الرئيس السنيورة :هناك ازدواجية في الحكومة بين المشاركة فيها وبين تعطيل القانون والعدالة

اعلن الرئيس فؤاد السنيورة إنّ الحكومةَ الحالية مطالَبةٌ باعتقال المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتسليمهم إلى المحاكمة العادلة لكي تثبت هذه الحكومة أنّ لها صلةً بفكرة قيام الدولة والحفاظ على هيبتها وسمعة مؤسساتها، لا أنْ تكونَ هي بأدائها أساس الغطاء الذي يتمُّ من خلاله العمل على تحطيم فكرة الدولة وإضعاف حضورها عبر التستر على المتهمين والقوى التي تقوم بحمايتهم.
معتبرا أنه لا يجوز بعد الآن الاستمرارُ بهذه الازدواجية الغريبة العجيبة التي تجمع بين المشاركة في الحكومة وبين تعطيل العمل بالقانون والنظام وتحقيق العدالة، وآملاً مع الانطلاقة القريبة للمحاكمات الغيابية في المحكمة الدولية في شهر حزيران المقبل في أن نصل إلى الحقيقة في هذه الجريمة. لأنّ لا قيامة للبنان الحرية والعدالة من دون أن يتوقف سيف الحق بالقتل ويتوقف حال الحق في الفرار من وجه العدالة. ورأى السنيورة أن ما شهدناه خلال اليومين الأخيرين من أخذ العلم بالتمديد للمحكمة الدولية لثلاث سنوات جديدة هو خطوة بالاتجاه الصحيح بعد أشهر من الضجيج المفتعل والاعتراضات والتوتيرات المتعمدة وغير المبررة.
وخلال المهرجان السياسي الذي اقامته منسقية تيار المستقبل في صيدا والجنوب " لمناسبة الذكرى السابعة والعشرين تحرير المدينة من الاحتلال الاسرائيلي والذكرى السابعة لإستشهاد الرئيس الحريري ، وتحت عنوان " رفيق الحريري من التحرير الى الشهادة " اكد الرئيس السنيورة ان هذه الذكرى المشتركة هي مناسبة للتأكيد على الثوابت التي أرساها واستشهد من اجلها شهيدنا الكبير ورفاقه الأبرار و كل شهداء التحرير، وهي الثوابت التي تقول انه ما من عدو لنا في لبنان إلا العدو الإسرائيلي . وقال : نحن نبني تعاوننا مع أبناء وطننا على قواعد تعزيز وجود الدولة اللبنانية، التي لها الحق المنفرد في حمل واقتناء السلاح واستعماله من أجل خدمة الأمن والنظام ودعم الاستقرار ولن نقبل بعد اليوم أي تجاوز لدور الدولة التي تملك هذا الحق الحصري لحمل السلاح وللمقاومة ولقيادة جهد التحرير لما تبقى من أرض لبنانية محتلة من العدو الإسرائيلي في ظل الدستور والميثاق وعلى هذا الأساس نمد أيدينا ونفتح قلوبنا لكل الأطراف في لبنان لنجدد العهد ولننطلق سوياً نحو المستقبل الواعد..
وجدد الرئيس السنيورة التأكيد على عدمَ التدخل في الشؤون الداخلية السورية ، واضاف: لكننا لا نتردد في إعلان تضامننا مع الشعب السوري في مطالبه المحقة. كما أننا نعتبر أن موقف المجلس الوطني السوري من العلاقة مع لبنان بمثابة تطابق كامل مع تطلعاتنا وطموحاتنا في علاقات متوازية ومتوازنة مع الشقيقة سوريا قائمة على التعاون والاحترام المتبادل.
من جهته، نائب الجماعة الاسلامية الدكتور عماد الحوت وفي كلمة له في المهرجان نفسه توجه الى الشركاء في الوطن بالقول : حاولتم الانفراد في حكم لبنان معتمدين على استقواء احياناً وعلى قرار اقليمي احياناً اخرى ، فماذا حصل ؟ . لقد شغل صاحب القرار الاقليمي بنفسه بعد ان نهض شعبه سعيا للحرية فاصبح قاب قوسين أو أدنى من الزوال بفعل هذه الثورة الشعبية المباركة . ولقد كانت تجربتكم في الحكومة فشلا يتلوه فشل ، فأدخلتم البلد في مناكفات ومحاصصات ، وعفت من وزاراتكم رائحة الفضائح وأرسيتم التعطيل نهجاً فضحيتم بمصالح المواطن تحقيقاً لمصالحكم ، فتعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم نبني من خلالها لبنان الدولة الحاضنة لجميع ابنائه .. لبنان الذي لا تبقى فيه المقاومة منفصلة عن الشعب في ثلاثية متعددة العناصر ، الجيش والشعب والمقاومة ، بل تصبح المقاومة فيه مقاومة الشعب اللبناني ودولته ، ويكون الجيش اللبناني سياج الوطن المدافع عن ابنائه .
واعتبر الحوت أن موقف الحكومة اللبنانية ازاء الموضوع السوري واداء وزير خارجيتها لا يمثل اكثرية الشعب اللبناني ، متسائلاً: كيف تدعي هذه الحكومة التمسك بالعلاقات المميزة بين الشعبين اللبناني والسوري ثم تغيب عن مؤتمر اصدقاء سوريا في تونس ؟!.وكيف تدعي هذه الحكومة الحرص على الالتزام باتفاقيات موقعة بين البلدين وتنسى أن الاتفاقات انما توقع لخدمة الشعوب وليس لخدمة الأنظمة أو الانحياز لها في مواجهة شعوبها وسفك دمها .كفى متاجرة بقضايا الأمة واستغباء عقول الناس من خلال انكار الدماء الزكية التي يسيلها النظام في سوريا أو اتهام هذه الشعوب بالعمالة للغرب حيناً وبالتنكر لقضية فلسطين احياناً . لهؤلاء أقول بالفم الملآن : ان فلسطين لا يمكن أن يحررها عبيد ارتضوا الاذلال بيد حاكم ظالم او الارتهان لنظام جائر ، ففلسطين لن يحررها سوى الأحرار .
وبدورها اكدت النائب بهية الحريري في كلمة لها في المهرجان نفسه أنه من صيدا مدينة الأخوّة الصادقة والإتجاهات الصّحيحة، انطلقت مسيرة التّحرير من العدو والإحتلال الاسرائيلي ومنها انطلقت مسيرة الحرية والوحدة والنّهوض والبناء، ومن صيدا انطلقت مواكب النور والحرية في أصعب الظّروف وانتصرنا على خوفنا وبؤسنا وقهرنا وصغائرنا واحتلالنا وتمزّق أوصالنا، وهنا عقدنا العزم على التزامنا بالحرية والعدالة سبيلاً لوجودنا .. وقالت : إنّنا على طريق رفيق الحريري نريد أن نموت بأحلامنا .. لا أن نموت بذاكرتنا .. وأن لا يثنينا قهرٌ أو عزلٌ أو موقعٌ أو مكتسبات عمّا يفيد لبنان كلّ لبنان لأنّها الرّسالة التي استشهد من أجلها أبناء صيدا والجنوب من أجل تحرير الأرض، وهذه هي الغاية نفسها التي استشهد من أجلها الرّفيق الحبيب من أجل قيامة لبنان وعزته وكرامته.
وأعلنت النائب الحريري أنّنا مع سعد رفيق الحريري ورفاق رفيق الحريري وأصدقائنا وحلفائنا وأبناء وطننا لن نسمح مهما كانت التّضحيات بالعبث في ما حقّقه الشّعب اللبناني من إنجازات عظام على طريق الوحدة والبناء والتحرير، كما لم نسمح عشية الرابع عشر من شباط 2005 بإعادة عقارب الزمن إلى الوراء ، كما لم نسمح للغرائز ولحبّ السّلطة أن تتملّكنا عشية العزل والإقصاء.
واعتبرت الحريري أننا ونحن اليوم ننظر من حولنا إلى أشقّائنا العرب وهم يملأون الميادين رافعين رايات الحرية والعدالة .. ويسقطون في ساحات الشرف شهداءً من أجل المستقبل الآمن المستقر والمزدهر ، نتطلّع إلى مستقبل عربيّ ناهض ومتآلف ينعم أبناؤه بالحرية والعدالة والديمقراطية وأن يتمتّع إخواننا العرب بحقّهم في حرية التّعبير والإعتقاد، وأن يكونوا شركاء في تقرير مصيرهم وفي نهضة أوطانهم ..
وفي كلمته في المهرجان اعتبر رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي أن أحداً لم يفهم معنى "لبنان أولاً" كما فهمه الشهيد رفيق الحريري، والدليل أنه ما تحقق إجماع في لبنان على شخص كما تحقق على شخصه، لأن الجميع وجد فيه ميزان الحركة الوطنية، وقال : في الذكرى المشتركة بين تحرير صيدا وشهادة رفيق الحريري، علينا أن نتعلم أنه مهما اختلفت آراؤنا حول كل المواضيع، يجب أن يبقى لبنان أولاً. وأنه علينا بدل أن نختلف بإسم الوطن، أن نتوحد تحت لواء الوطن لأننا إذا توحدنا، نكون أوفياء لدماء شهدائنا.
تقدم حضور المهرجان الذي اقيم في قاعة ثانوية رفيق الحريري في صيدا :مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان ، مفتي صور ومنطقتها الشيخ مدرار الحبال ، ممثل مطران صيدا للموارنة الياس نصار المونسينور الياس الأسمر، عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل المهندس يوسف النقيب ، ومنسق التيار في جبل لبنان الجنوبي الدكتور محمد كجك ، المسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود والمسؤول التنظيمي حسن ابو زيد ، عضو المجلس الوطني الفلسطيني صلاح اليوسف ، ممثل حركة حماس وسام الحسن ، وممثلون عن عدد من الفصائل والقوى الفلسطينية في منطقة صيدا وعن أحزاب وقوى لبنانية ، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد حسن صالح ، ورئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، ممثل قائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد ديب الطبيلي الرائد عمران شبو ، آمر فصيلة درك صيدا الرائد سامي عثمان ، السفير عبد المولى الصلح ، عضو المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى الحاج محيي الدين القطب، ورؤساء عدد من الدوائر الرسمية ، وهيئات روحية وفكرية وثقافية واقتصادية ونقابية وتربوية واجتماعية وشبابية وعدد من رؤساء بلديات ومخاتير المنطقة ومن اعضاء مجلس بلدية صيدا ومن مخاتيرالمدينة واعضاء منسقية تيار المستقبل في الجنوب ومسؤولو قطاعات ومكاتب ولجان التيار وحشد من ابناء المدينة والجوار .
د.متبولي
بعدالنشيد الوطني اللبناني والوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة لروح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء مدينة صيدا ، كانت كلمة ترحيب من عريف المهرجان الدكتور مصطفى متبولي الذي توقف عند محاولة بعض القوى السياسية اللبنانية في كل احتفال بالتحرير تغييب الدور الذي قام به الرئيس الشهيد رفيق الحريري في تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي .وتناسي هذه القوى التلاحم القوي بين مختلف مكونات الدولة اللبنانية الذي جسده الرئيس رفيق الحريري في تحركاته الدبلوماسية والتي نتج عنها تفاهم نيسان من العام 1996 والذي أكد حق لبنان المقدس في مقاومة الاحتلال وتحرير الجزء المحتل من اراضيه ..معتبرا أن ازالة غبار النسيان المتعمد عن دور هذا المقاوم العربي الفكر والنشأة ودور الجماعة الاسلامية في تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي هو واجب اخلاقي ووطني .. وقال : ان لقاءنا اليوم يندرج في اطار تنشيط ذاكرة الذين يحاولون عبثاً اخفاء نور حقيقة هذه الجهود التضحيات التي قدمت من اجل تحرير الأرض وبناء لبنان الحديث .
د. ناصر حمود
ثم تحدث منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود فقال: لولا شباط ما في آذار ولولا آذار ما كان ربيع ، في 14 شباط 2005 وقع الزلزال فاغتيل أعز الرجال كبير شهداء لبنان الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكان دمه نسغ الحياة في شجرة آذار وأغصانها ، نسغ الحياة في عصب انتفاضة الاستقلال وفي وعي الأبطال الذين شرعوا الأبواب للمستقبل ، في ذلك اليوم المجيد نعم فليسمعوا ، ذلك اليوم المجيد هو 14 آذار 2005 . وفي 16 شباط 1985 يوم كان العدو الصهيوني المحتل لا يزال يعيث فساداً وغدراً وقتلاً على أرض لبنان ، أبت صيدا وأبى الأحرار الا أن يرووا بدمائهم شجرة الحياة والحرية ، فطردوا العدو الاسرائيلي وانطلقوا الى آذار الوطن . ورغم الفتن ورغم المحن ، كان ثمة فسحة للحوار ونعرف ما كان لرجل الحوار الرئيس الشهيد رفيق الحريري من يد في هذا الحوار الوطني الذي توج أخيرا باتفاق الطائف فتعطرت احلامنا بربيع يزهر لبناناً .. يزهر انساناً وعمراناً ، هذا رغم أعداء الربيع . والآن سبع سنوات على الزلزال وسبع سنوات على الربيع ، إنه تقريبا في كل مكان ، نعم فلماذا لا ندخل معاً ذلك الزمن الجديد. نعم وباليد الممدودة وبالإصرار على منع الفتنة نقول : ألا فاسمعوا دقات الزمن .. انها ساعة الحرية .. أي فتنة ندعو اليها اذا كنا نطالب بالحرية والكرامة والعدالة ؟.. واي شراكة تبغون اذا كان الهدف السلطة بأي ثمن ؟. لماذا يُراد لطائفة رائدة أن توصم كلها بوصمة سلاح يشهر في وجه شركائها في الوطن ؟. لماذا يراد لها أن تُزج كلها في قفص الاتهام بتهمة قتل رواد استقلاليين .. اي " غيتو " يراد أن تحتجز فيه ومن أجل من ؟.. أي فقه هذا الذي يسمح بأن تصادر لبنانية طائفة عريقة في الاستقلال ، عريقة في النضال ، عريقة في العروبة والقتال من اجل لبنان ؟!. ليس من اجل بضعة متهمين تُرجم العدالة بنار الكراهية .. ليس من اجل بضعة متورطين – قد تثبت ادانتهم أو قد لا تثبت – تورط طائفة بأسرها بشهر سلاح الفرقة والافتراق عن الوطن . هو وطن الجميع ، جميع الذين سقطوا منذ فجر الاستقلال من اجل الحرية ومن اجل العدالة ..من الجنوب الى عكار الى البقاع الى احزمة البؤس في بيروت الى أزقة الحرمان في طرابلس .. وعد بالحق لن يموت ..اذاً تعالوا الى شراكة حقيقية وحوار حقيقي وعدالة حق ولنمض معا نحو الزمن الجديد .. وكيف لحر أن يفكر لحظة بالعودة الى زمن التبعية والهيمنة ؟. كيف يتردد لحظة في تأييد حق الشعب السوري المعطاء ، في اقامة نظام حر ديمقراطي يتفتح ربيعه في قلب العروبة النابض ، قلب العروبة الذي عادت أخيرا اليه الحياة ؟. بأي حق تدك المدن ويسحق الأبرياء وتصادر الأحلام بل الأرواح لأجل عيني طاغية ؟. فلتتوقف آلة القتل والدمار، فلن تقود صاحبها الى غير الجحيم ... كفوا عن اللعب بالنار وبدم الأطفال وبمستقبل الشعوب . واذا كانت هذه لعبة الطغاة ، فالجد كل الجد في مقولة يعرفونها جيداً" انتصار الدم على السيف " . نعم سقط حاجز الخوف !.. وستسقط كل الحواجز وسيعانق الشعب احلامه .. وسيعانق الشريك شريكه في الوطن .. فقد ولى زمن الشركات الخاسرة المقامرة بمصالح الشعوب .. انه الربيع فعلا فقد خفقت له القلوب .. رفيق الحريري : سيعانق الشعب أحلامه .. سيعانق الشعب أحلامه ..
السعودي
كلمة مدينة صيدا ألقاها رئيس بلديتها المهندس محمد السعودي فقال: هنا صيدا ..هنا شرارة المقاومة ... هنا سطر رجالات مضوا بدمائهم ومواقفهم ملاحم في الوطنية والتضحية: رياض الصلح، معروف سعد، نزيه البزري، محرم العارفي، جمال الحبال، مصطفى سعد، رفيق الحريري، واللائحة تطول .. رجالات مع حفظ الألقاب، وإلى جانبهم ركب من المقاومين والشهداء والمناضلين من القوى الإسلامية والوطنية والجيش اللبناني، رسموا دروب التحريرمن صيدا إلى كل لبنان، في أنموذج يحتذى به، لا بل وحتى من الصعب أن يحتذى به، لما رافقه من عنفوان وكرامة وتضحية بالتفس ونكران للذات، في سبيل الوطن. هنا صيدا، هنا بوابة الجنوب، هنا كانت غرف العمليات التي منها انطلقت مجموعات المقاومين، لتدحر شيئاً فشيئاً قوات الإحتلال الإسرائيلي، ولتثبت للعالم أن الإرادة الصادقة قادرة على أن تحقق أي إنجاز، عندما يكون الهدف هو تحرير الأرض. أنظر اليوم بين الوجوه، أرى جنوداً مجهولين، قد يعلمهم أو لا يعلمهم حتى أبناء صيدا. منهم التاجر الذي كان يغلق متجره ساعة لا ليرتاح، لكن لينصب كميناً للعدو ثم يعود. ومنهم الطبيب الذي ينهي جهاده نهاراً في المستشفى، ليكمل جهاده في تنفيذ عملية ضد العدو في الليل. نعم، هكذا كان أبن صيدا، كانت المقاومة وما زالت جزءاً من حياته اليومية، وكانت وما زالت ذاكرة العدو الصهيوني مليئة بالخوف من وحول صيدا.هنا صيدا ، هنا القلب الواحد . ذكرى تحرير صيدا اليوم تعيدني إلى زمن كان الصيداويون واللبنانيون على قلب رجل واحد، يضربون العدو بيد من حديد، فلا ينفع معهم لا اسلحته ولا جنوده ولا ألويته، في ثني عزمهم قيد أنملة عن التحرير. نعم، هكذا كانت قوتنا بوحدتنا الوطنية، لا بأي شيء آخر. لكن للأسف، هذا ما فطن له عدونا بعد أن هزمناه، وعرف أن سبيله الوحيد إلى هزيمتنا، هو في ضرب وحدتنا الوطنية، وزرع عناوين خلافية حتى ننقسم حولها.
واضاف: مما لا شك فيه أن كل الأفرقاء اللبنانيين دون استثناء، لديهم تحالفاتهم على مستوى المنطقة والعالم، وهذا ليس بالأمر المعيب في عمل السياسة، لأن التحالفات السياسية هي مقدمة لتبادل المنافع الإقتصادية والعسكرية والثقافية، بما ينعكس إيجاباً على طرفي التحالف، ولما فيه مصلحة أي بلدين. لكن التحالف السياسي يصبح غير ذي نفع، إذا كان الهدف منه هو الإستقواء على أفرقاء الداخل، لتحقيق مكاسب سياسية آنية لفئة دون اللبنانيين. وهذا مع محبتي وإحترامي لكل الأفرقاء، موجود عند الجميع، بنسبة أكثر أو أقل هنا أو هناك. وسط كل هذه المعطيات والمتغيرات، ماضياً وحاضراً، أنظر الآن وآرى كما كان صعباً أن تكون "رفيق الحريري". أن تكون رفيق الحريري، يعني أن تضع نصب عينيك مصلحة لبنان وشعب لبنان، وتجعل مصلحة أي طرف آخر ثانوية أمام لبنان. أن تكون رفيق الحريري يعني أن تحمل في قلبك لبنان أينما ذهبت حول العالم بحيث إذا نظر إليك الناس رأوا لبنان. أن تكون رفيق الحريري، يعني أن تمشي في حقل ألغام السياسة وأنت تعرف ذلك، حتى تحصل مكسباً إقتصادياً أو ثقافياً للبنان. أن تكون رفيق الحريري يعني أن تسخر كل علاقاتك الإقليمية والدولية لخدمة لبنان، دون أن تسمح لأي طرف كان أن يجعل لبنان صندوق بريد المنطقة. أن تكون رفيق الحريري، يعني أن تكون قومياً عربياً إلى أبعد الحدود، ولا تسمح لأي متغير اقليمي أو دولي أن يغير ثوابتك القومية والعربية. أن تكون رفيق الحريري معناها أن تقتطع من وقتك الخاص حتى مع عائلتك حتى لا تشعر بالتقصير في حق لبنان. كلمتان تختصران ببساطة حياة رفيق الحريري، لبنان أولاً.. لبنان أولاً، كلمتان على لسان كل لبناني، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لكن أحداً لم يفهم معنى "لبنان أولاً" كما فهمها رفيق الحريري، والدليل أنه ما تحقق إجماع في لبنان على شخص كما تحقق على شخصه، لأن الجميع وجد فيه ميزان الحركة الوطنية. في هذه الأيام، في الذكرى المشتركة بين تحرير صيدا وشهادة رفيق الحريري، علينا أن نتعلم من تاريخ المناسبتين. نتعلم أنه مهما اختلفت آراؤنا حول كل المواضيع، يجب أن يبقى لبنان أولاً. نتعلم أنه علينا بدل أن نختلف باسم الوطن، أن نتوحد تحت لواء الوطن. وأن نعرف أن عدونا واحد، وهو اسرائيل، نظاماً ودولةً، وأن نعي أن لدينا بين أيدينا أمانة، وهي أمانة فلسطين وشعب فلسطين. وأخيراً، اننا إذا توحدنا، نكون أوفياء لدماء شهداءنا، وعندها تعود إلينا منعتنا، وسيكون بإذن الله تحرير فلسطين كما كان تحرير صيدا، و"لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
النائب الحريري
وتحدثت النائب الحريري فقالت : نقف اليوم ومرة جديدة في لحظةٍ مفعمةٍ بالأمل وشديدة الألم، في لحظةٍ بالغة الثقة بالأهل والأخوة والأبناء وعظيمة الهول من عمق الجراح ، من صيدا الحبيبة انطلقت دائماً مواكب النور والحرية في أصعب الظّروف. هنا نشأنا وكبرنا والتّحديات من حولنا وفي داخلنا، وهنا انتصرنا على خوفنا وبؤسنا وقهرنا وصغائرنا واحتلالنا وتمزّق أوصالنا، وهنا عقدنا العزم على التزامنا بالحرية والعدالة سبيلاً لوجودنا .. ومن صيدا مدينة الأخوّة الصادقة والإتجاهات الصّحيحة، من هنا انطلقت مسيرة التّحرير من العدو والإحتلال ومن هنا انطلقت مسيرة الحرية والوحدة والنّهوض والبناء، من هنا صُوّب السلاح نحو أعداء لبنان، ومن هنا مُدّت اليد إلى أبناء الوطن والأخوة والأصدقاء لإعادة البناء. لقد كان التحرير غالياً وارتوت أرض صيدا والجنوب بدماء الشّهداء .. وكُتبت ملاحم الصّمود والتّجذّر بالأرض والإيمان، ومن هنا رُفعت راية الأحلام الجميلة والمستقبل الواعد لكلّ أبناء الوطن بدون استثناء إنّ إيماننا بالله عزّ وجل يجعلنا نرضى بما كتب لنا بأن تكون أحلامنا وردية وجميلة ومغمّسة بالدّماء الطاهرة .. وأن نكون اليوم نستعيد تلك الذكرى، ذكرى التّحرير ومقاومة الأعداء وذكرى الحبيب الشّهيد وأياديه البيضاء، وأن تكون ذاكرتنا تضجّ بالإنجازات العظام والجراح الكبيرة ، فإنّ أبناء صيدا ومنذ زمنٍ بعيد عاهدوا الله والوطن بأن لا يسقِطوا راية الإيمان والأمل والتّقدم والإزدهار مهما كان هول الجرائم والعدوان، وإنّنا على طريق رفيق الحريري نريد أن نموت بأحلامنا .. لا أن نموت بذاكرتنا .. وأن لا يثنينا قهرٌ أو عزلٌ أو موقعٌ أو مكتسبات عمّا يفيد لبنان كلّ لبنان لأنّها الرّسالة التي استشهد من أجلها أبناء صيدا والجنوب من أجل تحرير الأرض، وهذه هي الغاية نفسها التي استشهد من أجلها الرّفيق الحبيب من أجل قيامة لبنان وعزته وكرامته.
واضافت : ونحن اليوم ننظر من حولنا إلى أشقّائنا العرب وهم يملأون الميادين رافعين رايات الحرية والعدالة .. ويسقطون في ساحات الشرف شهداءً من أجل المستقبل الآمن المستقر والمزدهر لتجتمع إرادة الأجيال بعزيمةٍ وكبرياء، كما جسّد أبناء فلسطين بتضحياتهم وشهدائهم أسطورة انتصار الحق على الباطل،وكما جسّدنا في هذه المدينة الحبيبة ملحمة الأخوّة اللبنانية الفلسطينية، والتي ستستمر حتى تحقيق الشعب الفلسطيني الشقيق من خلال وحدته وتضحياته وعودته إلى أرضه وقيام دولته وعاصمتها القدس الشريف .. إنّنا نتطلّع إلى مستقبل عربيّ ناهض ومتآلف ينعم أبناؤه بالحرية والعدالة والديمقراطية وأن يتمتّع إخواننا العرب بحقّهم في حرية التّعبير والإعتقاد، وأن يكونوا شركاء في تقرير مصيرهم ، وفي نهضة أوطانهم ، وفي تكامل أمّتهم على أسس إنتاجية حديثة تضعهم في مصاف الشّعوب المتقدّمة ليعودوا كما كانوا دائماً شركاءً فاعلين في بناء نهضةٍ إنسانيةٍ كبيرة .. وإنّنا مع سعد رفيق الحريري ورفاق رفيق الحريري وأصدقائنا وحلفائنا وأبناء وطننا لن نسمح مهما كانت التّضحيات بالعبث في ما حقّقه الشّعب اللبناني من إنجازات عظام على طريق الوحدة والبناء والتحرير، كما لم نسمح عشية الرابع عشر من شباط في العام 2005 بإعادة عقارب الزمن إلى الوراء ، كما لم نسمح للغرائز ولحبّ السّلطة أن تتملّكنا عشية العزل والإقصاء. إنّ إيماننا بلبنان وطناً نهائيّاً لجميع أبنائه عربي الهوية والإنتماء، إنّه إيمانٌ لا يتزعزع وأمانةٌ في أعناقنا تجاه التّضحيات العظام التي بذلها أبناء لبنان خلال سنواتٍ طوال من أجل تحرير الأرض وإعادة بناء الوطن والإنسان..عاش شهداء التّحرير.عاش شهداء النّهوض والبناء، عاشت أحلامنا بمستقبلٍ آمنٍ مستقرٍ ومزدهر حتى ولو كان ثمنها دماء الأشقاء والأحباء ..
النائب عماد الحوت
كلمة الجماعة الاسلامية ألقاها النائب الدكتور عماد الحوت فقال: وكأنه قدر صيدا الأبية أن تقدم الشهيد تلو الشهيد ، شهيد يحرر الأرض مثل جمال حبال ومحمود زهرة ومحمد علي الشريف ، وشهيد يحرر الارادة مثل الرئيس الشهيد رفيق الحريري .. اليكم يا ابناء صيدا الأبية ، الى اولئك الشهداء اتوجه بالخطاب لأؤكد أننا كلبنانيين لا نزال على العهد لم نغير ولم نبدل ، فلا نزال في صراع مع العدو الصهيوني ولا نزال عاملين على بناء وطننا ومجتمعنا ، وهكذا سنبقى ، عينا وساعداً للبناء والازدهار وعيناً وساعداً ترقب العدو الصهيوني المخادع . ان صيدا التي تفاخر بشهدائها وبأبنائها الذين كانوا ولا يزالون يشكلون جبهة تصد في مواجهة الفتن الداخلية والخارجية ، تقف اليوم في ذكرى تحريرها وذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري لتؤكد تمسكها بثوابتها الاسلامية والوطنية ، وحدةً مع شركائها في الوطن وتضامناً مع الشعوب العربية في سعيها نحو الحرية والعدالة وتفاعلاً مع قضايا الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين .من صيدا التي اطلقت شرارة المقاومة عام 1982 فأنجزت تحريراً واجباراً للعدو على الانسحاب مدحوراً مخذولاً .
واضاف: من هنا من مدينة التحرير والشهداء ارسل رسالتي الى شركائنا في الوطن واضحة لا لبس فيها : لقد حاولتم أن تنفردوا في حكم لبنان معتمدين على استقواء احياناً وعلى قرار اقليمي احياناً اخرى ، فماذا حصل ؟ . لقد شغل صاحب القرار الاقليمي بنفسه بعد ان نهض شعبه سعيا للحرية فاصبح قاب قوسين أو أدنى من الزوال بفعل هذه الثورة الشعبية المباركة . ولقد كانت تجربتكم في الحكومة فشلا يتلوه فشل ، فأدخلتم البلد في مناكفات ومحاصصات ، وعفت من وزاراتكم رائحة الفضائح وأرسيتم التعطيل نهجاً فضحيتم بمصالح المواطن تحقيقاً لمصالحكم . اليكم ايها الشركاء في الوطن اقول : تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم نبني من خلالها لبنان الدولة الحاضنة لجميع ابنائه .لبنان الوطن الذي يستمد كل منا تمثيله وقوته من خلال الانتماء اليه والى شعبه لا من خلال الانتماء لغيره او الاعتماد على الدعم من سواه . لبنان الذي لا تبقى فيه المقاومة منفصلة عن الشعب في ثلاثية متعددة العناصر ، الجيش والشعب والمقاومة ، بل تصبح المقاومة فيه مقاومة الشعب اللبناني ودولته ، ويكون الجيش اللبناني سياج الوطن المدافع عن ابنائه ، فيعود الشعب اللبناني المنطلق في هذا كله ، فنتوحد جميعا بناءً للمؤسسات وحماية للتراب ودفاعاً عن ألأرض في منظومة تقودها الدولة الحاضنة للجميع فنعود من جديد دولة واحدة وليس ائتلاف طوائف . اما ما يتعلق بالموقف الرسمي من ثورة الشعب السوري الأبي ، فإنني أعلن من صيدا الحرية أن موقف الحكومة اللبنانية واداء وزير خارجيتها لا يمثل اكثرية الشعب اللبناني ، اذ كيف تدعي هذه الحكومة التمسك بالعلاقات المميزة بين الشعبين اللبناني والسوري ثم تغيب عن مؤتمر اصدقاء سوريا في تونس ؟!.وكيف تدعي هذه الحكومة الحرص على الالتزام باتفاقيات موقعة بين البلدين وتنسى أن الاتفاقات انما توقع لخدمة الشعوب وليس لخدمة الأنظمة أو الانحياز لها في مواجهة شعوبها وسفك دمها .كفانا متاجرة بقضايا الأمة وشعوبها تحت شعار الصمود والتصدي ، فأي صمود حين نرى النظام يوجه البنادق نحو صدور أبناء شعبه العارية ، وأي تصد هو ذاك التصدي لثورة سلمية تطالب بأبسط حقوق الانسان من حرية وكرامة وعدالة . كفى متاجرة بقضايا الأمة واستغباء عقول الناس من خلال انكار هذه الدماء الزكية التي يسيلها النظام في سوريا . او اعتبار أن كل هذا القصف الوحشي الذي يطال المدن ليس سوى دخان دواليب تحرق على ظهر البيوت، أو اتهام هذه الشعوب بالعمالة للغرب حيناً وبالتنكر لقضية فلسطين احياناً . لهؤلاء أقول بالفم الملآن : ان فلسطين لا يمكن أن يحررها عبيد ارتضوا الاذلال بيد حاكم ظالم او الارتهان لنظام جائر ، ففلسطين لن يحررها سوى الأحرار ، ولقد انطلقت شعوب الأمة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وكسرت قيودها لتستعيد حريتها ولتكتب صفحة جديدة من امجاد هذه الأمة عنوانها بناء مجتمعاتها وتحرير فلسطين بعيداً عن المتاجرة والمزايدة والاستغلال .
وقال: وحول هذا الربيع العربي أقول : لقد كان لبنان على الدوام واحة للحرية في عالمنا العربي في زمن أنظمة مستبدة بعضها عميل لغرب وبعضها مرتهن لشرق ، وما حفظ للبنان هذا الموقع الرسالة سوى هذا التنوع الموجود فيه ، والسعي الدائم للتعايش بين هذه الطوائف رغم ما تعرضت له هذه التجربة من انتكاسات في بعض الأحيان . فهل نتخلف اليوم عن ركب الحرية وقد ازهر ربيعها في كثير من الدول العربية ، وهل نتخلف عن اداء رسالتنا كلبنانيين في دعم هذا الربيع العربي وحركة الشعوب نحو الحرية فننقل اليها ايجابيات تجربتنا اللبنانية الغنية بالتنوع ونجنبها في الوقت نفسه اخطاءً وقعنا فيها من تقوقع طائفي أحياناً واستقواء أحياناً أخرى فنحصنها من الفشل ونمنع عنها الاستغلال ونشد على ايديها في سيرها على طريق تكريس المواطنة معياراً أساساً في الحقوق والواجبات ، والعدالة ميزاناً في العلاقة بين مكوناتها ، والحرية طريقاً لممارسة كل مواطن حقه في التعبير عن رؤيته بكل مسؤولية ووعي بعيداً عن مفهوم الأقليات والأكثريات ، بل في اطار المواطنة التي وحدها تشكل الضمانة للجميع مهما اختلفت أديانهم واعراقهم .من هنا من صيدا المحررة أتوجه بتحية الأخوة لعواصم تحررت من انظمة الجور والطغيان ، فتحية لتونس الخضراء وقاهرة الأزهر ، وبنغازي الأبية وصنعاء اليمن السعيد .. من هنا من صيدا المحررة اتوجه بتحية تضامن مع حمص الإباء وإدلب الصمود ودرعا الصابرة وحلب المنتفضة ، ومع كل مواطن عربي يسعى للحرية والعدالة والكرامة .. هنيئا لصيدا ذكرى تحريرها .. ورحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري .
الرئيس السنيورة
ثم تحدث الرئيس فؤاد السنيورة فقال: قبل سبعة وعشرين عاماً من الآن وفي مثل هذا اليوم خرج آخر جندي من جنود قوات الاحتلال الإسرائيلي من هذه المدينة الحبيبة لتدخل صيدا في عصر التحرير والتحرر. ولقد كنت ذلك الصباح من أوائل الذين دخلوا إلى المدينة مع الرئيس سليم الحص وقد غسلت المدينة عنها رجس الاحتلال الذي مكث سنوات على صدرها. لكنّ الحقيقة التي يعرفها أهل المدينة أن صيدا كانت قد تحررت قبل هذا التاريخ إذ أَسهم أبناءُ هذه المدينة الأبطال وبفضل المقاومين الأوائل والشهداء الأوائل أمثال نزيه القبرصلي وجمال حبال ومحمد علي الشريف ومحمود زهرة وسليم حجازي وبشير الأتب وأحمد الديماسي وغيرهم من الشهداء الأبطال، في استرجاع المدينة وشوارعها من المحتل الذي كان قد انكفأ إلى جحوره يخاف التنقل في الليل وبالكاد يتحرك في النهار. وتعود بي الذكرى لشهر أيلول من العام 1982 عندما قصدت أنا وأخي وصديقي رفيق الحريري، الذي زارني في حينها في بيروت وكانت بيروت مازالت آنذاك تحت الحصار الإسرائيلي، وحيث توجهنا إلى صيدا وبصحبتنا الدكتور حسني المجذوب حيث توليت أنا قيادة السيارة وعبرنا حواجز الذل والمخاطرة للاطمئنان على أهلنا وعائلاتنا وأبناء المدينة. كما تعود بي الذكرى أيضاً في يوم آخر من العام 1983 يوم زرت صيدا التي كانت يومها ايضا ما زالت تحت الاحتلال. وان انسى لا أنسى ذلك المشهد لدورية إسرائيلية راجلة مذعورة كانت على طريق السلطانية ، كانوا يلتفتون يميناً ويساراً خوفاً من كمين هنا او هناك ، وهو ما يعبر عن حال المحتل الاسرائيلي آنذاك . وبمعنى آخر، انّ المدينة كانت تحت سيطرة المقاومين الشجعان فيما كان العدو الاسرائيلي وجيشه ينتظر القرار السياسي من قيادته بالانسحاب. أي أن المقاومين من أبناء المدينة استطاعوا عملياً تحريرها وذلك قبل الانسحاب الرسمي للمحتل الإسرائيلي من المدينة.أستذكرُ هذه الوقائع من دون أن ننسى انه مع سواعد اولئك الشهداء المقاومين كانت هناك سواعد أخرى من ابناء المدينة لتعزيز صمود أهلها خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي ، وسواعدُ أخرى من مهندسي وعمال ورشة إعادة الاعمار التي أطلقها يومها رفيق الحريري ابن المدينة البار. لقد قرر رفيق الحريري آنذاك أن يتابع مسيرته الإعمارية وأن يضع إمكاناته في خدمة أهله وأبناء وطنه ومدينته فكانت بذلك بدايات المشوار. مشوار إعادة الاعمار من صيدا التي انصرفت تلملم جراحها وتتطلع إلى الأمام في بداية مسيرةٍ نهضويةٍ تتطلع فيها نحو المستقبل وتتطلع معها كذلك مدينة بيروت وباقي مدن وبلدات الوطن من أجل إعادة الإعمار والنهوض.
واضاف: لهذه الأسباب كلها فإني أودُّ أن أشير إلى أنّ العنوان الذي تم اختياره لهذا اللقاء أي "رفيق الحريري من التحرير إلى الشهادة" هو عنوان مناسب ومتصل بتاريخ المدينة وتاريخ رفيق الحريري. فمشاريعه الخيرة تعززت مع تحرير المدينة، وهو الذي كان يؤكد على نظرته الوطنية والرؤيوية وإسهاماته النهضوية الشاملة على كامل مساحة تراب الوطن. وهو في هذا السبيل كان قد بادر قبل عدة سنوات من الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982 إلى إطلاق العمل على إنشاء مجمع كفرفالوس الجامعي والتعليمي والطبي وهو ذلك الحلم الكبير الذي كان يراوده لسنين وعمل جاهداً من أجل انشائه في هذا الموقع المتوسطي لخدمة أبناء صيدا وأبناء الجنوب والبقاع الغربي وراشيا ومنطقة إقليم الخروب. لكن ويا للأسف فلقد انتصر الحقد آنذاك على إرادة العمل والإنجاز حيث قام العدو الإسرائيلي بتخريب وهدم هذا المجمع الحضاري والخدماتي، لقد اراد العدو الإسرائيلي من تخريب هذا المجمع ضرب فكرة العيش الواحد لدى اللبنانيين وإلغاء فرصة أن تستعيد مدينة صيدا تألقها وحيويتها ومنعها من أن تتحول ليس فقط بوابة الجنوب وبوابة تحريره بل ليمنعها من أن تصبح مركزاً حضارياً جاذباً للنشاطات العلمية والثقافية والاقتصادية والسياحية. أقول هذا الأمر وقد تكون المصادفة أن تاريخ استشهاد الرئيس الحريري يتصادف مع تاريخ تحرير مدينة صيدا. هذه المدينة التي أرادها الرئيس الشهيد أن تصبح منارة للمدن اللبنانية الأخرى..
وقال: أيها الأخوة والأخوات،انطلاقاً من رؤيتكم ومن إرادتكم أنتم لقد قررنا نحن أبناء المدينة ووفاء لذكرى آبائنا وأجدادنا ولذكر الرئيس الشهيد استكمال المسيرة ذاتها لتحقيق التطلعات التي وضعها وباشر تنفيذها الرئيس الشهيد من أجل تطوير المدينة استناداً إلى الرؤية التي اكتسبت عمقها وزخمها عبر الممارسة الجدية والدؤوبة لطبيعة الحياة التي أردناها وأرادها الرئيس الشهيد لهذه المدينة العظيمة. ولهذه الأسباب فقد عمدنا إلى تركيز جهودنا من أجل تحقيق جملة من المشاريع التي تتقدم على طريق الإنجاز. وعلى ذلك ها نحن نعمل- السيدة بهية وأنا- على تحقيقها بمعاونة أهل المدينة وبفضل إراداتهم وعزيمتهم وبتوفيق من الله تعالى. ويبقى هدفُنا في عملنا العام والنيابي التقدم على مسارين إثنين أساسيين: المسار الأول الاستمرار في النهوض بفكرة الدولة ليس فقط في صيدا بل في كل لبنان واحترام الدستور والقانون والنظام باعتبار ذلك أساساً للأمن وللاستقرار وللعمران ولوحدة الوطن والمواطنين ولإستدامة النمو والتنمية المناطقية. المسار الثاني: جَعْل مدينة صيدا بالتأهيل وبالتقدم وبإعمار المرافق والخدمات بيئةً جاذبةً لكل الصيداويين ولكل الجنوبيين وسائر اللبنانيين بحيث تتحول وتتطور تدريجياً إلى الحال التي حلمنا أن تصبح عليها وكذلك حلم بها الرئيس الشهيد أي أن تصبح مدينة جاذبة للعمل المُستنهضِ للهمم والنشاط المنتج وليس فقط معبوراً للعبور إلى ما حولها وما بعدها. منطقة جذب توفر بحيوتها وأنشطتها مجالات لأبنائها وللقاطنين فيها بما في ذلك فرص العمل والعيش الكريم لها ولزائريها أيضاً تقدم لهم فرصة الإسهام في نموها وتطويرها، لتعود مدينة تليق بأهلها وناسها وتلبي طموحاتهم وطموحات وحاجات أبنائهم من بعدهم. هذا أيها الإخوة والأخوات ما يحتاج منا جميعاً التعاون الصادق والرؤية السوية والجهد المبادر وكذلك الصبر والمثابرة والإقدام وإنا إن شاء الله على هذا الدرب سائرون.
وتابع : أيها الإخوة والأخوات، لقد وقفنا منذ يومين أمام ضريح الرئيس الشهيد نستذكر الشهادة والتضحية التي قدمت على مذبح الوطن من أجل أن يبقى لبنان الرسالة ولبنان الحرية. ونعترف أن المجرمين الذين اغتالوا رفيق الحريري ما يزالون فارين من وجه الحقيقة والعدالة ونحن نأمل مع الانطلاقة القريبة في شهر حزيران المقبل للمحاكمات الغيابية أن نصل إلى الحقيقة في هذه الجريمة. لأنّ لا قيامة للبنان الحرية والعدالة من دون تحديد المجرمين وكشفهم ومحاسبتهم ورفع الحماية عنهم. وبالتالي تحقيق ما عملنا وناضلنا من أجله وهو أن يتوقف سيف الحق بالقتل ويتوقف حال الحق في الفرار من وجه العدالة. وما شهدناه خلال هذين اليومين من أخذ العلم بالتمديد للمحكمة لمدة ثلاث سنوات جديدة هو خطوة بالاتجاه الصحيح بعد أشهر من الضجيج المفتعل والاعتراضات والتوتيرات المتعمدة ولكن كما تعلمون غير المبررة. إنّ الحكومةَ الحالية مطالَبةٌ باعتقال المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد وتسليمهم إلى المحاكمة العادلة لكي تثبت هذه الحكومة أنّ لها صلةً بفكرة قيام الدولة والحفاظ على هيبتها وسمعة مؤسساتها، لا أنْ تكونَ هي بأدائها أساس المعادلة أو الغطاء الذي يتمُّ من خلاله العمل على تحطيم فكرة الدولة وإضعاف حضورها عبر التستر على المتهمين والقوى التي تقوم بحمايتهم. لا يجوز بعد الآن أيها الإخوة والأخوات الاستمرارُ بهذه الازدواجية الغريبة والعجيبة التي تجمع بين المشاركة في الحكومة وبين تعطيل العمل بالقانون والنظام وتحقيق العدالة. ألا يكفي هذه الحكومة ما يقوم به وزراؤها من ارتكابات وممارسات تضرب القوانين والمؤسسات ومصالح المواطنين عبر سلسلة طويلة من الارتكابات في أكثر من قطاع وأكثر من مجال سياسيي وأمني واقتصادي واجتماعي انتهاءً بفضيحة المازوت الأحمر واستمرار تراجع خدمات الكهرباء والاتصالات إلى فوضى القطاع الصحي وتراجع خدماته وتدهور أحوال القطاع التربوي.
واضاف: إن لبنان الذي شكل واحة الديمقراطية في المنطقة في وقت سابق، ينتظر الآن على مفترق الربيع العربي لكي تزدهر حقوله وتتسع آفاقه، ولهذه الأسباب فإننا أعلنا ونعلن تضامننا وتأييدنا لإخواننا في سورية في ثورتهم المباركة من أجل تحقيق الحرية وتوسيع المشاركة السياسية والانتهاء من أنظمة القمع والتسلط والاستبداد.لقد قلنا سابقاً إننا مع إعلاننا عدمَ التدخل في الشؤون الداخلية السورية ، لكننا لا نتردد في إعلان تضامننا مع الشعب السوري في مطالبه المحقة. كما أننا نعتبر أن موقف المجلس الوطني السوري من العلاقة مع لبنان بمثابة تطابق كامل مع تطلعاتنا وطموحاتنا في علاقات متوازية ومتوازنة مع الشقيقة سوريا قائمة على التعاون والاحترام المتبادل.في هذه المناسبة العزيزة، ذكرى التحرير وذكرى الاستشهاد لا بد أن نؤكد على الثوابت التي أرساها واستشهد من اجلها شهيدنا الكبير رفيق الحريري ورفاقه الأبرار و كل شهداء التحرير، وهي الثوابت التي تقول انه ما من عدو لنا في لبنان إلا العدو الإسرائيلي الذي ما زال رابضا على ارض لبنانية نحن عاملون وساعون لتحريرها .. هذا العدو الغاصب نحن ازاءه نناضل من اجل تحرير الأرض ، واننا في ذلك متماسكون ومتضامنون، نحن نبني تعاوننا مع أبناء وطننا على قواعد تعزيز وجود الدولة اللبنانية، الدولة القادرة والعادلة، التي لها الحق المنفرد في حمل واقتناء السلاح واستعماله من أجل خدمة الأمن والنظام ودعم الاستقرار الذي هو دعامة النمو والتنمية والاستنهاض الإقتصادي والإجتماعي بما يسمح بإيجاد فرص العمل الجديدة لأبناء الوطن بما يحسن أوضاع الناس المعيشية والحياتية. إننا أيها الأخوة والأخوات مازلنا نؤكد العهد والوعد والاستعداد لبذل الجهد من أجل الوقوف وقفة رجل واحد لكن في إطار الدولة الجامعة، الدولة السيدة الحرة المستقلة والعادلة والحريصة على عروبة لبنان وتقدمه وازدهاره. إننا لن نقبل بعد اليوم أي تجاوز لدور الدولة التي تملك هذا الحق الحصري لحمل السلاح وللمقاومة ولقيادة جهد التحرير لما تبقى لدينا من أرض لبنانية محتلة من العدو الإسرائيلي وذلك في ظل الدستور والميثاق الذي ارتضاه الشعب اللبناني وجرى الاتفاقُ والتعاهُدُ عليه. وعلى هذا الأساس نمد أيدينا ونفتح قلوبنا لكل الأطراف في لبنان لنجدد العهد على لبنان وللبنان ولننطلق سوياً نحو هذا المستقبل الواعد.. أيها الأخوة والأخوات،عشتم وعاشت صيدا مدينة حرة تعبق بأريج الحرية وتنفحه مع النسمات التي تتشبع بعبير زهرها الفواح، مدينةً نابضةً بإرادة الحياة المتطلع دوماً نحو المستقبل بثقة واقتدار. ستبقى مدينة صيدا بإرادة أهلها حرة أبية ... وسيبقى لبنان... سيبقى لبنان...