الرئيس السنيورة : لبنان قام بما يستطيع واكثر للقضية الفلسطينية وهو لا يتحمل اية حروب جديدة

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

 

اجرت قناة الجزيرة مباشر حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات المتصلة في حرب غزة وفي ما يلي نصه:

مقدمة: من شهداء الأقصى إلى لبنان حيث قال الدفاع المدني اللبناني أنّ مواطناً سورياً استشهد في قصف قامت به مسيرة إسرائيلية لسيارة في بلدة الصويري بالبقاع الغربي شرقي لبنان. وكما قال الدفاع المدني أيضاً أن شخصين استشهدا في غارة إسرائيلية على بلدة العديسة وقد نعى أحدهما حزب الله. كذلك أُصيب أربعة اشخاص في غارة إسرائيلية استهدفت فجر اليوم مدينة بعلبك. من جهته أعلن حزب الله عن مهاجمة خمسة مواقع إسرائيلية. كما أشار الحزب الى ان مقاتليه قصفوا ب 60 صاروخا كاتيوشا قاعدة اواف وثكنة كيلع في الجولان المحتل ردا على الغارة اتي شنّتها إسرائيل على مدينة بعلبك. كذلك، فقد أعلن الحزب عن استهداف مواقع المرج والراهب. مضيفاً أنه استهدف مبنى يتمركز فيه جنود اسرائيليون في مستعمرة المنارة وحقق اصابة مباشرة.

وللتعليق ينضم الينا عبر الانترنت من بيروت السيد فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق.

س: دولة الرئيس السنيورة، أحييك على قناة الجزيرة مباشر. على ما يبدو ان وتيرة العمليات العسكرية بين اسرائيل وحزب الله تتصاعد واسرائيل اليوم تقصف بعض المناطق في بعلبك البعيدة عن الحدود اللبنانية- الإسرائيلية كيف تتابع المشهد دولة الرئيس؟

ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. لا بدّ لي بداية من أن أترحّم على أرواح أولئك الشهداء الذين سقطوا اليوم أكان ذلك في غزة أم في الضفة الغربية أم في لبنان. وتلك الجرائم تجري في سلسلة لا تنتهي من عمليات الابادة الجماعية والمذابح التي ترتكبها إسرائيل.

نعود الآن إلى لبنان، إذْ إنَّه ومنذ الثامن من أكتوبر، بادر حزب الله الى القيام بزجّ لبنان في هذه المعركة المفتوحة التي تشنها اسرائيل على غزة على اساس ما سموه آنذاك وحدة الساحات، يجري قصف متبادل. هذا القصف يتوسّع ليصل الى اماكن بعيدة جدا عن منطقة الجنوب اللبناني وصولا الى شمال البقاع والبقاع الغربي، كما حصل في هذا اليوم، حيث سقط في قرية الصويري أحد الأشخاص المستهدفين، ربما من آل الصميلي، والذي يُقال انه ينتمي الى الجماعة الإسلامية. هذه المواجهات العسكرية يبدو أنها سوف تستمر، وهي تحصد يومياً أرواحاً جديدة في لبنان، وينجم عنها دماراً وتهجيراً.

بدايةً، لا بدّ لي هنا من أن أذكر أن حزب الله لم يستشر الحكومة اللبنانية في مسألة هذا الانخراط. من جانب آخر، تجدر الإشارة أنه عندما جرى التوقيع على الاتفاق في تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، بادر حزب الله إلى القول بأننا نقف وراء الدولة. ولكن تبين بعد مرور عدة أشهر وعندما بادر الى الانخراط في هذه المعركة، أملاً منه بان يخفف عن غزة، فإنّه انتهى بانه قد أصبح مشتركا في هذه الحرب، وهو ما يتأتى عنه خطر كبير على لبنان. الخوف الآن انه يمكن ان تستغل إسرائيل هذا الأمر لتوقع لبنان في فخ لا يستطيع الخروج منه. وإسرائيل كما تعلم لا تدخر وسيلة الا وتعمد الى انتهازها من أجل استفزاز لبنان واستفزاز حزب الله من اجل توسيع دائرة المعركة وبالتالي إقحام لبنان في أتون لا يمكن ان يتحمله لبنان نظرا لكل المشكلات التي يتعرّض لها لبنان، لا بل ويعيش لبنان في أتونها. ومن ذلك ما يتعلق بالنزوح الكثيف السوري الى لبنان بشكل لا يستطيع ان يتحمله لبنان كما ويتحمل معه لبنان مآسٍ جديدة. وها نحن اليوم بدانا نسمع من قبل اللبنانيين المهجرين من الجنوب الذين يتساءلون من سيعيدنا الى بلداتنا، ومن سيعوض علينا. كل هذه المشكلات المستجدة تدفعنا إلى أن نتساءل فيه كيف يمكن لحزب الله ان يبادر الى الاشتراك في هذه المعركة دون علم او راي او قرار من الدولة اللبنانية.

س: اسمح لي دولة الرئيس السنيورة، يعني يبدو لمن يستمع اليك الان ان الانتهاكات الإسرائيلية للبنان بدأت مع إطلاق حزب الله لبعض صواريخه مثلا على الشمال الإسرائيلي. في الحقيقة ان انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي لم تتوقف على لبنان يوما ما يعني دعني اعطي لك مثالا واحدا في 20/8/2023 قبل 7 اكتوبر اسرائيل قامت إسرائيل بالتحليق فوق لبنان وانتهاك سيادته هذا وفقاً لقوات اليونيفيل. هذا أمر حدث ويحدث كثيراً، فضلاً عن الاستهدافات التي ترتكبها إسرائيل ليل نهار. حتى قبل 7 اكتوبر كانت إسرائيل تنتهك الاجواء اللبنانية او تقصف هنا او هناك. إذا حزب الله ليس هو المشكلة الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك ويتعامل مع لبنان وكأنه لا يرى. اي سيادة تتحدثون عنها كانت موجودة حتى قبل 7 اكتوبر دولة الرئيس؟

ج: بدون أدنى شك كل ما قلته هو صحيح. المشكلة الاساس هي في إسرائيل، وهي في استمرار عدوانها ليس فقط على فلسطين بل وايضا على لبنان واستمرار احتلالها لجزء من لبنان، وان هناك نقاط مختلف عليها على الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة. وان هناك قضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والتي لاتزال تحتلّها إسرائيل بالإضافة إلى مسألة قرية شمالي الغجر السورية. كل ما قلته صحيح، ولا يمكن ولا يجوز الجدال في هذا الأمر.

السؤال الآن الذي يجب أن نسأله لأنفسنا كلبنانيين: هل من المفيد او من الملائم ان يتدخل لبنان في هذه المعركة الجارية ويتحمل لبنان بالتالي ما لا يمكن تحمله؟ هل هذا التدخل يؤدي الى إقحام لبنان بالمزيد من الاشكالات الداخلية في لبنان وبطريقة لا يمكن للبنان ولا للاقتصاد اللبناني ولا للبنانيين ولا للقاطنين في لبنان ان يتحملوها؟ هل ينجرف لبنان الى هذه المعركة ويؤدي به ذلك إلى الوقوع في مشكلات أكبر بكثير مما هو عليه الان؟ هذه هي الأسئلة التي علينا أن نسأل أنفسنا، والتي يجب ان يسألها اللبنانيون ويجدوا لها أجوبة شافية. لا أحد يشك لا أحد إطلاقاً أو ينفي او يتنصل من ان المشكلة الاساسية هي إسرائيل، وفي استمرار اعتداءاتها على الحقوق العربية اكان ذلك في فلسطين ام في سوريا ام في الاردن ام في لبنان هذا هو صحيح لكن هل كان من المطلوب من حزب الله أن يقوم بهذه العمليات العسكرية دون أن يسأل رأي الحكومة ورأي اللبنانيين.

س: يعني اسمح لي دولة الرئيس السنيورة، هل كان من المطلوب من حزب الله وهو حزب بنى شرعيته على فكرة الوقوف ضد الاحتلال الاسرائيلي سواء داخل لبنان او خارجية هل كان يجب عليه ان يسكت وهو يرى الالاف يقتلون يوميا على شاشات التلفاز في قطاع غزة وهو في النهاية، وللحقيقة ما كل ما يقوم به يبدو انه يحاول أن يكون منضبط بحيث لا تنجر الامور لحرب شاملة مع الاحتلال الإسرائيلي. الناس يقومون بالحد الادنى الذي يرونه يخفف العبء عن أهاليهم وذويهم وهم شعب عربي يقتل ليل نهار على شاشات التلفاز هل لنا ان نعاتب الان حزب الله على ما يقوم به ام نعاتب من لم يتحرك لنجدة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟

ج: نحن ندين إسرائيل كل يوم ونرفض ما تقوم به من حرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة، وما تقوم به من حصار وتجويع وتعطيش وتدمير لكل المستشفيات والمدارس ولكافة أشكال الحياة في غزة، وكذلك ما تقوم به في الضفة الغربية من تضييق واعتداءات واغتيالات. ولكن السؤال الأساس: هل من الملائم إقحام لبنان في هذه الحرب الآن؟ دعني أذكرك أنه في آب من العام 2006 وقف السيد حسن نصر الله ليقول لنا لو كنت أعلم بأنّه سيورّط لبنان في تلك المشكلات وتلك الحرب وقال انني لو كنت اعلم ما كنت اقدمت على ذلك نحن لا نستطيع ولا يمكن للبنان ان ينخرط في هذه المعركة ليقول لنا بعد ذلك "لو كنتُ أعلم". دعني أذكرك أن لبنان لم يتخلّ يوماً عن التزامه ودفاع عن القضية الفلسطينية، وهو البلد العربي الذي تعرّض أكثر من أي بلد عربي آخر لستة اجتياحات إسرائيلية على مدى العقود الأربعة الماضية، وهو بالنسبة والتناسب مع جميع الدول العربية تحمّل أكثر من نصيبه في تحمل مآس وويلات الحروب.

لا أنكر أيضاً ان حزب الله يمارس قدرا كبيرا من ضبط النفس هذا صحيح ولكن السؤال الذي ينبغي ان نسأل أنفسنا هل بدخول لبنان وتورطه في هذه المعركة العسكرية يؤدي الى تغيير موازين القوى القائم في هذه المواجهة العسكرية بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي؟ أو هل يؤدي ذلك إلى تغيير اوضاع المعركة؟ أو هل أنه يخفف عن الفلسطينيين في غزّة؟ لا اعتقد ان ذلك ممكن على الاطلاق. نحن نعلم ان إسرائيل تمر بظروف داخلية صعبة، وأن لديها من جانب آخر مجموعة من الرؤوس الحامية واليمين المتطرف، وفي مقدمهم رئيس الوزراء نتنياهو الذين يرغبون بتوسيع إطار المعركة. ونعلم من جانب آخر أنَّ هناك عدم رغبة لدى الولايات المتحدة في توسيع إطار المعركة، كل ذلك نعلمه، ولكن السؤال: هل بدخول لبنان وامكانية ان تنزلق الامور الى حيث لا يكون بالإمكان وقفها او التعامل معها، وبحيث يفرض لبنان واللبنانيين إلى مآس كبرى على كل الأصعدة، وبالتالي يبرز السؤال الكبير: من يتحمل هذه المسؤولية عند ذلك؟

س: أنا آسف دولة الرئيس السنيورة. أنا عارف طبعاً ان حضرتك تتكلم من واقع أنك كنت مسؤول وتتكلم من واقع المسؤولية ولو حتى كانت مسؤولية سابقة، ان لبنان بوضعه الاقتصادي الحالي واوضاع اخرى لا يستطيع ان يتحمل حرب مفتوحة مع اسرائيل لكن اسمح لي من قال انه عندما تنتهي او ينتهي الاحتلال الاسرائيلي من غزة إذا هو كان قادرا من الاساس على ذلك لن تلتفت إسرائيل الى حزب الله والى الجنوب اللبناني. إسرائيل أقدمت على احتلال لبنان يوما ما لذرائع مختلفة. وهذا ما اقصده. المشكل هنا ليس في حزب الله، إذ انّ حزب الله هو الذي يدافع عن لبنان، وهو كان له الدور الكبير في تحرير جزء من الاراضي اللبنانية يوما ما لم يستطع الجيش اللبناني ان يقوم بذلك. لماذا يعاتب الان حزب الله لماذا لا نوجه العتاب والاتهام بشكل مباشر للاحتلال؟

ج: يجب علينا أن نهدأ قليلاً ونتبصّر بالأمور، وأن لا تكون أفعالنا منطلقة من حسابات خاطئة أو متسرّعة. نحن في لبنان لم ندّخر يوما ولم نتخلّ إطلاقاً ولا للحظة واحدة عن ادانتنا لإسرائيل التي هي أصل المشكلة، ولم نتخلّ يوماً عن دفاعنا ولا عن دعمنا للقضية الفلسطينية. وبالتالي، فإنّه يجب ان نتوقف هنا عن المزايدات وما ما يسمى ادّعاء الطهرانية وادعاء الوطنية من جهة واتهام الاخرين بالخيانة. لنهدأ قليلاً. إنّه ومن جهة أولى، يجب ان نتخلص من كل هذه الشعبويات ونعالج الأمور بحكمة ومسؤولية. الأمور تبين أننا نحن الآن امام وضع واضح وصريح، وذلك ان لبنان لا يقدر ان يقحم نفسه في هذه العملية العسكرية لئلا تنزلق الأمور إلى ما هو أدهى، حيث تؤدي بنا الأمور الى ما لا يحمد عقباه. نحن لم نتوقف يوماً عن إدانة إسرائيل على الاطلاق. هذا هو موقفنا الدائم والواضح في لبنان، كان ولايزال، ونقوله على رؤوس الاشهاد، ولكن أن نتبصر كثيراً في حقيقة الأوضاع اللبنانية.

لقد كنتُ من أوائل الذين بادروا، وفي الثامن من أكتوبر عام 2023، وفي ذلك الصباح صباح اليوم التالي، حيث أشدت وعبرت عن تأييدي وتقديري لعملية طوفان الأقصى، وأنّه هذه العملية التي قامت بها حماس وأكدت على انه هكذا يثبت العرب بأنهم قادرون على ان يقوموا بما سيمكّنهم من استعادة الحق العربي، وهم يعيدون بذلك وضع القضية الفلسطينية في دائرة اهتمام العالم كلّه. وقلت آنذاك أن الفلسطينيين استحقوا في أن تكون لهم وطن، وأن يكون لهم دولة. ولكن اشرت بذات الوقت، حيث قلت اننا في لبنان لا نستطيع، وذلك قبل ان يقدم حسن نصر الله وحزب الله على التدخل في هذه المعركة، حيث قلت وبشكلٍ واضح، أنّ لبنان لا يستطيع ان يتحمل عبء هذه المعركة بسبب ان لبنان ما يزال حتى الان يعاني الامرين من نتائج الحرب التي شنتها اسرائيل عليه في العام 2006. كما يرزح تحت إرغامات أزمة وطنية خطيرة جداً. إذْ أننا نحن لا نستطيع ان ننتخب رئيس جمهورية، ولا نستطيع ان نؤلف حكومة، ولا نستطيع أن نعيد تكوين مؤسساتنا الدستورية لتستعيد دورها وعملها. كما أن لبنان يعاني الامرين من المشكلات الاقتصادية التي اطاحت بالاستقرار النقدي وان ليرته اللبنانية اليوم لا تساوي أكثر من 2% عما كانت عليه قبل عدة سنوات. هذا كله اكّدت عليه، وذلك إلى جانب المشكلات الأخرى التي ما زلنا نعاني منها، ودعني اقول لك اننا نستحي من ان نقول بان السراي الكبير السراي الحكومي، وهو مركز الدولة اللبنانية لازال زجاجة مكسر نتيجة التفجير الذي جرى في العام 2020 بسبب التفجير الذي جرى في المرفأ. هذا للدلالة على عدم استطاعة لبنان أن يتحمل أكثر مما تحمل حتى الآن. ماذا يمكن ان يقوم به لبنان بنتيجة هذه المناوشات العسكرية إلاّ ان نحصد المزيد من الشهداء، وان نحصد المزيد من الدمار ومزيد من التهجير، وأيضاً وبالنتيجة أن نواجه مستقبلاً مظلماً.

س: لا نستطيع بهذه الطروحات يا دولة الرئيس السنيورة عفواً لمقاطعة حضرتك، أليس بهذه الطروحات تضيع الاوطان وضاعت فلسطين ان كل بلد هو يعني منكفئ على نفسه ويقول عندي مشكلات سامحني انا سأضرب لك مثالا وأتمنى أن تستمع له لو كان لبنان هو الان موضع غزة ولا قدر الله واسرائيل تقصف او دخلت لبنان وتقصف بيروت ليل نهار وتقتل المدنيين هل تأتي مصر على سبيل المثال او الاردن تقول انا عندي مشاكل اقتصادية وهي عندها مشاكل اقتصادية بالفعل ولا أستطيع أن أكون أو أقف بجوار لبنان الآن. هل هذا منطق هل انت كلبناني سترضى بذلك سيدي؟

ج: لا، ولكن لماذا لا توجه هذا السؤال لكل الدول العربية الأخرى اليس كذلك، لتتحمل أيضاً قسطها في مسؤولية الدفاع عن الحقوق العربية.

س: أنت تتحدث معي الآن. أنا أرد على الفكرة المنطق الذي طرحته انت الان بوصف الطرف الآخر. انا أمثل فقط يعني الراي الاخر ليس أكثر من ذلك تفضل يا سيدي؟

ج: يجب أن يكون الأمر واضحاً لك ولجميع المشاهدين. لبنان دفع أكثر من نصيبه في الدفاع عن القضية الفلسطينية. أود ان اذكرك واذكر جميع المشاهدين من جديد ان لبنان تعرض على مدى هذه السنوات الماضية لستة اجتياحات إسرائيلية، وان لبنان وبسبب القضية الفلسطينية تعرض لحروب داخلية، وهو لايزال يعاني. وأقول هذا دون تمنين واقول ذلك انطلاقا من احساسي القومي العربي ان لبنان جرت الإطاحة بسيادته وباستقراره منذ العام 1969 من اجل القضية الفلسطينية. هذا الوضع الهشّ وغير المستقر الذي يعاني منه لبنان يستمر على مدى هذه السنوات الخمسين الماضية أو أكثر، ولبنان يتحمل ما لا تستطيع ولا دولة عربية ان تتحمله. ولبنان مازال يتحمل. وبالتالي، فإنه يقول انه ليس بإمكاني تحمّل المزيد. ليس معنى ذلك انّ لبنان يتخلى عن دوره العربي وعن تأييده للقضية الفلسطينية، وحيث أنّ لبنان يستطيع أن يخدم القضية بطريقة أفضل وأفعل عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية والإعلامية.

إنّي اعتقد جازماً أنه لم يقم اي بلد عربي بتحمل مازال يتحمله لبنان على مدى هذه السنوات الخمسين.

س: عفواً، سوريا تقول ذلك النظام في سوريا يقول ذلك وفي مصر يقولون ذلك وكل واحد منهم خاض حروباً كثيرة مع اسرائيل لكن انا ما اقوله هو حزب الله لم يعلن يوما ما منذ 7 اكتوبر انه يريد حربا مع اسرائيل بل على العكس توجه سهام النقد للسيد حسن نصر الله والحزب لأنه لم يفعل شيئا حقيقيا لتخفيف ما يحدث لقطاع غزة الرجل يرد على اي انتهاك للبنان وجنوب لبنان في إطار ردّ منضبط هو لم يسع لحرب مفتوحة مع اسرائيل هو قال ذلك لن نحارب مكان حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة؟

ج: ليس المهم ماذا يقوله الحزب بأنها حرباً مضبوطة، بل التي يخوضها. المهم ما هو الواقع على الأرض وما الذي تقوم به إسرائيل. والمهم أيضاً ما يمكن ان يُنظر اليه من قبل المجتمعَيْن العربي والدولي. ليس مهماً فقط ما يقوله السيد حسن نصر الله. نحن نحترم ما يقوله، لكن المهم أكثر كيف تتصرف إسرائيل وكيف ينظر المجتمع الدولي إلى الحال التي أصبحنا عليها في لبنان الآن. نحن نواجه الآن ردّة الفعل الدولية والتي لا تتفق معنا، والتي لا أوافق عليها. ولكن هذا هو الواقع. لنعد إلى الماضي قليلاً. نحن في العام 2006 واجهنا العالم باننا نحن من تسببنا في الحرب التي حصلت في العام 2006، ونحن الذين تسببنا بالاجتياح الذي شنّته إسرائيل علينا آنذاك. لذلك وبالتالي، فقد بذلنا كل الجهود حتى نتخلص من الموقف الذي كنا فيه، والذي أصبحنا في حالة المعتدين على إسرائيل. فمن وجهة نظر المجتمع الدولي نحن كنا نبدو آنذاك وكأننا المعتدين على إسرائيل. وهذا ما جرى بالنسبة لحماس أيضاً. والمجتمع الدولي- وللأسف- بدأ يحاسب الفلسطينيين وكأن القضية نشأت فقط يوم السابع من أكتوبر 2023، وهذا بالطبع غير صحيح. لذلك نحن نتمنى على الجميع أن يعلموا ويسهموا لكي يكون هناك موقفاً عربياً داعماً بشكلٍ أكبر مما يجري الآن. انا لا اقلل من هذه الجهود العربية، ولكن هناك عمل اضافي يمكن ان يبذل من اجل الضغط على المجتمع الدولي.

انا اقول لك واعطيك انا وجهة نظري في هذا الصدد، تذكر انّه في 11 نوفمبر من العام 2023 عقد اجتماع في الرياض الذي اجتمعت فيه 53 دولة عربية وإسلامية، وهم أكدوا على التزام هذه الدول بالمبادرة العربية للسلام وأكدوا على انه ينبغي ان يصار الى تأليف لجنة من ثمان وزراء خارجية من اجل ان تجتمع وتتابع مجريات الأمور. لقد اجتمعت هذه اللجنة بالأعضاء الدائمين بمجلس الامن ولكن بعد ذلك ماذا جرى لا شيء.

انا اعتقد أنه لم يمر الوقت على القيام بعمل مهم وكبير. إذْ أنه لايزال بالإمكان ان يصار الى تأليف اربعة لجان مؤلفة كل واحدة من وزيرين من وزراء الخارجية من قبل الدول الثمان، والتي هي خمسة دول عربية وثلاثة دول إسلامية، وان يصار إلى أن تطوف هذه اللجان الأربع على كل دول العالم، والاجتماع بالمسؤولين وقادة المجتمع المدني بكل بلد من بلدان العالم من أصل 200 دولة يزور كل هذه الدول لأجل تأليب ومن اجل ضمان تأييدها لعملية وقف إطلاق النار ولإيجاد الحل العادل والشامل والدائم لهذه القضية المحقة. نحن نعلم حتى الان ان هناك جهودا تبذل من قبل الولايات المتحدة، ولكنها غير كافية، وكذلك غير صادقة، لأنه بإمكانها ان تطلب من إسرائيل، وبشكلٍ صريح وواضح من أجل وقف إطلاق النار. وأنت تعلم أنها، ومنذ اليوم الأول، أعطت إسرائيل الحق في أنْ تُدافع عن نفسها. وهي بذلك أعطتها شكاً على بياض لارتكاب المجازر والإبادة الجماعية في غزة. لذلك، فإنّ الوضع الآن مستمر هكذا ولكن الامر لا يعالج بدخول لبنان بالمعركة العسكرية. المفيد الآن هو ان يصار الى الاستمرار في التواصل مع جميع دول العالم للضغط على إسرائيل ومن اليد التي توجعها، وهي الولايات المتحدة التي تتوجع منها إسرائيل. هذا هو العمل الذي يمكن أن يُصار إلى القيام به، وليس من خلال المشاغلة بالقصف من هنا والقصف من هناك الذي لا يقدم شيئاً جديداً باتجاه حسم المعركة.

هذا لا يفيد ولا يؤدي الى نتيجة إلاّ إلى المزيد من القتل والدمار والتهجير. هذا الامر ما عاد يجوز أن يستمر هكذا. نحن عم نضيع وقتنا بهذه العمليات العسكرية التي لا طائل منها.

هناك أمراً كبيراً يُمكن ان يتم على الصعيد الدبلوماسي والسياسي من أجل أيضاً تأليب الراي العام الدولي، ونحن نرى اهمية ما جرى حتى الان ولكنه ليس كافيا ما جرى حتى الان، وبالتالي كل هذه الدول بالعالم يجب التواصل معها لتنبيهها إلى ما ترتكبه إسرائيل. فبالتالي هذا هو ما يمكن ان نعمل ولبنان قادر على ان يقوم بدوره السياسي والدبلوماسي والإعلامي بشكلٍ أفضل.

تاريخ الخبر: 
24/06/2024