الرئيس السنيورة لسكاي نيوز عربية: هناك حاجة حقيقية من أجل إنقاذ لبنان. لأنّ استمرار هذه العمليات العسكرية العنيفة، وبهذا الشكل، فإنها ستؤدي الى مشكلات خطيرة

اجرت قناة سكاي نيوز عربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر الاتطورات في ما يلي نصه:
س: نرحب بضيفنا من العاصمة اللبنانية بيروت رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة. أهلاً بك دولة الرئيس، أبدأ معك من محطات تاريخية قبل الولوج في التفاصيل الميدانية الأخيرة وما يحصل بعد الاغتيال. لقد واكبت صعود نجم حسن نصر الله أمين عام حزب الله كيف تصف المحطات الأولى منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى لحظة الاغتيال، والحرب التي بدأت في الثامن من أكتوبر وفتح كل الجبهات على لبنان، وماذا تقول لجمهور حزب الله في هذه اللحظة تحديدا؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. الحقيقة أني واكبتُ السيد حسن نصر الله على مدى عقود ثلاثة ماضية، وهو بالفعل يمثل شخصية استثنائية تتمتع بكاريزما وشعبية عالية، وبقدرة على الإحاطة الشديدة بأمور كثيرة، وهو استطاع على مدى 32 سنة أن يقود حزب الله الذي أسهم، وفي المرحلة الأولى، إسهاماً كبيراً في التصدي للاجتياح الإسرائيلي للبنان الذي حصل في العام 82، وإلى الحد الذي نجح فيه هذا الحزب، وبدعم من جميع اللبنانيين وتضحياتهم وقرارهم الصارم بضرورة العمل لإخراج المحتل الإسرائيلي، وتنفيذ انسحابه من لبنان في العام 2000. حينذاك كانت الأجندة المعلنة لحزب الله وعنوانه الأساس هو محاربة اسرائيل ولإخراجها من لبنان. عقب ذلك الإنجاز كان يفترض بالحزب أن يتحوّل الى حزب سياسي. ولكنه استمرّ في أداء الدور المطلوب منه من إيران من أجل تأبيد احتفاظ الحزب بسلاحه، ولأن تستمر ازدواجية سلطة الدويلة مع سلطة الدولة. وفي هذا الصدد، جرى آنذاك ابتداع فكرة، وهي قضية تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. تجدر الإشارة في هذا الصدد، أنّ لبنان يقول أنّ السيادة عليها يجب أن تعود للبنان، وبينما تقول سوريا بان السيادة عليها تعود لها. وهي عملياً، وبحسب القانون الدولي، تعتبر هذه المنطقة أرضاً سورية محتلة من قبل إسرائيل، أي بما يعني، وفي المحصلة، انها ليست إسرائيلية. ولكن، وفي المحصلة، بقيت مسألة السيادة عليها معلّقة غير محسومة بين لبنان وسوريا. لا سوريا تقبل الاعتراف بلبنانيتها، ولا لبنان قادر على أن يطلب من إسرائيل الانسحاب منها. لقد استمرّ الوضع كذلك إلى أن حصل الاجتياح الإسرائيلي في العام 2006، عندما جرى الاجتياح الإسرائيلي للبنان، سعينا في حينه من جديد لأجل ان تخرج اسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
س: في هذه الحقبة تحديدا دولة الرئيس يعني في حكومتك الأولى، أي بين الاعوام 2005 2008، والتي عرف فيها اللبنانيون والعالم شخصية فؤاد السنيورة السياسية ابان حرب تموز عام 2006، وإبان حرب مخيم نهر البارد في العام 2007. ولقد تحدثت عن المرحلة الاولى لصعود نجم نصر الله هل هنالك مرحلة ثانية متصلة بمزارع شبعا والاستمرار والصعود ربما القوة العسكرية لحزب الله في الداخل حتى شباط 2005، وعملية اغتيال رئيس الوزراء، وهو صديقك رفيق الحريري؟
ج: خلال تلك الفترة كانت العلاقة مع حزب الله بين اخذ ورد، وبالتالي تركّز العمل آنذاك وبشكلٍ كبير على اعتماد الحكمة من اجل احتواء هذا الوجود العسكري المتنامي لحزب الله، وكان الموقف آنذاك على اساس ان هذا الامر سيصار الى التعامل معه بشكلٍ أفضل بعد العام 2000. لكن الذي نتج بعد العام 2000، وبسبب تعدّد الصدمات المحلية والإقليمية والدولية التي طغت على الكثير من الأمور آنذاك، والتي أملت بأن تتوسّع سلطة حزب الله في سيطرته بداية على لبنان في الساحتين الأمنية والسياسية اللبنانية، إلى أن كان الاغتيال للرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005، وتعلمون ما حصل بعد ذلك في العام 2006، حيث جرى الاجتياح الإسرائيلي.
لقد كانت الفكرة عندي آنذاك، وخلال المفاوضات التي كانت تجري مع الفرقاء الدوليين، ولاسيما مع الولايات المتحدة إعداداً لصدور القرار 1701، وذلك بأن يُصار إلى التمهيد من أجل أن تسحب إسرائيل أيضاً من مزارع شبعا. المفارقة الكبيرة أن أطرافاً خمسة من اللاعبين آنذاك وقفت ضد ذلك الانسحاب، وهم الولايات المتحدة واسرائيل من جهة وايضا سوريا وإيران وحزب الله من جهة ثانية، ولكل طرف من الأطراف كانت له أهدافه وغاياته. وفي المحصلة كان الجميع يريد إبقاء لبنان جرحاً نازفاً، ولذلك لم تستطع الحكومة التي كنت أرأسها من تحقيق ذلك الانسحاب بسبب أنّه كان هناك اصرارا من قبل حزب الله على التمسك بسلاحه. وبالتالي، فقد نجحت الحكومة في صدور قرار مجلس الأمن القرار 1701 بالشكل الذي جرى، ولكن من دون حلّ حاسم لقضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
المشكلة التي طرأت بعدها كانت في العام 2008 عندما اجتاح حزب الله مدينة بيروت، وغيرها من المناطق اللبنانية تحت ذرائع تتعلّق بالحفاظ على وسائل شبكة الاتصالات التي لديه، وبالتالي حصل ذلك الاعتداء الذي قام به حزب الله، وهو الاعتداء المستغرب والمستنكر من قبل اللبنانيين، والذي جرى بعده أن تألّفت حكومتي الثانية بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.
بعد تلك الأحداث المأساوية والدموية، أودّ أن أقول إن نفوذ وسلطة حزب الله توسعت لتتعدى لبنان، وليُتابع الحزب تنفيذ أجندة إيران في المنطقة، حيث أقدم ابتداء من العام 2011 على توسيع نطاق عملياته ونفوذه ليتعدى لبنان. وليت الأمر اقتصر على قتاله بسوريا، بل وإلى ما تعداها أيضاً إلى عمله كفريق عسكري لدى إيران في اليمن وفي العراق وغيرها من الدول، وحيث أخذ الحزب صفات مختلفة عن الصفة التي كانت لديه والتبرير الذي كان لديه لاستمرار حمله السلاح من حيث المبدأ في كونه يعمل على تحرير لبنان من إسرائيل، بحيث عمل بعد ذلك، وفي ما خصّ لبنان، على استمرار وتعزيز اختطافه للدولة اللبنانية، وفي تعطيل مؤسسات لبنان الدستورية، وفي الحؤول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى الآن.
س: دولة الرئيس، من اجتياح بيروت إلى حرب غزة في الثامن من أكتوبر. اليوم هنالك واقع جديد على الارض بعد الاغتيال الذي حصل للسيد حسن نصر الله. هنالك أكثر من مليون نازح القرى والبلدات الجنوبية مدمرة، وكذلك أجزاء واسعة من الضاحية الجنوبية، كما ومناطق لبنانية أخرى تستهدف بالغارات الإسرائيلية. هل ستتجه الحكومة، وأنت كنت رئيس حكومة أسبق، هل ستتجه الحكومة او تدعو ايضا حكومة نجيب ميقاتي الى طلب وقف إطلاق نار من جانب واحد والذهاب مع حزب الله الى تسوية ما؟
ج: في هذا الصدد، لا بدّ لي من أن أُذكِّر بما جرى في السابع من اكتوبر 2023، في ما خصّ عملية طوفان الأقصى، وحيث كان لي موقفاً واضحاً أعلنته في الثامن من أكتوبر، أي في اليوم التالي لتلك العملية. لقد حذرت آنذاك من ان ينجرف لبنان في هذه العملية، وكنتُ ضد أن يجري زجُّه في هذه المعركة العسكرية، وحدّدت لذلك خمسة أسباب أساسية لماذا يجب ان لا ينخرط لبنان في هذه المعركة العسكرية وكل سبب منها كافٍ لعدم دخول لبنان فيها. ومع ذلك، فقد قام الحزب، واستناداً إلى منطق وحدة الساحات إلى إشعال العملية العسكرية مع إسرائيل ابتداءً من ذلك اليوم.
الآن بعد الذي جرى، وخلال 12 شهراً الماضية تقريباً، يتبيّن أنّ هناك أموراً كان ينبغي ان يصار الى اخذها بعين الاعتبار من قبل السيد حسن نصر الله بشأن الميزات التفاضلية التي يتمتع بها حزب الله عسكرياً وتكنولوجياً واستخباراتياً بالمقارنة مع إسرائيل. وهي الميزات التي شهدناها وعانى منه الحزب بسبب ما تقوم به إسرائيل الآن، وذلك استناداً لتلك الميزات بقدرتها على اغتيال مقاتلي ومسؤولي حزب الله واصطيادهم واحداً تلو الاخر. هذا التفوق النسبي كان ينبغي ان يصار الى التنبه له من قبل حزب الله، والاستدلال من ذلك على ان اسرائيل تتفوق على حزب الله، ليس بالقوة النارية ولا بالقوة الجوية، ولكن ايضا بالقوة الاستخباراتية وبالقوة التكنولوجية والدعم الدولي الكبير، وهو التفوق الذي مكّن إسرائيل من ارتكاب عملية الاغتيال التي تعرّض لها السيد حسن نصر الله مؤخراً.
الآن اعتقد ان هناك أمراً جللاً يحصل في لبنان والجميع يجب ان يتنبه إلى المخاطر الكبرى التي يتعرّض لها لبنان، وأن هناك حاجة حقيقية من أجل إنقاذ لبنان. لأنّ استمرار هذه العمليات العسكرية العنيفة، وبهذا الشكل، فإنها ستؤدي الى مشكلات خطيرة، أكان على صعيد عدد الإصابات اللبنانية التي يتسبب بها العدو الإسرائيلي من ضحايا وجرحى ومشردين، وكذلك على صعيد نسيج التضامن الوطني اللبناني. كذلك أيضاً على صعيد ان لبنان يجري تدميره واقتلاع سكان مناطق عديدة في لبنان من أراضيهم وتفريغ تلك المناطق.
لذلك، فإني اعتقد أن هناك خطوة أولى يجب ان تتخذها بداية الحكومة اللبنانية وبالتعاون مع الرئيس بري من اجل الحفاظ على وحدة اللبنانيين وتضامنهم. وهذا يقتضي جهداً حقيقياً من أجل أن يحتضن اللبنانيون بعضهم بعضاً في التصدي للعدو الاسرائيلي، وأن يصار من جهة أخرى، إلى احتضان حزب الله ودفعه نحو المسار الوطني الصحيح، لأنّ الوقت الآن ليس وقتاً للشماتة ولا للتشفي. هناك قرار شجاع ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تتخذه من أجل إنقاذ لبنان بداية بوقف ربط جبهة لبنان مع جبهة غزة ووقف ما سمي بـ"حرب الإسناد".
على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مطالبة مجلس الأمن بإعلان وقف فوري لإطلاق النار لكي يتجنّب لبنان هذه المأساة الإنسانية، وللحؤول دون تدمير لبنان بالكامل. لا يجوز أن يستمر الربط بين الساحة اللبنانية وساحة غزة. حيث أننا نرى أنه لم يبق من غزة شيئاً غير المواطنين الغزاويين بينما باتت غزة قطاعاً مدمراً بالكامل. ولذلك اعتقد ان هذا الاصرار لم يعد له ما يبرره. لذلك ينبغي على الحكومة ان تأخذ هذا الموقف بكل وضوح وبالتعاون مع قيادة حزب الله لأنّ استمرار هذا الربط يؤدي الى الاستمرار في مغامرات لا قبل للبنان بتحملها.
في ضوء ذلك، اعتقد ان هناك امران اساسيان ينبغي ان تركز عليهما الحكومة اللبنانية بالاستناد الى كل الجهود الآيلة الى جمع اللبنانيين، والتأكيد على وحدتهم الوطنية، وذلك باتجاه تكوين موقف واحد نحو تحقيق أمرين اثنين أساسيين:
الأول، الدعوة إلى تطبيق القرار 1701 بكل حذافيره والالتزام بتطبيق القرارات والقوانين الدولية ذات الصلة. إنّ هذا الأمر يقتضي من الرئيس بري أن يُمارس دوره الوطني في ذلك لإقناع حزب الله أن ليس هناك من خيار آخر في سبيل تحقيق وقف لإطلاق النار.
الثاني، أن يبادر الرئيس بري من أجل تحريك هذه المياه السياسية الراكدة التي يعاني منها لبنان حالياً، وذلك بالدعوة الى انعقاد جلسة لمجلس النواب، بكونه يمثل اللبنانيين، لبحث هذا الوضع الخطير الذي يتعرّض ويعاني منه لبنان واللبنانيون منذ الثامن من أكتوبر الماضي. وهو الأمر الذي تفاقم وبشكلٍ كبير الآن. كما أنه لا داعي للتخوف من ان يصار الى عقد مثل هذه الجلسة النيابية. على العكس من ذلك، فانعقاد جلسة مجلس النواب ضرورة بكونها وسيلة من اجل الخروج بموقف وطني عارم يمثله مجلس النواب، والذي عليه جمعُ كلمة اللبنانيين على رفض العدوان ومطالبتهم بوقف إطلاق النار، وكذلك للتوصل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يتمكن لبنان بعدها من إعادة تكوين مؤسساته الدستورية، وأن يُصار إلى تأليف حكومة قوية وفاعلة.
س: ايضا في الايام الماضية بعد عملية الاغتيال توجه له دعوة الان على الهواء للدعوة الى جلسة طارئة لمجلس النواب هل تواصلت مع الرئيس شخصياً وكيف يمكن ان يؤدي هذا التواصل معه بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
ج: بعد هذا الفراغ السياسي الطويل، نعم، لقد تواصلت مؤخراً مع الرئيس بري وتحدثت معه بشأن موضوع الحفاظ على التضامن بين اللبنانيين والأمن الوطني والسلم الأهلي، والحؤول دون حدوث أي فتنة داخلية. ولكن، ومن جهة أخرى، أنا اتواصل وباستمرار مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، واعتقد ان الرئيس ميقاتي واعٍ لهذا الأمر. ولذلك سيصار الى عقد اجتماع غداً إن شاء الله مع الرئيس ميقاتي كرؤساء حكومة سابقين.
ولذلك، فإنّ هذا من الامور هي التي ينبغي بحثها ومن الضروري جدا ان يكون التوجه لدى جميع اللبنانيين مركزاً على إنقاذ لبنان وعدم القبول بان يصار الى استمرار هذه المعارك العسكرية التي لا طائل منها. على العكس، فإنها تؤدي الى المزيد من القتل والمزيد من التدمير، والمزيد من التفسخ الداخلي، والمزيد من النازحين والمشردين والمعاناة الإنسانية الشديدة. هذا ليس مفيداً، كما أنه ليس مفيداً الاستمرار في متابعة أي مغامرة. الآن لبنان يتحمل ما لا يستطيع تحمله. النازحون اللبنانيون من كافة المناطق يتجهون نحو بيروت وغيرها من المدن من أجل الحفاظ على حياتهم. وهذا يؤثر على لبنان وعلى السلم الاهلي وعلى كرامة الناس. لا يستطيع المواطنون اللبنانيون ان يستمروا على هذه الحالة. لذلك هناك اموراً كبيرة يجب أن يُتَّخذ بشأنها قرارات شجاعة على صعيد كل من رئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي، وعليهما تحمل هذه المسؤولية التاريخية.
س: تحدثت عن تواصل مستمر مع ميقاتي هل ستتجه هذه الحكومة وانت اشرت الى أنك دعوته للتنسيق مع حزب الله بالنسبة لوقف إطلاق النار ولكن الطلب لوقف إطلاق النار لا يمكن ان يتم من جانب واحد. كيف يمكن قراءة ذلك استراتيجياً؟ هل يقدم حزب الله مع كل هذا الدمار بعد مقتل قياداته بشكل غير مسبوق على التحول إلى مرحلة جديدة؟ هل هنالك تواصل سيبدأ واي اجتماع ذكرته غدا هل مع الرئيس ميقاتي فقط او مع رؤساء الحكومات السابقين؟
ج: لا، الاجتماع مع رؤساء الحكومة السابقين. ما أقوله انه الان يجب ان يكون هناك ارتفاع وارتقاء في الأداء وفي ممارسة المسؤولية نحو ما تقتضيه مصلحة لبنان واللبنانيين، حيث أنَّ الاستمرار في هذه المعارك العسكرية يعرّض لبنان لأخطار لا يمكن حسبانها بكونها خطرة جداً على السلم الاهلي اللبناني، وعلى الاوضاع العامة في البلاد. هذا يعني بالتالي أن هناك دوراً يبحث عن بطلين. واعتقد ان هذا الدور ينبغي على الرئيس ميقاتي والرئيس بري أن يقوما به كلُّ من جهته. فالرئيس بري يجب عليه أن يتولى بصلاته الوثيقة بينه وبين حزب الله ليسير في المسيرة المطلوبة للإنقاذ، ولاسيما بعد هذه المتغيرات الأساسية، والتي لا يمكن للبنان النجاح في مواجهتها، إذا لم يكن للبنان موقف وقرار شجاع يتحقّق بنتيجته إنقاذ للبنان.
كما نعلم ان هناك من ألهب التوقعات لدى السيد حسن نصر الله وحزب الله بان هناك دعماً لا محدوداً سوف يحصل عليه من إيران. ولكن تبين ان ايران فعليا دولة لها مصالحها ولها تقديراتها. هذا لا يعني انها تخلت عن حزب الله ولكن كما يقول المثل العامي في لبنان: "يا سواري بحبك بس مش قد زندي". فبالتالي هناك مصالح الدولة الإيرانية، والتي عبّر عنها رئيس الجمهورية الإيرانية. فهذه الأمور تمثل متغيرات أساسية لدى الدولة الإيرانية العميقة، وعلى الجميع أن يقرأها بشكلٍ صحيح. إذا لم نستطع ان نقرأها بعناية وبتبصر فإننا عندها نكون كمن يترك بلده لتنزلق ولتحترق في هذه الحرب الخطرة.
س: دولة الرئيس، أريد اجابة مباشرة في هذه اللحظة التاريخية وقف إطلاق النار من جانب واحد هل ستدعو اليه حكومة ميقاتي او ان تطلب ذلك بموافقة حزب الله او من دون موافقة حزب الله لدرء المخاطر، والحؤول دون تدمير لبنان، وهو الذي يحصل بشكل ممنهج يعني هل هذا امر جدير بالبحث، وهل لكم موقف سياسي انت تدعو لمنع حصول الفتنة؟
ج: هذا ما اكدته في الاتصال الذي أجريته وتحدثت بشأنه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذه اللحظة الخطيرة تحديداً. ولذلك من الضروري العمل من أجل الحؤول دون وقوع كل هذه المخاطر، ولاسيما على المدنيين في القرى الجنوبية المدمرة، ولمنع تفاقم ازمة النازحين في باقي المناطق اللبنانية، حيث أنه الآن يجتمع أكثر من مليون نازح حتى هذه اللحظة وفق تقديرات وزارة الصحة اللبنانية، وأيضاً تقديرات الوزارات المسؤولة ومنها وزارة الشؤون الاجتماعية والمتصلة بهذه الازمة الإنسانية.
أنا اعتقد انّ الامر بالنسبة لوقف إطلاق النار يحتاج الى مزيد من الدبلوماسية ومزيد من الاتصالات السياسية. واعتقد أن مجيء وزير الخارجية الفرنسي الذي سيصل اليوم الى لبنان اليوم يُمكن أنْ يشكِّل أمراً مهماً. ولكن، ومع تقديرنا للدور الذي تلعبه فرنسا، فإنّ علينا أن نعرف ان القرار الأساس في هذه الشؤون هو للولايات المتحدة الأميركية، هذا مع الاعتراف أيضاً بانشغالات الإدارة الأميركية السياسية والإرغامات التي تمارس عليها بموضوع الانتخابات والضغوط التي تمارسها إسرائيل واللوبي الصهيوني على المرشحين الرئاسيين. ولكن، وبالرغم من كلّ ذلك، تبقى الولايات المتحدة، هي التي تلعب الدور الأساس في هذا الخصوص في لبنان. وهذا الامر ينبغي ان يصار الى التداول به من قبل الرئيس ميقاتي، بعيداً عن الأضواء، وكذلك مع الرئيس بري من جهة أخرى، وإجراء الاتصالات اللازمة مع الإدارة الأميركية من اجل ترتيب هذا الامر. من الطبيعي أن هذا الامر يقتضي بداية دراسته داخليا ما بين الرئيس بري والقيادة الجديدة لدى حزب الله.
س: هل لجلسة مجلس النواب أهمية في الدعوة إليها؟ وكيف يمكن اليوم الذهاب لما يعاني منه لبنان سياسياً في استمرار غياب الموقع الاول وهو رئاسة الجمهورية ما اهمية الذهاب الى جلسة والخروج من هذا الفراغ المستمر وما أهمية ان يذهب حزب الله الى تسويات سريعة امام كل هذه الضربات البنيوية التي تلقاها الحزب في سلسلة الاغتيالات؟
ج: أنا اقول لك أمراً أساسياً، وهو أنه وحسب الدستور اللبناني، فإنّ رئيس الجمهورية هو رمز وحدة الوطن، وبالتالي لوجوده تأثير وأهمية كبرى في جمع اللبنانيين. ولكن- وياللأسف- مازلنا نعاني من هذا الفراغ الدستوري. هذا ما يعني ضرورة المبادرة وفوراً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية من أجل إعادة تكوين مؤسساتنا الدستورية وتأليف حكومة تتولى إدارة شؤون البلاد.
لذلك هناك حاجة من قبل الجميع ان لا يضيعوا وقتهم باختراع اعراف جديدة، وبالتالي لا يجوز أن تستمر المماطلة بداعي ضرورة أن نتحاور قبل الانتخاب. هذا غير مقبول. لقد تعرّض اللبنانيون لظروف شديدة الصعوبة، ولكنهم لم يجنوا من المماطلة إلاّ الخيبة والخسران. يعني لأعطيك مثال على ذلك. عندما كان الرئيس عون رئيسا للجمهورية، وعندما حدث الانهيار الاقتصادي والمالي في نهاية اكتوبر من العام 2019، وبدلاً من ان يبادر الرئيس عون آنذاك مباشرة من اجل ان يصار الى تأليف حكومة جديدة، فهو قد أضاع قرابة شهرين بمداولات لا طائل منها، وبالتالي أدى تقاعسه إلى أن يُطْبِقَ ذلك الانهيار على لبنان، وهو الأمر الذي لانزال نعاني منه حتى الآن، وها هم اللبنانيون يتضورون منه وجعاً ومعاناةً وإفقاراً.
إنّ الاستمرار بعدم انتخاب رئيس جمهورية يؤدي الى نتائج أفظع مما مررنا به حتى الآن. يجب على الجميع ان يدرك ان هناك حاجة لان نرتفع فوق المصالح الشخصية الضيقة لبعض الفرقاء السياسيين، وفوق التمسك بكلمات البعض وبمواقعهم السابقة، و"إننا نحن قلنا موقفنا هذا ولسنا على استعداد لتغيير موقفنا". هذا كله تضييع وقت وكله تلاعب بمصالح اللبنانيين وبمستقبلهم.
اسمحي لي لأقول لك يكفي لكل مسؤول في لبنان انه ينزل إلى شوارع بيروت، ويرى بعينه كيف أصبح عليه حال اللبنانيين "اللي عم يتبهدلوا بهذه الطريقة".
عيب علينا جميعاً أن نتركهم بهذه الحال المزرية بذريعة أننا نريد أن نتمسك بأمور لا طائل منها من أجل أن بعضهم يريد "مشي كلمتي وامنع كلمة غيري". الان ينبغي العودة الى الأصول في تطبيق الدستور، الدستور واضح يجب ان يصار الى الدعوة مباشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وعدم اضاعة الوقت بذرائع غير دستورية. مجلس النواب هو صاحب الصلاحية الأساسية، وهو ممثل الشعب، ويجب الدعوة لانعقاد جلسة لمجلس النواب الآن قبل الغد من اجل ان يبحث المخاطر التي يتعرّض لها لبنان، وبالتالي أن يخرج المجلس النيابي بموقف تضامني، ويجتمع من حوله كل اللبنانيين من اجل ان ننقذ لبنان. الآن المطلوب اما ان نريد ان ننقذ لبنان او ان نريد ان ندمر لبنان. هذا هو الخيار المتاح امام اللبنانيين.
س: أشكرك جزيل الشكر دولة رئيس مجلس الوزراء السابق فؤاد السنيورة كنت معنا في هذه المقابلة الخاصة عبر سكاي نيوز عربية مباشرة من بيروت.