الرئيس السنيورة لقناة المشهد: ارتفاع شعبية نتنياهو بسبب تطرفه وشعبويته

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت منصة المشهد الاخبارية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات في ما يلي نصه:

س: ينضم الينا رئيس الوزراء اللبناني الاسبق فؤاد السنيورة اهلا ومرحبا بك معنا مباشره من بيروت: هناك مساعٍ دبلوماسية مستمرة منذ ساعات للتوصل الى وقف لإطلاق نار مؤقت بين حزب الله وإسرائيل. لأي مدى أنت متفائل بهذه الخطوة؟ وهل يُمكن أن تمهد لوقف دائم لربما لإطلاق النار؟

ج: ‏بدايةً، تحياتي لك ولجميع المشاهدين. هي محاولة قد تنجح وقد لا تنجح. ولكن، ومن حيث المبدأ، فإنه من المهم النظر إلى الأمور من زاوية أكثر شمولية. مما لا شكّ فيه أنّ ما يجري الآن هو أن نتنياهو يعتقد هو وبعض المتطرفين في حكومته أنهم، وعبر الوسائل العسكرية، يمكن أن يحققوا لإسرائيل إنجازاً من خلال هذا القصف المجرم والتدمير الجاري على لبنان. وهو العمل العسكري الذي مارسته إسرائيل، ولم يقتصر فقط على غزة والضفة الغربية، بل ينطبق الآن على لبنان. هنا علينا أن لا نهمل فهم حقيقة جديدة تتعلّق بالمجتمع الإسرائيلي، وهي أنّه وبنتيجة ما حصل، وحتى هذه اللحظة، فإنّ أسهم شعبية نتنياهو، ارتفعت وبشكلٍ كبير لدى الرأي العام الإسرائيلي لأنه يتصرف بهذه الطريقة العنفية والشعبوبة بنتيجة هذه الأعمال التدميرية وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي منذ الأسبوع الماضي في لبنان، وهذا هو المخطّط الذي يعتمده نتنياهو الآن من أجل إخضاع لبنان.

هنا لا بدّ لي أن أُضيف أمراً آخر لكي تتضح معالم الصورة منذ بدايتها لدى المشاهدين، وهو أني، وفي الثامن من أكتوبر عام 2023، أي في اليوم التالي لاندلاع طوفان الأقصى، أصدرت بياناً أوضحت فيه إن لبنان لا يستطيع أن يُزجَّ به في هذه المعركة العسكرية، وأثبتُّ ذلك من خلال خمسة أسباب أساسية، أولاً، أن هناك مشكلة لبنانية سياسية ووطنية، حيث لا يوجد في لبنان رئيساً للجمهورية ولا توجد لديه حكومة كاملة الأوصاف. إذْ أنّ لدى لبنان الآن حكومة تصريف أعمال. كما أنّ لدينا مشكلة اقتصادية هائلة. كذلك انّ لدينا مشكلة النازحين السوريين. كذلك أيضاً ما يتعلق بالمقارنة بين الآن والعام 2006 من أنّه ليس لدينا في لبنان موقفاً لبناني مؤيداً لانخراط لبنان في هذه المعركة العسكرية، وخامساً، أنّ ليس هناك من شبكة أمان لدى لبنان بشأن علاقات لبنان العربية والدولية مثلما كان لدينا في العام 2006، والذي أمنت للبنان الدعم السياسي والمادي للخروج من تبعات اجتياح إسرائيل للبنان في العام 2006.

لقد دخل حزب الله في هذه المعركة الجديدة بدون أن تتوفر لديه أو لدى لبنان كل العناصر التي تؤمن للبنان أن يكون على مرتبة موازية لإسرائيل في المواجهة العسكرية التي تجري الآن. وهذا ما شهدناه من الآثار الإجرامية والدموية التي باتت تودي بحياة الكثيرين من الضحايا والجرحى الأبرياء، والتدمير الممنهج والكبير جداً الذي يحصل، وكذلك أيضاً في هذا العدد الكبير من النازحين، وهو ما يتعدى ما حصل في العام 2006.

الأمر الآن هو أن نتنياهو يحاول أن يبيع موقفه أمام الإسرائيليين وأمام العالم بأنه هناك عددا كبيرا من النازحين الإسرائيليين الذين نزحوا من منطقة الشمال وبالتالي هو يحاول العمل على إعادتهم إلى بلداتهم وقراهم، وهو في ذلك يمارس المزيد من القصف الجوي المتمادي على لبنان ويتسبب بهذه الجرائم الإنسانية الكبرى، وبهذا الخراب الكبير، وأيضاً بهذا العدد الكبير من النازحين اللبنانيين الذين نزحوا إلى بيروت وإلى مناطق أخرى في الجبل والشمال. وهو لهذا الغرض يمارس المزيد من الضغوط على لبنان في هذا الشأن، ويتسبّب بمشكلات كبرى للبنان. الآن وحيث وصلنا إلى ما وصلنا إليه، كيف يمكن للبنان أن يخرج من هذه الأزمة الطاحنة؟

س: أستاذ فؤاد ما الذي يجب فعله الآن، والذي لم يفعل حتى الان بهذه الحرب يعني نصيحتك بما أنك كنت مجرب تفضل؟

ج: ‏طبيعي يجب أن نعلم أنّ هناك مسائل كبرى قد اختلفت منذ العام 2006 والآن، وكما يقول المثل العامي "ما حدا بيعرف الحكاية إلا الذي كان قد تعرّض إلى مثل هذه الامتحانات الكبرى التي كانت لدينا وعانينا منها في العام 2006".

بداية، أنا أعتقد أنه يجب على جميع اللبنانيين والقوى السياسية أن تؤكد على أمر أساسي، وهو ضرورة الحفاظ والعمل على تمتين الوحدة والتضامن بين اللبنانيين. كما وأن ندرك جميعاً أنّ الآن ليس الوقت لإلقاء اللوم على بعضنا بعضاً والحق على مَنْ، ولكن يجب على الجميع أن يدرك أن هناك حاجة لإيجاد موقف وطني عارم يلتزم تحقيق أمرين أساسيين:

الأمر الأول، وهو أن يُبادر لبنان فعلياً إلى المطالبة بتطبيق وقف فوري لإطلاق النار. نحن نعلم أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي موجود الآن في نيويورك، وبالتالي عليه أن يطالب وباسم لبنان مجلس الأمن الدولي في أن يصار إلى إصدار قرار لوقف إطلاق النار يكون دائماً ومُلزماً للجميع. الاقتراح الذي يتم التداول به ما بين بعض أعضاء مجلس الأمن وغيرهم، ومن ضمنه ثلاث دول عربية، هو اقتراح لوقف مؤقت لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوم، وهو ما رفضه نتنياهو بعد أن كان قد وافق عليه. لكن المطلوب في الحقيقة يجب أن يكون قراراً دائماً وليس قراراً مؤقتاً لوقف إطلاق النار، وذلك على أساس أن يصار إلى الالتزام الكامل به من قبل لبنان وإسرائيل، وتحديداً بمندرجات القرار الدولي 1701 كافة. نحن نعلم أن القرار 1701 لم تطبقه إسرائيل، وكذلك لم يطبقه حزب الله. وبالتالي لهذا الأمر، فإنه ينبغي أن يصار إلى الالتزام بتطبيق هذا القرار، وبشكلٍ كامل، وأيضاً الالتزام بجميع من مندرجاته.

س: ألم تطالب فيها حكومة تصريف الاعمال برأيك هي تتحمل مسؤوليه غياب الدولة الرسمية للبنان مع كونها كما وصفها البعض بالوسيط فقط بين حزب الله والطرف الاخر في هذه الحرب اي هي اسرائيل او حتى من يحاولون تهدئه الأوضاع؟

ج: ‏جوابي على هذا السؤال هو في البيان الذي أدليت به اليوم بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار. أما الأمر الثاني، وهو فعلياً بما يختص بدور ومسؤولية مجلس النواب ورئيس مجلس النواب تحديداً لجهة دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد لبحث هذه الكارثة الوطنية والسياسية والإنسانية، وبحث المشكلات والمصائب والكوارث التي يتعرّض لها لبنان. وبالتالي أيضاً الدعوة، وبدون أي إبطاء، وبدون أي أعذار، وذلك لكي يُصار إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يكون مقبولاً ويكون قادراً على أن يجمع اللبنانيين، وهو كذلك من اجل أن تستقيم الأوضاع الدستورية والوطنية، وان تحقيق هذه الأمور ضروري وفي غاية الأهمية.

وفي هذ الصدد، فقد ذكرت في البيان الذي أصدرته هذا اليوم بأن هناك حاجة للدولة اللبنانية أن تستعيد إمساكها بزمام الأمور، وتصبح هي صاحبة القرار والفصل في الأمور، وان تقود البلاد، وكما يقولون من المقعد الأمامي، ولتتولى عملية قيادة الأمور في لبنان، وليس في أن تستمر وكأنها تقوم بدور الوسيط لنقل الرسائل ما بين حزب الله وبين المجتمع الدولي.

الدولة اللبنانية يجب أن تكون هي المسؤولة، وأن تكون هي صاحبه السلطة وانت تتصرف على هذا الأساس، إذْ لا يُمكن أن تستمر الدولة بحال غياب عن مجريات الأمور، وأن عليها أن تبين بأدائها ومواقفها ما يريده اللبنانيون، وإلاّ لن تحصل النتائج التي يريدها اللبنانيون، ولن يتحقق إنقاذ لبنان من هذه الكارثة.

في العام 2006، بادرت الدولة اللبنانية إلى تحديد ما تريد، وحيث طالبت المجتمع الدولي والعربي مساعدتها عبر ما سمي في حينه النقاط السبع للرئيس السنيورة التي كانت القاعدة التي جرى تبنيها من قبل المجتمع الدولي.

س: نعم بالعام 2006 كنت تقريبا في نفس الوضع حضرتك يعني كرئيس حكومة استاذ فؤاد كيف اختلف الصراع بالشكل والمضمون يعني اين فشلت الدبلوماسية اللبنانية واين نجحت إذا صح التعبير هل لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حتى نفس الدور الذي طلب منك في عام 2006؟

ج: لا ‏طبيعي، ولنكن منصفين. الظروف الآن مختلفة كليا كما ذكرت في حديثي، إذْ ليس لدينا في لبنان الآن رئيس جمهورية، ومنذ سنتين، وليس لدينا حكومة مسؤولة بالمعنى الدستوري. كذلك، فإنّ الضائقة الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بلبنان، حيث بات لبنان في حالة انهيار، وحيث أن لبنان قد أصبح يعاني من مشكلات كبرى على صعيد العدد الكبير من النازحين السوريين الذين هم موجودون على الأراضي اللبنانية، وكذلك في أنّ الدولة اللبنانية فقدت الكثير من صدقيتها في علاقتها مع المجتمعين العربي والدولي، ولم تعد لديها شبكة الأمان التي كانت لديها، والتي كانت تشكّلها شبكة العلاقات الدولية والعربية من دعم سياسي ومادي.

هذه الأمور كلها تجعل الأمور مختلفة. آنذاك استطاعت حكومتي في العام 2006 أن يصدر إقرار القرار الدولي 1701، الذي كان ينبغي العمل والتأكيد على التقيد به. للأسف، لم يجرِ التقيد به على الصعيد اللبناني من قبل حزب الله، وكما ذكرت كذلك أيضاً لم يجرِ التقيد به على الصعيد الإسرائيلي على الإطلاق. وهذه كلها من ضمن المعوقات التي تعترضنا في علاقتنا مع المجتمعين العربي والدولي، وأن هناك غياباً كبيراً للدولة اللبنانية مختلفاً عما كان الأمر في السابق.

لبنان بات بحاجة إلى مبادرات داخلية تحتضن الوضع الداخلي والخارجي، وأن تتصرف الحكومة اللبنانية من موقع المسؤولية، ومن أجل تحقيق إنقاذ لبنان.

لبنان بالفعل يستحق أن تتضافر لديه الجهود الداخلية والخارجية من أجل إنقاذه، ليس فقط لما فيه مصلحة أبنائه، بل لما فيه مصلحة المنطقة أيضاً، وذلك لما يمثله لبنان من صيغة فريدة ليس فقط في العالم العربي ولكن في الكثير من دول العالم، وهي صيغة القبول بالآخر والعيش الواحد مع الآخر. هذه الصيغة التي نفتقدها، وبشكلٍ متزايد الآن بسبب هذه التوترات والتطورات السلبية الجارية في العالم والدعوات إلى الانغلاق والعنصرية والتعصب، وما شابهها من دعوات للتطرف. وبالتالي لكل هذا يستحق لبنان أن يُصار إلى مساعدته من أجل إنقاذه.

لذلك، فإنّ الأمر الثالث الذي قلته اليوم في البيان الذي أصدرته عقب زيارتي لسماحة مفتي الجمهورية بأني أناشد المجتمع العربي بما لنا عليه وله علينا من إخوة في الدم وفي اللغة وفي المصير إلى دعم لبنان من أجل الحفاظ على كرامة اللبنانيين وكرامة الذين اُنتزِعوا من أرضهم وقراهم وبلداتهم، وأصبحوا من المشردين والآن يبيتون في العراء أو في السيارات وعلى أرصفة الشوارع. هذا الأمر غير مقبول. هذه الأمور تزيد من حدّة الأوضاع العامة تعقيداً وتشجع على زيادة حدة التطرف ولا تساعد، وعلى الإطلاق، في إيجاد الحلول الحقيقة لمشكلاتنا.

ولهذا يجب علينا مرة ثانية أن ننظر إلى الأوضاع في المنطقة من زاوية عقلانية ومتبصرة، إذْ لم تعد هناك جدوى أو إمكانية على الإطلاق لا في لبنان ولا في فلسطين ولا في العالم العربي أن تستمر المداواة بالمراهم الموضعية التي لا تشفي، بل تُسَكِّنَ الألم بعض الشيء لا أكثر لتعود بعدها الأوجاع لتظهر بشكلٍ أكثر حدّة وعنفاً لأنه لم يجر إيجاد الحلول الدائمة والصحيحة.

الأمر بات يتطلب فعليا قرارات حكيمة وصريحة وشجاعة بشأن ما تشهده منطقتنا اليوم، والذي هو نتيجة لتقاعس وتخلى المجتمع الدولي عن الالتزام بتنفيذ القرارات الدولية التي أصدرها هذا المجتمع الدولي والقرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك كله لحل القضية الفلسطينية.

س: نعم، القرارات التي اصدرها بعض الاطراف المعنية والجمعية العامة للأمم المتحدة. هذه القرارات لاتزال حبراً على ورق. ولكن أود أن أسألك آخر سؤال كيف ستنتهي برأيك هذه الحرب وما هي اهداف اسرائيل الحقيقية كيف برأيك كيف رح تنتهي هذه الحرب؟

ج: أهداف إسرائيل الآن هي أن تقذف بهذا العدد الكبير من النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت إلى باقي المناطق اللبنانية، وهي بذلك تؤزم الوضع اللبناني الداخلي، وتضع لبنان في مأزق داخلي خطير. حيث أنه من الطبيعي أن تحصل احتكاكات نتيجة لما يمكن أن يحصل حتى من خلال تصرفات صبيانية أو صغيرة او مدسوسة لخلق فتنة داخلية.

الأمر الثاني، ان إسرائيل تريد أن تغطي على ما ترتكبه في غزة وفي الضفة الغربية، وبالتالي بما يسمح لها في أن تستمر في عملية الاقتلاع للفلسطينيين من الضفة الغربية ومن غزة. وبالتالي، فإنّ إسرائيل وبقيادة نتنياهو تحاول التقدم على هذه المسارات، وتستند في ذلك على قاعدة القضم والهضم التدريجي، وكذلك في الهدم والتخريب، ومن ثمّ تنطلق بعدها لمحاولات إقناع المجتمع الدولي بما تقوم به، غير عابئة بما تتسبب به من مخاطر ليس فقط للبنان ولغزة والضفة الغربية. ولكن أيضاً، وكذلك للشرق الأوسط ككل. ذلك في الوقت الذي بات فيه العالم مشغولاً بإشكالات كبرى في اكثر من منطقة في العالم. إذْ انّ هناك مواجهات في أوروبا وهناك مواجهات في أكثر من مكان في المنطقة العربية في ليبيا والسودان واليمن، كما وفي خارج العالم العربي، حيث هناك توترات شديدة في بحر الصين الجنوبي، وفي جنوب أميركا، والأوضاع المتوترة بشأن الانتخابات الأميركية.

كل هذه الأمور تحصل، وبالتالي تصبح عملية التوصل إلى الحلول الصحيحة في المنطقة العربية متعذرة ومكلفة وأكثر أوجاعاً. كيف نستطيع أن نغير هذه الأوضاع. يجب أن يكون هناك وضوحاً وإرادة صلبة وشجاعة من أجل التوصل إلى حلول حقيقية وعادلة ودائمة للمنطقة العربية، وهو ما يتطلب موقفاً عربايً إجماعياً وصامداً ومعبراً عن الموقف العربي الصحيح.

تاريخ الخبر: 
26/09/2024