الرئيس السنيورة :انتخاب رئيس من 14 او 8 آذار يغلب فئة على فئة والرئيس التوافقي هو الحل

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثاني: 
تقدم بمداخلة خلال جلسة الحوار الثانية في مجلس النواب

اعلن رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة : " اهمية التأكيد على إنجاز الاستحقاق الدستوري بطريقة دستورية صحيحة، وبالتالي فإنه لا يجوز أن يكون هناك مجال او إمكانية ليتحمل اللبنانيون عبء مخالفات جديدة للدستور ليتعزز إيمان اللبنانيين بأهمية العودة إلى احترام الدستور.

وقال لالرئيس السنيورة :    في ظل التطورات الإقليمية والدولية ننظر اليوم إلى ما يجري على الساحة الداخلية بعين القلق وخشية الانزلاق إلى حالٍ من الفوضى السياسية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية وربما الأمنية. ومما يزيد من حِدّةِ هذا القلق، عدم توافق الأطراف السياسية المعنية على الأولويات.

اضاف:  " لا يمكننا أن نتغاضى عن المخاطر التي يتعرض لها لبنان سواء تلك التي قد تلحق بالنسيج الوطني أو الناتجة عن تسرب المخاطر الخارجية الكبرى إلى لبنان وهي الماثلة أمامنا، ومنها احتمال دخول المنطقة في حرب باردة"

ومضى  قائلا : " لا يمكن أن يصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية من أي من هاتين المجموعتين الأولى والمنتمية إلى 14 آذار والثانية والمنتمية إلى 8 آذار لأن ذلك سيؤدي عملياً إلى تغليب فئة على فئة وبالتالي إلى شعور فئة بالهزيمة والأخرى بالانتصار والعكس صحيح " .

كلام الرئيس السنيورة جاء في مداخلة له في بداية جلسة الحوار الوطني التي انعقدت في مجلس النواب ظهر يوم الاربعاء في السادس عشر من ايلول وفي ما يلي نص المداخلة :

بدايةً لا بدّ لي أن أتوجه بالشكر لدولة الرئيس نبيه بري لدعوته لنا للمشاركة في الجلسة الثانية لطاولة الحوار وأن أشكر كذلك جميع الذين هم حول هذه الطاولة على مشاركتهم فيها. كما وأتمنى إن شاء الله أن يشاركنا في الجلسة القادمة الجنرال ميشال عون لاعتذاره اليوم لأسباب خاصة.

من جهة ثانية، فإني أودّ أن أركّز على أمرٍ أساسيٍ يشكل قاعدةً للحوار وهو عنصر المصارحة حيث ينبغي أن نتصارح مع بعضنا بعضاً وأن يكون الصدق مع الذات ومع الآخرين أسلوبنا لأنّه بذلك يمكن أن نتقدم على مسارات هذا الحوار للوصول إلى الهدف الذي نبتغيه.

وفي هذا السبيل، أودّ أن أتطرق للنقاط التالية:

  • نأتي إلى الحوار انطلاقاً من حرصنا وإيماننا بأهمية إضافة شبكة أمان للبنانيين إلى ما تمثله لديهم صيغة العيش المشترك.
  • هذا الموقف ينطبق على كل الحوارات التي خضناها سوية منذ 2006 برعاية الرئيس بري ثم لاحقاً برعاية الرئيس ميشال سليمان وصولاً إلى هذا الحوار الذي دعى إليه الرئيس بري والذي يجري الآن في ظل استمرار الشغور الرئاسي. ولقد توخينا من ذلك أن لا نفوت على لبنان اي فرصة للإسهام بتعزيز التقارب بين اللبنانيين وبإضافة شبكة الأمان هذه هو من اجل التقدم على مسار حل القضايا المعلقة.
  • لقد ارتضينا منذ العام 2006 المساهمة في إنجاح الحوارات، انطلاقاً من حرصنا على السلم الأهلي وعلى العيش المشترك، ومن أجل عدم تفويت أية فرصة وطنية للتوصل إلى حلّ في لبنان، للمشكلات التي يعاني منها اللبنانيون وذلك بمعزلٍ عن التعقيدات المتعاظمة في المنطقة وتجنباً للسقوط في لعبة صراعات الأمم الكبرى.

 في ظل التطورات الإقليمية والدولية ننظر اليوم إلى ما يجري على الساحة الداخلية بعين القلق وخشية الانزلاق إلى حالٍ من الفوضى السياسية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية وربما الأمنية. ومما يزيد من حِدّةِ هذا القلق، عدم توافق الأطراف السياسية المعنية على الأولويات.

وبصراحة، يبدو لنا أن هناك اتجاهان رئيسيان في معالجة القضايا الخلافية والمشكلات المتفجرة.

 

الاتجاه الأول، يجنح إلى معالجة من خارج الدستور ومن خارج النظام السياسي، معتبراً أن اتفاق الطائف لم يعد صالحاً لتنظيم العلاقات اللبنانية- اللبنانية بسبب ما يظنه ذلك الفريق اختلالاً في التوازن الداخلي والإقليمي.

 

هذا الاتجاه يرفض اليوم اتفاق الطائف، تارةً "بحجة حقوق طائفية مسلوبة"، وهذا التوجه يطيح بالجانب الإصلاحي والميثاقي للاتفاق، وتارةً أخرى من أجل حماية سلاحٍ يحول دون قيام الدولة التي هي الحامي الحصري والضامن لكل المكونات اللبنانية ويضع لبنان في مواجهة كل قرارات الشرعية العربية والدولية، لا سيما القرار 1701 الذي سبق ووافق عليه في العام 2006.

إن هذا الموقف يدخل لبنان في "مجهولً- معلوم" يتلخّص بتجديدٍ حتمي للحرب الأهلية بين اللبنانيين.

الاتجاه الثاني في المقابل، وهو ما نراه ونتمسّك به، وهو الاتجاه الذي لا يعتبر اتفاق الطائف حلاً من بين حلول، وإنما الحل الوحيد الموافق لطبيعة لبنان. وهو الحل الذي يحقق مصلحة جميع اللبنانيين بعد أن دفع اللبنانيون ثمنه كاملاً وهم وبنظرنا ليسوا براغبين أو قادرين على خوض أية مغامرة أخرى. علماً أن لا مانع على الاطلاق عندما تهدأ النفوس ويزول الشحن عنها ان يصار إلى بحث كل ما يسهم في خدمة مصالح اللبنانيين وحسب ما تقتضيه حاجتهم إلى التلاؤم المستمر مع مقتضيات التطور.

 

من هنا، إذا كان لهذه "الطاولة" من جدوى فهي الاتفاق على أولوية انتخاب رئيس للبلاد وفقاً للدستور القائم، باعتبار أنّ هذا الاتفاق يشكل المدخل الإلزامي لإبقاء ضمانة الدولة والحفاظ على دورها وهيبتها. وعليه، نرفض الانتقال إلى أي بندٍ آخر قبل إنجاز الاتفاق على هذا الترتيب: انتخاب رئيس- تأليف حكومة- إقرار قانون انتخاب- إجراء انتخابات نيابية.

وفي هذا الإطار، سنستمر في الدفاع عن الشرعية اللبنانية التي هي جزء من الشرعيتين العربية والدولية، وسنستمر في التصدّي لأي انقلاب على هذه الشرعية.

 

 

  • ليس المطروح كما أنه ليس من المقبول في خوضنا واستمرارنا في الإسهام في طاولة الحوار، تحويل طاولة الحوار إلى بديل عن المؤسسات الدستورية التي حددها الدستور والتي ينبغي على هذه المؤسسات أن تتولى معالجة كل ما من شأنه تمكين السلطة التشريعية والرقابية من جهة والسلطة التنفيذية من جهة أخرى من القيام كل منها بدورها.
  •  

 

  • نجدد التأكيد على أهمية إنجاز الاستحقاق الدستوري بطريقة دستورية صحيحة، وبالتالي فإنه لا يجوز أن يكون هناك مجال او إمكانية ليتحمل اللبنانيون عبء مخالفات جديدة للدستور ليتعزز إيمان اللبنانيين بأهمية العودة إلى احترام الدستور. الحل هو بانتخاب رئيس للجمهورية وبطريقة دستورية من قبل هذا المجلس وذلك حسب ما تنص عليه المادة 74 من الدستور.

 

  • لقد وافقنا على التمديد للمجلس النيابي للحفاظ على الإطار الدستوري الذي يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية والذي يشكل بانتخابه المدخل الدستوري الصحيح لاستكمال إنشاء المؤسسات الدستورية واستعادة عافيتها، وهو الذي يجنب البلاد التعرض أو الانزلاق إلى مخاطر كبرى ليس بمقدور اللبنانيين على مواجهتها في حال استمرار الوضع الراهن.

 

  • لا يمكننا أن نتغاضى عن المخاطر التي يتعرض لها لبنان سواء تلك التي قد تلحق بالنسيج الوطني أو الناتجة عن تسرب المخاطر الخارجية الكبرى إلى لبنان وهي الماثلة أمامنا، ومنها احتمال دخول المنطقة في حرب باردة لا أفق واضح لها حتى الآن، مع احتمال تزامن نشوب حروب حامية هنا وهناك مع تلك الحرب الباردة. هذا الوضع المتفجر يقتضي بالجميع العمل الجاد والصادق على إقدار لبنان على مواجهة هذه المخاطر من أجل الخروج من هذه المآزق المتعددة.

إنّ زيارات المسؤولين الأوروبيين ما هي إلاّ نتيجة إدراك عميق لديهم بالمخاطر التي يحملها استمرار الوضع الداخلي القائم في لبنان مع تدهور الوضع الاقليمي والتي يضاف إليها المخاطر الاقتصادية والمالية المحدقة.

في هذا الشأن، يجدر بناء التطرق إلى آخر تقرير لصندوق النقد الدولي عن لبنان الذي حضّ ليس فقط على المسارعة لانتخاب رئيس للجمهورية وبل أيضاً المسارعة إلى تنفيذ كل الإصلاحات الضرورية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في البلاد. لا بد أيضاً من الإشارة إلى احتمالات قيام مؤسسات التصنيف الدولية إلى تعديل التصنيف السيادي للبنان لجهة تخفيضه مع ما يحمله ذلك من مخاطر وأكلاف جمة على لبنان.

 

  • المنطق السليم والمعادلة الذهبية تقول ان المجلس النيابي هو الذي يستطيع ان يجتمع لإقرار قانون انتخاب وبالتالي هو الذي يستطيع ان يجتمع لانتخاب رئيس للجمهورية.

 

  • هناك استحالة عملية ودستورية تحول دون اختراع مؤسسات غير دستورية، بغض النظر عن تسميتها، لإحداث تعديل دستوري أو لتمكين أي مؤسسة أخرى من القيام بسن ما تزعمه بأنه قوانين.

 

  • من المؤسف أنه ولمرة جديدة نجد أنفسنا نعود لنغمة غير مقبولة حين يطالب البعض، وفق ما سمعناه، بفحص دم لمنسوب الوطنية لدى شركاء لديه في الوطن. وذلك من أجل أن يتم تصنيف الناس بين وطنيين وآخرين أقل وطنية أو خونة. مجدداً هذا كلام مرفوض جملة وتفصيلا. ويبدو أنّ الهدف من نغمة الفحص الوطني وعلى ما يبدو لنا من هذا المنحى هو العودة إلى إعطاء بعض المواطنين اللبنانيين صلاحية التصرف والتقرير بأمور لا يمكن لفريق واحد أن يحتكر صلاحية التصرف بها في لبنان بينما يمنع على بقية الشركاء في الوطن حتى إبداء الرأي بها ومن ذلك ما يقوم به حزب الله من تدخل في الأمور الجارية في سوريا أو غيرها من الدول.

 

  • هذا البعض هو الذي يعطي لنفسه حق التدخل في سوريا وهو بذلك إنما يقوم عملياً بخرق السيادة والدستور، وهو لا يقوم بخرق لسيادة لبنان فقط ولكن كذلك أيضاً بخرق سيادة سوريا. وهو يقوم بذلك دون أن يكلف نفسه عناء سؤال أو استئذان شريكه في الوطن، وغير عابئ بما قد يجره عمله هذا على لبنان واللبنانيين من مخاطر كبيرة ومنها تخريب علاقة الشعبين اللبناني والسوري المستقبلية.

 

  • الدولة في المبدأ هي التي تحتكر استعمال القوة وهي التي تحتكر الاحتفاظ بأدوات استعمال القوة، وإذا سقط هذا الاحتكار سقطت الدولة. وهذا هو المنظر الذي نشهده ويشهده جميع اللبنانيين اليوم حيث تتآكل مكانة الدولة وتنحسر هيبتها، مع ما لذلك من نتائج سلبية كبيرة على أكثر من صعيد.

 

  • بعد جولات الحوار التي حصلت في العام 2006 وخلافاً لكل تعهدات بعض المشاركين في الحوار تنكر هذا البعض من كل تعهداته وهو قد عاد بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان إلى لغة التخوين، مخرباً بذلك ما نجح اللبنانيون في تحقيقه من تضامن وطني رائع ومهم مكّنهم من منع إسرائيل من تحقيق انتصارها على لبنان في العام 2006 وما تلا ذلك من تشنجات واحتقانات في علاقة اللبنانيين بين بعضهم بعضاً.

 

 

 

  • النقاط السبع التي تم الاتفاق عليها وأصبحت جزءاً من 1701 قد تمّ الانقلاب عليها. وكذلك فقد تمّ الانقلاب على الاتفاق الذي حصل في ما خص بإعلان بعبدا وهو الذي جرى التنكر له بعد إقراره بالإجماع في هيئة الحوار.

 

  • لقد سمعنا زملاء لنا في الاجتماع الماضي يقولون أن "كل ما نتفق عليه نلتزم به ولو على قطع رؤوسنا"، سؤالنا: ماذا نفذ مما اتفقنا عليه سابقاً، وهل صخيخ انه سيصار إلى العودة إلى الالتزام بكل البنود التي اتفق عليها في الماضي وكذلك ما يمكن أن تتفق عليه الآن وبالتالي الالتزام بالعمل على تنفيذها.

 

الخلاصة:

أود أن أنهي كلامي أنه وازاء كل هذه المخاطر فإنه من واجبنا كلبنانيين ان نستولد من رحم هذه المشكلات والمخاطر فرصاً جديدة لنبعد لبنان عن أتون الحروب الدائرة في المنطقة ونستخلص مما هو جار حالياً الدروس والعبر، بما يمكننا من انتخاب رئيس للجمهورية وأن نتقدم على مسارات استعادة الدولة اللبنانية لدورها ولهيبتها.

لقد أصبح واضحاً أنه لا يمكن أن يصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية من أي من هاتين المجموعتين الأولى والمنتمية إلى 14 آذار والثانية والمنتمية إلى 8 آذار لأن ذلك سيؤدي عملياً إلى تغليب فئة على فئة وبالتالي إلى شعور فئة بالهزيمة والأخرى بالانتصار والعكس صحيح. وهذا أمر لا يستسيغه لبنان ولا اللبنانيون ولا يتلاءم مع صيغة لبنان. وبالتالي علينا ان ندرك أنه بما أننا قد وصلنا إلى ما نحن عليه الآن لا بدّ من أن نجد المرشح للرئاسة الذي يستطيع ان يكون مرشحاً توافقياً يطمئن إليه شتى الفرقاء في لبنان ويكون مقبولاً في بيئته ومؤيداً منها وأيضاً مقبولاً من باقي الفرقاء نظراً لأن رئيس الجمهورية هو رئيس الجميع والصفات التي يجب ان يتحلى بها تستند إلى أنه قادر على ان يجمع شتى الفرقاء في لبنان ضمن مساحة مشتركة ويستطيع بحكمته وانفتاحه ورؤيته وقدرته القيادية ومقبوليته من الجميع ان يتقدم ويتقدم معه الوطن على مسارات إعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية ولقدرتها على الإنجاز ومواجهة شتّى التحديات والمخاطر التي يواجهها بلدنا.

تاريخ الخطاب: 
17/09/2015