق وان الحق سينتصر وما النصر إلاّ صبر ساعة. لن يقف احد في وجه الربيع العربي لأنه يمثل حركة التاريخ الحقيقية مهما عاند المعاندون وكابر المكابرون وربيع لبنان القادم هو قيام الدولة القوية العادلة الجامعة لجميع مكونات مجتمعها. ورفيق الحريري الشهيد المظلوم وكذلك رفاقه الأبرار لن يذهب دمهم هدرا بل سيتأكد أنهم كانوا شهداء العرب الأحرار وطليعة الشهداء في مسيرة التغيير والتطوير والتلاؤم والحرية والقيم الأساسية التي ناضلنا من أجلها. نقول هذا اليوم مدركين ما يجري في العالم العربي من حولنا ونعرف حقيقة وأهمية شهدائنا وعمق المعاني التي حملتها شهادتهم. كذلك فإنّنا نقول أن العدالة آتية لا ريب في ذلك والسلاح غير الشرعي الذي وجه إلى صدور اللبنانيين بات من دون شرعية وطنية والحكومة آيلة إلى السقوط بفعل الاهتراء والزيف المسيطر. هناك حقيقة أثبتتها الوقائع على مرّ العقود الماضية، وهي أنّ الأنظمة القائمة على الحرية والعدالة واحترام القانون واحترام حرية الإنسان هي الأنظمة القادرة على مقارعة إسرائيل وعلى استرجاع الحقوق وليس تلك الأنظمة التي ملأت البلاد جوراً والتي لم تستعد على مدى عقود وعقود متراً واحداً من الأرض الفلسطينية المحتلة. س: مدى انسجام قوى 14 آذار وتلاقيهم على عناوين المرحلة ( في ظل التباين بين مكوناتها من ملف سوريا مثلا) ج: إذا كان هناك من تباين فانه تباين ضمن التمسك بمبدأ الوحدة وهو تباين خلاق ويعبر عن حيوية وحرية. إن تحالف قوى الرابع عشر من آذار لا يعيش في ظل وحدة توتاليتارية أو شمولية بل هو تحالف قوى ديمقراطية تحترم مواقف بعضها بعضا وتحترم وجهات النظر الأخرى. وهي متفقة على لبنان الحرية والديمقراطية والتنوع من ضمن الوحدة وعلى مبادئ وقيم التداول السلمي للسلطة واحترام الرأي الآخر وحقوق الإنسان. والاهم من ذلك أنها تتفق حول نظرتها للبنان وما هو كثير الأهمية بالنسبة لها أن هذا الاتفاق فيما بينها على لبنان وصيغته ونظامه لن يتبدل إذا ما تبدلت الموازين في سوريا. فموقفها من سوريا في ظل نظام البعث سيبقى هو في ظل أي نظام آخر، بمعنى آخر أنها مع تأكيد العلاقات الندية والمتكافئة بين البلدين الشقيقين والقائمة على الاحترام المتبادل سواء أكان النظام الحالي هو الذي في السلطة أو حلّ محله تحالف المجلس الوطني السوري الذي نتلاقى معه ونتقاطع في الأفكار والتوجهات الديمقراطية. ولا يفوتني هنا أن أنوه بتلك الرسالة التي أنجزها المجلس الوطني السوري مؤخراً ووجهها إلى اللبنانيين بكونها خطوة هامة وكبيرة جدا على مسار وضع العلاقات المستقبلية بين البلدين الشقيقين على أسس صحيحة يسودها الإيمان بعروبة البلدين وبأهمية علاقاتهما التاريخية والمصالح المشتركة بينهما ضمن قواعد الاحترام الكامل لحرية وسيادة واستقلال البلدين. انطلاقاً من ذلك أود أن أقول نحن لن نغير نظرتنا بالنسبة لعلاقة لبنان مع الشقيقة سوريا مهما تألبت الظروف وهذه هي إحدى المسائل الأساسية التي تجمع وتربط بين مكونات قوى الرابع عشر من آذار. س: كيف إعادة بناء الجسور مع القوى السياسية الأخرى؟ ج: قلت في مهرجان طرابلس قبل مدة وكررت أكثر من مرة بعدها، إننا لا نرفع الإصبع بل نمد اليد وعندما نقول نمد اليد لا يعني أننا نتراجع عن الثوابت بل ومن خلال التمسك بها نبدي الاستعداد للحوار على أساس مرتكز أساسي يؤكد عليها وفي مقدمها العودة إلى الدولة وذلك بشروط الدولة التي يجب أن تكون صاحبة السلطة الوحيدة والقادرة على استعمال القوة في البلاد. الدولة الديمقراطية والعادلة والقادرة التي تؤمن بحرية الإنسان واحترام حقوقه وتؤمن بالعدالة. في النهاية نحن سنبقى في هذا البلد جنبا إلى جنب مع إخواننا في الوطن حتى لو اختلفنا في وجهات النظر أو في المقاربات السياسية. لكن ما يجب أن يكون حاسما هو أن الأمر يجب أن يكون دوماً للتأكيد على سيادة الدولة ومنطقها وفعالية مؤسساتها. لذلك فإننا نرى أنه لا بد من إيجاد صيغة للتلاقي والحوار والتأقلم وممارسة العيش الواحد والتفاهم. أرجو هنا أن لا يفهم كلامي أنه من باب المناورة. فانا في أمور العيش الواحد شديد الإيمان بلبنان وطنا نهائيا لكل مكوناته. نحن لن نتنازل عن منطلقاتنا بأنه يجب أن يقوم هذا البلد على قواعد الحرية والديمقراطية والحكم المدني المستند إلى التساوي بين الجميع في الواجبات والحقوق ودون أي إكراه أو اللجوء إلى أي نوع من أنواع الفرض أو الإرغام. ونعني بذلك التساوي بيننا كمواطنين بغض النظر عن الانتماء الطائفي والمناطقي من دون تخويف أو ترهيب أو تخوين والتمسك بما أقره اللبنانيون في اتفاق الطائف لجهة المناصفة. على هذه الأسس نمد اليد، كمواطنين متساوين من دون أن يعمد بعضنا إلى شهر السلاح بوجه البعض الآخر. وعلى ذلك لن تنفع كل المساحيق في العالم في تغيير وجه الحكومة الحالية حكومة حزب الله وكلام السيد نصر الله الأخير حين قال أن لا حكومة جديدة، يكون قد اثبت بما لا يقبل الشك أن زمام الحكومة الحالية هو بيد حزب الله. لهذه الأسباب سأقول ما يجب أن يكون قد أصبح واضحاً، وهو أنّ اللبنانيين لن يقبلوا أن يبقوا تحت سيطرة حكومة الحزب الواحد. حكومة تحمي المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد وتهدر المازوت الأحمر وتسيء إدارة شؤون البلاد والعباد والاقتصاد. حكومة بعض من فيها مغلوب على أمره والبعض الآخر يؤمن بالغلبة وما تبقى يقر بمبدأ الغلبة لتحقيق مكاسب أخرى على حساب الوطن واستقلاله وسيادته واستقراره ووحدة أبنائه. إنها ليست حكومة مؤهلة لحكم اللبنانيين بل هي حكومة فريق متسلط بقوة السلاح بهدف تغيير الأسس التي قام عليها لبنان وقامت عليها الصيغة اللبنانية.