الرئيس السنيورة لـ سكاي نيوز: رفيق الحريري كان يتمتع بقدرات كبيرة وتخريب نظام الاسد اصاب سوريا ولبنان

اجرت قناة سكاي نيوز عربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات الساسية والامنية وفي ما يلي نصه:
س: بعد 20 عاماً على اغتيال دولة الرئيس رفيق الحريري، يعيش لبنان كما الإقليم وتحديداً سوريا، تغييرات جذرية واضحة. فنظام الرئيس السابق بشار الاسد المتهم بالتحريض على اغتيال الحريري سقط في سوريا، ونفوذ حزب الله المتهم بتنفيذ هذا الاغتيال تراجع بشكلٍ كبير في لبنان، فيما تيار المستقبل الذي اسسه الحريري يلتقط انفاسه بعد غيابه عن المشهد السياسي وقد أعلن نجله سعد الحريري عودة التيار الى الحياة السياسية بصيغة وصفها بالجديدة.
معنا من بيروت رئيس الوزراء اللبناني الاسبق فؤاد السنيورة. مساء الخير دولة الرئيس، أهلا بك إلى سكاي نيوز عربية. أبدأ معك دولة الرئيس بسؤال افتراضي قبل ان ادخل في الأسئلة الصلبة. فكما شاهدنا اليوم في ذكرى اغتيال الحريري الذي مرَّ على اغتياله عشرون عاماً يا دولة الرئيس السنيورة، وحيث سقط خلالها نظام بشار الأسد، وتراجع نفوذ حزب الله. سؤالي: هل لو كان الراحل رفيق الحريري بيننا وبينكم بماذا كان يعلق على هذه الاحداث التي كانت تبدو مستحيلة حتى في الامس القريب؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. هناك قول منسوب للزعيم السوفياتي لينين "أنّه تمضي عقود ولا يحدث فيها شيء وتمر اسابيع ويحدث فيها كل شيء". مما لا شك فيه أنّ الذي حصل خلال هذه الاشهر القليلة الماضية شكّل متغيرات كبرى أكان ذلك على الصعيد اللبناني، أم أيضاً على الصعيد السوري، وكذلك في المنطقة العربية ككل وكذلك في العالم، وبسبب متغيرات أخرى كثيرة. ولكم كنا نتمنى ان لا يكون الذي حصل ويحصل في المنطقة العربية بهذه الطريقة وبهذه الكلفة الكبيرة والهائلة على صعيد الخسارات الجسيمة في الأرواح والمصابين والعذابات والدمار الكبير الذي لحق بأكثر من مكان اكان ذلك في غزة وفي الضفة الغربية، أم في لبنان وغيرها.
إنّه مما لا شك فيه ان الرئيس الحريري- رحمه الله- كان سيشعر بالكثير من الأسى والحزن لما حلَّ بلبنان، وما أصاب فلسطين في غزة والضفة الغربية، ولما حصل في المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين. ولكنه كان، وعلى الأرجح، سيبذل قصارى جهده في الإسهام للتخفيف من المصائب والآلام التي حلّت بلبنان والمشرق العربي. وكما نعلم، فإنَّ رفيق الحريري كان يتمتع بقدرات كبيرة، وأيضاً بقدرة على التكيف وعلى المناورة وعلى التعامل مع هذه المتغيرات بشكلٍ أكثر فعالية لربما كان سينجح في أن يحقّق نتائج إيجابية، علماً أنه من الصعب على الانسان ان ينزل على تلك الفترة الماضية عوامل ومعطيات ليس بالإمكان معرفة تأثيراتها ونتائجها الكاملة. ولكن حتماً يمكنني القول أنّ الحريري لو كان موجوداً بيننا لكان من الممكن ان يفرض دوره البنّاء والإيجابي، وأن يدخل عوامل جديدة وظروفا جديدة كانت يمكن ان تسهم بالتقليل من التداعيات والتبعات السلبية التي لحقت بلبنان وبالمنطقة العربية.
على أي حال، فإنّه ومن دون أدنى شك يا سيدتي، فإنَّ الذي حصل في سوريا كان كبيراً جداً وأنا أسميته بأنه كان بمثابة انهيار جدار برلين العربي، آخذاً بعين الاعتبار ما أقدم عليه النظام الامني السوري على مدى 55 سنة من تخريب لسوريا بالنسبة لدورها المحوري في العالم العربي، والذي يفترض أن يكون بناء في محيطها العربي. وهذا التخريب الذي تسبّب به النظام الأسدي لم يقتصر على سوريا، ولكنه شكَّل أيضاً مصدر تعب كبير وارهاق وتسلط على لبنان، وعلى إزعاج وابتزاز لعديد من الدول العربية. في المقابل، فإنَّ هذا النظام لم يقدم أي قيمة إضافة إيجابية لحل مشكلات المنطقة. وهنا أريد أن أستشهد بما سمعته من المغفور له الرئيس حسني مبارك عندما أسرَّ لي أن الرئيس حافظ الأسد ذكر له "بأنه يريد أن يحقق في المفاوضات مع اسرائيل أكثر مما حققتموه أنتم في مصر من مفاوضاتكم مع إسرائيل". المؤسف أنّ ما جرى بعد ذلك انه قد جرى تضييع تلك الفرصة التي كانت متاحة لسوريا في المفاوضات التي جرت برعاية الرئيس كلينتون في نهاية عهد في العام 2000، وقبل وفاة الرئيس حافظ الأسد، وبالتالي لم يتحقق أي شيء مما كان مأمولاً آنذاك على صعيد التقدم على مسار السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية. بل على العكس، فقط حصلت انهيارات كبيرة في المنطقة بعد ذلك، ولاسيما في الاجتياح الأميركي للعراق وما تلا ذلك من ويلات ومصائب في المنطقة العربية ككل.
نعود الى لبنان، فإنّه وبدون أدنى شك ان لبنان تحمل الكثير من المصائب والويلات بسبب الاغتيال الذي جرى للرئيس الحريري ودفع لبنان أثماناً باهظة في الأرواح والعمران، وكذلك في التضييع الكبير للفرص التي أتيحت للبنان والظروف التي ربما كانت ملائمة، والتي كان من الامكان التقاطها لتحسين امكانات لبنان وإقداره على الخروج من مآزقه، وربما أيضاً تجنب النتائج التي ترتبت على الاجتياح الإسرائيلي للبنان، والتي جميعها كان يمكن تحويلها إلى فرص جيدة لصالح كل اللبنانيين.
على أي حال، الآن لدينا نافذة مهمة جداً قد فتحت، وهي قد تمثلت بداية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأيضاً بتأليف حكومة جديدة جيدة وواعدة، وبالتالي نحن الآن أمام فرصة من المهم في كيفية التقاطها وتطويرها لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين. كذلك شهدنا اليوم أمراً جديداً، وهو في عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان.
س: طيب هنا أريد الحقيقة، وأتمنى استمع إلى وجهة نظرك بشأن مستقبل تيار المستقبل بالصيغة الجديدة؟
ج: بدايةً، فإني لم أكن مؤيداً لاعتكاف الرئيس الحريري، ولم أكن مؤيداً لانسحاب تيار المستقبل من العمل السياسي كما حصل، وكنتُ أتمنى أن يستمر الحريري في عمله السياسي بأي طريقة تجنباً لحدوث الفراغ في الساحة الوطنية والساحة الإسلامية، وأيضاً على ضرورة ممارسة الاستفادة من كل التجارب والدروس التي كان من الواجب استخلاصها من تلك التجربة السياسية لسعد الحريري ولوالده رفيق الحريري. الآن سمعنا من الرئيس سعد الحريري بان تيار المستقبل يريد ان يعود لممارسة العمل السياسي، وهذا أمر جيد، ولكن المهم في قرار العودة هو في أن تكون العودة نتيجة لقراءة تقييمية وموضوعية لتلك التجارب والمسائل التي مررنا بها ولاستخلاص الدروس التي ينبغي ان يستخلصها الرئيس سعد الحريري من كل ذلك، ولاسيما في ضوء المتغيرات التي جرت في لبنان وفي ضوء المتغيرات والتحولات التي جرت أيضاً في سوريا والمنطقة العربية لوضع صيغة وطنية جامعة تمكِّن تيار المستقبل من لعب دور بناء ومبادر، وفي ممارسته للعمل السياسي في لبنان.
س: نعم دولة الرئيس اسمح لي فقط حين تحدث سعد الحريري اليوم، الكل فهم بان تيار المستقبل سيعود الى العمل لكن بوجه مختلف ربما هل يقصد مثلا بان بهية الحريري ربما هي من ستقود المرحلة المقبلة يعني بهذه الصيغة الجديدة التي تحدث عنها خصوصا وأننا شهدنا في الفترة الماضية اتصالات دبلوماسية وسياسية معها؟
ج: لقد استمعت مثلك لما تحدث عنه الرئيس سعد الحريري، ولكن لا أستطيع أن أجزم بشأن حقيقة ما قاله بشأن من سيقود المرحلة المقبلة، وهي أمر لا أعرفه بهذا الخصوص. ولكن المقصود الآن، وقبل الحديث عن الأشخاص، أن يكون هناك استخلاص للدروس والمقاربات التي يجب اتباعها الآن من قبل التيار في ضوء هذه المتغيرات الكبرى التي حصلت في لبنان. وذلك يعني في ضرورة العودة الحقيقية للممارسة السياسية في لبنان، بعيداً عن المقاربات والتسويات التي تمّ اللجوء اليها خلال الفترات الماضية، والتي أدّت الى خليط ومزيج من الممارسات والأمور التي كانت مخالفة لأحكام الدستور ولأحكام اتفاق الطائف. الصيغ الحقيقية والجديدة التي يجب ان تسود في لبنان، ولاسيما في ضوء المتغيرات الجديدة يجب أن تؤكد على أهمية ممارسة سياسية حقيقية نابعة من احترام حقيقي لأحكام الدستور ولمبدأ فصل السلطات في لبنان، تجنباً لأن تصبح كل سلطة تتعدى على السلطات الأخرى. وأعني بذلك السلطات التشريعية والرقابية من جهة والسلطات التنفيذية وايضا السلطات القضائية. كذلك أيضاً، في اهمية استعادة الدور الحقيقي للدولة اللبنانية لتكون صاحبة السلطة الوحيدة في لبنان على كامل أراضيه ومرافقه كافة. السلطة التي تحتكر حمل السلاح في كل لبنان ليس فقط في الجنوب اللبناني أو في منطقة جنوب الليطاني، بل أيضاً لتمتد سلطتها بعد ذلك الى كامل الاراضي اللبنانية، وفي استعادة الاعتبار للدستور ولحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، واستعادة الاعتبار لاستقلالية القضاء، وإعادة الاعتبار للكفاءة والجدارة في التعيينات وإيكال تحمل المسؤوليات إلى أكفْائها. جميع هذه المسائل يجب أن تعيدنا إلى الطريق المستقيم، أي إلى الطريق الواسعة، بدلاً من الاستمرار في الضياع في الازقة والزواريب التي تمليها عمليات التسويات التي جرى اتباعها، وأيضاً ما تمليه سياسة الارضاءات السياسية التي اتبعت، والتي لن ولن يجن منها اللبنانيون سوى الخيبة والخسران.
س: برأيك الان مع تراجع حزب الله وتراجع نفوذ حزب الله في بيروت وفي لبنان هل امام تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري فرصة حقيقية؟
ج: اعتقد بداية ان أمام لبنان الآن فرصة حقيقية وكبرى، وكذلك لسعد الحريري فرصة مستجدة وكبيرة. ولكن كل ذلك يحتاج الى ادارة حقيقية، والى رؤية قويمة وصائبة، والى ارادة حازمة وكذلك الى شجاعة وقيادية. هذه الفرص تبدو أنها قد باتت متاحة الان للبنان. وهنا أودّ أن أقول أيضاً أن هذه الفرص التي تتاح للبنان يجب التقاطها بحرفية وحكمة من أجل بناء علاقات صحيحة قويمة مبنية على الصراحة والوضوح في علاقة لبنان مع الشقيقة سوريا، وأن تكون علاقة ندية مع سوريا، وهو الأمر الذي لم يتح للبنان ان يقوم به على مدى سنوات طويلة ماضية حتى منذ استقلاله. هذه الفرصة تتاح الآن، والتي يجب ان تدار بالحكمة وبالاحترام مع الأشقاء السوريين من أجل تصويب هذه العلاقة التي بين لبنان وسوريا كبلدين شقيقين وجارين، ولاسيما وأن سوريا تشكِّل بالنسبة للبنان الطريق البرية الوحيدة لاتصال لبنان بالعالم العربي كما ان لبنان يشكل لسوريا متنفسا وامكانات كبرى لتحقيق نهوضه السياسي والاقتصادي، وعلى أكثر من صعيد، وبالتالي يستطيع كلاهما ان يتكاملا سوية مع الحفاظ على الاستقلال والعلاقة الندية والاحترام المتبادل.
أما بالنسبة لتيار المستقبل وللرئيس الحريري والعلاقة مع حزب الله، فإنّي اعتقد ان هناك عملاً يجب أن يتم، وهو لم يتم بعد. إذْ لازال هناك لدى حزب الله الكثير من الانكار لحقيقة ما جرى ومدى أهمية ما حصل في لبنان وفي المنطقة العربية. صحيح أنّ هناك بعض البدايات التي تحصل داخل الحزب، ولكن هذا الادراك الجديد لأهمية ما حصل لم تحصل داخل بيئة الحزب، وهي يجب أن تحصل داخل بيئته، وأن هذا يتطلّب نشوء قيادات جديدة واعية وحكيمة ومتبصرة. كذلك، فإنَّ على الآخرين في لبنان مساعدة الحزب في ذلك.
هناك على سبيل المثال، متغيرات كبرى، ومن ذلك تطبيق القرار 1701 الذي جرى اقراره في العام 2006 والذي أقرَّ به ووافق عليه حزب الله في الجلسة التي عقدتها أنا آنذاك كرئيس للحكومة في الثاني عشر من اب 2006، وذلك على اساس ان يصار الى التنفيذ الكامل والصادق لهذا القرار. المصيبة ان لا اسرائيل نفذت هذا القرار لصدق، كما أن حزب الله لم ينفذ هذا القرار بصدق وشجاعة. ماذا بعد ذلك، وهو أننا انتهينا الى ما وصلنا اليه الآن، حيث أصبحنا نحن في لبنان مضطرين الآن الى تنفيذ هذا القرار 1701 تحت حد السيف، حيث كان من الممكن ان نطبقه بكل اريحية، وبالتالي تجنب كل الأمور والإرغامات التي بات ينبغي على الحزب ان يسارع الى الإقرار بها والالتزام بها حسب ما جاء في ورقة التفاهم الأخيرة بشأن هذا القرار. هذا مع العلم انه قد بات على الحزب، وبالتالي بات على لبنان، التنبه من جديد ان ليس هناك من بديل امام لبنان واللبنانيين سوى العودة الى الدولة والى الانضواء تحت سقف الدولة؛ وان على الحزب مثله مثل بقية جميع اللبنانيين الإقرار إلى ضرورة العودة إلى حكم الدولة اللبنانية وبشروطها، ولا يستطيع أن يستمر في التفرد والتصرف بأنه دولة داخل الدولة أو خارج على إرادة الدولة اللبنانية.
على الجميع أن يدرك ومن ضمنهم حزب الله ليس هناك من مستقبل للبنان الا بالعودة إلى قرار بأن تكون الدولة صاحبة السلطة الوحيدة على كامل تراب الوطن وعلى جميع المرافق اللبنانية. دولة عادلة وقادرة تستطيع أن تجمع جميع أبنائها وتبني واياهم الإمكانيات والقدرات التي يتمكنوا من خلالها استعادة النهوض.
هناك حاجة يجب أن يدركها كل الفرقاء اللبنانيين في ضرورة احتضان بعضهم بعضاً وبالذات احتضان مكون اساسي من المكونات اللبنانية، وهم الشيعة، ليعود الجميع إلى خيمة الدولة متساوين ومتضامنين. وهنا أود أن أوضح أمراً، وهو أنّ ليس كل الشيعة في لبنان هم حزب الله، هذا خطأ، وهذا ليس صحيحاً. طبيعي هناك عدد كبير من الشيعة الذين ينتسبون إلى الحزب، والذين لديهم مصالح ايضا لان هناك عدداً كبيراً من الشيعة من الذين هم على لوائح المعاشات والرواتب التي يتقاضونها من حزب الله. هناك عشرات الألوف من الذين يتقاضون رواتب ومعاشات شهرية، وبالتالي هم عملياً ومصلحياً يقفون إلى جانب الحزب ويدعمونه. لكن هذا كله الآن أصبح موضوع تساؤل لديهم حول هذه الديمومة. لذلك، وفي ضوء هذه المتغيرات، هناك الحاجة لمساعدة الحزب لكي يحصل تغيير في صفوفه وعلى صعيد قياداته. كذلك، ومن جهة أخرى، في أن يحصل تغيير أيضاً على صعيد اللبنانيين، وتعامل الحكومة اللبنانية وفخامة الرئيس في العمل على احتضان الشيعة على أساس قاعدة ذهبية، وهي أن جميع اللبنانيين هم سواسية، وأن يكونوا الجميع تحت سلطة القانون. وهذا هو الأسلوب الواجب والوحيد الذي يستطيع فيه أن يستعيد لبنان أَلَقَه وتميزه واستقراره، وتوفير امكانيات النهوض، وبالتالي خروجه من المآزق الكبرى التي تراكمت عليه على كل الصعد الوطنية السياسية
س: اسمح لي فقط دولة الرئيس اعذرني على المقاطعة في نفس السياق الذي تحدثت بشأنه هناك اصوات داخل حزب الله تحذر من اقصائها دائماً ومن المبالغة في وضعها في الزاوية لان النتيجة ستعود ربما سلبا على السلم الاهلي كيف يمكن معالجة هذا الوضع الحساس؟
ج: يا سيدتي، دعيني أقول لك وبكل وضوح وصراحة على ذلك، انه ليس المطلوب وليس من المفيد أن يعامل حزب الله وكأنه مهزوم، أو أن هناك فريق منتصر وآخر منهزم في لبنان. ذلك خطأ كبير لا يغتفر. أنا أودّ أن أتحدّث عن قاعدة ليست جديدة في لبنان، ولكنها مهمة وهي أن الجميع يكون منتصراً عندما يعود الجميع إلى الدولة وبشروطها وينضووا تحت لوائها، بينما يصبح الجميع مهزوماً عندما يتفرقون ويحاول البعض أن ينتصر على البعض الآخر، وهو كما حصل لدينا في لبنان في فترات ماضية. وبالتالي علينا ان نتجنب في أن نتصرف على اننا نود ان نمارس انتقامات على بعضنا بعضاً. الجميع مهزوم ولبنان يكون المنهزم وليس له من قيامة على الإطلاق حينذاك. لذلك، فإنَّ هذا الامر يتطلب درجات عالية من الحكمة والحزم والشجاعة في آن معاً من أجل استعادة ثقة اللبنانيين بالدولة وثقة الاشقاء العرب وأيضاً معهم المجتمع الدولي بالدولة اللبنانية. هذا الأمر هو الذي يخرجنا من المآزق التي أصبحنا بداخلها. أما ان نتصرف وكأننا نريد أن نملي على بعضنا بعضاً ما نريده خدمة لفريق من هنا أو من هناك، فذلك لن يؤدي إلى أي نتيجة إيجابية، بل إلى نتائج مدمرة. الجميع عليه أن يقر أنه يسري عليه ما يسري على الاخرين، أكان ذلك من منافع او من تحمل أعباء. ليس من الممكن ان يتصرف أحد بانه منتصر ويريد ان يهزم الاخر. هذا الامر لا يسري في لبنان ويؤدي إلى المزيد من الأزمات والحروب الداخلية. لنتصارح هنا يا سيدتي، لبنان يقوم على قاعدة قوة التوازن هذا الامر ضروري جداً، وليس على قاعدة توازن القوى المتبدل والمتغير، بحيث يستطيع عندها كل واحد من هذه المكونات الفسيفسائية، وبسبب المتغيرات والتبدلات إلى أن يتصرف ويعمل كل يوم من أجل أن يحدث تغيراً في موازين القوى، ويسعى لخلق معادلات جديدة في علاقاتنا مع بعضنا بعضاً. هذا الامر خطير للغاية، وهو يتطلب منا أن نؤمن جميعا أننا علينا أن نعود الى الدولة بشروط الدولة، وهي الشروط التي تسري على الجميع دون اي تمييز، وبالتالي ان لا نمارس أي فوقية على أحد. فلقد جرت هذه الممارسات في لبنان وحصد الجميع الخيبة. ذلك أنّ كل فريق من اللبنانيين حاول أن يغني أغنيته، وعلى مدى عقود طويلة ماضية، وما من أغنية واحدة كانت أغنية جامعة لكل اللبنانيين والنتيجة كانت خسراناً كبيراً.
س: اسمح لي يا دولة الرئيس لبنان خلينا نكون صريحين مين اللي كان عنده هذا المنطق؟
ج: سأوضح لك انه على مدى عقود طويلة كانت هناك محاولات من معظم الفرقاء اللبنانيين، وكل واحد حاول ان يمارس نوعا من الانتصار على الآخرين. ولكن الذي شهدناه على مدى العقود الثلاثة الماضية انه كانت محاولات مستمرة ومتعاظمة من قبل حزب الله، مستنداً إلى سلاحه ودعم النظام السوري من أجل السيطرة وممارسة التسلّط على باقي اللبنانيين، وأنا في هذا الامر لا اتهمهم بشيء لم يمارسوه. بل هم قالوا ذلك، وعلى لسان المسؤولين الايرانيين والمسؤولين في حزب الله بأنهم باتوا يسيطرون على اربعة عواصم عربية ومنها لبنان. حيث استمرّ حزب الله، وعلى مدى 30 سنة، وهو يمارس هذه الفوقية والهيمنة على لبنان، وهذا أمر غير مقبول، ولذلك كان الحل هو في العودة من قبل الجميل إلى الدولة بشروط الدولة والالتزام بأحكام الدستور واتفاق الطائف.