الرئيس السنيورة لـ اكسترا نيوز: اسرائيل تستمر بانتهاك التفاهمات المرعية من مرجعيات دولية

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت قناة اكسترا نيوز المصرية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول اخر التطورات  وفي ما يلي نصه :

س: لمزيد من البحث في معاينة الاضطراب في المشهد اللبناني، ولتعميق النقاش والتحليل ينضم إلينا من بيروت الآن السيد فؤاد السنيورة رئيس الوزراء لبنان الأسبق. تحياتي لحضرتك دولة الرئيس. ما هي تداعيات الموقف في المشهد اللبناني إذا استمر الاحتلال الإسرائيلي لمناطق في لبنان، واستمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية خاصة في الجنوب اللبناني؟

ج: تحياتي لك ولجميع المشاهدين والمستمعين. بدايةً يجدر التذكير بأن القرار الدولي 1701 صدر ليل الحادي عشر من شهر آب/ أغسطس 2006، وأن مفعوله بدأ بالسريان ابتداء من صباح يوم 14 آب/ أغسطس 2006. ولكن من المؤسف ان هذا القرار لم يجرِ التقيد به لا من قبل إسرائيل ولا من قبل حزب الله.

الانتهاك للقواعد التي يحدّدها القرار 1701، وبالتالي عدم الالتزام الكامل بتطبيق هذا القرار، استمر على مدى سنوات طويلة حتى تم التوصل إلى تفاهمات جديدة في السابع والعشرين من شهر نوفمبر 2024. إلاّ أنه، ومنذ هذا التاريخ الجديد، وللأسف أيضاً، فقد استمرت إسرائيل في انتهاك هذا القرار، وعدم الالتزام بهذه التفاهمات الجديدة. وها هي إسرائيل توسع دائرة استهدافاتها في لبنان لتشمل كل المناطق اللبنانية. وآخر هذه الاستهدافات ما عملت عليه إسرائيل في الصباح الباكر من هذا النهار في مدينة صيدا الوادعة، والتالي أدت إلى مقتل عدد من المدنيين الأبرياء.

عدم الالتزام هذا، وللأسف، ينتهك هذه التفاهمات الجديدة لآليات تطبيق القرار، والتي تمت برعاية دولتين كبيرتين، وهما الولايات المتحدة وفرنسا. وها هي إسرائيل تضرب بعرض الحائط هذه التفاهمات، وتستمر في اعتداءاتها واحتلالاتها وهي تعطي بذلك تبريراً لحزب الله، ولكل الذين يصرون على استمرار عدم حصرية السلاح لدى السلطات الشرعية للدولة اللبنانية، وبالتالي أن تستمر ازدواجية السلطة في لبنان، وتعطيهم بذلك تبريراً للاستمرار في الدفاع عن هذه المواقف، وهذا أمر غير مقبول. على العكس من ذلك، فإنّ إسرائيل باستمرار اعتداءاتها واحتلالها لأجزاء من لبنان، وبغطاء من الولايات المتحدة، فإنها تعطي إسرائيل شكاً على بياض بذريعة حق الدفاع عن نفسها، وهي بذلك تحرج الحكومة اللبنانية، وتحرج العهد الجديد المتمثل بالرئيس جوزف عون، بالتالي أيضاً تحول دون أن يستطيع لبنان أن يتوصل إلى حلول حقيقية من أجل العودة إلى اتفاق الهدنة الذي تمّ اعتماده في العام 1949 بشأن الحفاظ على الهدوء على طول الحدود الجنوبية للبنان.

س: لماذا دولة الرئيس السنيورة لم نصل إلى حلول حقيقية على أرض الواقع وحتى الآن؟ وهل هذه الحلول تكمن في عدم التوصل إلى الاستقرار اللبناني الداخلي، أو نتيجة لمسائل متعلقة بالداخل اللبناني؟ أم بسبب التعويل بشكلٍ كبير على المجتمع الدولي، ولكن مع الاسف كما تعلم أن هناك صمت دولي مخيف بهذا التوقيت تحديداً عما يجري في لبنان وما تقوم به إسرائيل؟

ج: ‏صحيح أنَّ لبنان كان يعوّل على موقف داعم من المجتمع الدولي، وبدايةً ولاسيما ما يتعلّق بموقف الراعيين الأميركي والفرنسي لاتفاق التفاهمات الجديدة، وتحديداً ما ينبغي على الولايات المتحدة أن تقوم به لردع إسرائيل عما تقوم به من انتهاكات، وهو ما لم يحصل. المشكلة في هذا الشأن، أنَّ هناك موقفاً غير سوي للولايات المتحدة في هذا الصدد ظناً منها أنها بهذه الطريقة تعطي إسرائيل الحفاظ على تفوقها العسكري، وبالتالي الاستمرار في التسلط على المنطقة ككل، وليس فقط في ما يتعلّق بلبنان. وكما هو معلوم، فإنَّ هذه الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل لا تقتصر فقط في لبنان، بل أن إسرائيل تستمر في ارتكاب هذه السلسلة من الجرائم، وتقوم بالعدوان المستمر، أكان ذلك على الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي غزة في فلسطين، أم كان أيضاً في سوريا، ولاسيما في قيامها باحتلال مناطق جديدة في سوريا، وكذلك أيضاً في لبنان.

هذه الاعتداءات والجرائم المستمرة التي ترتكبها إسرائيل، تأتي بنتيجة المواقف المتطرفة التي تتخذها الحكومة اليمينية في إسرائيل، والتي وكما نعلم أن هناك مشكلات كبرى لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يهمه، بل من صالحه، أن يستمر في افتعال وخوض هذه المعارك العسكرية المتعددة على هذه الجبهات بكونها تساعده على حرف انتباه الإسرائيليين والمجتمع الإسرائيلي عما قام به ويرتكبه من أخطاء، وعما تسبب به من مشكلات. وبالتالي، فإنّه وعندما يقوم بذلك، فإنه يبعد عن نفسه شرب الكأس المر الذي ربما عليه أن يتجرعه في النهاية. وهو بذلك يؤخّر مصيره المحتوم. ولكن المشكلة أنه عندما سيتجرع هذا الكأس يكون قد تسبّب بقتل المزيد من الأبرياء، وفي ارتكاب هذا التدمير وهذه الجرائم التي ترتكبها وتتسبب بها إسرائيل.

المؤسف أنَّ من يدفع الثمن هم أولئك العرب الأبرياء.

باعتقادي الآن، أنَّ هناك مسؤولية تقع على عاتق الراعيين الأميركي والفرنسي من أجل ضبط هذا الوضع غير المستقر، ومنع استمرار هذا التصرف الأخرق الذي تقوم به إسرائيل. وأنا أعتقد أن هذا الأمر لا يجوز أن يستمر هكذا لأنه يزيد من حدة المشكلات التي نعاني منها، ويؤدي إلى أن تتعقّد الأمور أكان ذلك في لبنان او اكان ذلك في المنطقة ككل.

س: دولة الرئيس السنيورة، يعني أعلم أنه سؤال واسعاً مفتوحاً، ولكن أعذرني الواقع هو الذي يجبرنا على طرحه بهذا التوقيت ماذا بعد إذا بالفعل وما هو المتوقع مع الاسف إذا استمر الاحتلال الإسرائيلي في عملياته العسكرية على لبنان وسوريا وكذلك أيضاً في قطاع غزة. لقد تحدثنا عن المشهد اللبناني ماذا بعد هل هناك حل وتداعيات للموقف وللمشهد اللبناني بشكل أو بآخر إذا استمر هذا السيناريو على أرض الواقع أم ما هي الخطوة التالية التي يجب القيام به؟

ج: لا بدّ لي من أن استشهد هنا بما ورد على لسان أينشتاين، الذي يقول "أن تقومي بذات العمل لمعالجة مشكلاتك وتتوقعين نتائج مختلفة، فإنّ هذا هو الجنون بعينه"، لأنه لا يمكن عندها الوصول إلى نتائج مختلفة. وبناء على ذلك، فإنَّ سلوك الأسلوب والطريق العسكري لن يؤدي إلى أي نتيجة مختلفة سوى التسبب بالمزيد من القتل والتدمير.

الآن باعتقادي أنّ هناك حاجة من أجل العودة إلى سلوك طريق الوسائل السياسية والدبلوماسية. فمن جهة هناك ضغوط يجب أن تمارس من قبل الولايات المتحدة على إسرائيل لوقف هذه الاعتداءات على لبنان التي لم تنتج شيئا إلا المزيد من الدمار ومن الجرائم الإنسانية وسقوط المزيد من الأبرياء. ولكن هناك أمر آخر أعتقد أن على الدول العربية والإسلامية أن تقوم بعمل مثابر من أجل ممارسة المزيد من هذه الضغوط على الرأي العام الدولي عبر الإقناع، وذلك استناداً إلى ما خرج به مؤتمر القمة العربي الإسلامي الذي عقد في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر العام 2024، وهي القمة العربية الإسلامية، والذي كان تأكيداً للقرار الذي كان قد انبثق عن المؤتمر العربي الإسلامي الأول، والذي عقد في الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. فلقد صدر آنذاك قرار بتأليف لجنة من ثمانية وزراء خارجية، خمسة وزراء خارجية عرب، وثلاثة وزراء خارجية من دول إسلامية من أجل الترويج لحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وهي القضية التي نؤمن بها، وهي قضية محقة، وقضية تستأهل بأن نسعى من أجل أن نظهرها على حقيقتها أمام العالم، وللتأكيد بأنَّ العرب والمسلمون يريدون التوصل إلى السلام العادل والشامل والدائم، وهو الأمر الذي تم التوافق عليه في قمة بيروت في العام 2002.

هذه هي الأدوات التي بين أيدينا، حيث لا نستطيع أن نلجأ من جديد إلى الأسلوب العسكري الذي ثبت أنه لا يؤدي إلى أي نتيجة، آخذين بعين الاعتبار الموقف القوي والصارم والمنحاز الذي تتخذه الولايات المتحدة والغرب عموماً إلى جانب إسرائيل.

على صعيد آخر، فإنه ينبغي علينا أن لا نغفل حقيقة أساسية، وهي أنّ إسرائيل، وحتى الآن، لم تستطع أن تحقق ما وضعته من أهداف لا بالإفراج عن كامل عدد الأسرى الإسرائيليين، ولا أيضاً في تحقيق ما ترغب فيه إسرائيل بإنهاء حماس عسكرياً وسياسياً. فهذه الأمور لم تتحقق. لذلك، أرى أن هناك عملا آخر يجب أن يتم عن طريق الدبلوماسية والعمل السياسي، أكان ذلك على الصعيد العربي والإسلامي من أجل التسويق والترويج للأفكار العادلة التي نؤمن بها، وذلك كما نصّت عليها المبادرة العربية للسلام، أو أيضاً من خلال الضغوط التي يمكن أن تمارس على المجتمعات الغربية، ولاسيما ما يتوجب على الراعيين الأميركي والفرنسي القيام به من أجل التوجه نحو إيجاد الحلول الحقيقية والدائمة للقضية الفلسطينية.

س: على الطرف ‏الأميركي والطرف الفرنسي، بما يخص المشهد اللبناني، هل هو مناسب لهذه الخطوة أم هناك مطالبات أخرى توحي أيضاً بالصعوبة البالغة في التوصل إلى المفاوضات بشكل أو بآخر من أجل العودة إلى تحقيق الاستقرار مرة أخرى إلى لبنان وتحديدا في الجنوب؟

ج: هناك أمر يجب توضيحه، وذلك بأن الجيش اللبناني هو الذي يتولى الإشراف على منطقة جنوب الليطاني، وذلك بدايةً، وعلى أن تشمل سلطته الكاملة والحصرية على جميع الأراضي والمرافق اللبنانية، بحيث يتحقّق حصرية السلاح لديه على كامل الأراضي والمرافق اللبنانية.

إنه من المعروف، وكما تقول القيادة الأميركية العسكرية أيضاً التي تشارك في الاطلاع على ما يقوم به الجيش اللبناني، وكذلك من خلال المجموعة الخماسية، وجميعهم يعترفون بأنّ الجيش اللبناني يقوم بدوره إلى حدّ بعيد. وبالتالي، فإنَّ الجيش اللبناني يعمل من أجل أن يفرض سلطته الكاملة على الأراضي اللبنانية، وبالتالي تنبغي مساعدته. ولكن علينا أن نعترف أنّ الذي يقف في وجه الجيش اللبناني كحجر عثرة أمامه، وتحديداً في المناطق التي لاتزال تحتلها إسرائيل في جنوب لبنان. ومن ذلك، نقاط التلال الخمسة، وأيضاً في النقاط التي تعتدي فيها إسرائيل على الحدود اللبنانية في النقاط 13. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إسرائيل لاتزال تستهدف المدنيين وتستهدف المناطق التي جرفها الجيش الإسرائيلي في الجنوب اللبناني. وفي هذا الصدد، تجري عمليات الاعتداء على المدنيين اللبنانيين الذين يرغبون في العودة إلى بلداتهم، حيث تمنعهم القوات الإسرائيلية من ذلك.

على صعيد آخر، أقول هنا وأكرّر، أن هناك جهداً فلسطينياً يجب أن يتم لوضع مقاربة جديدة تتمحور حول ثلاثة مسائل أساسية، وهي:

1.  الحاجة إلى ترتيب البيت الفلسطيني ووضع حدّ للخلافات الفلسطينية- الفلسطينية.

2.  الحاجة لاستعادة فلسطينية وعروبة القضية الفلسطينية ووقف استعمال هذه القضية المحقة لمصلحة أطراف إقليمية أو دولية لتحقيق مآرب وغايات خاصة بها.

3.  الحاجة إلى تحقيق تفاهم وفهم مشترك بين جميع الفصائل الفلسطينية على أن المهم هو القضية الفلسطينية، والتي ينبغي التركيز عليها وإعطائها الأولوية، وليس المهم قضايا ومسائل تتعلق بمصالح بعض الفصائل الفلسطينية، والفرق في ذلك كبير وخطير.

على صعيد آخر، فإنّ هناك حاجة لبذل جهد عربي يجب أن يتم من قبل الجهات العربية والإسلامية لتعظيم الاهتمام الدولي، وبالتالي الالتزام بإيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وهناك جهد يجب أن يتم مع الولايات المتحدة التي لاتزال تعطي لإسرائيل الحق في ارتكاب ما تريده ويحلو لا من جرائم ومن ضغوط على اللبنانيين. وها هي إسرائيل، وياللأسف، تقوم بذلك في غزة وفي الضفة الغربية وأيضاً في سوريا. ولكن في ما خصّ لبنان، فإنه يجب على الولايات المتحدة أن تتحمل مسؤولياتها، حيث أنه لا يمكن أن نحصل على نتيجة فعلية لإنهاء هذا الوضع المتدهور، وبما ينهي هذه الحالة الشاذة إذا استمر هذا التفويض وهذا الحق بالقتل والترخيص بالقتل الذي تعطيه الولايات المتحدة لإسرائيل على هذا الشكل

تاريخ الخبر: 
04/04/2025