الرئيس السنيورة : حاجة نتنياهو لاي نصر تجعله يبحث عن التصعيد
اجرت قناة النيل الاخبارية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة في ما يلي نصه:
س: معنا دولة الرئيس فؤاد السنيورة من لبنان. كيف تنظرون إلى الاغتيالات المتكررة التي ترتكبها إسرائيل؟
ج: بالنسبة لهذا السؤال، أودّ أن أؤكد لك بأنني أصدرت بياناً عبرت فيه عن استنكاري وإدانتي الشديدة لاغتيال قادة من حركة حماس وعبرت أيضاً عن تأييدي الكبير للموقف الذي اتخذه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من أجل تقديم شكوى عاجلة لمجلس الأمن بسبب هذا الانتهاك الذي جرى للسيادة اللبنانية، والتي أدّت إلى ارتكاب جريمة الاغتيال. وأنا أعتقد انّ ما قامت به إسرائيل في هذا الصدد ما هو إلاّ محاولة من أجل التغطية وحرف الانتباه عن الفشل الذريع الذي أصيبت به حتى الآن، وذلك بعدم قدرتها على تحقيق أي من الأهداف التي حددتها من أجل خوض هذه الحرب المجنونة التي تشنها على غزة، وكذلك بشأن ما تخوضه من مواجهات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
س: ما الذي يمكن ان يقلب هذه العملية لغير صالح إسرائيل، وما تستهدفه؟
ج: انا أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية، ومن خلال هذا العدد الكبير من أصحاب الرؤوس الحامية من المتطرفين الإسرائيليين، الذين يتحكمون بمسارات الأمور لديها، وبسبب هذا الفشل، وبسبب حاجة نتنياهو إلى تحقيق أي نصر وكيفما كان، ولاسيما وأنه يحاول أن يبقى في الحكم للتهرب من المحاكمات التي تنتظره، فإنه يحاول ان يفتش على أي وسيلة من الوسائل التي تجنبه هذا المصير، وحتماً هو يسعى إلى توسيع نطاق هذه الحرب ضد حزب الله في لبنان.
ومن ثم أيضاً، هو يسعى من أجل أن يجد وسيلة لمعالجة مشكلة النازحين الإسرائيليين من المستعمرات الاسرائيلية في شمال فلسطين ومن القرى المحاذية للبنان. هذا الأمر يستوجب من إسرائيل العمل على استدراج لبنان إلى توسيع هذه الحرب. وانا أعتقد جازماً في هذا الشأن أنّ ليس هناك من مصلحة للبنان على الإطلاق في أن يتورط أو يزداد تورطه في مثل هذه الحرب.
بالمناسبة، أنا عبرت أيضاً عن هذا الموقف بوضوح وصراحة يوم 8 أكتوبر الماضي أي في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، عندما قلت أنه ليس هناك مصلحة للبنان في أن يزجّ في هذه المعركة العسكرية، ولاسيما وأنّ لبنان يعاني من أزمات عديدة لا تمكنه على الاطلاق من أن ينخرط أو يتورط في مثل هذه الحرب العسكرية. في هذا الصدد، يعلم الجميع أن لبنان وعلى مدى السنوات الماضية، قد تعرّض لستة اجتياحات إسرائيلية، وهو مازال يعاني من آثار الحرب التي شنتها عليه إسرائيل في العام 2006. هذا ناهيك عن ان لبنان يعاني من ثلاث أزمات أساسية متراكبة فوق بعضها بعضاً، أزمة وطنية وسياسية، إذْ اننا لا نستطيع أن ننتخب رئيساً جديداً للجمهورية ولا نستطيع أن نعيد تكوين مؤسساتنا الدستورية، وهناك أزمة اقتصادية فادحة وكبيرة جداً في لبنان، وأيضاً هناك أزمة النازحين السوريين في لبنان. هذا ناهيك عن أنّ ما كان متوفراً في العام 2006 من شبكات أمان عربية ودولية استطعنا من خلالها أن نتخطى ونعيد بناء وإعمار ما جرى تدميره في العام 2006. الآن هذه الشبكات ليست موجودة الآن. بالإضافة إلى ذلك، وكما ظهر حتى الآن، فإنّ انخراط لبنان بهذه الحرب لم يغير ولا يمكن أن يغير التوازنات العسكرية القائمة على الساحة الفلسطينية، كما أنه لا يغير طبيعة المعركة القائمة. على العكس من ذلك، فإنه سيؤدي إلى حدوث خسائر بشرية هائلة ودمار كبير لا يستطيع أن يتحملها لبنان.
هذا لا يعني أن لبنان لا يؤيد ولا يدعم القضية الفلسطينية على العكس من ذلك، فإنَّ لبنان، وعلى مدى 75 سنة الماضية كان دائماً داعماً للقضية الفلسطينية دبلوماسياً وإعلامياً وسياسياً، وذلك بالتعاون مع باقي الدول العربية وهو بخصوص دعم القضية الفلسطينية قد قام بكل ما يستطيع القيام به وأكثر. فالكل يعلم أنّ لبنان لايزال يعاني من سلسلة الاجتياحات الإسرائيلية الستة وتداعياتها المدمرة على لبنان.
أما أن ينخرط لبنان في هذا الصراع، فإنّ ذلك سيؤدي إلى حدوث إشكالات داخلية كبرى. صحيح أنه بدأت تظهر تسريبات إعلامية وإيرانية تعبّر عن عدم الرغبة بتوسيع نطاق هذه الحرب. كما أنَّ السيد حسن نصر الله حاول أن يشرح موقف الحزب بأنّه مساند، ولكن هذا يعني أن تكتفي إسرائيل وتلتزم بقواعد الاشتباك التي يحددها حزب الله أو السيد نصر الله. وبالتالي، وبالرغم من كل الكلام الذي نسمعه بأنّه لا يريد أن يوسع نطاق الحرب، فإنّ نطاق الحرب يتوسّع.
كذلك أعتقد من جانب آخر أنّ هناك موقفاً من الولايات المتحدة الأميركية يقول بأنها لا تريد أن توسع نطاق الحرب، وتعمل كل جهدها للحؤول دون ذلك. كذلك أيضاً هناك الموقف الأوروبي وموقف العديد من دول العالم وكلّه ليس داعماً لفكرة توسيع نطاق هذه الحرب.
لكن الأمر المخيف بالنسبة لي، وهو كما يقول القول: "من حام حوله الحمى، يوشك أن يقع فيه"، أي أمكنه الخطر أو حافة الهاوية، فإنّه يمكن أن يقع فيها او ينزلق إليها. ولذلك يجب أن نتبصر وأن نتبين مواقع أقدامنا لنعرف ماذا يمكن ان يحدث لنتجنبه.
وبدون أدنى شك، فإنّ الذي شاهدناه خلال الأيام الماضية، فقد حصل انسحاب لحاملة الطائرات الأميركية الثانية من شرق المتوسط ولديها الأوامر بالعودة إلى الولايات المتحدة. وكأنّ هناك تفاهم تحت الطاولة قد جرى أو يجري ما بين الولايات المتحدة وإيران. طبيعي الولايات المتحدة حركّت الارمادا التابعة بها خلال الأشهر الثلاثة الماضية من حاملتي طائرات وعشرات السفن المساندة، والتي هي موجودة من أجل التهويل على إيران. هناك حتماً من يريد أن يوسع نطاق الحرب، وتحديداً المتشددون في إسرائيل.
الآن نحن في هذا الصدد أعتقد أنه ليس لدينا مصلحة في لبنان لتوسيع نطاق الحرب، بل العمل على وقفها فوراً. وبالتالي يجب علينا ان نتق الله في أمورنا، ونحول دون أن ينزلق لبنان إلى هاوية جديدة أكثر خطراً.