الرئيس السنيورة لمحطة ( تي ار تي ) : السلاح الذي يحتفظ به حزب الله سوف يسلم الى الجيش اللبناني وعندها يستطيع لبنان ان يستعيد حيويته وايضاً نهوضه

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت فضائية ( trt ) التركية الناطقة بالعربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول الاوضاع الراهنة وفي ما يلي نصه:

س: دولة رئيس الوزراء، أهلاً بكم دولة رئيس الوزراء. الموفد الأميركي إلى لبنان توم براك قال ان الدور على إسرائيل في التحرك بعد اعلان لبنان التزامه بنزع سلاح حزب الله. نسألكم في البداية هل ربما سوف يحدث اي تغير في موقف الحكومة اللبنانية خصوصا في ضوء رفض حزب الله على لسان امينه العام تسليم السلاح؟

ج: بدايةً، تحياتي لك ولجميع المشاهدين. من المعلوم انَّ الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً هاماً وتاريخياً، وهو فعلياً ينطلق من الموقف الاساس الذي أقرَّه والتزم به لبنان واللبنانيون، وهو اتفاق الطائف الذي حصل في العام 1989، والذي قضى، وكما ينبغي، أن تكون هناك حصرية للسلاح بيد الدولة اللبنانية، وتحديداً لدى مؤسساتها العسكرية والأمنية الشرعية. وهذا هو ما أكد عليه ايضا القرار 1559 بعد ذلك والقرار 1701، وبالتالي هو ما أكّدت عليه الحكومة في بيانها الوزاري وما اكد عليه رئيس الجمهورية المنتخب جوزف عون في خطاب القسم. وكل ذلك لكي يستعيد لبنان دولته لتكون دولة طبيعية يكون لها الحق الحصري في قرارات الحرب والسلم وأيضاً أن يكون السلاح حصراً بيد السلطة الشرعية اللبنانية. وهذا الامر أكّدت عليه الورقة التي تقدمت بها الولايات المتحدة من خلال مبعوثها السيد باراك وجرى التباحث بشأنها مع المسؤولين في لبنان. وبالتالي صدرت هناك ورقة شارك فيها جميع المعنيين في لبنان، وبات هو القرار الذي يجب أن تلتزم به الحكومة اللبنانية وتحرص على ان يصار الى تطبيقه من اجل معالجة هذا الكم الكبير من المشكلات التي تراكمت على لبنان، والتي كان منها ما حصل نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية والقصف الاسرائيلي الذي نال من لبنان واللبنانيين، وكذلك نال من بيئة حزب الله أيضاً. لذلك، فإنَّ ما قاله المبعوث الاميركي صحيح بضرورة التوصل الى وقف إطلاق النار والى تسليم الأسلحة التي يحتفظ بها حزب الله للجيش اللبناني. وخطأً ما يقال بأنّ هذا السلاح سيسلم لإسرائيل. وهذا خطأ. الصحيح أنَّ السلاح الذي يحتفظ به حزب الله سوف يسلم الى الجيش اللبناني. وبالتالي، فإنّه وعندها يستطيع لبنان ان يستعيد حيويته وايضاً نهوضه لكي يعالج هذا الكم الكبير من المشكلات التي ذكرتها لك. لذلك، فإنّ هناك التزاماً من قبل الحكومة اللبنانية في ضرورة التمسك بهذا القرار الدولي 1701 والعمل على تنفيذه، وبالتالي بالتشديد على أن لهذا العمل نتائج ايجابية تنعكس بالذات على مصالح البيئة التي ينتمي اليها حزب الله، ولاسيما أن هناك تدميراً كبيراً حصل في القرى والبلدات الحدودية وفي أكثر من مكان في لبنان.

س: دولة رئيس الوزراء، لديكم تجربة سابقة مع حزب الله كنتم رئيساً للوزراء أثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006 حين ذاك رفض حزب الله ان يسلم سلاحه كيف برأيك سيتعامل القانون اللبناني مع قضية بهذا الحجم في هذا التوقيت خصوصا وان سلاح الحزب مرتبط بقرارات سياسية وامنية إقليمية؟

ج: صحيح أنّ سلاح الحزب مرتبط أيضاً بموقف إيران التي تعتمد على حزب الله وعلى سلاحه في تشكيل موقف ومصدر قوة وإزعاج تستطيع من خلالهما أن تتفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية فيما خصّ علاقتها بها. أي بعبارة أخرى أنّ لبنان بات يُستعمل من قبل إيران كساحة او كصندوقة بريد من اجل ممارسة هذا النفوذ الإيراني الذي كانت تمارسه إيران وتقول بأن لديها سلطة على اربع دول عربية وتعني بذلك بغداد، ودمشق، وبيروت، وصنعاء. هذا الامر كان قائماً، وكان سائداً في العام 2006 حيث كانت إيران تمارس هذا الضغط، وتمارس هذا النفوذ، وبكونها كانت تعتمد أيضاً على اوضاع كانت ملائمة لها من خلال وجودها بقوة في سوريا وفي العراق. حيث كان هناك طريقاً واسعة ومفتوحة، ودون أي عوائق، تنطلق من طهران وتمرّ ببغداد ودمشق وتصل إلى بيروت.

لكن خلال الأشهر الماضية، حصلت متغيرات في لبنان، حيث بات هناك رئيسا جديدا للجمهورية اللبنانية، وهناك أيضاً حكومة لبنانية جديدة، وأن هناك تطورات كبرى قد حصلت في لبنان عقب التورط الذي قام به حزب الله في العام 2023، وذلك للمرة الثانية على التوالي بعد العام 2006 حين جرى الزج بلبنان في معركة لم تكن مدروسة، ولم يجرِ التحوط لها. وبالتالي تعرّض الحزب لخسائر كبرى في تنظيمه وفي عناصره، وأيضاً في الإمكانات العسكرية التي بناها على مدى هذه الفترة. كما تعرّض الحزب إلى ظروف عسكرية مختلفة بنتيجة ما قامت به اسرائيل بتعزيز قواها النارية والجوية، وأيضاً وقواها الاستخباراتية والتكنولوجية، وبالتالي ظهر كم أنّ إسرائيل استطاعت ان تخترق حزب الله، وأن تلحق به أضراراً كبيرة وهائلة. هذا ناهيك عن ذلك، فقد حصل هناك متغير جديد، وهو ما حصل في سوريا، حيث لم تعد هذه الطريق من طهران إلى بيروت مفتوحة. إذْ حصلت جملة من المتغيرات، والتي نعتقد ان هذا الموقف الجديد الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في هذا القرار يستند أيضاً على أن الظروف قد تغيرت، وبات هناك وضعاً جديداً، حيث أصبح واضحاً ان هذا السلاح الذي ما زال بيد حزب الله قد أصبح عبئاً على حزب الله، ولاسيما من خلال ما باتت تستطيع ان تقوم به إسرائيل، بكونها أصبحت تصطاد عناصر حزب الله اصطياد العصافير. فبالتالي هذه كلها متغيرات التي ينبغي على حزب الله ان يأخذها بعين الاعتبار، ويتصرف على أساسها، وليس في إنكارها أو إغفالها.

س: دولة رئيس الوزراء، إذا سمحت لي، في ضوء كل ما اشرتم اليه في اجابتكم قلتم ان الظروف اليوم تغيرت. لبنان لديه رئيس جديد لحكومة جديدة ولكن برأيك هل تعتقدون ان مجرد طرح ملف نزع سلاح حزب الله في هذا التوقيت بالتحديد هل يخدم استقرار لبنان وفي ضوء هشاشته في ضوء الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة خصوصا وان اسرائيل ايضا تضع لبنان في موقف محرج باستمرار انتهاك وقف إطلاق النار وعدم الانسحاب من الاراضي اللبنانية وقيامها يوميا باستهداف شخصيات من الحزب؟

ج: بدون أدنى شك، ان هناك صعوبات كبيرة تكتنف هذه العملية، ولكن الامر لا ينبغي أن ننظر إليه بأنه فقط عملية نزع للسلاح بقدر ما يجب أن ننظر إليه أيضاً، أن هناك مصلحة لحزب الله ولبيئة حزب الله في ان يصار الى الابتعاد عن حالة الانكار وايضا الابتعاد عن حالة المكابرة في انهم لا يريدون تسليم هذا السلاح للدولة اللبنانية، وأنهم لذلك سوف يخوضون معركة كربلائية أي عملية انتحارية للاحتفاظ بهذا السلاح. وهي العملية التي لا ينجم عنها إلا المزيد من القتل والدم والتدمير والخراب، وبالتالي هو الأمر الذي سيتسبب بوقوع الكثير من الضحايا والأضرار، ولاسيما على بيئة حزب الله. هذا علماً أن حزب الله بات الان بحاجة ماسة من أجل أن يمكِّن سكان القرى الجنوبية التي تم تدميرها بكاملها من أجل ان يعودوا الى اراضيهم والى املاكهم ومنازلهم. وبحاجة أيضاً من أجل أن يصار إلى البدء وإكمال عملية إعادة إعمار في تلك المناطق. وهذا الامر لا يمكن ان يحصل إذا لم يتمكن لبنان من أن يتوصل إلى تحقيق توافق داخلي حول تطبيق صحيح وكامل للقرار 1701.

إذاً هناك بالفعل مصالح حقيقية للبنانيين عامة ولحزب الله وبيئته على وجه الخصوص، وبالتالي على الجميع ان يسهم في عملية تمكين حزب الله من أن يعود سلمياً، وبالتعاون مع باقي اللبنانيين، الى حيث ينبغي أن يكون، أي تحت كنف الدولة اللبنانية، وذلك بشروط الدولة اللبنانية. لذلك، فإنّ الأمر الطبيعي هو الذي اتخذته الحكومة اللبنانية. ولذلك، فقد بات من الضروري على حزب الله ان يعود الى الدولة بشروط الدولة اللبنانية ويكون تحت كنفها. لأن الاستمرار على الحال هذه، سيكون من نتيجته أن يتعرّض فيها الحزب ولبنان واللبنانيين للاعتداءات الإسرائيلية ويحصل هذا القتل والتدمير، وهو أمر غير مفيد على الإطلاق، بل مدمر للجميع. ولذلك، لا يمكن الحزب من ان يحصل على أي شيء إذا استمر على هذه الحال. على العكس، فإنه سيخوض معارك كبرى تعود بالضرر عليه وعلى الجميع.

من الطبيعي، ولإجراء معالجة صحيحة لهذه المشكلة والأزمة الخطيرة، فإنّ الأمر يقتضي من جهة ان يكون تعامل اللبنانيين من كل الفرقاء ومن كل المناطق تعامل حكيماً واحتضانياً لحزب الله، ليأتي وبقراره الذاتي، وبمبادرته لينضوي تحت كنف الدولة وبشروطها كما ذكرت.

من جهة ثانية، فإن هناك ايضا حاجة ان لا يبقى لبنان في هذا الشأن في حالة بين المطرقة والسندان بين مطرقه حزب الله وسندان إيران التي الذي تملي عليه ما لا يستطيع أن يتحمله لبنان. بمعنى آخر، أن يصار الى الضغط من قبل الدولة اللبنانية من أجل أن تقوم الولايات المتحدة بتفهم الوضع الدقيق الذي يمر به لبنان، وبالتالي أن تضغط على إسرائيل لكي تبادر إلى اتخاذ خطوات عملية تسهم فعليا في التقدم نحو الانسحاب من لبنان، وأيضاً في المبادرة إلى وقف إطلاق النار.

لذلك، وبمعنى آخر، فإنّ هناك قرارات قد اتخذت من قبل الدولة اللبنانية وهي قرارات مهمة وتاريخية، وأن لبنان قد أبدى رغبته واستعداده للسير قدما في هذا الطريق الذي يؤدي الى تحقيق وقف لإطلاق النار في لبنان. وبالتالي، فإنّه بات يتوجب أن تنسحب اسرائيل من كل المناطق التي احتلتها في لبنان، ولكن هناك واجب من قبل اسرائيل ان تبادر ايضا للتعاون مع الراعي الامريكي بان تسهم بخطوات عملية نحو تحقق هذا الامر واعتقد ان الشيخ نعيم قاسم قد أشار في معرض تهويلاته وتهديداته إلى اننا لن نسلم السلاح ما لم يتوقف إطلاق النار وتنسحب إسرائيل، وهو قد يفتح في ذلك طاقه يمكن الولوج منها بشكل او باخر لتحقيق هذا الامر اعتقد ان هناك ادراكا متزايدا في لبنان بان استمرار الحال على ما هو عليه هو امر مضر ولا سيما لبيئة حزب الله ولحزب الله.

تاريخ الخبر: 
18/08/2025