الرئيس السنيورة لـ الحدث: مواقف الرئيس سلام منسجمة مع خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت قناة الحدث من محطة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة في ما يلي نصه:

س: دولة الرئيس، هل يأتي التأكيد على رفض ثنائية السلاح من قبل نواف سلام في إطار نتائج مسار انبثقت عنه هذه النظرية، أو أنّ هذا الموقف لا يعدو تصريحات شكلية فحسب؟

ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. هذا التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يأتي منسجماً مع الموقف الذي عبَّر عنه فخامة الرئيس الجمهورية جوزف عون، وينضوي تحت المبادئ التي ارتكز عليها خطاب القسم، وأيضاً البيان الوزاري الذي وافق عليه مجلس الوزراء بكل مكوناته ونالت الحكومة، وعلى أساس منه، الثقة من المجلس النيابي. هذا الموقف يقضي باستعادة الدولة لسيطرتها وسلطتها الكاملة على جميع الاراضي اللبنانية. وهو الموقف الذي يكرّره كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بين الحين والآخر. وهو بالفعل يستند إلى قاعدة شعبية عارمة في لبنان ترى ان هذا السلاح، أكان سلاح حزب الله، أم كان السلاح الفلسطيني الموجود في المخيمات الفلسطينية، لم يعد له أي قيمة عسكرية، لا في حماية لبنان ولا في ردع إسرائيل. كذلك لا قيمة له في تحرير فلسطين. ولاسيما في ضوء المتغيرات والتحولات الكبرى، وعلى أكثر من صعيد، والتي شهدها لبنان وشهدتها المنطقة خلال الاثني عشر شهراً الماضية.

س: يعني أفهم من كلامكم بأنه لا تباين بين مواقف رئيس الحكومة والرئيس اللبناني بشأن حصريه السلاح بيد الدولة؟

ج: لا اعتقد أنّ هناك أي تباين بينهما على الإطلاق. هناك موقف جرى التفاهم عليه بينهما، وذلك في أن يبادر فخامة الرئيس بالتواصل مع أركان الحزب بشأن مصير سلاح حزب الله. وهذا لا يعني إطلاق حوار جديد بين رئيس الجمهورية وبين المسؤولين في حزب الله، بل هو ينبغي أن يكون، وبشكلٍ أساس، للتواصل من أجل التقدم على المسار الذي ينبغي ان يصار الى سلوكه حتى لا تستمر الازدواجية في السلطة، وفي وجود السلاح خارج سلطة الدولة اللبنانية.

في هذا الصدد، وأخذاً بعين الاعتبار للوضع العام في لبنان، ومن أجل ضمان حماية لبنان واللبنانيين، فإني أرى وجوب أن يكون هناك موقف يحرص على احترام مسألتين: الأولى، وهي اعتماد الحكمة في التصرف. والثاني، أن يكون في التزام الحزم في المواقف. اعتماد الحكمة لأنّه ليس هناك من رغبة لدى اللبنانيين على الإطلاق، كما أنّه ليس هناك من رغبة لدى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أو الحكومة اللبنانية في خوض معارك عسكرية ضد حزب الله، أو ضد المخيمات الفلسطينية، بل في اعتماد التواصل والتقدم التدريجي نحو التوصل إلى حلّ حقيقي. ولكن ينبغي وبالتلازم أن يكون هناك موقفاً حازماً يجب أن يتخذ في هذا الشأن. وهذا يعني التقدم على مسارين: الأول في التواصل مع حزب الله من قبل فخامة الرئيس. والثاني أن يحصل تقدّم موازي من خلال التواصل مع الفصائل الفلسطينية من قبل الحكومة ورئيسها بشأن التدرج في تسليم سلاحها للجهات المختصة في الدولة اللبنانية، وذلك حسب ما جرى التفاهم بشأنه مع الرئيس محمود عباس.

س: بهذه النقطة لو سمحت، البعض يقول بان هذا الحزم لم يفض الى شيء فعلي على ارض الواقع حتى هذه الساعة خاصة فإنّ تصريحات نواف سلام جاءت بعد 24 ساعة من لقاء الرئيس عون مع وفد من حزب الله وبدت وكأنها خطوة في مسافة الالف ميل وبالتالي هل الأولوية الان في لبنان هي لنزع سلاح حزب الله ام لنزع سلاح الفصائل الفلسطينية؟

ج: أنا اعتقد أنّ هذان المساران ينبغي أن يكونا متلازمان ومتوازيان، إذْ ليس هناك أولوية من أحد المسارات على الآخر. قد يحصل تقدم على مسار أكثر من الاخر ولكن ليس معنى ذلك التوقف عن الإصرار على التقدم على المسارين في موقف واضح وحازم، وذلك استناداً إلى مبدأ استرجاع سلطة الدولة. أنا اعتقد أنّ هذان الأمران يجب أن يحصلا سوية وبالتوازي. وهما ينطلقان أساسا من ضرورة استعادة الدولة لسلطتها الكاملة.

أود أن أكون واضحاً هنا، أنّه من الثابت أن في ذلك مصلحة حقيقية للبنان واللبنانيين من جهة، وكذلك أيضاً لحزب الله وللفلسطينيين من جهة ثانية. فهو موقف يخدم المصلحة الوطنية، كما يخدم مصلحة الفلسطينيين ومصلحة حزب الله في تركيز الاهتمام على الجوانب التي يكون فيها مردودية إيجابية على القضية الحقيقية لكل منهما.

المسألة أنه ليس فقط لم يعد من الجائز، بل وأيضاً ليس بالإمكان الاستمرار بحالة الازدواجية وثنائية السلطة بكون ذلك يعطّل الجهود الآيلة لاسترجاع الأوضاع الطبيعية في لبنان والتمكّن من البدء بمعالجة هذا الكم الكبير من المشكلات التي يتعرّض لها لبنان واللبنانيين وجميع المقيمين على الأراضي اللبنانية. وبالتالي، فإنّه لم يعد من الممكن أن تستمر محاولات البعض في حالة الإنكار لما جرى من تطورات ومتغيرات، وطنية وسياسية وأمنية وعسكرية في لبنان والمنطقة العربية.

س: بالحديث عن الانكار هذا الانكار كان من نعيم قاسم خلال تصريحه قبل يومين واكد على مسالة ثلاثية المقاومة والجيش والشعب، ولكن ألا يعيدنا ذلك فعلاً الى الدوامة الأولى او الى الخطوة الأولى في الوقت الذي بربط فيه المجتمع الدولي أي تقدم في لبنان او أي مسار سياسي او اقتصادي وإعادة اعمار بمسالة نزع سلاح حزب الله؟

ج: لقد بات واضحا للجميع ان لبنان يمر بأزْمات مستعصية بنتيجة استمرار الازدواجية بالسلطة واستمرار وجود السلاح المتفلت والخارج عن الشرعية اللبنانية. كذلك، فإنَّ هذا الوضع لا يستقيم مع الموقف الواضح الذي يتخذه الاشقاء والأصدقاء في العالم بضرورة عودة الدولة لتصبح صاحبة السلطة الوحيدة. ذلك أنّ هناك استحالة في أن يصار الى التقدم على مسار استعادة العافية الى الاقتصاد اللبناني، واستعادة قدرة لبنان في أن يباشر في حل مشكلاته، ولاسيما تحت وطأة هذا التدمير الكبير الحاصل في مناطق واسعة من لبنان، والمعاناة الشديدة التي يعاني منها اللبنانيون الذين نزحوا عن قراهم ومساكنهم في الجنوب وغيرها، بسبب ما طالهم من تدمير وخسارات بشرية ومادية كبيرة. هذا علماً أنّه ليس هناك من مخرج من تلك المآزق من دون دعم أولئك الأشقاء والأصدقاء، وهو ما لا يُمكن أن يحصل من دون استعادة الدولة اللبنانية لسلطتها ولدورها.

وهنا يجب التنبه إلى أنّ هناك من يحاول ان يتذاكى على السلطة اللبنانية، ويحاول أن يغطي الأمور بهذه المواقف الانكارية لحقيقة ما حصل في لبنان والمنطقة. اعتقد انه قد أصبح واضحاً أن هذا السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، فَقَدَ قدرتَهُ العسكرية على ان يحقق أي شيء لردع إسرائيل أو لحماية لبنان، أكان ذلك بالنسبة الى حزب الله بعد ما أصبحت إسرائيل تتمتع بسيطرة كاملة بسبب القدرة الجوية والقدرة النارية والاستخباراتية والتكنولوجية التي اصبحت لدى إسرائيل، وهي التي شهدناها في تنفيذ عمليات الاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل ضد مواقع وأفراد تابعين لحزب الله واستمرارها في احتلال مناطق واسعة من لبنان. هذا من جهة، كما أنّ هذا السلاح الذي بيد الفلسطينيين أيضاً لم يعد يخدم القضية الفلسطينية، بل أصبح وسيلة من أجل إذكاء الصراعات بين المنظمات الفلسطينية.

الآن من الضروري الاعتراف بان هناك متغيرات كبرى، وأن يتوجب على الجميع ان يبادر الى إيجاد حلول من اجل التقدم على مسارات تحقيق الحلول الحقيقية للمشكلات الأساسية، ومن ضمنها مسألة إعادة الاعمار.

ها هو السيد نعيم قاسم يقول: ما تحكوا معنا بعد الان حتى يتم توقف ما تقوم به إسرائيل هنا أود أن أبين نقطة يجب ان تكون واضحة وتتمثل بالموقف الإسرائيلي المستمر في ارتكاب الانتهاكات والاعتداءات على لبنان وأيضا في الاستمرار بالسيطرة على خمس تلال داخل الأراضي اللبنانية، وعلى حدودنا الجنوبية، وهي الاعتداءات والاحتلالات التي اثبت جميع الخبراء العسكريين في الأمور العسكرية ان ليس لهذا الوجود الإسرائيلي في هذه مناطق أي قيمة استراتيجية أو أي قيمة عسكرية.

إنَّ ما تقوم به إسرائيل يكاد يصب في مصلحة حزب الله وأيضا في مصلحة السردية التي يعتمدها حزب الله من أجل الاستمرار في حمل سلاحه. اعتقد ان هناك مسؤولية على الراعيَيْن الأميركي والفرنسي، اللذين تعهدا بأن يصار الى احترام تنفيذ القرار 1701 حسب التفاهمات التي تمت في السابع والعشرين من نوفمبر 2024، وهو الأمر الذي لا تقوم به، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية كما ينبغي.

وعلى أي حال، ينبغي أن يستمر التواصل مع الحزب من أجل التقدم على مسار التسليم بسلطة الدولة اللبنانية، وتطبيق عدم ثنائية أو ازدواجية السلطة او السلاح، وكذلك في أن يستمر التواصل مع الفلسطينيين لحلحة هذه المسائل الأساسية. هذا في الوقت الذي يجب أن يستمر التواصل مع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل للانسحاب من لبنان.

 

تاريخ الخبر: 
27/05/2025