الرئيس السنيورة: اعتذار الحريري عن قبول التكليف سببه المعاندة وإنكار المتغيرات والامر بيد رئيس الجمهورية من جديد
اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة: فقد أبدى الرئيس الحريري رأيه بأنه وبسبب هذه المعاندة فهو لن يقبل التكليف. وبالتالي وفي ضوء هذه المستجدات فقد أصبح الآن الامر بيد رئيس الجمهورية. وهو بالفعل كان الامر بيده منذ اربعين يوماً حين اندلعت الانتفاضة وبعدها حين استقالت الحكومة.
وقال الرئيس السنيورة: لبنان اليوم يدخل في صلب مشكلة كبيرة وتتعلق بالممارسات التي هي مخالفة لنص الدستور اللبناني. فلقد نصّ الدستور ان على فخامة الرئيس ان يبادر الى اجراء الاستشارات النيابية الملزمة وليس ان يبدأ عملية التأليف قبل التكليف. هذا امر مخالف للدستور وبالتالي فإن فخامة الرئيس وبهذا الامر يتعدى على صلاحيات ودور الرئيس المكلف في انه هو الذي يتولى تأليف الحكومة.
أضاف الرئيس السنيورة: الوضع الآن وبعد اعتذار الرئيس الحريري، فإنه يقتضي البحث عن شخص آخر يمكن أن يقبل بتسلم هذه المسؤولية. وجلّ ما نتمناه أن يكون المعنيون ابتداء من فخامة الرئيس والأحزاب الطائفية تعلموا الدروس المستفادة من فترة الأربعين يوماً الماضية، وكذلك أن يكونوا قد تعلموا مما تراكم لدى لبنان من تجارب ماضية مريرة.
وقال الرئيس السنيورة: هناك وعملياً ستة أطراف يجب ان يصار الى التنبه الى كيفية التوصل في ضوء ذلك إلى تسمية الرئيس المكلف وبالتالي إلى تأليف الحكومة العتيدة. وما ينبغي عليه أن تكون توجهات الحكومة الجديدة بما يعيد الاعتبار الى اتفاق الطائف والى احترام الدستور والى الالتزام بمصلحة الدولة اللبنانية وسيادتها الكاملة على الارض اللبنانية وفي ان تكون اداراتها ومرافقها كلها بيد الدولة.
وقال الرئيس السنيورة: أنا ما زلت اعتقد حتى اليوم ان هناك امكانية للخروج من المآزق المتجمعة التي نمر بها ويمر بها لبنان. ولكن على المسؤولين ان يعترفوا اعترافاً صادقاً وكاملاً بحقيقة ومدى هذه المشكلات وضخامتها. وان تكون لديهم الشجاعة في التعامل معها وفي مواجهتها. وأن يكون لديهم الاصرار على اتخاذ القرار الصحيح وان تكون لهم الممارسة الصحيحة في معالجة كل جوانب المشكلات والمثابرة على معالجتها.
كلام الرئيس السنيورة جاء في حوار مع الإخبارية السعودية فيما يلي نصه:
لقد عبّر دولة الرئيس الحريري عن هذا الموقف منذ أسابيع. ولكن كان هناك اصرار ومعاندة في عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين المحقة والتي يؤيدهم فيها الكثرة الكاثرة من اللبنانيين. وتتركز هذه المطالب على أنه يجب أن يكون أعضاء الحكومة الجديدة من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين. والسبب في مطالبتهم هذه يعود إلى التجربة السياسية السابقة التي مرّ بها لبنان وهي كانت تجربة مريرة. لماذا؟ لأنه وخلال تلك السنوات فقدت العملية الديمقراطية في المساءلة والمحاسبة دورها وصدقيتها في تصويب الأمور من خلال الممارسة الحكومية الصحيحة. لأنّ من كانوا في الحكومة كانوا هم أنفسهم أيضاً في مجلس النواب. وبالتالي لم تعد تلك الآلية الديمقراطية في المساءلة والمحاسبة تعمل بالشكل الصحيح. ولقد أدى تعاون الوزراء وأحزابهم الطائفية والميليشياوية وتواطؤهم، وفي تقاسمهم لسلطة الدولة ومغانمها، إلى التغطية على بعضهم بعضاً. وأدى ذلك كلّه إلى درجة عالية من الافساد والفساد. وفي المحصلة على التضحية والإخلال بمصلحة المواطنين على الشكل الذي رأيناه والى ما وصلنا اليه في لبنان خلال هذه السنوات الماضية.
الآن اليوم وبعد هذه المعاندة المستمرة التي مازال يعاني منها لبنان والتي مازالت تمارس حالة إنكار شديدة لما طرأ من متغيرات في لبنان بعد انتفاضة الشباب. فقد أبدى الرئيس الحريري رأيه بأنه وبسبب هذه المعاندة فهو لن يقبل التكليف. وبالتالي وفي ضوء هذه المستجدات فقد أصبح الآن الامر بيد رئيس الجمهورية. وهو بالفعل كان الامر بيده منذ اربعين يوماً حين اندلعت الانتفاضة وبعدها حين استقالت الحكومة. إذ كان يفترض به ان يقوم بالاستشارات النيابية الملزمة لرئيس الجمهورية في إجرائها وايضاً في نتائجها عند استقالة الحكومة. الآن الامر مرة أخرى هو بيد رئيس الجمهورية وبالتالي عليه ان يبدأ الاستشارات النيابية الملزمة، وبالتالي عليه أن يتيح لـ128 نائب من أن يعبروا عن رأيهم ويسمي كل واحد منهم من يكلف من أجل تأليف الحكومة.
اعتقد أنّ الوضع الآن وبعد اعتذار الرئيس الحريري، فإنه يقتضي البحث عن شخص آخر يمكن أن يقبل بتسلم هذه المسؤولية. وجلّ ما نتمناه أن يكون المعنيون ابتداء من فخامة الرئيس والأحزاب الطائفية تعلموا الدروس المستفادة من فترة الأربعين يوماً الماضية، وكذلك أن يكونوا قد تعلموا مما تراكم لدى لبنان من تجارب ماضية مريرة. وعلى المعنيين جميعاً ان يتبصروا بالأمر، فالوضع الذي نواجهه اليوم في لبنان هو شديد الصعوبة. وما أصبح عليه لبنان من تردٍ خطير سياسي واقتصادي ومالي وإداري بسبب تلك الممارسات التي درج عليه السياسيون على مدى سنوات طويلة من المعاندة والاستعصاء وعدم القبول بإجراء الإصلاحات التي يتطلبها الاقتصاد اللبناني ويتطلبها حسن إدارة الشأن العام وعلى اكثر من صعيد مالي واقتصادي ونقدي. وكذلك أيضاً على الصعد الإدارية والسياسية. لقد حصل خلال السنوات الماضية، ولاسيما خلال السنوات الثلاث الماضية خلل كبير في التوازنات الداخلية للبنان. وأيضاً خلل كبير في السياسات الخارجية للبنان التي لم تكن تتلاءم مع حقيقة مصالح لبنان ومصالح اللبنانيين في العالم العربي. حيث ينبغي أن يكون للبنان علاقة سوية وصحيحة ومثمرة مع الدول العربية التي تمثل بالنسبة للبنان ليس فقط بكونها وإياه جزء من العالم العربي، ولكن بكونها تمثل جزءاً هاماً من المصالح المشتركة للدول العربية بل وأنها أيضاً تشكل الأسواق الطبيعية للبنان. وبالتالي فإنه ينبغي على لبنان أن يكون حريصاً على ان يكون متناغماً مع المصالح العربية. هذا هو الأمر الذي اعتقد انه يشكّل التحدي الكبير الآن امام فخامة الرئيس وامام الرئيس المكلف حتى يتم تكليفه. ولقد سمعنا تسريبات صحفية اليوم بأنّ فخامة الرئيس قد يبادر بعد غد الخميس أو خلال الأيام القليلة القادمة من اجل البدء بإجراء هذه الاستشارات النيابية الملزمة.
لبنان اليوم يدخل في صلب مشكلة كبيرة وتتعلق بالممارسات التي هي مخالفة لنص الدستور اللبناني. فلقد نصّ الدستور ان على فخامة الرئيس ان يبادر الى اجراء الاستشارات النيابية الملزمة وليس ان يبدأ عملية التأليف قبل التكليف. هذا امر مخالف للدستور وبالتالي فإن فخامة الرئيس وبهذا الامر يتعدى على صلاحيات ودور الرئيس المكلف في انه هو الذي يتولى تأليف الحكومة. كما أن فخامة الرئيس يتعدى على صلاحيات وحقوق المجلس النيابي في عدم دعوته له للاستشارات الملزمة. والمجلس النيابي هو من يجب ان يستشار ولا أن يخوض الرئيس في جلسات مطولة من المشاورات التي لا يعرف مع من تتم وما هو مداها وما هو غرضها وتوقيتها. كذلك أيضاً في التعدي على مسألة وطنية أساسية تمس مصلحة اللبنانيين العليا في أن هناك تضييع للوقت وتلكؤ عن اجراء الاستشارات مما يفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية للبنانيين. فمنذ أربعين يوم ونحن نعد الساعات ان لم تكن الدقائق حتى يستطيع لبنان أن يسلك الطريق التي يؤدي به الى الخروج من هذا المأزق الخطير المهول الذي أصبح يواجهه لبنان. انا اعتقد ان هناك اموراً عديدة يجب ان يصار الى وضعها على المسار الصحيح، حتى يصار وفعلياً الى حصول عملية التكليف. وبعدها أيضاً التبصر والتنبه إلى من هم الاطراف اللذين يجب ان يصار الى التجاوب مع مطالبهم في عملية تأليف الحكومة وبعد ذلك في الممارسة الحكومية.
إني أعتقد أنّ هناك سنة مجموعات يجب التواصل معها والوقوف على رأيها والنظر في كيفية التجاوب معها.
أولاً، هناك شباب وشابات الانتفاضة. وثانياً، وهناك حزب الله. وثالثاً، هناك فخامة الرئيس. ورابعاً، هناك اللبنانيون جميعاً اللذين لديهم قلق شديد في ما يجري وما يمكن أن يجري بعد ذلك وأيضاً المآلات التي يمكن ان تصل بها الامور في لبنان إذا لم تتم المعالجات الصحيحة. وخامساً، هناك ايضاً الاوضاع الاقتصادية والظروف التي يمر بها لبنان وما يستدعي ذلك من أمور ينبغي القيام بها بما يؤدي الى تهدئة الأسواق المالية والشؤون الاقتصادية والمالية. وسادساً، هناك أيضاً المجتمعين العربي والدولي الذي ينظر إلى ما يجري في لبنان بدقة.
إذاً هناك وعملياً ستة أطراف يجب ان يصار الى التنبه الى كيفية التوصل في ضوء ذلك إلى تسمية الرئيس المكلف وبالتالي إلى تأليف الحكومة العتيدة. وما ينبغي عليه أن تكون توجهات الحكومة الجديدة بما يعيد الاعتبار الى اتفاق الطائف والى احترام الدستور والى الالتزام بمصلحة الدولة اللبنانية وسيادتها الكاملة على الارض اللبنانية وفي ان تكون اداراتها ومرافقها كلها بيد الدولة. وأيضاً بما يعيد الاعتبار الى نزاهة القضاء وترفعه واستقلاليته، وكذلك أيضاً الى اعادة الامور الى ما ينبغي أن نكون عليه لجهة أن يصار الى توليه الأمور إلى من هم يتمتعون بالجدارة والكفاءة لتحمل المسؤوليات العامة.
هذه هي الامور التي بنظري ان على كل شخص يمكن ان يتولى المسؤولية ان يقوم بها. قد يبدو لأول وهلة أنّ هذه الأمور يفترض بأن تكون أموراً مفروغاً منها ولا يجوز حتى الحديث فيها، ولكنها هي الامور التي نشكو منها في هذه الفترة.
الخروج من المشكلات المنهالة على لبنان يتطلب بداية وأولاً الاعتراف بها ويتطلب ثانياً الجرأة في معالجتها وتتطلب ثالثاً القرار السليم وتتطلب رابعاً المثابرة على تنفيذ تلك القرارات واحترامها من خلال الممارسة الصحيحة.
أنا ما زلت اعتقد حتى اليوم ان هناك امكانية للخروج من المآزق المتجمعة التي نمر بها ويمر بها لبنان. ولكن على المسؤولين ان يعترفوا اعترافاً صادقاً وكاملاً بحقيقة ومدى هذه المشكلات وضخامتها. وان تكون لديهم الشجاعة في التعامل معها وفي مواجهتها. وأن يكون لديهم الاصرار على اتخاذ القرار الصحيح وان تكون لهم الممارسة الصحيحة في معالجة كل جوانب المشكلات والمثابرة على معالجتها. إذا لم تتوفر هذه العناصر الأربعة، فإنّ هذه المشكلات سوف تنفجر أكثر وتطيح بالكثير مما حققه اللبنانيون وبالتالي هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتق هؤلاء المسؤولين. وعندها ليس هناك من امكانية ان يصار الى معالجة تلك المشكلات المتضخمة والمتفاقمة وبالتالي عدم إمكانية إخراج اللبنانيين من المآزق التي يدفعهم هؤلاء المسؤولين إليها من خلال الامتناع وعدم المبادرة الى اجراء الإصلاحات الصحيحة في وقتها.
هذا الامر لا تعود أسبابه لسنة او سنتين. صحيح أنه وخلال السنوات الثلاث الماضية ازداد الاستشراء وتفاقم أمر تفشي الفساد وتعاظم التردي في إدارة شؤون الدولة وازدادت الممانعة. ولكن هذه الأمور تعود بالفعل إلى سنوات عديدة ماضية كان هناك فيها تمنع واستعصاء وعدم المبادرة إلى القيام بإجراء الاصلاحات المالية والاقتصادية والادارية الصحيحة. وكذلك أيضاً رفض لتصويب البوصلة الصحيحة للسياسات الداخلية والخارجية لجهة الحرص على الحفاظ على التوازنات الداخلية والخارجية. هذه الأمور كانت تتراكم إلى ان وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم انا اقول انه حتى هذه اللحظة هناك امكانية للخروج من هذه الكارثة التي أصبحنا عليها اليوم ولكن هذا يقتضي ارادة حقيقية وشجاعة ومثابرة ورؤيا صحيحة للأمور، حتى يصار الى معالجتها، المعالجة الدقيقة الموصلة الى النتيجة الصحيحة.