الرئيس السنيورة لـ القاهرة الاخبارية: لبنان لا يستطيع أن يتحمل أن يُزجَّ به في هذه المعركة.

اجرت قناة القاهرة الاخبارية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة شمل اخر التطورات في لبنان والمنطقة وفي ما يلي نصه:
س: دعنا نركّز على الظرف الصعب الذي يمر به لبنان، وما هو توصيف حضرتك لطبيعة هذا الظرف الصعب وما هو مرشح للحدوث في الفترة اللي جاية؟
ج: لا شكّ أنّ هناك درجة عالية من الغموض تسود في هذه المرحلة بشأن عما سيحدث في القادم من الأيام في المنطقة. ولكن يبدو أن إسرائيل، التي امعنت في ارتكاب عمليات الإبادة الجماعية وعمليات التدمير الهائل والشامل، والتي لاتزال ترتكبها في غزة، وحيث لم يعد هناك من شيء آخر تفعله إسرائيل غير المزيد من القتل والمزيد من التدمير. ولاتزال عالقة قضية الأسرى الإسرائيليين الذين لايزالون محتجزين في عهدة حماس. وهذه القضية تشكِّل مشكلة كبيرة بالنسبة للإسرائيليين وللحكومة الإسرائيلية. وأيضاً، ومن جانب آخر، هناك الجبهة الشمالية لإسرائيل التي تشكل وجعا كبيرا للحكومة الإسرائيلية، حيث اضطر قرابة 100000 من المستوطنين الاسرائيليين في شمال فلسطين المحتلة إلى النزوح الى الداخل مع كل ما يعنيه ذلك من أعباء وضغوط تترتب على إسرائيل وعلى الحكومة الإسرائيلية، ولاسيما أيضاً تحت تأثير الضغوط القوية التي تمارسها المعارضة من داخل الحكومة الإسرائيلية، ومن خارجها. وهذه الأجواء الضاغطة تدفع الحكومة الإسرائيلية ورئيسها من أجل أن تعوض عن ما لم تستطع ان تحققه في غزة من إنجاز، وأن تسعى بالتالي إلى أن تُحقِّق انجازاً في الشمال، وهو ما يعني قيامها بتوسيع رقعة الاشتباك ومدى عنفه مع حزب الله. هنا يجب ان أشير إلى أنّ طبيعة الارض في جنوب لبنان تختلف عما هو حال طبيعة الأرض في منطقة غزة، كما تختلف أيضاً طبيعة وقوة التسليح وعدد العناصر التي لدى حزب الله بحجمها وبتسليحها وقدرتها التدميرية بالمقارنة بما كان موجوداً لدى حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
ولا بدّ لي هنا من أن أبين الموقف الواضح الذي أعلنت عنه في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، حيث بادرت شخصياً، وربما كنت البادئ في هذا الامر في لبنان، في أنني وبعد أن رحّبتُ وأشدْتُ بعملية طوفان الأقصى، فقد نبهت وحذرت من انَّ لبنان لا يستطيع ولا يتحمل بأوضاعه الحالية الصعبة أن يُزجَّ به في هذه الحرب التدميرية. ولاسيما ان لبنان لم يَبْرأْ بعد من نتائج الحرب التدميرية التي شنتها عليه اسرائيل في العام 2006. هذا بالإضافة الى انّ لبنان يعاني من أربعة أزْماتٍ أساسية متراكبة فوق بعضها بعضاً.
فهو يعاني أولاً من أزمة وطنية وسياسية خطيرة، حيث ان لبنان لم يستطع حتى الان وقد مرَّ عليه قرابة السنتين دون أن يتوصّل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي فهو يعاني من عدم القدرة على إعادة تكوين السلطات والمؤسسات الدستورية، وأيضاً من عدم القدرة على تأليف حكومة جديدة، وهو ما يشكّل مشكلة وطنية وسياسية كبرى للبنان وأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات السيئة.
الأزمة الثانية، أنَّ هناك أزْمة اقتصادية ومالية ونقدية ومعيشية كبرى وماحقة يتعرّض لها لبنان واللبنانيون منذ سنوات، وهي أيضاً أزمة مستمرة ومتفاقمة.
والأزمة الثالثة، وتتعلّق بأزمة النازحين السوريين الذين يبلغ عددهم قرابة المليونين، وهو ما يعادل ثلث عدد سكان لبنان وهذا امر كبير لا يستطيع ان يتحمله لبنان مع ما يستتبعه من مشكلات وأزْمات على أكثر من صعيد.
بالإضافة الى هذه الازمات الثلاث، فإنَّ لبنان لم يعد لديه شبكة الامان العربية والدولية القوية التي كانت لديه في العام 2006، والتي مكّنته آنذاك من التوصل إلى القرار 1701، وفي معالجة تبعات وتداعيات تلك الحرب، ومكّنته من إعادة بناء ما دمّره الاجتياح الإسرائيلي بكفاءة عالية وسرعة كبيرة.
إزاء كل هذه الأزْمات الخطيرة، فقد كان موقفي ان لبنان لا يستطيع أن يتحمل أن يُزجَّ به في هذه المعركة.
ولكن، خلافاً لهذا الموقف الواضح والعاقل، فقد بادر حزب الله الى بدء هذه المعركة على قاعدة وحدة الساحات، وبهدف مشاغلة إسرائيل على حد قوله، وحيث بادر إلى البدء بالقصف على إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر، ولايزال القصف المتبادل جارياً إلى الآن، وهي العملية التي لاتزال مستمرة ولكن الفرق انها باتت أكثر عنفاً ودموية وتزداد اتساعاً، ولم يعد هناك من احترام لقواعد الاشتباك التي كانوا يتحدثون عنها آنذاك. بل على العكس، فإنَّ إسرائيل باتت تمارس المزيد من القصف وتتوسع لتطال مناطق في منطقة البقاع الشمالي، وتهدّد بأنها ستوسع نطاق قصفها واستهدافاتها، وأنها تتوعد بأنها ستقوم بعملية اجتياح للبنان.
س: طيب هناك سؤالين: السؤال الأول، هل تعتقد ان اسرائيل جادة في تهديدها؟ والثاني، هل تعتقد ان حزب الله يستطيع او هو راغب في الدخول الى هذه المعركة؟ ويمكن أن يلتحق بهذا السؤال ما هي التكلفة والاثمان التي يمكن ان تترتب عن أي معركة وحتى لو بين قوتين متساويتين حيث سيكون فيها تكلفة واثمان عالية؟ وهل سيستطيع لبنان واللبنانيون أن يتحملوا هذا كلّه؟
ج: كلا على الإطلاق، إذْ أنه سيترتب على هذا الأمر نتائج خطيرة جداً على لبنان، على الصعد الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية كافة. لاسيما وأن تدخل حزب الله في هذه الحرب ومنذ البداية لم يحظَ بموافقة لدى الكثرة الكاثرة من اللبنانيين. واللبنانيون لازالوا يرفضون أن يُصار إلى زجّهم وزجّ لبنان في هذه المعركة.
على صعيد آخر، فإنّي اعتقد الآن أن جميع الاطراف المعنيين في هذه الحرب أكان في غزة ام كان في لبنان، وكذلك الأطراف المتدخلين في هذا الصراع من خارج المنطقة باتوا مأزومون. حزب الله مأزوم بأنّه دخل في هذه المعركة دون ان يتحسب لما يمكن ان ينتج عنها، ولاسيما انها استطالت. وها نحن اليوم في السابع من حزيران، وهو يوم مرور ثمانية أشهر بالتمام والكمال على هذه الحرب، وهي الأكلاف من كل نوع وحدب وصوب أصبحت هائلة. ولهذا، فإنّ حزب الله مأزوم، وكذلك الحال بالنسبة لإسرائيل.
س: هل تتصور حضرتك دولة الرئيس ان حزب الله لا يعلم او لا يدرك تبعات هذا الموقف على الداخل اللبناني؟
ج: من دون شك أنه بات يدرك، ولكن بظني، وفي البداية، لم يكن الحزب يظن أن المعارك سوف تستمر طوال هذه المدة الطويلة. ويظن أنها لن تكون بهذه النتائج الكارثية التي نشاهدها اليوم. أكان في غزة ام كان في لبنان لجهة حجم التدمير والخسارات البشرية الكبرى. وحيث تبين أن إسرائيل تتمتع بقدرات استخباراتية عالية ولديها تقنيات وقدرات عسكرية متطورة، وأنها تستطيع وهي فعلياً نجحت حتى الان في ممارسة عمليات الاصطياد وعمليات الاغتيال لكثير من عناصر حزب الله التي تعمد إلى تتبعهم أينما كانوا في السيارات والدراجات النارية وأيضاً على الطرق وفي كافة المناطق اللبنانية، وحيث بلغ المجموع حتى الآن أكثر من 450 ضحية بما فيهم المدينون. هذا عدا عن الجرحى وناهيك عن التدمير الكثيف الحاصل في عدد كبير من القرى والبلدات في جنوب لبنان. وبالتالي، فإنّ الكلفة أصبحت عالية.
في هذا الشأن، فإني أعتقد أن حزب الله لا يريد توسيع نطاق هذه الحرب، وكذلك إيران أظنها أيضاً أنها لا تريد توسيع نطاق الحرب في جنوب لبنان لأنها لا تريد ان تضحي بحزب الله. هذا لا يعني انه إذا توسعت الحرب أكثر بين إسرائيل وحزب الله، فإنّ الخسائر التي يمكن ان يلحقها حزب الله بإسرائيل ستكون قليلة، بل ستكون كبيرة وكبيرة جداً. ولكن على الصعيد اللبناني، فإنّ الخسارات والتبعات ستكون أكبر بكثير بنتيجة طبيعية واختلاف القوة النارية الإسرائيلية وايضا القدرة الجوية التي لديها. هذا علماً انني لا اظن على الاطلاق بأنّ اسرائيل وإذا ارادت ان تقوم باجتياح عسكري للبنان، فهي لا تريد ان يكون اجتياحاً برياً، وذلك بسبب ما عانته إسرائيل من تجارب قاسية لاجتياحها البري للبنان في العام 2006، وكذلك لاجتياحها الحالي لغزة. هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل باتت تتعرّض لضغوط أخرى غير هذه الضغوط، وهي الإحراجات السياسية والمعنوية بنتيجة التبدل الذي طرأ على المزاج الدولي، وما تشهده من ضغوط بسبب الدعاوى المرفوعة ضدها في محكمة العدل الدولية، وضد بعض قادتها في المحكمة الجنائية الدولية. كذلك أيضاً بسبب الإحراجات الدولية، ومن ذلك البيان المشترك الذي صدر اليوم عن الدول الأربعة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة المتحدة والمانيا وهم الذين شددوا على أهمية الإبقاء على الاستقرار على الحدود الإسرائيلية مع لبنان ودعوا إلى خفض التصعيد وممارسة ضبط النفس والامتناع عن المزيد من التوتير على الجانب اللبناني لان ذلك له تداعياته الكبرى ويهدّد بنشوب صراع واسع النطاق، والذي ستكون له عواقب مدمرة على المنطقة ككل وعلى أكثر من صعيد بنتيجة توسيع نطاق الحرب مع ما يمكن أن يستدعيه ذلك من دخول أطراف اخرى على هذا الصراع.
س: دولة الرئيس، يعني كل التصريحات الواردة من إسرائيل ومن لبنان ومن حزب الله تشير إلى أنَّ الأمور مستمرة على حالها، والأطراف المعنية غير مهتمة او غير عابئة، بل ومستعدة للدخول في هذه المعركة؟
ج: كما ذكرت لك، انّ الجميع قد أصبح محرجاً ومأزوماً. عملياً، ما نشهده الآن هو عمليتان تجريان في الوقت ذاته. واحدة عملية عض أصابع بين الأطراف المعنية، والتي تترافق مع سيل من التصريحات والتهديدات التي يقوم بها كل طرف. وأيضاً عملية الرقص على حافة الهاوية على أمل أن يتراجع الطرف الآخر. الخوف الآن أن تنزلق الأمور إلى ما هو أدهى مما هو حاصل حالياً. وذلك على الرغم من عدم رغبة حزب الله في توسيع نطاق الحرب، وكذلك عدم رغبة إيران، وحتى عدم رغبة الولايات المتحدة وايضا القوى الدولية الأخرى في ان يصار إلى توسيع نطاق الحرب.
الخوف ان تنزلق الامور لسبب أو لآخر منها بسبب العنجهية الإسرائيلية، ومنها الضغوط التي تتعرّض لها الحكومة الإسرائيلية من اليمين الاسرائيلي وايضا من المعارضة الإسرائيلية. وبالتالي، فإنّ نتنياهو، وربما لرغبة لديه، فإنه قد يحاول أن ينفس عن هذا الاحتقان في توسيع نطاق هذه العملية العسكرية التي قد لا تحصل، ولكن لايزال هناك إمكانية في حدوثها. ولقد شهدنا في كثير من الحروب الماضية ان الذين خاضوا تلك الحروب وفي أكثر من مكان في العالم وفي أكثر من زمن ان الحروب الكبيرة نشبت على غير ما كان يريد الاطراف المعنيون من تلك الحروب، وحيث انزلقت الامور لأسباب لا يريدونها ولا نعرفها. ولذلك بات هذا الامر الآن يتطلب من جهة أولى، تكثيف الاتصالات مع الدول الفاعلة لممارسة الضغوط على إسرائيل لممارسة ضبط النفس وعدم توتير الاجواء أكثر مما جرى حتى الآن. ومن جهة ثانية، انتظار ما يمكن ان ينجم عن المفاوضات الجارية بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهي المفاوضات التي تشهد عراقيل عديدة من الطرفين ولاسيما الإسرائيلي.
س: الآن دولة الرئيس أنت تتوجه في بيروت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لكي تمارس ضغوط على اسرائيل بينما تعلم ولكي تنجح هذه المحاولة، فإنه يتوجب أن ينخرط فيها الطرفان. يعني ليس فقط الطرف الإسرائيلي، ولكن أيضاً الطرف الاخر إيران وحزب الله. ماذا تقول لهم، والى اي مدى وهل حصلت اتصالات يعني باعتباركم أحد الأطراف السياسية الفاعلة في السياسة اللبنانية مع الاطراف السياسية الأخرى؟
ج: هناك اتصالات تجرى على قدم مساق. ولهذا أرى وأعتقد أنه يجب علينا أن نتصرف نحن في لبنان على ان هناك احتمالا دعني اقول على الاقل 49% امكانية ان يحصل توسع كبير في نطاق وعنف الحرب، وأن يحصل اجتياحاً للبنان.
س: نعم، الإسرائيليون قالوا منتصف الشهر الجاري واوصلوا هذه الرسالة بهذا الشكل إلى لبنان؟
ج: هناك معلومات يجري تسريبها بهذا الشأن، والتي نفاها رئيس الحكومة اللبنانية من أن لبنان تلقى تحذيرات من أطراف دولية بان هناك اجتياحاً إسرائيلياً وشيكاً للبنان في منتصف الشهر الحالي، وذلك أنّه يمكن ان تشن إسرائيل هجوماً كبيراً جوياً وليس برياً على لبنان. لا أدري مدى صحة هذا الأمر. ولكني اعتقد أنه ينبغي التحسب له لأنه بالإمكان ان يحصل ذلك نتيجة الضغوط التي لاتزال تمارسها بعض الأطراف في الداخل الإسرائيلي، ونتيجة رغبة بعض الإسرائيليين في أنه يمكن لهم إذا قامت إسرائيل بهذا الاجتياح أن يحققوا انجازاً ما عجزوا عن تحقيقه في غزة. هذا علماً ان هذا الإنجاز، إن كان سيحصل، فهو سيكون شديد الكلفة وشديد الاوجاع للطرفين. لكن على الاقل بالنسبة لنا في لبنان فهو بنتيجته وتبعاته خطير جداً. ونحن نعرف ذلك لأننا عانينا مرات عديدة من هذه الحرب، ومررنا بهذه التجربة القاسية في العام 2006، وهي حرب شديدة الاكلاف وندرك ما يمكن ان يحصل بنتيجة ذلك.
س: بعض الساسة اللبنانيين يقولون اننا في لبنان معتادين على انقطاع الكهرباء، ومعتادين على فكرة المعارك، ومعتادين على كذا يعني، وبالتالي فهذا لن يشكل لنا جديداً؟
ج: بنظري، هذا الكلام غير صحيح. انت تعلم أن لا أحد يدرك مدى وحجم هذه الأخطار إلاّ من عانى منها وذاق ويلاتها. نحن عانينا مما جرى في العام 2006 ونعرف ماذا يمكن ان تكون نتيجته.
ودعني هنا أوضح لك أمراً آخر، وهو أنّه وعلى عكس ما ساد في العام 2006، حيث استطاع لبنان آنذاك أن يُكوِّنَ رأياً عاماً لبنانياً حاسماً ظهر في تضافر جميع القوى والأحزاب اللبنانية في الوقوف الى جانب الحكومة اللبنانية في تصديها للعدوان الإسرائيلي، وحيث استبسل عناصر حزب الله في التصدي لإسرائيل آنذاك، وحيث استطاعت الحكومة أن تحقق إنجازاً كبيراً في صدور القرار 1701، وفي معالجة تبعات الحرب. الآن ليس هناك من عطف لدى اللبنانيين في كثرتهم الكاثرة على هذه الحرب. هذا لا يعني أن ليس هناك من اشخاص او مجموعات في لبنان تقول انه ينبغي على لبنان أن يشترك في هذه الحرب ويتصدى لإسرائيل. وهذا ادّعاء خطير بشأن تحمل أعباء لا يستطيع لبنان تحملها.
ولكن، ومرة جديدة، أرجو أن يكون الأمر واضحاً. المشكلة الآن ان لبنان بات غير قادر، ومن كافة النواحي، ولاسيما أيضاً من جهة عدم توفر التضامن الداخلي اللبناني على خوض مثل هذه الحرب. إذْ ليس هناك من رغبة لدى الكثرة من اللبنانيين على الانخراط فيها، ولاسيما بسبب ما قد يؤدي اليه ذلك أيضاً من تداعيات سلبية خطيرة على صعيد النسيج اللبناني وعلى الصيغة اللبنانية. ولاسيما ان اللبنانيين عانوا الامرين ايضا من المواقف التي كان ولازال يتخذها حزب الله الذي يضرب بعرض الحائط السيادة اللبنانية والنظام الديمقراطي اللبناني والدستور اللبناني وبالتالي يقوم بهذه التصرفات، ويورط لبنان واللبنانيين دون ان يسأل عن رأي الحكومة اللبنانية، وما يمكن أن تكون عليه ردّة فعل اللبنانيين.
س: طيب هذا هو ما تشتكي منه بعض القوى السياسية اللبنانية من فكرة ارتهان القرار اللبناني كان الاول ارتهان القرار السياسي فيما يتعلق برئاسة الجمهورية والثلث المعطل الآن نتكلم على وضع عسكري؟
ج: الأمر لا يقتصر على الوضع العسكري، ولكن يعني أيضاً الاستمرار والايغال من قبل حزب الله وإيران في خطف القرار اللبناني في معظم المسائل الداخلية والخارجية الأساسية. هذا ولاسيما وأن احتمالات حدوث مثل هذا الاجتياح باتت عالية. هذا الواقع يجعل المصاعب والمخاطر التي يُمكن ان تتأتى على لبنان كبيرة جداً. ولذلك انا اعتقد انه وإلى جانب الاتصالات الدولية التي يمكن ان تقوم بها الحكومة اللبنانية للضغط على إسرائيل، فلربما تجدر المراهنة الان على أن تلتزم إسرائيل يوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية إذا جرى التوصل إلى وقف إطلاق نار على جبهة غزة. أي ان وقف النار في غزة يمكن أن يتبعه وقف إطلاق نار في لبنان، وهو أمر بالمناسبة لم تلتزم به إسرائيل حتى الآن. بل العكس لربما أنّ إسرائيل، وإن لم تواجه من يردعها عن ذلك، فلربما انها ستزيد من حدّة الهجوم على لبنان لكونها تريد أن تنفس عن احقاد وعن فشلها في غزة بمحاولة تحقيق أي شيء، وتنهي حالة مقلقة مزمنة لديها بوجود حزب الله في لبنان.
س: الآن محاولة اللحظة الأخيرة، إذا جاز التعبير، ومن صوت عاقل تمثله حضرتك دولة الرئيس ما هي الرسائل التلغرافية التي توجهها للأطراف المختلفة في نهاية هذا اللقاء؟
ج: الأمل أن يتعقل الجميع لأنّ المخاطر أصبحت بالغة وكبيرة وتداعياتها وتبعاتها خطيرة جداً. بظني أنّ إسرائيل وفي استمرارها بهذا الاجتياح للبنان، فإنها تُراهن على أنها ستتمكن من إحراج حزب الله ليس فقط امام محازبيه ولكن امام باقي اللبنانيين أيضاً. فحزب الله أقدم على التدخل في الثامن من اكتوبر عبر القيام بما سماه في حينه وحدة الساحات والرغبة في مشاغلة إسرائيل. وأيضاً لكي يبرر استمرار حمله للسلاح في لبنان. ولكن في الأخير، فقد أصبح حزب الله محرجاً بدرجة كبيرة بسبب توسع نطاق الحرب وطول مدّته وحجم الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي جرى تكبدها في لبنان حتى الآن. وهو الأمر الذي لم يتحسب له الحزب في البداية. ولذلك أظن أنّ إسرائيل تراهن الآن على انها ستحرج حزب الله في حال قامت بتوسيع وتكثيف نطاق عملياتها، وعندها لا يعود بإمكان حزب الله أن يبرر تلك الخسائر الكبرى للبنانيين. وها نحن نرى الآن أنّ حزب الله يسعى لتدبير مصادر مالية من المانحين المحتملين لإعادة البناء عند توقف إطلاق النار في هذه الحرب، وهو ما ليس بالأمر السهل. في المقابل، فإنَّ هذا الأمر هو الذي تمكنا من أن نحققه في العام 2006، ولكن لا يبدو أنه متوفر الآن ما لم تطرأ معطيات جديدة.
على أي حال، الآن ما لدينا ولدى الحكومة أن تقوم به هو في متابعة الضغوط الدولية على اسرائيل ومتابعة ما يمكن أن ينجم عما يجري في غزة للتوصل الى وقف لإطلاق النار عبر المبادرة الأميركية. مع انّه وحتى الان لم يثبت ان أميركا استطاعت ان تلزم اسرائيل بشيء. فلقد شهدنا ان الولايات المتحدة ورئيس الولايات المتحدة الذي أطلق مبادرته بهذا الشأن وقال انها مبادرة إسرائيلية ولكن بالفعل تنكرت اسرائيل لهذه المبادرة وهي مستمرة في حشدها لقواها العسكرية وقصفها للبنان، وبالتالي يمكن ان لا تستمع لهذه النصائح الدولية.
س: هل الطرف الاخر سيستمع للنصائح؟
ج: أنا أظن نعم لأنّه وبظني هذا هو الموقف الايراني وموقف حزب الله. إذْ يقولون انه إذا توقفت إسرائيل عن القصف فهم سيتوقفون. إسرائيل من جانبها اعتقد انها الان محرجة امام هذا العدد الكبير من النازحين المستوطنين الذين نزحوا إلى الداخل الإسرائيلي، وها هم يقتربون من بداية المدارس في اول أيلول. فهذا يعني أن الكل يريد حلاً، وهو الأمر المطلوب ولكن المستصعب حتى الآن.
الحقيقة اريد ان اقول ان جميع الأطراف أصبحت مأزومة أكان ذلك حزب الله وإيران ام كان ذلك اسرائيل والولايات المتحدة نعم الجميع مأزوم.
اسمح لي أن أشكرك. شكراً جزيلاً دولة الرئيس فؤاد السنيورة على وقتك، وعلى ما تفضلت به من معلومات. أتمنى كل الخير والسلام للبنان إن شاء الله والسلام وألاّ يتعرض لبنان لمزيد من المشاكل لبنان مش ناقص يعني بما هو فيه لا ابدا اسمح لي مرة ثانية اشكر حضرتك شكرا جزيلا على وقتك وعلى علمك وان شاء الله يكون لنا لقاءات ثانية مقبلة إن شاء الله.