الرئيس السنيورة رحل امير الدبلوماسية وامير المواقف الصلبة

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثاني: 
الامير سعود الفيصل سيتذكره الشعب اللبناني ولن ينساه لأنه رعى عملية استعادتهم لسلمهم الاهلي عبر رعايته لاتفاق الطائف

رحل أمير الدبلوماسية العربية، أمير المواقف الصلبة والثابتة، امير الشهامة والكرامة والأخلاق العربية الأصيلة، فخسر العرب جميعاً برحيله قامة كبيرة، ورمزا من رموز النُبل والاصالة، رمزاً لا يعوض ولا يستبدل، بكونه نتاج تجربة وطنية ودبلوماسية طويلة ضاربة في تاريخ وعمق الحضارة العربية.

كان الامير سعود الفيصل، يحمل معه إلى المحافل الدبلوماسية أصالة وسكينة وبساطة وصفاء وحنكة البادية وحداثة المدينة وتعقيداتها وشموليتها ودقتها وكل ذلك كان حاضراً ومتناغماً في شخصيته وأدائه السياسي والدبلوماسي الجاد والناعم والصلب في آن.

كان اذا حضر يكون العرب قد حضروا، واذا غاب يكون العرب قد تغيبوا، واذا غضب فإنه كان يُحسب الحساب لغضبه باعتبار انه كان ينطق باسم العرب جميعاً وأنه يعني ما يقول.

لقد ترك الراحل الكبير بصماته الوازنة في شتى مراحل تسلمه وزارة خارجية المملكة العربية السعودية على مدى أربعين عاماً، والتي تمثلت في مواقف لا تنسى ولا تمحى في شتى الصدمات والمحطات الدقيقة والصعبة والحاسمة. فهو لم يتوقف يوماً عن الدفاع، دفاع الابطال، عن فلسطين وحق العرب والمسلمين المسلوب، وهو كان رمزاً من رموز الانفتاح والاعتدال وفيصلاً قاطعاً في وجه التطرف والعنف والإرهاب. وهو قد صاغ الى جانب ولي عهد المملكة آنذاك المغفور له الأمير عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله وخادم الحرمين الشريفين بعدها، مبادرة الشجعان، المبادرة العربية للسلام.

يتذكره الشعب اللبناني ولن ينساه، لأنه رعى عملية استعادتهم لسلمهم الاهلي عبر رعايته لاتفاق الطائف، فشكّلت رعايته، الواعية والعميقة والمتفهمة لتعقيدات وحساسية الواقع اللبناني، الطريق الآمنة لإقرار ذلك الاتفاق الذي أصبح ركيزة لصيغة العيش المشترك المحتضنة لكل مكونات المجتمع اللبناني، والنموذج الحي الذي يمكن استلهامه من قبل المجتمعات العربية وغير العربية القائمة على احترام التنوع والمعايير الديمقراطية والتي لا تقبل بإقصاء اي من مكوناتها.

يتذكره الشعب اللبناني ولن ينساه، لأنه حمل إلى بيروت موقف القوة والعزة وأدوات الصمود وإرادة الحياة خلال فترة العدوان الاسرائيلي. فلقد أتى سموّه مع زملائه وزراء الخارجية العرب إلى لبنان المحاصر بالنار الإسرائيلية في تموز من العام 2006 ليقول لا قوية للعدوان الاسرائيلي على لبنان، ولا للغدر ولا للإجرام. وليقولوا جميعاً وبصوت واحد نحن الى جانبكم في مواجهة العدوان وسنعيد معاً إعادة بناء ما دمره العدوان الإسرائيلي.

ويتذكره اللبنانيون أيضاً لموقفه إلى جانب مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز الداعمة للبنان ولاستعادة دولته حضورها وهيبتها من خلال الدعم المقدم من خادم الحرمين الشريفين إلى لبنان لتسليح الجيش اللبناني وقواه الأمنية بمبلغ أربعة مليارات دولار أميركي.

يتذكره العرب، ولن ينسوه على مرّ الأجيال، لأنه مهّد لانطلاقة عاصفة الحزم والكرامة والسلام في وجه الاجتياح الفارسي والطموح الشعوبي ضد الأمن القومي العربي، وهو لذلك سيبقى في الوجدان العربي فارساً من فرسان العرب الأشداء.

نودعك، يا امير الدبلوماسية العربية، فيصلاً ورمحاً وبيرقاً خفاقاً. فلقد مثلت العرب ورفعت هامتهم وأعطيت عنهم اجمل الصور واصدقها.

العزاء، كل العزاء، واصدقه الى عائلتك، والى جميع الشعوب العربية، التي منيت بوفاته بخسارة كبيرة، والعزاء الى القيادة الحازمة في المملكة العربية السعودية. والتوجه بالتعزية إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وإلى الشعب السعودي الشقيق بوفاة أمير الدبلوماسية العربية وعميدها.

 

رحمك الله واسكنك الفسيح من جناته، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الأمير سعود بواسع رحمته ويسبغ على أشقائه وأبنائه وعائلته وكل محبيه الصبر والسلوان.

 

إنا لله وانا إليه راجعون.

تاريخ الخطاب: 
10/07/2015