الرئيس السنيورة لـ العربية : الرئيس نواف سلام لم ينقلب على الدستور هو التزم بأحكام الدستور والتزم بأحكام اتفاق الطائف لكن ما نراه ونسمعه اليوم عملياً هو التعبير عن حالة الانكار

اجرت قناة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حوللا اخر التطورات وفي ما يلي نص الحوار:
ينضم إلينا من بيروت رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة. دولة الرئيس أهلاً بكم معنا في برنامج العاشرة. إذا جلسة الحكومة اللبنانية الثانية اليوم تقر بند حصر السلاح بيد الدولة. ما أهمية مخرجات هذه الجلسة الثانية؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين الحقيقة أن جلسة الحكومة اليوم هي امتداد للجلسة التي حصلت يوم الثلاثاء، والذي اتخذت فيها الحكومة اللبنانية قراراً شجاعاً، بل قراراً تاريخياً، وذلك تأكيداً على ما حض عليه ونص عليه اتفاق الطائف، وأيضاً ما نصّ عليه البيان الوزاري للحكومة، وكذلك خطاب القسم، والقاضي بحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. وهذا ما جرى التأكيد عليه اليوم الخميس أيضاً، حيث جرى بحث ما ورد في الصفحة الأولى من الورقة التي تقدم بها الموفد الأميركي براك. وبالتالي يجب ان يكون واضحاً لدينا بشأن الورقة، وما ورد في الصفحة الأولى منها، والتي تتعلق بالأهداف. علماً أن هناك ثلاثة فصول موجودة في هذه الورقة، والتي جرى الطلب من قيادة الجيش اللبناني ان يصار الى درسها، وتقدم القيادة رأيها بالخطة والبرنامج، والتي في ضوء ردود قيادة الجيش المنتظرة مع نهاية الشهر الحالي، سيصار الى بحث الأمر في مجلس الوزراء، وبالتالي اتخاذ القرار المناسب. هنا أودّ أن أوضح أمراً، وهو أنَّ الحكومة اللبنانية كانت قد طلبت من ممثلين عن الرئاسات الثلاث دراسة النسخة الأولى من الورقة الأميركية، وحيث جرى عقد جلسات عديدة للتباحث في ما بينهم، ومع الموفد الأميركي للتوصل الى هذه الصياغة. هذا يعني بالتالي أنه قد شارك ممثلون عن الرئيس بري، وهو في ذلك كان يمثل حزب الله، في التوصل الى هذه الصياغة الأخيرة للورقة الأميركية.
اليوم، مجلس الوزراء نظر في الأمر، وعبّر بدايةً عن الموافقة على لائحة الأهداف الموجودة في الصفحة الأولى من هذه الورقة، وكما ذكر اليوم وزير التنمية الإدارية فادي مكي، بأنه لا خلاف على ما ورد في هذه الصفحة من الورقة من قبل جميع الوزراء. فإذا كان لا خلاف على هذا الامر بالذات، وهو الأمر الذي جرى بحثه، كما أكّد الوزير فادي مكي، فلماذا انسحب هؤلاء الوزراء من الجلسة اليوم. وهنا أميل الظن أنهم أرادوا بذلك أن لا يسجلوا على أنفسهم أنهم كانوا حاضرين الجلسة عند إقرار هذه الصفحة في هذه الورقة.
نأتي الآن للحديث عن أهمية إقرار هذه الأهداف، وبعد ذلك عندما سينظر مجلس الوزراء في ردود قيادة الجيش، فإني أرى أنّ هناك مصلحة للبنان في أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية. لأنه فعلياً، طالما استمرّ هذا الوضع على حاله، فسيبقى لبنان في دائرة الخطر وفي استمرار تعرضه لأعمال القصف الإسرائيلي المستمر، وللاغتيال المستمر لعناصر حزب الله، وهو ما تمارسه اسرائيل في عدوانها واستمرارها في احتلال أراض لبنانية، وبالتالي لا يمكن التوصل إلى أي نتيجة، ولا يُمكن أن يتحقق أي إنجاز. لذلك ما جرى اليوم، هو خطوة هامة على طريق إنجاز أمر في غاية الأهمية، وذلك في الوصول إلى وقف للأعمال العدوانية. وهذا ما ورد في الفصل الأول من هذه الورقة، أي وقف الاعمال العدوانية بين لبنان وإسرائيل، علماً أنّ الفصل الثاني يتعلق بترسيم الحدود بين لبنان والشقيقة سورية والفصل الثالث يتعلق بموضوع محاربة أعمال تهريب المخدرات. فاذاً هذه الخطوة التي حصلت اليوم، والتي حاول البعض أن يلقي عليها ظلالاً من الشكوك بشأن ما حصل في نهاية الجلسة، وبعد انسحاب ممثلي الثنائي حزب الله وحركة أمل من أنّ هذه الجلسة باتت غير ميثاقيه. وأسمح لنفسي أن أقول هنا، بأنّه وفي الحقيقة، أنّ الذين يتحدثون بهذا الأمر، وأعني ميثاقية ودستورية هذه الجلسة، فعلياً لديهم معرفة غير كافية بالدستور اللبناني.
س: طيب دوله الرئيس ما دام انه هذه الجلسة دستوريه وما دام انه هناك اتفاق بشكلٍ عام على اهداف الورقة الأميركية كيف تفسرون تصريحات حزب الله التصعيدية ضد الحكومة واعلانه انه لن يلتزم بقرار الحكومة وان نواف سلام انقلب على البيان الوزاري بحسب آخر التصريحات حتى قبل جلسة الحكومة اليوم؟
ج: أول شيء، الرئيس نواف سلام لم ينقلب على الدستور هو التزم بأحكام الدستور والتزم بأحكام اتفاق الطائف. لكن ما نراه ونسمعه اليوم عملياً هو التعبير عن حالة الانكار وعن المكابرة الشديدة التي لا تزال تسكن في عقول الكثيرين من قياديي وعناصر حزب الله ولدى بعض المنتمين الى بيئة حزب الله. على النقيض من ذلك، فإنّ الأمر الذي حصل اليوم، هو إنجاز حقيقي، ولكن يجب أن تتبعه أمور كثيرة لكي يستكمل. ولهذا، فإني أرى أنّ الموقف الذي تصرّف به عدد من الوزراء من حزب الله وحركة أمل، لا يساعد لبنان في تعزيز قدرته التفاوضية مع الجانب الأميركي، ولاسيما أنّ أمامنا عدد من الأسابيع القليلة القادمة، لبحث محتويات الورقة الباقية، وذلك في ضوء الدراسة التي ستضعها قيادة الجيش اللبناني من أجل توضيح هذه النقاط وتحسين قدرة لبنان في أن يحصل على ما يستحقه من حقوق ومن أجل الوصول الى وقف الاعمال العدائية. وهنا أريد أن نكون واضحين. ما نتكلم عنه الآن ليس على سلام ولا عن تطبيع، وأصلاً ما صار في حكي ولا هناك أي كلمة لا تطبيع ولا سلام وردت في هذه الورقة. كما لم يجر هناك أي حديث مع الموفدين الامريكيين حول هذا الشأن.
الآن، السؤال الأهم: لماذا نحن بحاجة للتوصل إلى اتفاق؟ ولماذا جميع اللبنانيين، ولاسيما في بيئة حزب الله بحاجة ماسة للتوصل إلى اتفاق؟ أريد هنا أن أوضح ثلاث أمور أساسية نحن بحاجة لأن نحصل عليها طالما نحن في خضم هذا الوضع الصعب والمتفاقم.
أول شيء، إننا وبدون التوصل إلى اتفاق، لا نستطيع أن نحقق ما نريده من أجل تعزيز قدرات الجيش اللبناني بصفته الإدارة العسكرية الشرعية الوحيدة للدولة اللبنانية. الدولة بصفتها الحاضن الوحيد للبنانيين، ولا حماية لأي فريق لبناني إلاّ من خلال ما توفره الدولة اللبنانية عبر قواها العسكرية والأمنية من حماية لجميع اللبنانيين.
وكما تعلمين، نسمع من حزب الله الذي يتساءل من سيحمينا، وهم يقولون أنّ الجيش اللبناني غير قادر، وجوابنا أنّ هذه الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها تعزيز قدرات الجيش اللبناني. وإكمالاً للجواب على هذا السؤال بسؤال آخر، وهل ان الحزب قادر على ردع إسرائيل وعلى حماية لبنان واللبنانيين. وهل برهن حزب الله على أنه قادر على تقديم الحماية للبنان، وهل هو قادر على ردع إسرائيل. للأسف، أنه وفي كل يوم، إسرائيل تتسبب بإيقاع ضحايا في صفوف حزب الله، وذلك نتيجة ما تتمتع به إسرائيل من تفوق تكنولوجي واستخباراتي، بالإضافة الى القوة النارية والقوة الجوية الهائلة. بالتالي نحن بحاجة كلبنان ولبنانيين في أن نتوصل الى اتفاق جيد من أجل تعزيز قدرات الجيش اللبناني.
ولا بد لي هنا من أن أذكر المشاهدين واللبنانيين بأن المغفور له جلالة الملك عبد الله، رحمه الله، قدّم للبنان مكرمة بمبلغ مليار دولار لتعزيز اوضاع الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، ثم أتْبَعها بالتزام بتقديم مبلغ ثلاثة مليارات دولار. المؤسف هو ما حصل، حيث أنَّ تلك المكرمة تعرّضت الى الكثير من الانتقاد ومن التشويه والتهجم على الملك عبد الله وعلى المملكة العربية السعودية من قبل جميع الأبواق التي سلّطها الحزب على المملكة وعلى جلالته. ذلك مما أدّى إلى أن قررت المملكة أن تسحب هذه الهبة، وهي التي شكّلت للبنان فرصة غير مسبوقة من أجل تعزيز الجيش اللبناني، وحيث جرى تضييع وهدر تلك الفرصة التي لا تفوَّت. وأعود وأكرّر، أنظر من الذي وقف ضد هذه الفرصة، للأسف حزب الله.
الأمر الثاني، انه هذه الوسيلة الوحيدة من أجل تعزيز قدرة البلد وتمكينه من أجل تنفيذ عملية إعادة الاعمار. كما يعلم الجميع، فلقد تعرّض لبنان الى دمار هائل، ولاسيما في المناطق التي تشكّل بيئة حزب الله، ولا يستطيع لبنان إعادة الاعمار. والمؤسف أننا لا زلنا في حال من المكابرة.
س: هذا المطلوب تعزيز دور الجيش قوة الجيش لكن المكابرة هناك خشية من ان تتحول الى مواجهة؟
ج: عفواً، دعيني هنا أن أوضح. أنا سأقول لك لاحقاً كيف يمكن لنا أن نعالج هذا الموضوع الذي نخشى أن يتحول لبنان إلى حال احتمال اندلاع المواجهة بين أبنائه.
الأمر الثاني، كما ذكرت، وهو الذي يتمثل في تمويل عملية اعادة الاعمار، فإنّ الحاجة ملحة من أجل إعادة إعمار المناطق بشكل أساسي تلك التي فيها بيئة حزب الله. من يستطيع أن يعمر تلك المناطق؟ واضح أنّ لبنان غير قادر على تأمين التمويل لهذا الأمر. بالتالي، فإنّ هناك حاجة ماسة أن تستعيد الدولة اللبنانية سلطتها الكاملة والحصرية على كل الاراضي اللبنانية وعلى كل المرافق اللبنانية وعلى القرار الحر للدولة اللبنانية. وهو الأمر الذي يمكننا من أن نحصل من خلاله على الدعم العربي والدولي من اجل اعادة اعمار ما تهدم وهناك في التزام بهذا الشأن بهذه الورقة.
والامر الثالث أيضاً، وهو من أجل معالجة مشكلة مستعصية جداً مُني بها لبنان نتيجة الانهيار الكبير الذي تعرض له على مدى السنوات الماضية بسبب مشكلة المودعين في المصارف اللبنانية، وهم الذين يتعذر حتى الآن إعادة دفع تلك الودائع.
من المعروف أنّ ليس هناك من امكانية من اجل اعادة جزء كبير من هذه المبالغ لأصحاب الودائع الا عن طريق تعزيز قدرة الاقتصاد اللبناني على النمو لأنّ القسم الأكبر من تلك الأموال مسؤولة عنها الدولة اللبنانية، حيث أنه من المعروف، وهو السبب الأساس، أنّ الدولة اللبنانية أنفقت تلك الأموال لتسديد مصاريفها الباهظة. وهي بالفعل عمدت إلى اقتراض تلك الأموال لتمويل إنفاقها الجاري والاستثماري من المصارف العاملة في لبنان. وبالتالي من الواضح أنّ الدولة غير قادرة على تدبير تلك الأموال إلاّ من خلال ما يستطيع الاقتصاد اللبناني ان يحققه من نمو ونهوض، وإيرادات لخزينة الدولة اللبنانية. ولهذا أريد أن أقول، انّ هناك ضرورة في أن نشرح بشكل كامل لكل اللبنانيين بان هناك مصلحة اكيدة لجميع اللبنانيين ولا سيما لبيئة حزب الله في وضع الصورة الحقيقية أمام جميع اللبنانيين ليدركوا حقيقة المشكلات وكيفية الخروج منها.
أنا اعتقد أن هناك من يحاول ان ينتقد ما يجري ويوجه السهام لرئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، ويبين وكأنه في هناك تواطؤ او ان هناك تنازل ترتكبه الحكومة اللبنانية اعتقد انه يظلمه ويظلم الدولة اللبنانية، ويظلم اللبنانيين ويظلم نفسه.
دعيني أقول لك أكثر من ذلك، ان هذا القرار 1701 الذي استطعنا التوصل إليه في العام 2006 وانا كنت آنذاك رئيسا للحكومة اللبنانية بأن أُذكِّر بالكلام الواضح الذي وجهه اليَّ الصديق الرئيس شيراك قال لي لم نكن نتصور اننا واياكم سوف نكون قادرين على ان ننجز هذا القرار بهذه الصياغة التي صدر بها القرار. للأسف، وبعد ذلك، تناوب حزب الله وزعماؤه على توجيه الانتقاد الحكومة اللبنانية وعليّ أيضاً، وهم تقصدوا تشويه مواقفنا واتهمونا بالخيانة. وفي المحصلة، لم يطبق حزب الله هذا الاتفاق.
صحيح ان إسرائيل لم تطبق هذا القرار، ولكن فعلياً أقول انّه كان ينبغي على حزب الله أن يطبق هذا القرار. إذْ أننا نحن كلبنانيين أصحاب المصلحة ولبنان كدولة في أن يطبق هذا القرار 1701. والذي حصل، وللأسف، أن كلاً من حزب الله وإسرائيل، بات يوجه الاتهام للطرف الآخر بسبب عدم الالتزام بتطبيق هذا القرار، وحيث حاول ويحاول كل واحد بعد ذلك في توجيه الاتهام للثاني بسبب عدم التطبيق. المؤسف بعد ذلك، بعد مرور حوالى 18 سنة اضطررنا بعد ان تلكأنا وتقاعسنا إلى أن نقبل بالموافقة على تفاهمات جديدة بشأن تطبيق هذا القرار، وهو ما يسمى باتفاق الاذعان الذي حصل في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024. السؤال الكبير: ألم يكن من الأفضل للبنان ولحزب الله أن يطبق هذا القرار بصيغته كما أقر في العام 2006 وبأريحية. مرة جديدة نتندم على فرص أهدرناها، وها نحن بتنا مضطرين أن نقبل بالأسوأ.