الرئيس السنيورة: خصومة لا عداوة مع «حزب الله» ونعارض «النووي» غير السلمي

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثاني: 
الجلسة الـ 26 لانتخاب رئيس كانت خالية الوفاض

للمرة الـ26 يفشل مجلس النواب، بسبب مقاطعة نواب «حزب الله» وتكتل «التغيير والاصلاح» الجلسة، في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعدما أفقدوها النصاب القانوني اللازم، مما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى ارجائها مجدداً، الى الاربعاء في 12 آب المقبل.

 وكانت قد سبقت جلسة الانتظار وتلتها جلسات عدة بين النواب، وأبرزها تلك التي جمعت في صالون المجلس رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ووزير الاتصالات بطرس حرب ونائبي «القوات اللبنانية» ستريدا جعجع وجورج عدوان.

 بعد ذلك، عقد الرئيس السنيورة وعدوان مؤتمراً صحافياً مشتركاً في غرفة الصحافة استهله السنيورة بالدعوة الى «استخلاص العبر مما يجري حولنا»، وقال: «ان كل لبناني بات يشعر، ونحن معه، بالاسى لأننا لم نتمكن، حتى الآن، من انتخاب رئيس للجمهورية والذي نعتبر أنه المفتاح الاساسي في اتجاه حلحلة الاشكالات التي يعانيها لبنان واللبنانيون».ورأى أنه «ليس مفيداً العمل من أجل انتظار أحداث من هنا ومن هناك لانتخاب رئيس للجمهورية. صحيح أن لبنان يتأثر بما يجري في المنطقة والعالم، ولكن المسألة تبدأ أساساً بين اللبنانيين بالتوصل الى التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية يستطيع أن يجمع اللبنانيين لا أن يكون عنواناً لتفرقهم وتباعدهم، وهذا هو في رأينا وبحسب منطق الدستور الذي يؤكد الدور المحوري الذي يلعبه رئيس الجمهورية في جمع اللبنانيين، وهو كما يقول الدستور رمز وحدة لبنان واللبنانيين. لذا، فشلنا كلبنانيين في أن نتوصل الى اتفاق بنتيجة التعطيل الذي يمارسه بعض الفرقاء النواب في عدم المشاركة في جلسة الانتخاب، فبات معروفاً من يحضر الجلسات ومن لا يحضرها. ما من داع لنؤشر، مجدداً، الى من يعطل ومن لا يعطل».

 ولفت الى أن ما حصل في اليومين الاخيرين «حدثان كبيران، وحدث أكبر من الآخر وهو الاتفاق النووي بين ايران ودول مجموعة الخمسة زائداً واحداً. انه حدث مهم وهناك الكثير الذي يجب علينا أن ننتظره لنتعرف على حقيقة ما جرى. لكن اعتقد أننا، كلبنانيين وكعرب، كان لدينا الموقف الواضح، ويجب أن يستمر ويكون واضحاً في اذهاننا حتى لا يكون هناك خطأ وردود فعل غير صحية. قلنا، وما زلنا نقول، ان موقفنا واضح في هذا الشأن وهو مصلحة لبنان ومصلحة الدول العربية لأنه من حق كل دولة في العالم أن يكون لها نشاط نووي مخصص للاغراض السلمية حصراً. وتالياً، لا يجوز أن يكون هناك خطر على اي دولة يكون لديها هذا النشاط في الحقل النووي. ونقول ايضاً اننا ضد أي وجود نووي لأغراض غير سلمية، ولتطوير أسلحة دمار شامل في المنطقة العربية وفي منطقة الشرق الاوسط. نحن ضد ذلك وهذا يسري على جميع هذه الدول وبداية على اسرائيل التي لديها ترسانة عسكرية كبيرة من الاسلحة النووية».

 أضاف: «الامر الآخر، نحن كنا وما زلنا نسعى الى انشاء علاقات صحيحة بيننا وبين الدولة الايرانية وخصوصاً أنه بين الدول العربية وايران، هناك على الاقل ثلاثة أمور أساسية تجمعنا مع ايران: وهي التاريخ الطويل في العلاقة بين ايران والدول العربية في حلوها ومرها، ولكن هناك تاريخ للعلاقة بين هذين المنطقين. هناك جغرافيا متصلة بين الدول العربية وايران وهناك مصالح حقيقية، ويجب أن تكون مستقرة ودائمة بين ايران والدول العربية. وعلى هذا الاساس، يجب أن تكون العلاقة مبنية على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الدول في هذه المنطقة. هذه الامور هي من الاساسيات، وفي الوقت الذي تدلهم فيه المشكلات وتصعب وتصبح الرؤيا صعبة، فمن أهم الامور، في كيفية معالجة هذه المشكلات، العودة الى الاساسيات. فعندما ننظر الى المسألة من هذه الزاوية، تتضح الصورة لنا جميعاً. فنحن حريصون على بناء علاقة سليمة وسوية بيننا وبين ايران، لكن على أساس هذه العلاقة المبنية على الصداقة لا السيطرة وفرض الهيمنة والنفوذ، وهذا لا يمكن أن يستقيم. وما لم يحدث على مدى 1500 سنة، لا يمكن أن يحدث خلال السنوات الـ1500 المقبلة. وليكن هذا واضحاً لدى الجميع بأن هذه هي البنية الحقيقية التي تبنى عليها العلاقات بين الدولة الايرانية والدول العربية. وعلى هذا الاساس اعتقد انه في الامكان التقدم نتيجة هذا الاتفاق الذي هو من الاهمية بمكان، ويتيح مرة ثانية لهذه العلاقة أن تبنى على أسس سليمة كما يتيح للدولة الايرانية، بدلاً من توجيه كل هذه الموارد لما يسمى الاغراض العسكرية، أن توجهها لمصلحة شعبها».

 واشار الى «مسألة في غاية الاهمية وردت على لسان أعتقد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي، وتتعلق بأهمية التوصل الى حلول ونتائج عبر الحوار والتواصل، وهو أمر مخالف للاسلوب الذي يتوخى استعمال السلاح او القوة في هذا الشأن. اعتقد قضية بهذا الحجم وعلى اهميتها تم التوصل اليها عبر الحوار الذي اشار اليه السيد خامنئي، واعتقد ان ما يسري على علاقة ايران مع المجتمع الدولي، يمكن ان يسري ايضا على ايجاد العلاقة السليمة والصحيحة والسوية بين ايران والدول العربية».

 وتحدث عن حدث ثان على علاقة بالاتفاق بين اليونان والمجموعة الاوروبية «وهذا امر في منتهى الاهمية، واعتقد أنه علينا في لبنان أن ننظر بكثير من التمعن والتبصر لما يجري حولنا في العالم وأن نستخلص تالياً الدروس والعبر على الصعد الاقتصادية (...) فحتى وجود اليونان داخل منطقة اليورو والمجتمع الاوروبي لم يشفع لها أن تتبع سياسات مالية منفلتة، وأن تعيد الانتظام الى أوضاعها المالية والاقتصادية. اعتقد من هذا المنطق انه علينا أن نستخلص الكثير من العبر حتى لا تدفعنا الظروف الى أمكنة واوضاع لا نحسد عليها بعد ذلك. الحدثان في غاية الاهمية وعلينا نحن في لبنان أن نستخلص العبر منها ان هناك امكاناً للتوصل الى حلول عبر الحوار وليس عبر استعمال العنف والقوة هذا أولاً، وثانياً هناك مصلحة للجميع في العودة الى رشده وعدم التدخل في شؤون الاخرين وتالياً يكون في هذا منفعة لجميع شعوب المنطقة. وثالثاً أن يعود العقل الينا في كيفية التنبه الى المخاطر المتفاقمة التي تمر بها المنطقة، ويمر بها لبنان منها المخاطر الوطنية السياسية والامنية والاقتصادية. كلها يجب أن تدفعنا الى ان نتبصر في أمورنا ونعود الى معالجة مشكلاتنا والحل لكل ذلك هو في استعمال المفتاح الرئيسي الاساسي لهذا الموضوع بانتخاب رئيس للجمهورية».

 ورداً على سؤال عما اذا كان الاتصال الذي أجراه برئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية هو في اطار «الزكزكة» لـ«القوات اللبنانية»، أجاب: «انا لا اعمل بطريقة الزكزكة».

 وهنا قاطعه عدوان: «ولا نحن نتزكزك».

 وتابع السنيورة: «اعتقد أن ما تحدثت به في هذا الشأن حصراً مع سليمان بك فرنجية كان في ما يتعلق بتقدير موقف ذكره، واعتقد أن الدكتور (سمير) جعجع والاستاذ عدوان يشاركانني المنطق نفسه، فلبنان يهون عند بعض الناس، لبنان العيش المشترك. البعض أعلن أنه مستعد لأن يتخلى عن هذا البلد بما يعيشه من قيم نموذجية وما يشكله من رسالة للعيش المشترك كما قال بابا الفاتيكان، وهو ما نستطيع أن نتباهى ونفتخر به. الا أن سوء تصرفنا وسوء تعاملنا مع هذا الامر يقلب الصورة الحقيقية. لذلك، نستطيع أن نقول للعالم أجمع أن رسالة العيش المشترك التي تميز لبنان وتقبل الآخر على اختلافه هي في النموذج الذي يمثل هذا العيش المشترك ليصار الى استلهامه من أي دولة عربية أو في العالم. وما قلته هنا هو تقدير للكلام الذي ذكره سليمان بك فرنجية، واعتقد أنه يجب أن تكون هناك أصوات أخرى تقدر هذا الكلام، ويجب أن يعود البعض الى رشده ولا يستهتر بلبنان. فلا أحد منا مستعد للتضحية به وأي بديل عن هذا النموذج ليس لمصلحة اللبنانيين».

 وعما اذا كان يرى فرصة قريبة للتوافق على الملف الرئاسي بعد الاتفاق النووي، قال: «ان الملف الرئاسي هو مسألة لبنانية وليست خارجية. طبيعي أن يكون التأثير الخارجي من العوامل المساعدة، ولكن من يريد تسليم قيادته لكل الاحداث الخارجية يصبح وكأنه في سفينة من دون أشرعة وتتقاذفها الرياح، ومن يظن أنه حقق مكاسب أو خسارة نتيجة الاتفاق النووي يكون قصير النظر وعديم الرؤية». وأشار الى أن «هذه المنطقة ميزتها العيش المشترك ويجب أن يتفهمها الجميع، ولا أحد يستطيع أخذ الآخر كما يحلو له، ولا أحد يفرض على الآخر ما يريده. يجب أن يكون هذا العمل بالتوافق وليس على أساس تسجيل أهداف أو تحقيق انتصار فئة على أخرى».

عدوان

وأحال الرئيس السنيورة سؤال «هل يبقى المجلس والوصول الى تفاهم حول فتح الدورة الاستثنائية معطلين؟» على عدوان الذي قال: «قبل الاجابة عنه، ان رئاسة الجمهورية باتت موضع تجاذب بين توجهين: توجه يقول اننا نحن، كلبنانيين، يجب أن نكون راشدين ومسؤولين وعلى قدر المسؤولية، وأن لا ننتظر نتائج الاحداث التي تحوطنا، بل علينا أن نأتي الى المجلس لنختار رئيسا للجمهورية». وأشار الى رأي آخر يحض على «وجوب انتظار الاحداث الخارجية سواء الاتفاق النووي أو اسقاط النظام السوري وغيرهما». وكرر كلاماً ساقه الى السنيورة سابقاً ومفاده «اننا كلبنانيين، يفترض أن يكون قرارنا في أيدينا، فلن نتأثر بما يجري حولنا وفي الخارج، لأن التجربة علمتنا، في نهاية المطاف، أن مصلحة لبنان أولاً، وهذا سبب من أسباب التحالف بين القوات اللبنانية والمستقبل، وأن تكون مصلحة لبنان فوق المصالح كلها، وهو في محيطه العربي يتفاعل ويتكامل. واذا لم تنطبق هذه المبادئ، نكون وضعنا في الخطأ لأن كل هذه الامور ظرفية قد تتبدل وتتغير، وما سيبقى هو فقط اتفاقنا كلبنانيين وتفاهمنا بكل مكوناتنا. وفي رأيي هذه مناسبة لنستفيد منها. حصل هذا الحدث الكبير الآن وقد يكون في الاسبوع المقبل حدث آخر. فهل يجوز أن نبقى تتجاذبنا الاحداث المحيطة بنا أو أن نقف ونقول كفى. مرت سنة وبضعة أشهر بلا رأس للدولة وننتطر لا أدري ماذا علماً أننا راشدون وعلينا أن ننتخب الرئيس؟...».

 

وعن عمل المؤسسات، ذكّر بـ«التفاهم بين المستقبل والقوات، ثم عدنا وتحدثنا مع الرئيس نبيه بري، هذا التفاهم هو الذي فتح باب تشريع الضرورة، وعندما مددنا لهذا المجلس تفاهمنا على أولوية لعمله وهي انجاز قانون الانتخابات، وما نسعى اليه جميعاً وليس لوحدنا، انما مع الرئيس بري ومع النائب وليد جنبلاط ومع الجميع، أن تكون الدورة الاستثنائية وعلى رأس مواضيعها التي يفرض أن تقر وترفع الى مجلس الوزراء لتوقيعها قانون الانتخاب، وبذلك نكون فتحنا الباب أولاً لقانون انتخاب جديد، وثانياً لتشريع الضرورة من جديد وخصوصاً أن هناك كثيراً من الامور الملحة التي يفترض أن تمر من ضمن الضرورة، ونكون من خلال هذا الجو من التشنجات السائدة في البلد قد نقلناه الى المؤسسات لأن التشنج واللااستقرار لا يخدمان أحداً، ويضران بالجميع، وهذا لا يميز بين لبناني وآخر. ويجب أن لا ننسى الوضع الاقتصادي المتشنج، والاجتماعي، والمالي، والسياحي وموسم الاصطياف ولا مصلحة للبنانيين في بقاء الوضع على ما هو عليه».

 

وعما اذا كان هناك قبول بهذا التفاهم من الجميع؟ أجاب السنيورة: «بالطبع هناك تفاهم وقبول». ثم عقب عدوان بالقول: «طبعاً، لو لم يكن هناك قبول لما كنا نتحدث عن ذلك على الهواء». وهنا قاطعه السنيورة: «يفترض أن يبدأ واحدنا بالبناء على توافق تدرجي سليم، ونحن توصلنا الى اتفاق على تشريع الضرورة وعلينا أن نسعى بكل جهدنا من أجل أن تكون هناك دورة استثنائية، ولكن، في النهاية، هناك الدورة العادية التي تبدأ منتصف تشرين الأول. وعلينا أن لا نضيع الوقت وأي فرصة من أجل أن نحرك العجلة مع إيماننا بأن استمرار الشغور الرئاسي أربك كل البلد. وهذا نموذج وبرهان على أهمية الدور المحوري الذي يلعبه رئيس الجمهورية. وعندما يغيب هذا الدور المحوري تكتشف أن كل شيء «روكب» في البلد. ونحن حريصون على أن تستمر الاولوية لانتخاب رئيس الجمهورية أولاً، وثانياً أن نبذل جهدنا لاعادة تكوين السلطة عبر ما يسمى قانون الانتخاب الجديد، ونحن كنا توصلنا منذ أشهر طويلة الى اتفاق حول مشروع قانون مختلف ما بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، وهذه القواعد نلتزمها ونحاول أن نبني عليها، وعلينا السعي الى كيفية التقدم بها».

 

وعن سبب عدم التوصل الى نتيجة ملموسة على الأرض بالرغم من الحوارات القائمة، قال الرئيس السنيورة: «جميعنا يتألم لهذا الوضع. صحيح أننا دخلنا في حوار مع حزب الله، ولا نزال في هذا الحوار على الرغم من أننا لم نحقق أي تقدم حقيقي في هذا الشأن، لكننا نقول ان لا عداوة بيننا وبين حزب الله. هناك خصومة سياسية وهذا يحل من خلال التواصل والحوار بيننا وبين الحزب، على أمل أن يعود عقل الرحمن ويصبح هناك إمكان في هذا الخصوص».

تاريخ الخطاب: 
16/07/2015