الرئيس السنيورة : لاريجاني جاء ليعتذر عن الخذلان الذي مارسته إيران تجاه بيئة حزب الله وليؤكد لهم انّ إيران مازالت متمسك

اجرت محطة القاهرة الاخبارية حديثا مع الرئيس فؤاد السنيورة في ما يلي نصه:
س: وإلى الوضع اللبناني حيث تواصل الدولة اللبنانية مساعيها المكثفة لحصر السلاح بيد الجيش اللبناني في ظل رفض حزب الله حتى الآن تسليم سلاحه وتلويحه مؤخراً بحرب أهلية، وهو ما قوبل بموجة شديدة من الادانات، حيث حذّر رئيس الوزراء نواف سلام من التصرفات غير المسؤولة لحزب الله، والتي تحرض على الفتنة. كما أدان رؤساء لبنانيون سابقون في بيان مشترك رفض حزب الله لقرار حصر السلاح بيد الدولة، بما يمنع عودة الاستقرار لبلاد الأرز. فهل سيعود المشهد اللبناني الى الساحة المعقدة من جديد؟ وكيف ستكون سيناريوهات الأيام المقبلة؟ هذا ما سنعرفه الان من السيد فؤاد السنيورة، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، والذي ينضم الينا من بيروت. أهلاً بك دولة الرئيس على شاشة القاهرة الإخبارية، وبعد التحية كيف تصفون لنا المشهد الحالي بلبنان في ظل مساعي الدولة اللبنانية لحصر السلاح بيد الجيش اللبناني ورفض حزب الله تسليم سلاحه حتى الان؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. هذه الحكومة اللبنانية تألفت في شهر شباط/ فبراير من هذا العام، وهي التي يتمثل فيها حزب الله وحركة أمل، وذلك على أساس أن تسير الحكومة قدماً في عملية تحقيق حصرية السلاح لدى القوى الشرعية اللبنانية، الجيش والقوى الأمنية. هذا ما يعارضه حزب الله. ونتيجة لذلك، فقد بدأت الأمور تتعقد، ولاسيما مع دخول إيران على الخط، وحيث شهدنا كيف أنه وخلال الأيام العشرة الماضية، زار السيد علي لاريجاني لبنان، وكان الهدف من زيارته محاولة استرضاء قاعدة حزب الله التي تشعر بالخذلان من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خلافاً لما كانت تتوقعه عندما كان حزب الله يواجه الغارات وعمليات القصف والتدمير والقتل من إسرائيل حتى السابع والعشرين من شهر نوفمبر العام الماضي، وإلى حين جرى الاتفاق على التفاهمات الجديدة بشأن كيفية تطبيق القرار 1701، وحيث استمرّت إسرائيل بعد ذلك في استهداف أمكنة مختلفة في لبنان، وتتصيّد اعضاء وعناصر من حزب الله.
لقد جاء لاريجاني لكي يعتذر عن ذلك الخذلان الذي مارسته إيران تجاه بيئة حزب الله، وليؤكد لهم من جهة ثانية، انّ إيران مازالت متمسكة بدعم حزب الله، وبالتالي هي حريصة على استمرار حزب الله في تمسكه بسلاح، وذلك كما صرح به السيد لاريجاني من على باب الرئيس بري بأنه "ينصح الحكومة اللبنانية بالحفاظ على حزب الله واستمراره في حمل السلاح".
الوضع الآن بات واضحاً في أنّ الحكومة اللبنانية اتخذت هذا الموقف الوطني والسيادي، ذلك لأنّ الامور لم تعد تتحمل الاستمرار في وجود الازدواجية بين دويلة حزب الله والدولة اللبنانية. ما تريده الحكومة اللبنانية الآن أن يتعاون حزب الله مع مسعى الحكومة تجاه حصرية السلاح، وبالتالي أن يعود حزب الله لكي ينضوي تحت سلطة الدولة اللبنانية، وبشروط الدولة اللبنانية. وبالتالي أن لا تكون هناك أي ازدواجية في السلاح. هذا الامر استثار بيئة حزب الله، ولاسيما أنّ هناك مجموعات وازنة لدى حزب الله لازالت في حالة انكار لما جرى خلال هاتين السنتين، وهي أيضاً مازالت في حالة مكابرة، وبالتالي تتمسّك بعدم القبول بتسليم سلاح حزب الله للجيش اللبناني، وأعني بذلك تسليم أسلحة حزب الله، وغيرها من المنظمات اللبنانية وغير اللبنانية للجيش اللبناني. وهو الأمر الأساس الذي اتفق عليه اللبنانيون في مؤتمر اتفاق الطائف في العام 1989، والذي تأخر تنفيذه بسبب الظروف التي سادت في لبنان طوال هذه الفترة الماضية.
الآن هذا القرار قد اتخذ من قبل الحكومة ولا يمكن الرجوع عنه. والسؤال الآن هو في كيفية تنفيذه. أنا اعتقد أن على الحكومة اللبنانية ان تتعاون مع حزب الله من خلال اعتماد الحكمة والحزم والحنكة في ان معا الحكمة في التطبيق والحكمة في التصرف وفي وضع البرامج التنفيذية توصلاً لهذه الحصرية، وكذلك الحكمة في التواصل، وكذلك الحكمة في الاقناع بأنّ هذا الأمر يصب في مصلحة حزب الله، وذلك في أن ينضوي تحت سلطة الدولة اللبنانية من جهة. وأيضاً الحنكة في كيفية إدارة الأمور من جهة ثانية، وكذلك التمسك بالمبدأ السياسي الأساس من جهة ثالثة، حيث لا ينفع على الاطلاق الاستمرار في قبول الازدواجية في السلطة في لبنان.
هذا الى جانب ما ينبغي أيضا على لبنان والحكومة اللبنانية في التصرف، ولاسيما في التواصل مع الراعيين الاساسيين لهذه التفاهمات التي وُقِعت في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لتطبيق القرار 1701 في أنه ينبغي عليهما أن يساعدا لبنان، ولا أن يتركوا لبنان ليكون ويستمرتحت ما يسمى ما بين "حجري الرحى"، أو المطرقة والسندان، المطرقة الإسرائيلية والسندان الإيراني.
الضغوط الإسرائيلية التي تقوم بها اسرائيل ضد لبنان، حيث تستمر في استهدافه عبر عمليات القصف والاغتيال والقتل ومن جهة ثانية استمرار الاملاءات التي تمليها إيران على لبنان من خلال حزب الله، وبالتالي بأنها لن تسمح لإسرائيل بتسليم السلاح للجيش اللبناني. هذه هي المشكلة الآن، والعقدة أن هناك من يُهَوِّل على لبنان بأن ما قامت به في اتخاذ قرار حصرية السلاح هو عمل خيانة، وأنّ الحكومة قد قامت بشيء ليس من صلاحيتها، وان هناك امكانية لان يصار الى تسيير مسيّرات بالشارع وغيرها، أي ما قد يؤدي إلى إطلاق الفتنة الداخلية اللبنانية من عقالها، بمعنى النزول إلى الشارع وإحداث الفوضى الداخلية.
س: نعم يعني قراءتك لتصريحات رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام بالأمس والتي ادان خلالها موقف حزب الله وتصريحات قيادته الرافضة لتسليم السلاح هل تتوقع صدام بين الحكومة وحزب الله في الفترة القادمة؟
ج: هناك من يهول بذلك، ولكني شديد القناعة بأنّ الغالبية الساحقة من اللبنانيين بمن فيهم مَنْ هم مِنْ بيئة حزب الله، وهما المكونين السياسيين الأساسيين، حزب الله وحركة امل، لا أحد يريد ان ينزلق لبنان الى فتنة داخلية يكون الخاسر الأول فيها من يتسبب بهذه الفتنة، ولكن أيضاً اللبنانيين جميعاً. إذْ ليس هناك من رابح عند اندلاع الفوضى واحتمال تحولها إلى فتنة داخلية. ولذلك ما اقوله هو في ضرورة العمل من خلال الحرص على التطبيق الحكيم لهذا القرار الحكومي، إذْ لا مندوحة، ولا مجال على الإطلاق بإمكانية أن يُصار إلى التخلي عن فكرة حصرية السلاح. كما ان من يهدد بانه يريد استمرار حمله للسلاح من أجل حماية نفسه وبيئته، ويحاول ان يخترع أسباباً لذلك، فإنه لا شكّ أنه سيصطدم بإشكالات لا تحمد عقباها، حيث تحل المصيبة على مجموع الشعب اللبناني. الحقيقة التي يجب الانطلاق منها، أنه وفي بلد متعدد كلبنان، وهو أشبه ما يكون بلوحة فسيفسائية، فإنّه عندما يطالب فريق من اللبنانيين بأن تكون له الأفضلية على غيره بحمل السلاح من اجل حماية نفسه، فإنّ هذا الأمر بحد ذاته ليس إلاّ دعوة مفتوحة لبقية الفرقاء اللبنانيين من أجل أن تكون هناك مطالبات من قبل الفرقاء الآخرين بأن يكون لديهم حق الاحتفاظ بالسلاح واستعماله عند الاقتضاء. وهذا امر خطير جداً لأنّ في ذلك خطر على الجميع. فالحقيقة الأساسية أيضاً، أنّ لا حماية لأي فريق من اللبنانيين من خلال سلاح تحتفظ به مجموعة أو مجموعات. وبالتالي، فإنَّ وجود السلاح لدى كل مجموعة من المجموعات التي يتألف منها الاجماع اللبناني يعني غابة من الأسلحة، وهذه بالتالي تعني غابة من المشكلات التي بالنهاية ستنعكس خطراً على لبنان وعلى السلم الاهلي بلبنان وعلى العلاقة ما بين المكونات اللبنانية.
س: أيضاً كان هناك بيان مشترك لرؤساء لبنانيين سابقين شاركتم فيه وادان موقف حزب الله الرافض لتسليم السلاح واكد ان تصريحات الامين العام للحزب نعيم قاسم الاخيرة تعيق استعادة الدولة لسلطتها الكاملة وتمنع عودة الاستقرار كيف تم الاعداد لهذا البيان سيد فؤاد وما صداه لدى الحكومة اللبنانية ولدى حزب الله؟
ج: بدون شك ان هذه المجموعة المؤلفة من رئيسين سابقين للجمهورية وثلاث رؤساء حكومة يمثلون ضمير اللبنانيين. وبالتالي تجمعهم الكثير من المشتركات الوطنية، وأن إصدارهم لهذا البيان قد انعكس إيجاباً لدى كل المكونات اللبنانية. هذه المجموعة تمثل بحكمة أعضائها وتجربتهم العميقة والغنية، وبمعرفتهم بالأمور هي بالفعل دعوة صادقة للجميع بان ينضووا تحت لواء الدولة، وأن لا مناص في ذلك، ولا حماية لأحد من خارج سلطة الدولة اللبنانية الواحدة والموحدة. وأريد أن أزيد على ذلك، بأنه ومن خلال عودة الجميع للخضوع لسلطان الدولة فيه، وتعزيز السيادة اللبنانية والحفاظ عليها، يصب في مصلحة جميع اللبنانيين وتحديداً حزب الله، لاسيما وان هذه هي الطريقة الوحيدة من أجل أن يحصل لبنان على الدعم الذي يحتاج إليه بما يمكنه من أن يعزز جيشه وقوى الامن الداخلي لديه. تجدر الإشارة هنا إلى ما يقوله ويسأله حزب الله، إذا انا سلمت سلاحي من سيحمي لبنان ومن سيحميني. الجواب أنّ سلاحه لم يحمِ لبنان ولم يردع اسرائيل. وهذا ظاهر من عمليات الاستهداف التي لاتزال ترتكبها إسرائيل ضد حزب الله وضد لبنان. وبالتالي، فإنّ هذا السلاح لم يحمِ حزب الله، كما أنَّ هذا السلاح لم يعد صالحاً لمواجهة إسرائيل. لذلك، فقد أصبح لزاماً على الجميع أن يدرك أنّ الذي يحمي الجميع في لبنان هو الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي. لذا، فإنها دعوة للجميع من أجل العمل على التوصل الى اتفاق حقيقي لتطبيق القرار 1701. وهذا بدوره يستدعي أن يُصار إلى تعزيز الجيش اللبناني بمقدرات وتجهيزات له ولقوى الامن الداخلي.
من جانب آخر، فإنّ هذه الوسيلة التي تؤدي الى تمكين الدولة اللبنانية من الشروع بعملية الاعمار للمناطق المهدمة، والتي غالبيتها الساحقة في المناطق التي يقيم فيها من هم من بيئة حزب الله.
أضف إلى ذلك أيضاً، أنّ هذا الامر هو الذي يمكن أن يعزز الاقتصاد اللبناني، ويمكنه من تخطي المشكلات الكبرى التي بات يعاني منها لبنان بسبب الانهيارات المالية والاقتصادية التي تعرض لها لبنان على مدى السنوات الماضية. إذاً هناك مصلحة حقيقية لجميع اللبنانيين وايضا لحزب الله في التوصل الى هذا الاتفاق.
حتماً هذا الاتفاق لا يعني أنّ لبنان سَيشْرع في تنفيذ عملية اتفاق سلام مع اسرائيل ولا ان يَشْرع في إجراء اتفاق للتطبيع مع إسرائيل. كما هو معروف لبنان لا يستطيع ان يدخل في اي اتفاق مع اسرائيل من خارج ما يسمى الإجماع العربي وأيضاً من بعد أن تُحَل قضية الفلسطينيين، وتحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ولذلك لبنان لا يستطيع الا ان يكون اخر بلد عربي يمكن ان يوقع اتفاقية سلام مع إسرائيل.
س: سيد فؤاد يعني رؤيتك حول تلويح حزب الله بحرب اهلية وما دلالات ذلك قبل الزيارة المقررة للمبعوث الامريكي الى بيروت خلال الايام القادمة؟
ج: أنا اعتقد أنّ هناك من هم في بيئة حزب الله لايزالون في حالة إنكار ومكابرة. وهذا ناتج عن الضغوط الذي تمارسه إيران عليهم. إذْ أنّ إيران تستعملهم لكي ترسل رسالة عبرهم للولايات المتحدة في أنّ عليكم ان تتكلموا معنا نحن في إيران للتوصل الى اتفاق في لبنان، أي أنّ المشكلة في جوهرها تبدو فقط لبنانية. وهي بالفعل أيضاً مشكلة إيرانية. إيران تستعمل لبنان كساحة وكصندوقة بريد أحياناً هي صندوقة بريد غير عنفية وأحيانا دموية، فبالتالي هذا الامر هو ما ترغب به إيران في أن تصل إلى مسامع المسؤولين في الولايات المتحدة أن مسألة نزع سلاح حزب الله أو تسليم السلاح للدولة اللبنانية عليكم في بداية الأمر، ولتحقيقه في لبنان عليكم ان تتكلموا معنا.