الرئيس السنيورة لسكاي نيوز عربية: بعد اتفاق الطائف لم يعد هناك شيء اسمه الميثاقية بمعزل عن الدستور اللبناني والدستور يحدّد متى تعتبر جلسات الحكومة دستورية او غير دستورية

اجرت قناة سكاي نيوز عربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول اخر التطورات وفي ما يلي نصه:
س: يحسم لبنان اليوم قراره بشأن خطة نزع سلاح حزب الله التي سبق وكلَّفت الحكومة الجيش اللبناني بإعدادها. الجلسة المصيرية لمجلس الوزراء سبقتها ضغوط من الداخل والخارج. في الداخل مناصرو حزب الله نظموا مسيرات ليلية بالدراجات النارية في ضاحية بيروت الجنوبية اعتراضا على قرار نزع السلاح وحصره بيد الدولة. وفي الخارج واشنطن حذرت قادة لبنان من ان الوقت ينفد أمامهم، وبأنهم يخاطرون بفقدان الدعم المالي الاميركي والعربي. كما حذرتْهم من حملة عسكرية اسرائيلية جديدة في حال اي تقاعس في تنفيذ الخطة، وذلك وفق صحيفة نيويورك تايمز. من أين سياتي الرد بعد الجلسة من الداخل ام من الخارج؟ وأيهما أخطر على لبنان؟ وما تداعيات بقاء سلاح حزب الله على الاجواء الداخلية وعلى علاقات لبنان الخارجية؟
معي من بلدة شملان في جبل لبنان رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق فؤاد السنيورة. مرحباً بك دولة الرئيس اهلا بك الى سكاي نيوز عربية والى برنامج استديو 1 مع فضيلة.
إذاً لبنان كما ذكّرت به في المقدمة هو امام استحقاق كبير ولحظة تاريخية مفصلية. هل ترى بان خطة الحكومة اليوم دولة الرئيس قادرة فعلا على كسر هذه المعادلة، معادلة الدولة داخل الدولة التي كرَّسها حزب الله على مدار عقود؟
ج: بدايةً، تحياتي لك سيدة فضيلة ولجميع المشاهدين. الحقيقة أنَّ القرار غير المسبوق الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في الخامس، وأكّدت عليه في السابع من آب/ أغسطس الماضي هو قرار أساسي ومفصلي وهام، ولا يجوز العودة عنه مطلقاً ليس لأنَّ في ذلك مصلحة لبنانية من أجل استعادة السيادة، وهي أمر في غاية الأهمية وتطبيقاً لأحكام الدستور وتطبيقا لاتفاق الطائف ولخطاب القسم وللبيان الحكومي الذي نالت على أساس منه الحكومة الثقة في مجلس النواب. ولكن لأنّ في ذلك مصلحة حقيقية للبنان وللبنانيين، وكذلك لبيئة ومناصري حزب الله. هذا القرار يشكِّل اتجاهاً جديداً ويجب أن يحترم نحو استعادة الدولة لسلطتها على جميع أراضيها ومرافقها، وهو ما يجب المحافظة عليه لكي يعود لبنان بلداً طبيعياً ومستقراً.
ونحو تحقيق هذا الأمر، فإنّه ينبغي التمسّك بعدة أمور، واختصرها بثلاث كلمات: الحزم في المواقف، والحكمة في التعاطي، والحنكة في التقدم على مسار التطبيق. هذه الكلمات الثلاث تختصر المقاربة التي اعتقد ان على الحكومة اللبنانية ان تعتمدها. الحزم بأن لا يكون هناك تراجع على الاطلاق عن هذا المبدأ. والحكمة في التعاطي مع بيئة حزب الله من خلال الاحتضان، ومن خلال المثابرة على الإقناع، وذلك بالرغم من أنّ هناك مصاعب جمة جداً ستواجه لبنان في التوصل الى هذا الاقناع المطلوب. ولكن هذا الجهد يجب أن يبذل وأن يستمر العمل على بذله من اجل احتضان هذه البيئة وافهامها بالمحسوس بأنَّ في ذلك مصلحة لها، ولاسيما لكي يعود اللبنانيون الذين هُجِّروا إلى مناطقهم، ولكي يصار الى البدء بإعادة الاعمار في المناطق المدمرة، ولكي يستعيد الاقتصاد اللبناني حيويته، وهو بالتالي ما يُمكِّن أن يستعيد المودعون الذين خسروا ودائعهم على مدى السنوات الماضية من استعادتها. وكذلك لكي يستعيد الجيش اللبناني أيضاً قدراته، وبما يمكنه من أن يؤدي المهمة الأساسية التي عليه أن يقوم بها في حماية لبنان بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي لكي يعود الاستقرار والأمن والأمان لجميع اللبنانيين.
أما الحنكة، فتعود إلى عملية التطبيق والتدرج في تنفيذه. وفي هذا الصدد، فأنا اعتقد أنّ هناك أمراً أساسياً يجب أن ننتهجه، وهو كما يقول القول بأنه: "ما لا يدرك كلّه لا يتركُ جلّه". بمعنى ذلك انه يجب التقدم المستمر والواضح في كل يوم في هذا الاتجاه، وأن ننتهي منه على مدى فترة قادمة لجهة تنفيذ عملية حصرية السلاح بيد السلطات الشرعية اللبنانية. أي أن يتولّى الجيش اللبناني تنفيذ هذا الأمر في المناطق التي يستطيع تنفيذه منها من ضمن منظور واحد، أن يشمل ذلك كل لبنان. أي ما يستطيع أن يقوم به الجيش اليوم فليقم به. وبالتالي، فإنّ التنفيذ في المناطق الأخرى ينبغي أن يصار إلى برمجته على مدى الفترة القادمة، وضمن فترة معقولة ومحدّدة.
في هذا الصدد، لا نظن بأنّ تنفيذ هذه العملية هي من السهولة التي يظنها البعض وكأن العملية سوف تنتهي بقرار واحد، ويسلّم السلاح كل السلاح للجيش اللبناني، لا اعتقد ذلك وبهذه الطريقة السريعة. ولكن هذا لا يعني الاستكانة إلى الوضع القائم، بل ينبغي التقدّم إلى تحقيق هذا الأمر من ضمن الإمكانات المتاحة للجيش اللبناني حتى إنجازه.
س: نعم يا دولة الرئيس سناتي الى سؤال عن الجيش اللبناني ومدى قدرته على القيام بذلك. لكن قبل أن أتحدث عن هذه الجزئية دوله الرئيس انت وصفت سابقا سلاح حزب الله بالعبء يا ترى ما الرسالة التي تريد ايصالها اليوم الى وزراء مازالوا يعتبرون سلاح الحزب حماية للبنان وقد ينسحبون من الجلسة؟
ج: الحقيقة، وبكل صراحة، وبكل صدق أيضاً، ان هذا السلاح أصبح عبئا ليس فقط على لبنان واللبنانيين ولكن ايضا على حزب الله. ذلك لأنّه، وكما تبيّن لنا خلال السنوات الماضية، فقد لجأ حزب الله الى بناء هذه الترسانة الضخمة من الصواريخ على أساس أنها يمكن أن تردع إسرائيل وأن تحمي لبنان. الذي تبيّن بعد ذلك، أنَّ هذه الصواريخ غير قادرة على التعامل مع الكفاءات، والقدرات، والإمكانات التي اصبحت موجودة لدى إسرائيل ومن ورائها بتأييد ودعم لا محدود من قبل الولايات المتحدة الأميركية. فلقد تبيّن، وبشكلٍ واضح وساحق، أنّ القدرات التكنولوجية والاستخباراتية التي بنتها إسرائيل جعلت من هذا السلاح الصاروخي لحزب الله غير قادر على ردع اسرائيل من جهة، وهذا ما نراه كل يوم من خلال الانتهاك المستمر للأجواء اللبنانية من قبل إسرائيل، وأيضاً من خلال القصف اليومي لمناطق مختلفة من لبنان، وأيضاً من خلال الملاحقات التي تتم وعمليات الاغتيال التي يخضع لها عناصر حزب الله. فإذاً هذا السلاح لم يعد قادراً على ردع إسرائيل، وكذلك ليس قادراً على حماية لبنان، كما أنّه ليس قادراً على حماية حزب الله ولا عناصر حزب الله. لذلك، فإنَّ هذا الكلام عن ردع إسرائيل وحماية لبنان غير صحيح. فسلاح حزب الله بات غير قادر على ردع إسرائيل، ولا على حماية لبنان، وهو غير قادر على حماية بيئة وعناصر حزب الله. فبالتالي لم يعد هناك مجال للاستمرار في حالة الإنكار والمكابرة التي يمارسها الحزب، والتي إذا استمرّت فإنها تأتي على حساب الجميع وأولهم حزب الله وبيئته وجميع اللبنانيين.
لذلك، أرى أنه يجب علينا أن ندرك هذه الحقائق ونتقدم على مسارات تحقيق هذه الحصرية. ولكن علينا أيضاً أن نتبصر في عملية التطبيق وان لا نرمي كل العبء على الدولة اللبنانية وعلى الجيش اللبناني من دون توفير الإمكانات والقدرات اللازمة. إذْ لا يجوز ان يوضع لبنان بين المطرقة الإسرائيلية والسندان الإيراني، حيث أنّ إيران هي التي تصرّ على أن يستمر الحزب في الاحتفاظ بسلاحه. كما أنّ الكلام الذي بتنا نسمعه الآن من حزب الله هو بالفعل جزء من امر العمليات الذي تحدّث به السيد علي لاريجاني عندما زار لبنان، حيث قال كلاماً واضحاً وقوياً، وإن جرت صياغته بكلام دبلوماسي "ننصحكم بعدم التخلي عن سلاح حزب الله". وهذا الامر جرى قوله في قالب التهديد.
الآن، الأمر الذي يجب ان ننظر فيه، هو كيف يمكن ان نساعد لبنان على تحقيق هذا الهدف ومن دون الوقوع في إشكاليات إضافية. يعني بعبارة أخرى هناك قول لبناني يكرره اللبنانيون كل يوم، وهو: "بدك تأكل عنب ولا تخانق الناطور". نحن ما بدنا نخانق الناطور ولا بدنا نوصل الى مواجهات داخلية. وليس هناك من مصلحة لاحد ان تتم هناك مواجهات. وليس بإمكان أحد أن يتسبب بحرب أهلية. ذلك لأنّ هناك تعب واضح لدى الجميع وعدم قدرة لدى حزب الله بالتسبب بحرب اهلية
س: فقط يا دوله الرئيس على الرغم مما تقول، أنه في كل مرة طُرحَ موضوع حصر السلاح بيد الدولة او نزع سلاح حزب الله كان الامر يقابل باستعراض للقوة وبتهديدات باغتيالات. رأينا مشهدا يوم أمس ليلاً هل ترى بانه حقيقة او تشعر انه هذه المرة ليست كسابقاتها؟
ج: أكيد هذه المرة ليست كسابقاتها بالرغم من هذه التعبيرات الغاضبة والمستنكرة لموقف الحكومة اللبنانية. باعتقادي أنَّ حزب الله سوف يستمر في هذه الممارسات التي يحاول من خلالها استنهاض محازبيه واستثارة اللبنانيين، وهو يحاول أن يؤكد على أهمية استمراره حمل السلاح الذي هو باعتباره شرف للبنانيين وشرف لبيئة حزب الله وانه لا يمكن لهذه البيئة التخلي عنه، وهو يؤكّد على الاستمرار بهذه المواقف، وإن كنت أميل إلى الظن أنَّ هذا الأسلوب ليس إلاّ وسيلة للتدرج في عملية النزول عن الشجرة التي صعد إليها. وهنا أعتقد أنّ على الحكومة أن تسهل للحزب عملية النزول عن الشجرة.
ولذلك، اعتقد أنه ينبغي أن تعالج الأمور كما ذكرت بحزم حقيقي، وبالتالي بعدم التسبب أيضاً بمواجهات لا مصلحة لأحد ولا للجيش اللبناني بالتورط بها. هذا مع اعتقادي أنّ ليس هناك من مصلحة، وليس بقدرة حزب الله، أن يتسبب بمشكلات داخلية. هناك مقدار كبير من التهويل يمارسه حزب الله. ولكن، على الرغم من كل ذلك، فإنَّ هناك عمل جدي يجب أن تقوم به الحكومة اللبنانية، وذلك بكلام هادئ وواضح وشديد وصارم في آنٍ معاً، بعيداً عن أي مزايدات، وبعيداً عن خلق توقعات لا يمكن تحققها، وذلك للتدرج في تنفيذ ما هو مطلوب منه، وحسب البرنامج الذي تضعه القيادة العسكرية للجيش اللبناني.
الآن ينبغي أن يكون الأمر واضحاً للجميع، انّ الأمر المطلوب هو للعمل على مساعدة الجيش اللبناني بشكلٍ عملي لتعزيز قدراته وعديده ومعداته. وليس بإطلاق التهديدات والتهويلات على لبنان وعلى الجيش اللبناني، التي يحاول أن يطلعها البعض حول موقف الولايات المتحدة مما يجري الآن في لبنان عبر صحيفة النيويورك تايمز. أنا اعتقد هذا الامر ليس مفيداً، كما أنه ليس مفيداً أن تظهر الولايات المتحدة وكأنها تملي وجهة نظرها وأوامرها على الحكومة اللبنانية وعلى اللبنانيين. هذا الموقف أنا أقول، وبصراحة شديدة، غير مفيد على الاطلاق، وليس هكذا يمكن ان تتم مساعدة لبنان ولا مساعدة الجيش اللبناني. وهنا أريد أن أكون واضحاً، ان موقف لبنان من حصرية السلاح هو أمر يصب في مصلحة لبنان واللبنانيين بغض النظر عن المواقف التي تفرضها إسرائيل أو تمليها الولايات المتحدة. وهذه مواقف لا تصب في مصلحة لبنان على الإطلاق. هناك حاجة لمساعدة لبنان وجيشه، وأن لبنان مصمم على تحقيق حصرية السلاح، لانَّ ذلك هو الطريق الوحيدة والسليمة، لاستعادة لبنان لقراره الحر ولسلطته الواحدة على كامل أراضيه ومرافق.
س: نأتي الى قضية الجيش اللبناني الكرة الملتهبة هذه يبدو بانها اعطيت للجيش اللبناني الذي اليوم ستتم مناقشة خطته في جلسة مجلس الوزراء هل تعتقد بان الجيش قادر على تنفيذ هذه الخطة دون توافق سياسي شامل يعني خصوصا وان الجيش يعاني من قلة العتاد وقلة العدة اي يعني حتى يقوم بمهمة كهذه لابد ان يكون جيش قوي. فضلاً عن ذلك، عملياً إذا تم تطبيق الامر بالقوة، فهل يستطيع الجيش القيام بذلك؟
ج: لنكون واضحين، الجيش اللبناني بحاجة الى تعزيز قدراته وإمكاناته في العديد وفي العدة وفي الوسائل التقنية التي تمكنه من تنفيذ هذا الامر. لذلك، وبدلاً من التهويل على الجيش وعلى لبنان وعلى الحكومة اللبنانية، فإنّ هناك حاجة حقيقية لمساعدة لبنان من أجل أن يتمكن الجيش اللبناني من الشروع في تنفيذ هذه الخطة ابتداءً من مناطق محددة. وبالتالي، ومع استمرار تقديم الدعم اللازم للبنان من كل الوجوه، ومع استمرار وتكامل عملية التنفيذ، فإنه وأيضاً يحب طمأنة لبنان واللبنانيين بأنّ هناك رغبة حقيقية في مساعدة لبنان، ليتمكّن من التقدم على مسار العودة للحياة الطبيعية. ومن ذلك، طمأنة بيئة حزب الله انه سيصار الى التقدم على مسار إعادة الإعمار للمناطق المهدّمة، والتقدّم على مسار أن تتم العودة الكاملة والسريعة للنازحين اللبنانيين من جهة ثانية. كما أنّ هناك حاجة أيضاً لكي تقوم الولايات المتحدة بممارسة الضغوط اللازمة على إسرائيل لوقف هجماتها وتعدياتها على لبنان، ولاسيما وأنَّ لبنان قد اتخذ قراراً في غاية الأهمية، بينما لم تبادر إسرائيل إلى القيام ولو بخطوة لإظهار رغبتها في التعاون من أجل أن تتم عملية تسليم أسلحة حزب الله ليس فقط في منطقة الجنوب اللبناني ولكن في كل لبنان.
لذلك، فإنّي أعتقد أنّ هناك جملة من العوامل المساعدة لتحقيق هذا الهدف. فلبنان على استعداد للقيام بتنفيذ ما عليه، ولكن هناك واجبات على الآخرين القيام بها، أكان ذلك على الولايات المتحدة أو على إسرائيل.
مرة جديدة، أقول إني اعتقد انه هناك جملة من الأمور يجب أن نلتزم بها في لبنان في هذه الفترة، وذلك بحكمة وبحنكة وبحزم شديد. هذه هي الطريقة والوسيلة الوحيدة. أما الأطراف الأخرى، فهذا أمر منتظر منهم.
أما الظن بأنّ لبنان سيستطيع أن ينزع هذا السلاح بين ليلة وضحاها او خلال ثلاثة أشهر، أنا اعتقد انّ هناك مبالغات، ولا يمكن أن تتحقّق، ولاسيما من دون توفر العوامل المساعدة بالتلازم مع ما تقوم به الحكومة اللبنانية والقوى العسكرية والأمنية اللبنانية.
س: نعم تسمح لي دول الرئيس تعتقد بانه الإطار الزمني الذي ستتفق عليه الحكومة مع الجيش سيكون طويل المدى حتى يكون واقعياً؟
ج: عبارة طويل المدى عادة تعني عدة سنوات هذا الامر غير مقبول انا اعتقد ان هناك أشهراً عديدة يجب أن يتم خلالها هذا التنفيذ.
هناك أمر آخر ينبغي عليّ أن أوضحه، إذْ أنّ هناك مطالبات يطلقها الحزب تحت شعار تعالوا لنتحاور. أظن ان اللبنانيين قد تحاوروا مع بعضهم بعضاً. ولكن الان هو زمن التواصل مع حزب الله، وذلك من خلال المؤسسات الدستورية اللبنانية في الحكومة ومجلس النواب، ولم يعد من المفيد تكرار جلسات الحوار الماضية. على ماذا نتحاور؟ الحوار قد تم والقرار قد اتخذ. أما بالنسبة لموضوع التواصل وتحديد عمليات الاليات والفترات الزمنية والامكنة التي سيصار الى التدرج في جعل المناطق اللبنانية كافة خاضعة للسلطة اللبنانية الواحدة، فهي الأمور التي ينبغي أن يعتمدها الجيش اللبناني والقوى الأمنية. فهذه تتم عبر التواصل الذي يمكن أن تقوم به الحكومة اللبنانية والأجهزة العسكرية والأمنية. هذه هي المقاربة التي اعتقد انها توصلنا إلى ما هو مطلوب تحقيقه.
هذا مع الحرص على عدم الرد على حزب الله وتهويلاته، ولا اللجوء إلى الكلام العالي النبرة بكلام عالي النبرة. أنا لا اعتقد ان ذلك مفيداً على الإطلاق. الكلام الصحيح هو في ممارسة الحزم في المواقف، وأن لا يكون هناك تراجع في المواقف على الإطلاق.
س: هل يمكنك ان توضح أكثر ماذا تعني هذه النقطة ان لا يتم الرد على حزب الله بالقيام بخطوات على الارض من قبل الجيش والحكومة؟
ج: هذا معناه أنّه، والتزاماً بهذا الموقف الحازم للدولة اللبنانية، فإنّه ينبغي أن يبدأ الجيش بالتنفيذ في المناطق التي هو قادر على بسط سلطته فيها، وأن يتقدّم تدريجياً باتجاه المناطق الأخرى. وبالتالي، فإنّه وخلال هذه الفترة الزمنية، فإنّه بالإمكان تحقق الهدف المنشود، وذلك بالتلازم مع توفير العوامل المساعدة، والتي هي لها علاقة ايضا بدعم الجيش اللبناني، وتقديم المساعدات له لتمكينه من تعزيز قدراته. لا يستطيع الجيش اللبناني ان يقوم بكل هذه المهمات على كامل الاراضي اللبنانية دفعة واحدة إذا لم يتمكن من ان تكون لديه كل المعدات والعتاد والعديد الذي يحتاجه للقيام بذلك. ايضا هناك ضغوطا يجب ان تمارسها الولايات المتحدة ان تساعد لبنان لا ان توقعه في مسارات ومآزق صعبة جداً تؤدي إلى إيقاع لبنان من المزيد من الإشكاليات. نحن الأجدر بان ندافع عن فكرة حصرية السلاح بدون تهويل، وبدون أي تهديد من أحد لا من الولايات المتحدة ولا من غيرها، هذا الامر نحن واجبنا ان نقوم به كلبنانيين وكل ما نطلبه من أشقائنا وأصدقائنا أن يساعدونا، لكي يتحقق هذا الهدف.
س: تسمح لي بسؤال اخير دولة الرئيس قبل قليل سالتك عن احتمال انسحاب وزراء الثنائي الشيعي هذا محتمل جدا ايضا اليوم يا ترى كيف سيؤثر ذلك على مجرى القرارات التي ستخرج اليوم من هذه الجلسة؟
ج: جيد هذا السؤال. في هذا الصدد، انّه اميل الى الظن انّه لن يكون هناك استقالات، وربما لا انسحابات. ولكن إذا جرت انسحابات من بعض الوزراء، فإنّ عليّ أن أوضح أمراً أساسياً حتى لا نقع أسرى التهويل بشأن القرارات التي يمكن أن تتخذها الحكومة بأن القرار الذي يمكن ان يصدر هو غير دستوري وغير ميثاقي وانه إذا انسحب الوزراء الشيعة، وبالتالي سوف تتعطّل الجلسة ولا تعود جلسة دستورية. هذا كلام غير صحيح.
دعيني أوضح فكرة الميثاقية بأنّ فكرتها انبثقت في العام 1943 بين رياض الصلح وبشارة الخوري خلال مرحلة الإعداد لتحقيق استقلال لبنان. حينذاك توافق المسيحيون والمسلمون سوية على ان يعيشوا في وئام وسلام بين بعضهم بعضاً في دولة سيدة حرة ومستقلة، وبحيث لا تكون هناك مطالبة بالانضمام الى سوريا من جهة المسلمين، ولا أن تكون هناك مطالبة من المسيحيين بأن يستمر الانتداب الفرنسي. هذه الميثاقية تحولت بعد اتفاق الطائف الى ان لبنان اصبح وطنا نهائيا لجميع ابنائه وانه وطن عربي الهوية والانتماء. هذا هو أصل الميثاقية. بعد ذلك، وبعد اتفاق الطائف، لم يعد هناك شيء اسمه الميثاقية بمعزل عن الدستور اللبناني. والدستور يحدّد متى تعتبر جلسات الحكومة دستورية او غير دستورية. في كل الأحوال، نصاب جميع جلسات الحكومة هو بأكثرية الثلثين. لذلك عندما تجتمع الحكومة بأكثر من ثلثي أعضائها فهي دستورية. أما إذا انخفض عدد الحاضرين الى ما دون الثلثين لا تكون دستورية، ولا تكون هناك إمكانية لانعقاد الجلسة. هذا باختصار وكل كلام حول الدستورية والميثاقية ليس إلاّ: "ذر للرماد في العيون" ليس له اي قيمة. هذا الامر لا يعني انّه يتسيب أداء الحكومة بعدم حضور الوزراء الشيعة، بل يجب أن يتم ويستمر السعي لاحتضانهم، مثل باقي الوزراء من دون ان يكون هناك أي تسلّط من قبل الأقلية على الأكثرية في الحكومة، وبالتالي ينبغي الاستمرار في بذل كل الجهود التي تؤدي الى التدرج نحو تحقيق حصرية السلاح في لبنان.