الرئيس السنيورة يكتب عن سليم الحص: أستاذي ومعلمي وصديقي
![الرئيس السنيورة في مسجد الامام الاوزاعي خلال الصلاة على الرئيس الحص](http://www.fuadsiniora.com/sites/default/files/user/images/siniora%20in%20ouza3i.jpg)
شارك الرئيس فؤاد السنيورة الى جانب رئيس حكومة تصريف الاعمال الرئيس نجيب ميقاتي ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وشخصيات سياسية وروحية، في صلاة الجنازة وتشييع الرئيس سليم الحص الى مثواه الاخير وقد كتب الرئيس السنيورة مقالة نشرت على الصفحة الاولى من جريدة النهار بعنوان : أستاذي ومعلمي وصديقي
أيها الرئيس الحبيب الاستاذ والمعلم والصديق سليم الحص. غادرت وأنت تتسنّمُ مجموعة قيم وقمم. جمعت اللبنانيين فأجمعوا عليك. وجمعت الرياح الأربع حول لبنان، فسعيت جاهداً لكي يكون لبنان معك سيداً حراً عربياً مستقلاً، لأنك أنت حرّ ومستقل. قِيَمُكَ على رأسها المحبة الخالصة، للوطن ولكل اللبنانيين، ليس فيها مساومة ولا مقايضة. ومن قيمك أيضاً التواضع الذي ينحني أمامه من يعلم مثلك معاني الحكمة والرفعة والرحمة والمحبة في التعامل مع الناس. فرفعك الله إلى المقام الذي تستحق. قيمك وضميرك ليس من جنس هذا العالم، هو نموذج فريد ومميز. والسياسة عندك نهج وعطاء وتضحيات وإصلاح ونهوض لا بيع فيها ولا شراء. فكان الناس في ضميرك، وفي وجدانك. والسياسة عندك تدبير لشؤون الناس. إذْ انّ السياسة عندك صدق وأمانة ومسؤولية، ومفاهيم ارتقيت بها إلى قيمك وقممك، فكانت تراثاً لبنانياً ومعلماً من معالم لبنان.
كنت في كل موقع ومنصب توليتَه قمة في الكفاءة وفي نظافة الكف وفي العطاء وفي بناء العلاقات الإنسانية. أعرفك، يا أستاذي، ويا معلمي، ويا صديقي، واعتز بصداقتك، يا أخي ورفيق دربي. يا دولة الرئيس، أعليت شأن المسؤولية العامة، وترفعت عن ممارسات وضغوط الطائفية والمذهبية والميليشياوية، ورفعت من قَدْرِ وقيمة الرئاسات، فكنت رجل دولة كبير، كنت دمث الأخلاق، حلو المعشر، صاحب فكاهة طريفة وذكية، ونزاهتك وترفعك قلّ نظيرهما. ويا طيب مجلسك ولطافة معشرك، أيها الرئيس الحبيب.
كان عملك في الحقل المصرفي والمالي قدوة، وكنت في أخلاقك السياسية وفي أدائك في الشأن العام نبراساً وآثارك فيه بصمات لا تُمحى، هذا بالرغم من محاولات عديدة لاستغلال طيبتك ونفسك الصافية من بعض المتربصين لتسجيل نقاط هنا وهناك.
لم تهملْ الاصلاح ولم تقبل بالاعوجاج السياسي، ولم تسكت عنه. تطلعت دوما الى الامام وكان لك الفضل في التحضير للاصلاح الدستوري الذي اقر في مؤتمر الطائف وبعد ان تم إقراره، سهرت وحرصت ان تكون الحارس الامين على تطبيقه بنزاهة ودقة.
يعزّ علينا فراقك. تركت في قلوب الناس حسرة ولوعة، ولكنك سكنت في قلوب اللبنانيين، كل اللبنانيين، سُكنى طيبة، فلا فراق.
تغمدك الله بواسع رحمته، وأسكنك في جنات عرضها السماوات والأرض، أُعدت للطاهرين والصادقين أمثالك.