الرئيس السنيورة : الاحداث المقبلة تبين صوابية او عدم صوابية قرار الجامعة العربية بخصوص حزب الله

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت محطة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول مختلف التطورات في لبنان وفي ما يلي نصه:

س: دولة الرئيس، أهلاً بك. ما هو رأيك في الموقف الذي اتخذته جامعة الدول العربية بشأن رفع اسم حزب الله عن لائحة الإرهاب؟

ج: ‏مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. من المفيد التوضيح أنه ليس لدى جامعة الدول العربية لائحة عقوبات لتصنف فيها مؤسسات أو أحزاب معينة أو غير ذلك من منظمات تحت عنوان منظمات إرهابية. كما يعلم الكثيرون، فإنَّ جامعة الدول العربية عمدت منذ فترة ودرجت على استعمال هذه العبارة في بياناتها، ثم توقف استعمال هذه العبارة بعد أن تمّ توقيع الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران. ولكن لم يجرِ حينذاك اتخاذ قرار واضح من أجل أن يصار إلى إعادة النظر في استعمال هذه العبارة في بيانات اجتماعات الجامعة العربية.

ولكن بغض النظر عن حقيقة ما جرى في هذا الشأن وما له علاقة بزيارة الأمين العام المساعد للجامعة العربية إلى بيروت واجتماعه بأعضاء من حزب الله، فإني أعتقد أنه يكون من الأفضل لو يجري التوقف عن ما يسمى إسداء أو تقديم الهدايا المجانية. ولهذا، فإني اعتقد أنه لربما كان من الممكن، أو من الأفضل أن يصار إلى النظر في هذا الأمر من قبل الجامعة، ولكن لقاء خطوة يمكن أن يخطوها حزب الله يكون من نتيجتها تحقيق إنجاز يتحقق لمصلحة لبنان، ولمصلحة أن يسود الأمن والسلم في لبنان، وهو الأمر الذي لم يجر الإفصاح عنه من قبل المسؤولين في الجامعة. في حقيقة الأمر لا أدري إن كان هناك من شيء قد جرى أو يجري تحت الطاولة، من هنا أو من هناك من مفاوضات جانبية، ويكون بالتالي هذا الأمر بالذات أحد المواضيع الذي يكون قد جرى الاتفاق عليها. ولكن حسب ما هو ظاهر لنا أن هناك خطوة اتخذت، ولا نعلم إذا ما كان هناك من توافق على هذا الأمر أم لا، وهو الأمر الذي ندعو إلى ضرورة التحقق منه.

س: هل هناك تصنيف لبناني لحزب الله؟

ج: ‏أول شيء، هذا التصنيف ليس تصنيفاً لبنانياً. لبنان كما يعلم الجميع، فإنّ لبنان لا يصنف حزب الله حركة إرهابية. تجدر الإشارة إلى انّ حزب الله هو حزب مشارك في الحكومة اللبنانية، وبالتالي ليس هناك لدى لبنان تمييز بين أجنحة حزب الله، أي تفريق بين جناحه العسكري وجناحه السياسي. حزب الله هو حزب لبناني ممثل في الحكومة اللبنانية منذ العام 2005. على الصعيد اللبناني، فإنّ حزب الله لا يصنف كمنظمة إرهابية في لبنان.

أما على صعيد جامعة الدول العربية. فقد كان هناك توافق على اعتماد هذه التسمية، وهو ما اعترض عليه لبنان في ذلك الحين، أي عندما جرى استعمالها في بيانات جامعة الدول العربية. أما بشأن ما فهم بأنه هذا هو الموقف الجديد لجامعة الدول العربية، فمن الأجدر أن يصار إلى التحقق من ذلك. ولكم أتمنى أن يكون ذلك لقاء منفعة يكون فيها المستفيد لبنان، لأنّ هذه الخطوة التي ظهر أنّ الجامعة قد أخذتها الجامعة مؤخراً تنعكس إيجاباً على حزب الله، ولكنها ليس بالضرورة أن تنعكس إيجاباً على لبنان، وذلك إذا كان صحيحاً أنّ هناك من توافق على ذلك، وهل هو لقاء أشياء محددة تعود بالخير على الوضع في لبنان وعلى الوضع العربي؟ لا أستطيع أن أجزم بذلك، ولكن حتماً وأكرِّر ليس من أجل اسداء الخدمات المجانية أو القرارات المجانية التي لا يكون فيها لبنان المستفيد منها.

س: هل ترى أنّ هناك فائدة من ذلك؟

ج: طبيعي ليس لدينا معلومات عن خلفيات هذا الأمر. هذا إذا كان صحيحاً. هل هو من أجل منع توسع نطاق الحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل. تجدر الإشارة إلى أن حزب الله يقول بأنه سيتوقف عن القصف إذا توقفت الحرب في غزة. ولكن هذا ليس بالضرورة هو الذي سيحصل. المشكلة الأساس هي لدى إسرائيل، وإسرائيل كما نعلم لديها هناك عدد كبير من السياسيين في الداخل الإسرائيلي من أصحاب الرؤوس الحامية، وفي مقدمهم نتنياهو اللذين لديهم مصلحة في استمرار الحرب أو توسيع نطاقها. لأنه بذلك يحول دون أن يضطر إلى شرب الكأس المر الذي ينتظره عند توقف صوت المدافع. وبالتالي، فإننا لا نعلم إذا كانت إسرائيل أو أن هناك إمكانية للتوصل لوقف لإطلاق النار في غزة، وان هناك بالتالي إمكانية في أن تعتمد إسرائيل أيضاً ذات الموقف، أي في وقف إطلاق النار ضد لبنان. وبالتالي أن يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وذلك في حال توقفت الحرب في غزة. في هذا الشأن، فإني أميل إلى الظن أنّ إسرائيل لن توقف الحرب على لبنان هكذا.

في هذا الصدد، يقول حزب الله أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، فإنّه سيتوقف القتال. هل هذا يعني أن إسرائيل ستلتزم بذلك؟ لا نعلم. وليس لدينا معلومات. وبالتالي ليست المسألة متعلقة فقط بحزب الله بل أساساً بإسرائيل.

طبيعي لبنان حريص جدا أن لا يصار إلى توسيع نطاق الحرب، وأن لا يؤدي الأمر إلى إشعال فتيل الحرب الواسعة من جديد بشكل أكبر بكثير مما هو عليه الآن.

دعيني هنا ألفت انتباهك إلى أمر أساسي، وهو أننا قد حذرنا في يوم 8 أكتوبر من أن يصار إلى زجّ لبنان في هذه الحرب الضروس. ولقد بدأت بالتحذير بأن لبنان لا يستطيع أن يتحمّل مثل هذه الحرب، سيما وأن لبنان يعاني من أزمات عديدة والكل يعلم أن لبنان يعاني من أزمة سياسية ووطنية وأيضاً دستورية شديدة وعميقة. حيث لم يستطع لبنان أن ينتخب رئيس الجمهورية الجديد حتى الآن، ولم نتمكن نحن في لبنان من تأليف حكومة جديدة. إضافة إلى ذلك، فإنّ لبنان يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة جداً. هذا بالإضافة إلى وجود أزمة النازحين السوريين الخانقة التي يعاني منها لبنان. بالإضافة إلى ذلك كلّه، فإنّ لبنان لم يعد لديه ما كان متوفرا في العام 2006 من شبكات أمان عربية ودولية. كل هذه الأمور توجب على لبنان ان يأخذها بعين الاعتبار قبل أن يتورّط في معركة من مثل هذا النوع من العمليات العسكرية المدمرة، وهذا التورط- وللأسف- يكون نتيجة الحسابات الخاطئة.

هذا لا يعني أن لبنان يقف موقفاً معادياً من القضية الفلسطينية، على العكس من ذلك. الكل يعلم كم ضحى لبنان على مدى العقود الماضية من أجل نصرة القضية الفلسطينية ولكن لبنان وصل إلى نقطة أصبح فيها مدمراً ولا يستطيع أن يتحمل النتائج التي سوف تترتب على مثل هذه العمليات العسكرية الواسعة في حال استمرت الاشتباكات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله.

صحيح أن حزب الله، وإذا حصل وجرى توسيع نطاق العمليات العسكرية، فإنّ حزب الله يمكن أن يلحق بإسرائيل خسائر كبيرة. هذا صحيح، ولكن لم أسمع أحداً يقول ماذا يمكن أن يحل بلبنان بنتيجة هذه الحرب. هذه الأمور يجب أن ينظر إليها جميع المعنيين وبتبصر كبير، ولاسيما لدى كل من هو على علاقة بهذا الأمر من أجل الحؤول دون إزهاق المزيد من الأرواح البريئة، ودون التسبب بالمزيد من التدمير.

س: ألا يعلم الجميع مقدار المخاطر التي يمكن ان تلحق بلبنان؟

ج: المؤسف أنه قد بات الجميع يرقص على حافة الهوية. حزب الله يقول إن لدينا أسلحة متطورة وصواريخ بالغة الدقة كل هذا صحيح، ويمكن أن يتسبب بالكثير من التدمير والخسائر في إسرائيل. ولكن ‏ماذا يمكن أن تكون النتيجة بالنسبة للبنان. هذا الأمر يتطلب الكثير من التبصر حتى لا تكون النتائج أسوأ مما نحن عليه الآن في لبنان. إسرائيل على مدى هذه الأشهر الماضية ألحقت ضرراً كبيراً بلبنان بالأرواح بداية، وحيث تم اصطياد أكثر من 450 شخص، وأكثرهم من عناصر حزب الله. ذلك بالإضافة إلى الخسارات الكبرى والتدمير الكبير، الذي لحق بالعديد من القرى والبلدات في جنوب لبنان. لقاء هذا يحدد السؤال وماذا كانت النتيجة بالنسبة للبنان.

السؤال الآخر: هل يمكن للبنان أن يقلل الخسائر البشرية والمادية التي تلحق به وتلحق بغزة؟ وهل لبنان استطاع أن يغير في موازين القوى في هذه المعركة؟ بالطبع كلا.

لبنان باختصار لا يستطيع تحمل كل هذا. من المؤسف القول انَّ لبنان لم يستطع حتى الآن أن يصلح الزجاج الذي تهشّم في السرايا الحكومي في العام 2020 نتيجة تفجير المرفأ. فكيف له أن يتحمل المزيد من هذه الخسارات البشرية والمادية الكبيرة؟ هذا الأمر شيء خطير فكيف لنا أن نتحمل مثل هذه المخاطر الإضافية الهائلة. هذه هي الأمور التي ينبغي أن يصار إلى التنبيه منها من أجل عدم توريط لبنان في هذه المعارك نتيجة سوء التقدير وسوء الحسابات.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الأمور الآن في لبنان باتت مخالفة جداً وعلى عكس ما كانت عليه في العام 2006. هناك انقسام داخلي في لبنان حول ما يحصل الآن في لبنان، ولاسيما لجهة موقف حزب الله في توريط لبنان في هذه الحرب. بالمقابل، فإنّه وفي العام 2006، استطاعت حكومتي آنذاك أن تجمع اللبنانيين في صف واحد ضد الاحتلال والاجتياح الإسرائيلي. المشكلة أن الكثرة الكاثرة من اللبنانيين اليوم ليسوا في صف حزب الله ولا يؤيدونه، وهم يرفضون زجّ لبنان في هذه المعركة العسكرية. وهذا الموقف كما نعلم، قد تطوّر على مدى الأشهر التسعة الماضية، وبالتالي هذا هو الموقف الحالي للغالبية الساحقة من اللبنانيين الذين لا يؤيدون حزب الله. صحيح أن هناك من يؤيد حزب الله في زجّ لبنان في هذه المعركة العسكرية، ولكن الكثرة الكاثرة من اللبنانيين لا يوافقون على هذا على الإطلاق، ولاسيما وأنّ لبنان لا يستطع أن يغيّر في موازين القوى بنتيجة تدخله في المعارك الدائرة الآن.

س: هل تعتقد أنّ موقف الجامعة صحيح في هذا الأمر لجهة رفع اسم حزب الله عن لائحة الإرهاب؟

ج: ‏الأيام سوف تثبت حيث "يأتيك بالأخبار من لم تزوِّد". والأيام كفيلة بإظهار ما إذا كان هذا القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية كان متعجلاً أم كان صحيحاً.

 

تاريخ الخبر: 
29/06/2024