الرئيس السنيورة لسكاي نيوز عربية: الكلام الذي يهدد بالحرب الاهلية مرفوض وعير مقبول

اجرت سكاي نيوز عربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات وفي ما يلي نصه:
س: معنا من بلدة شملان في جبل لبنان رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق السيد فؤاد السنيورة. أهلاً بك سيد فؤاد معنا في التاسعة على سكاي نيوز عربية. سيد فؤاد، اليوم الجميع يتساءل بشأن التزامن فقبل ان نتحدث عن ما قاله الامين العام لحزب الله نسأل لماذا تزامنت هذه النبرة العالية مع زيارة السيد لاريجاني والى اي مدى هناك تداخل في هذا القرار وشدته مع القرار الايراني وحضور هذا الموفد أيضاً؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. الحقيقة أنّ هذا الامر ليس بغريباً على اي قارئ للأخبار بشأن هذا التزامن مع زيارة السيد لاجاني الى بيروت. هو بالفعل جاء من أجل أن يُطمْئن بيئة حزب الله، وبسبب الخذلان الذي مارسته إيران بانها لم تقف الى جانبهم يوم تعرضوا للقصف في أيلول الماضي. وبالتالي ليقول لهم ايضا اننا مستمرون ونحن بحاجة الى دعمكم، وبالتالي عليكم أن تأخذوا موقفاً متشدداً. ولهذا كان طبيعياً ما سمعناه اليوم من السيد نعيم قاسم بهذا الصدد.
وهذا الأمر مستهجن ومستغرب وغير مقبول ما يطلبه الإيرانيون من بيئة حزب الله. في الجانب الرسمي والشعبي اللبناني، فإنّ هناك رفضاً كبيراً لهذه المواقف الإيرانية، وأيضاً للمواقف التي عبّر عنها الامين العام السيد نعيم قاسم اليوم. وهذا التطرف لا ينفع على الاطلاق.
غير مقبول هذا الكلام الذي يهدّد بالحرب الأهلية وبالتخوين يجب أن ننتبه إلى أنه انتهت فترة ما يسمى فحص الدم، ولم يعد مقبولا على الاطلاق توجيه هذه التهم للصف الوطني من قبل أناس أثبتوا غير جديرين بتحمل هذه المسؤولية السياسية والحزبية الكبيرة. بل على العكس نعلم كلنا ان حزب الله، قد ارتكب نفس الخطأ الكبير ذاته الذي ارتكبه في العام 2006 بأنه وأيضاً في العام 2023 بادر إلى الزج بلبنان في هذه المعركة غبر المتكافئة. وبالتالي عمد إلى توريط لبنان في هذه الحرب. والآن يحاول ان يتهم اللبنانيين بأنهم متعاونين مع العدو الصهيوني. هذا الامر مرفوض وغير مقبول. وبالتالي، فإنّ هذا الموقف الذي اتخذه اليوم رؤساء الحكومة ورؤساء الجمهورية السابقين، جاء في وقته الصحيح، وهو يعبر عن ما تحسّ به فطاعات كبيرة جداً من الشعب اللبناني، وأكثرية ساحقة من اللبنانيين.
س: أستاذ فؤاد، البيان يعني او النبرة طبعا المرتفعة للشيخ نعيم قاسم كانت تحذر من حرب اهلية إذا كان هناك تجريد وبالقوة لهذا السلاح. لكن رئيس الوزراء اللبناني تحدث عن انه لن يكون هناك حرب أهلية، وأن تسليم السلاح سيكون للجيش الوطني اللبناني ومثل هذه رسائل التطمينية لكنها بشكل قوي ترد على حزب الله. انت كيف رأيت هذا البيان؟ وهل ممكن يعني حقيقة انا اسالك هل ممكن أن ينزلق لبنان الى حرب اهلية إذا ما كانت تجريد سلاح حزب الله بالقوة ام لا؟
ج: أول شيء، كما هو معروف يعني، انه ليحصل حرب أهلية يجب أن يكون هناك فريقان يريدان أن يشتركا بهذه الحرب الاهلية متضادين. أنا أقول أنّ ليس لدى اللبنانيين بغالبيتهم الساحقة بمن فيهم مَنْ هم مِنْ بيئة حزب الله تريد حربا اهلية. وهذا الامر ليس مفيداً لاحد ولاسيما لبيئة حزب الله التي لاتزال تعاني نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية التي وقعت عليها منذ تشرين الأول/ أكتوبر العام 2023. هذا يعني أن على الشيخ نعيم قاسم أن يتمثل بالأهداف التي بدأ فيها الحزب نضاله بمرحلة سابقة عندما كانت بندقيته متوجهة نحو العدو الإسرائيلي. ولكن، للأسف، وبعد عام 2000 كما نعلم، وكذلك بعد العام 2006 اصبحت هذه البندقية موجهة نحو صدور اللبنانيين، ونحو صدور ايضا عرب اخرين مثل سوريا وغير سوريا.
لذلك، وبالتالي الان المطلوب من الشيخ نعيم قاسم ان يتلقف اليد الممدودة له من قبل الدولة اللبنانية من اجل ان ينضوي حزب الله تحت لواء الدولة اللبنانية، ويعترف بأن الحامي لكل فريق في لبنان ولكل اللبنانيين هي الدولة اللبنانية. وليس هناك من فريق يُمكن أن يبرر بأنه يريد سلاحا ليحمي نفسه. ان هذه دعوة مفتوحة لكل فريق لبناني لكي يحمل السلاح بوجه مين؟ بوجه اشقائه بداخل لبنان. الحماية لكل اللبنانيين بما فيها لمن هم من بيئة حزب الله عمليا تأتي من الدولة اللبنانية. وعندما يُجمع الجميع على ان الدولة اللبنانية يجب ان تكون صاحبة السلطة الوحيدة والحصرية للسلاح في لبنان نستطيع أن ننقذ لبنان. هذا هو الواقع الذي على حزب الله ان يدركه. للأسف، مازال لدى الحزب حتى الآن حالة انكار وحالة مكابرة، كما نراها من الشيخ نعيم قاسم. لهذا ينبغي على الجميع أن يُدرك انه لا حلول امام اللبنانيين وامام المشكلات التي تواجهها بيئة حزب الله، ليس هناك من حلول سوى العودة الى الدولة اللبنانية، وبشروط الدولة اللبنانية.
س: دولة الرئيس، اليوم حزب الله يقول ان مسالة سحب السلاح تأتي بأوامر أميركية واسرائيلية. وفي نفس هذا اليوم، نحن رأينا حديث الوزراء السابقين رؤساء الوزراء السابقين، وأنت منهم، في مسالة انتقاد ما قاله نتنياهو عن اسرائيل الكبرى، يتضمن لبنان كاملاً في هذه الحدود من اسرائيل الكبرى. الا تعتقد ان يعني خطوة تجريد حزب الله من سلاحه بالتزامن مع هذا الحديث قد يكون، دعنا نقول، ضغطا لاسترضاء الخارج.
ج: انصياعا للإرادة الامريكية. نعم دعينا نكون واضحين ان هذا الامر مذكور في اتفاق الطائف بالنص وبصراحة، وأن اتفاق الطائف هو ما اتفق عليه اللبنانيون في العام 1989، وان هذا الامر هو من بديهيات وجود الدولة التي يُعرّفها الجميع بان الدولة هي الجهة التي لها الحق الحصري في حمل السلاح وفي استعماله عند الاقتضاء. فاذاً هذا الامر من العيب ان يصار الى اتهام اللبنانيين بأنهم ينصاعون للإرادة الأميركية.
الأمر الآخر، يجب أن نكون منصفين لنفسنا ولكل اللبنانيين، انه بعد التجارب التي مررنا بها، وبالتالي المصائب التي وقعت على لبنان واللبنانيين، والتي تبين انه حزب الله لم يتعلم من تجربة العام 2006. عملياً، نجحنا في منع إسرائيل من الانتصار في العام 2006 مضت إسرائيل واستثمرت بتعزيز كفاءة قواها الجوية وقواها النارية وقواها الاستخباراتية وقواها التكنولوجية بشكلٍ لا يُمكن مضاهاتها من قبل أي فريق. وهذا ما تبين واضحاً من الحروب التي تشنها علينا إسرائيل، والتي يتعرض لبنان إلى تأثيراتها. وهنا علينا أن نستخلص الدروس الصحيحة بأنّه لا نستطيع ان نحارب اسرائيل بالسلاح التي هي أفضل واقوى منا فيه. هناك القضية المحقة لفلسطين، نعم، وقضية احتلال لبنان، نعم، ولكن هل بإمكاننا أن نخوض حرباً ضد إسرائيل عسكرياً. تبين أن ذلك غير ممكن. وهذا الامر هو الذي حصل منذ أيلول/ سبتمبر الماضي وحتى الان. وهذا الامر هو الذي أجبر حزب الله في أن يقبل باتفاق التفاهمات التي حصلت في 27 نوفمبر 2024 من اجل تطبيق اتفاق 1701. ألم يكن بالأجدر بحزب الله ان يطبق الـ1701 في العام 2006 حتى الان، ويجنب لبنان كل الماسي والكوارث التي وقعت. على أي حال الان، نحن هنا الان والإصرار على حمل السلاح هو بالنهاية كارثة وغير مفيد، ولا يمكننا أن ننجح. وعلينا أن نجد الوسائل الأخرى غير العسكرية التي تمكننا من التصدّي لعدوانية إسرائيل.
س: دولة الرئيس، نحن الان اليوم واسرائيل تحتل هذه المناطق الخمسة وتمعن في ضرب لبنان. هل هناك اي ضمانة من الجانب الامريكي حول إذا ما استطعنا حصر السلاح في يد الدولة؟ هل سينتهي كل هذا الخطر الإسرائيلي؟ هل انت متيقن بانه سينتهي ام اننا نحتاج الى خطوات أكبر لتقوية هذا الجيش في النهاية؟ هو جيش ليس لديه تسليح ليس لديه ادوات قوية باتجاه يعني فعل ذلك؟
ج: تمام، شكراً على هذا السؤال لأنه هذه الفكرة موجودة في البيان الذي صدر عن الرؤساء الخمسة اليوم، والذي نقول فيه ان لبنان الان يواجه تعنتا إسرائيليا. وتعنتا اسرائيليا ليس فقط تجاه لبنان، ولكن ايضا من خلال التصريحات التي ادلى بها نتنياهو ايضا من يومين بمسألة اسرائيل الكبرى. وهذا يضع على الجميع مسؤوليات كبرى بان لبنان لا يمكن أن يُترك وحيداً ليواجه ما يسمى "حجري الرحى" أو ما بين المطرقة والسندان. المطرقة هي ما تمارسه اسرائيل عليه من ضغوط، والسندان ما تحاول إيران ان تمارسه من املاءات على لبنان. فهذا الامر غير مقبول يجب ان يصار من جهة اولى ان يتم مقاربة المسالة في لبنان بكثير من الحكمة والحنكة والحزم، ايضا بما يتعلق بالتعامل مع هذه المسالة ولكن هناك امرا كبيرا مطلوبا ايضا من اشقاء لبنان ومن اصدقاء لبنان، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية، حيث لا يمكن ان يُحَمَّل لبنان كل هذه الأعباء، ولا تنبري الولايات المتحدة إلى الضغط على إسرائيل من أجل أن تقوم بمبادرات تبين بانها سوف تقوم وتنفذ كل هذه الامور بما يتعلق بمسألة الانسحاب الكامل من كل الاراضي التي تحتلها في لبنان، وايضا بإيقاف كل هذا المسلسل التدميري الذي لا زالت تمارسه إسرائيل ضد لبنان. بالإضافة الى ذلك، معالجة الإجراءات التوسعية الكبرى التي يقوم بها نتنياهو والزمرة التي من حوله، وتقوم بفرض شروطها وتحاول ان تثبت بانها تريد تطبيق حلم إسرائيل الكبرى، والتي هي بالفعل
محاولة لجعل فكرة حل الدولتين غير ممكنة او مستحيلة. أعني ما اقوله اننا الان نواجه منطقا معينا يتطلب مواجهة حقيقية.
الدولة اللبنانية وعبر الحكومة اللبنانية، قامت الان بالخطوة الاولى الهامة، وهي اتخاذ القرار. وهذا القرار انها ملتزمة وسوف تثبت على هذا الموقف. المطلوب الان هو عملاً داخلياً لاحتضان بعضنا بعضاً، ومدّ اليد لحزب الله لكي ينضوي تحت لواء الدولة اللبنانية، بشروط الدولة اللبنانية.
وعملاً آخر من الرعاة. الرعاة الأساسيين للقرار 1701. وأعني بذلك الولايات المتحدة بالذات وأيضاً فرنسا، لأن يصار إلى الضغط على إسرائيل لكي نستطيع أن نحقق الهدف المقصود لجهة إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف اعتداءاتها على لبنان.
س: دولة الرئيس، اليوم التعاطي مع حزب الله محاولة إقناعه. هل من ضمانات ممكن ان تعطى لحزب الله ام اننا نذهب الى التصادم. يعني كيف سيتم التعامل مع هذا الموضوع. انت كنت رئيساً للوزراء لديك اطلاع حقيقي في مستوى الشارع اللبناني ومؤسساته. كيف سيتم التعامل مع حزب الله؟ وكيف ممكن ان ننجح في هذا الإطار؟ هل نعطي ضمانات؟ هل نعطي خطاباً معتدلاً هل نذهب بالقوة كيف نفعل ذلك كيف نحقق هذا القرار؟
ج: يعني كما يقول بالقرآن الكريم: "ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". فكيف إذا كان هذا الآخر شقيقي في الوطن. أنا قصدي ما اقوله انه يجب أن نمد اليد لحزب الله وبيئته، ولكن من ضمن موقف ثابت صارم، وهو التمسك بحصرية السلاح لدى الدولة اللبنانية. يجب علينا ان نقوم بمد اليد. وهذه هي الطريقة الصحيحة. غير ذلك يؤدي الى ما يسمى اعطاء ذريعة لحزب الله حتى لا ينزل من الموقع الذي بات فيه، ويزايد بأننا نريد ان نستعمل القوة. الآن القوة في المبدأ هي من حقّ الدولة استعمالها عندما ترى ذلك لزوماً وممكناً وواجباً.
هذا الامر، وهو ما اعتقده، الآن ان هناك عملاً ينبغي أن يصار الى القيام به من قبل الرُعاة الدوليين لهذا القرار من اجل المساعدة على تطبيقه، وبالتالي الابتعاد عن إدخال البلاد في فتنة داخلية.
بعدين في شغلة يجب أن تكون واضحة، ان هناك لا يمكن اعطاء ضمانات لفريق من اللبنانيين على حساب فريق اخر من اللبنانيين. اللبنانيون بحسب الدستور اللبناني، وبحسب ما تنبغي عليه ان تكون الممارسة ان الجميع سواسية امام القانون، ولا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى، لا فضل للبناني على آخر. هناك الجميع يجب ان يكون متساوون امام القانون وان يخضعوا لما يمليه عليهم القانون والدستور اللبناني. فبالتالي لا أرى ان ما هناك يمكن عمله أكثر مما تقوم الدولة بان تبين انها ستكون حاميةً لجميع اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومناطقهم، وأنها ستستمر في كونها الراعية والحافظة لحقوق جميع اللبنانيين.
س: دولة الرئيس، أخيراً يعني البعض كان اثار حتى على مستوى وسائل التواصل ان لدى حزب الله ادوات ربما يستخدمها في التصعيد مستقبلاً، والبعض اشار يعني مثلا مسألة استخدام السلاح أو حتى الاغتيالات، ومثل هذه الأمور. هل تتخوف أو تعتقد الحكومة او من هم يطلبون بحصر هذا السلاح في يد الدولة من هذا الامر هل ممكن ان يحدث حقيقة ام الوضع يبدو مختلفا مع يعني معادلة وجود ضربات الاسرائيلية معادلة وجود رفض كامل على مستوى الساحة اللبنانية؟
ج: أودّ أن أقول لك. هذا الامر انا اعتقد انه ليس هناك من مصلحة على الاطلاق لدى اي فريق من اللبنانيين، ولاسيما لبيئة حزب الله أن يصار إلى اللجوء إلى استعمال القوة، وبالتالي الحزب يهول، نعم يهول، ونحن نعلم انه وللأسف، حين أقول ما كان بالأجدى بنا أن نتجنب كل هذا العمل، وأن نعود إلى تطبيق القرار 1701 منذ العام 2006. ولكن هذه العنجهية، وهذا الصلف الذي مارسه حزب الله على مدى هذه الفترة، أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن.
الآن الظن بأن الحزب قد يلجأ إلى القوة هو أمر خطير. يمكن أن يكون هناك من هم من أصحاب الرؤوس الحامية من يريدون ذلك. ولكن اعتقد أنّ هذا الأمر يعود بالضرر الكبير على حزب الله وعلى بيئة حزب الله وعلى اللبنانيين جميعا. فبالتالي ما نتمناه على حزب الله ان يعود الى العقل والواقعية، لأنه بذلك يفقد كل المنطق وبالتالي كل الاعذار التي كان يستعملها من اجل الاستمرار في حمل السلاح، ولاسيما وأنه قد تبين أنّ هذا السلاح بات عبئاً على حزب الله، وعبئاً على بيئة حزب الله. من الأسف لا بل من المؤسي ما أقوله ان إسرائيل باتت تصطاد اللبنانيين، وتحديداً المنتمين لحزب الله اصطياداً كالعصافير. لذلك، فإنَّ ما يُمكن أن نقوله للحزب أن من يحمي لبنان ليس هذا السلاح، ولاسيما وأنّ حزب الله بات غير قادر على حماية نفسه. وبالتالي كيف يمكن له أن يقول إنه يريد السلاح لحماية لبنان. الحقيقة أنّ ليس هناك من أحد يستطيع حماية لبنان واللبنانيين سوى الدولة اللبنانية.