الرئيس السنيورة لـ الحدث:ما جرى على طريق المطار لا يعبّر عن ما يحتاج إليه لبنان الخارج من الأزمة والمحنة الخطيرة التي حلَّت به

اجرت قناة الحدث من محطة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات في ما يلي نصه:
س: من بيروت ينضم إلينا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة. دولة الرئيس مساء الخير وأهلاً وسهلاً بك معنا على قناة الحدث. نريد أن نعرف رأيك فيما يجري اليوم من قبل حزب الله، ولاسيما بشأن هذه الممارسات، وهذه الاعتداءات التي استمرت إلى اليوم، وكذلك بما يتعلّق بالتصريحات والمواقف المتناقضة لممثلي الحزب؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. في هذه الأجواء المحتدمة، وقبل الإجابة على سؤالك، أسمح لنفسي ولعشر ثواني لأقول لك انني جئت إلى هذه المقابلة للتوْ بعد أن شاركت بحضور حفلة موسيقية راقية، حيث كنتُ أشجّع تلاميذ الكونسرفاتوار الوطني اللبناني (المعهد الوطني العالي للموسيقى)، والذين بأدائهم وحرفيتهم يمثلون طموح الكثرة الكاثرة من اللبنانيين الذين يرغبون بأن يعود لبنان ليكون مركزاً للعطاء والإبداع والتمسك بثقافة الحياة، والتأكيد على العمل من أجل المستقبل. هؤلاء الأطفال واليافعين الذين يشاركون مع هذه المجموعة والفرقة الموسيقية في هذا الحفل الموسيقي. وبالنسبة لي، فإنهم يعيدون الأمل للبنانيين في قيامة لبنان. لبنان الذي يريده اللبنانيون على شاكلتهم، الوطن الذي يحقق لهم ما يريدونه لمستقبل لبنان الذي يحبه الأشقاء العرب ويحترمه الأشقاء والأصدقاء في العالم.
الآن ما حصل خلال اليومين الماضيين على طريق مطار رفيق الحريري الدولي أمر مُعيب جداً. وهو أمر لا يعبّر عن لبنان الخارج من هذه الأزمة والمحنة الخطيرة التي حلَّت به. في الحقيقة، انّ ما جرى يعبر عن أنّ هناك من لا يزال يمارس الانكار ولا يعترف بما جرى ولا في كيفية التعامل مع هذه التطورات والتحولات الجديدة بحكمة ودراية. وبالتالي، فهو في ممارسته هذه يُحاول إظهار نفسه بأنّه قادر على أن يبقى على مسار الامور في لبنان، كما وكأن شيئاً لم يحصل، وذلك بالإصرار على الاستمرار في تغييب الدولة والاستمرار في الاستيلاء عليها والحؤول دون ممارستها لسلطتها ولإرادتها في حفظ الامن والنظام.
أولئك المتظاهرين الذين يقطعون طريق المطار يمثلون على ما يبدو مجموعة من بيئة حزب الله، وهم الذين بعد تغييب قيادات الصف الأول والصف الثاني في الحزب، حلَّت قيادات من الصف الثالث محل قيادات الصف الأول والثاني، ومعهم على الأرجح أيضاً ممثلين من إيران، وهم الذين بطبيعة الحال يحاولون أن يظهروا بأنهم هم القادرين على أن يمسكوا بالساحة اللبنانية، وبالتالي يرون أنّ عليهم أن يتصرفوا بطريقة شعبوية من أجل تحقيق غايتهم في الإمساك بالأمور، كما كان الحال في الماضي، وهم لذلك يتطرفون في مواقفهم من أجل اجتذاب جمهورهم.
المؤسف أنهم بعملهم هذا لا يعبروا عن ما يحتاجه لبنان الآن من حكمة وتبصر، وعما تريده الكثرة الكاثرة من اللبنانيين، ولاسيما وأنّ لبنان، فعلياً قد التزم، وهو قد التزم من خلال الرئيس بري الذي مثل حزب الله في المفاوضات التي جرت مع الراعيين الأميركي والفرنسي، وجرى الاتفاق على الالتزام بتطبيق القرار 1701، بما في ذلك تطبيق التفاهمات المؤلفة من ثلاث عشر بنداً، والذي اضطر لبنان إلى توقيع تلك التفاهمات، والالتزام بتطبيقها، وهذا كلّه يتناقض مع هذه الممارسات التي نراها اليوم.
س: بعد كل ما جرى كان هناك أيضاً موقف متنصل لحركة أمل أمس فيما جرى، ولكن اللافت أيضاً أنَّ حزب الله تنصَّل من هذه الاعتداءات والممارسات فيما فُهِمَ بأنّه قد يكون تعبيراً عن انقسام داخل قيادات حزب الله. هل هو فعلاً كذلك أم أنهم يقومون بذلك على شكل مواقف مظهرية؟
ج: أول شيء، إنّي أميل إلى الرأي أنه يبدو ان هناك انقساماً يتسع ما بين مناصري حركة أمل ومناصري حزب الله. كما أنَّ هناك، وعلى ما يبدو، وجود انقسام داخل صفوف حزب الله في هذا الخصوص. ولكن، وعلى أي حال، أنا أودّ أن أقول وأذكّر بأني قد أصدرت بياناً هذا اليوم الذي استنكرت فيه ما حصل من اعتصامات وقطع طرق، واهبت بالمسؤولين في حزب الله وحركه امل ان لا يكتفوا بالإدانات اللفظية بشأن ما جرى. فهذا لم يعد كافياً ولم يعد ينطلي على أحد، بل عليهم واجب بأن يعملوا من أجل إقناع البيئة التي يمثلونها في لبنان، للتوقف عن القيام بهذه الممارسات، وهي في المحصلة ليست في صالحهم، ولا من صالح حزب الله أو حركة أمل، وليس حتماً من صالح لبنان. على العكس من ذلك، فإنهم بما يفعلونه أو ما فعلوه البارحة واليوم، فإنهم قد قدموا خدمه مجانية لإسرائيل من اجل ان تستنتج وتقول للعالم أن اللبنانيين ودولتهم تحديداً لا تستطيع فرض الأمن في لبنان، وأنّ الحكومة اللبنانية ليست قادرة على أن تضمن طريق المطار. وطريق المطار هو الحد الأدنى الذي يجب أن تضمن الدولة اللبنانية سلامته، بحيث يتمكّن جميع اللبنانيين المسافرين والقادمين من الوصول إليه وسلوكه بيسر وسهولة، ودون أي عوائق أو مظاهر غير مريحة.
للأسف، هم بذلك يعطلون الأمور ويقفون سداً حائلاً دون عودة السلم الأهلي والاستقرار إلى لبنان، ويعطون صورة سيئة عن لبنان. ولاسيما أنهم يقومون بهذه الممارسات قبل ثلاثة أيام من الموعد الذي يفترض ان تلتزم به إسرائيل من أجل الالتزام بالانسحاب الكامل من جميع الأراضي اللبنانية التي احتلتها. وبالتالي، فإنَّ كل هذه المؤشرات السلبية التي تبينها هذه الممارسات هي فعلياً ليست من صالح لبنان، كما أنَّ من يرتكبها ظنا منه انه يدافع عن المقاومة ويدافع عن جمهور المقاومة، فإنّه بالفعل وبعمله هذا يقوم بعكس المراد، ويتسبّب في زيادة الشروخ ما بين الحزب وبقية اللبنانيين، ويؤدي إلى تعقيد الأمور في لبنان على الصعيد الداخلي بين اللبنانيين، وعلى صعيد استغلال إسرائيل لعملهم هذا لتأخير انسحابها من لبنان.
س: ما رأيك دولة الرئيس في الإجراءات العقابية التي اتخذت لحد الآن من قبل السلطات اللبنانية، هل هي ترقى لمستوى الحدث؟
ج: أنا اعتقد اننا يجب ان نقف جميعا الى جانب الحكومة اللبنانية، وإلى جانب فخامة الرئيس، ونشدّ على أيديهم في اتخاذ القرارات الصارمة والشجاعة من أجل ضبط الأمن في لبنان، وبالتالي لإعطاء الصورة الحازمة والصحيحة في أن الحكومة اللبنانية وبأجهزتها القضائية والأمنية والعسكرية قادره على ان تضبط الامن، وأنها سوف تثابر على إعطاء الصورة الحقيقية التي تريدها الكثرة الكاثرة من اللبنانيين، بفرض هيبة الأمن والاستقرار في لبنان. وان الحكومة عازمة، وبشكلٍ جازم، على رفض ومعاقبة كل من يخل بالأمن والاستقرار، وكل من يحاول أن يقطع الطريق، ولاسيما طريق المطار.
س: طيب دولة الرئيس، هل تعتقد انه ممارسات مماثلة ستتكرر؟ وبالتالي ما قد يدفع ربما حزب الله لمواجهة يورّط فيها الجيش اللبناني، ويهدد السلم الأهلي والأمني في لبنان؟
ج: لا أستطيع ان أتنبأ بهذا الامر. قد يكون هناك البعض من أصحاب الرؤوس الحامية الذي قد يكررون هذا المشهد، ولكني اعتقد أنّ الحزم الذي مارسته الحكومة الآن من خلال الأجهزة الأمنية والعسكرية، وأيضاً القضائية، بالفعل قد أرسلت رسالة واضحة للجميع بأنّ الدولة مصمّمة على الحؤول دون حصول أي أعمال شغب، ويجب أن تكون هذه الرسالة مستمرة وحازمة ومثابرة بأنَّ الدولة لم ولن تسمح لأحد بأن يعكّر الأمن.
للأسف، هذه الممارسات تعطي صورة عكس ما يريده اللبنانيون وعلى ما لا يخدم مصلحة لبنان، وهو ما يؤدي الى احداث شروخ داخل المجتمع اللبناني. هذا الأمر غير مفيد على الاطلاق، بل هو مضر للبنان ومضر لجميع اللبنانيين بمن فيهم أولئك الذين يتظاهرون من أجل التعبير عن آرائهم ظناً منهم أنهم بذلك يحمون المقاومة. على العكس من ذلك، فإنَّ ما يقومون به يؤدي إلى نقيض ما يظنون أنهم راغبون بتحقيقه.
س: صحيح دولة الرئيس البعض ربط هذه الممارسات التي يقوم بها مناصرو حزب الله بالبيان الوزاري المرتقب، والذي سيكون خالياً من ثلاثية المقاومة. وبالتالي، فإنَّ البعض يقول، وأنا أتحدث بلسان من يدافع عن حزب الله، يقول بأنّ إغفال المقاومة في البيان هو ضد حزب الله. صحيح أنّ المقاومة لا تحتاج إلى أن يدرج اسمها في نصّ البيان، فهي موجودة، ولكن الخشية كما يقولون أنَّ هناك بعض التحركات الحكومية جاءت بناء على املاءات إسرائيلية هكذا يقولون؟
ج: بدايةً، وأول شيء، هذا كلام مرفوض جملةً وتفصيلاً بأنَّ الحكومة تتصرف لما فيه مصلحة إسرائيل، وهذا أمر مَعيب. هذا بالإضافة إلى أنَّ الذين يقومون بهذا العمل ظنا منهم انهم يريدون ان يرسلوا رسائل للحكومة من أجل إجبارها على ذكر عبارات محددة في البيان الوزاري، وبأنّ بإمكانهم أن يستعيدوا الثلاثية المقدسة التي كانوا يدخلونها في صلب البيان الوزاري فإنَّهم واهمون. وهذا الامر لا يمكن أن يحصل، وهو لا ينفع، ولم يعد ينفع على الاطلاق، لكون الأكثرية الساحقة من اللبنانيين هم ضد ذلك، بل إنّ ما يقومون به بالفعل سوف يزيد عدد الذين يناهضون هذه المواقف في لبنان. فالكثرة الكاثرة من اللبنانيين هم ضد مثل هذه العبارات. كذلك أيضاً، فإنَّ هذا الامر ليس مفيداً، ولا يؤدي لنتيجة، على العكس من ذلك، بل هو يؤدي إلى نتيجة معاكسة كلياً. للأسف، أنا اعتقد أنَّ هؤلاء الناس، وأعني بذلك الذين يقومون بهذا العمل لا يزالون في حالة إنكار، أو أنهم موحى إليهم من خارج لبنان، بأن يستمروا في التصرف بهذا الأسلوب، وبصورة سلبية، وكذلك ربما من قبل الحرس الثوري الإيراني، أو غيره ليستمروا في القيام بهذه المحاولات العبثية ظناً منهم أنهم يؤثروا على الجمهور اللبناني. اعتقد أن كل هذه الممارسات لا تؤدي لشيء مفيد على الإطلاق، بل إلى المزيد من الغرق في مستنقع ارتكاب الخطأ الكبير، بل أن هذا الخطأ هو بحجم الخطيئة الكبيرة. والجريمة التي يجري ارتكابها هي بالفعل ترتكب بحق لبنان. لذلك، فإنّ المطلوب الإصرار على الموقف اللبناني الصارم في مواجهة حكيمة وحازمة لهذه التصرفات العبثية.
س: طيب، ونحن نتحدث إليك هناك إذاً تواصل حزب الله لمناصري حزب الله مجدداً لقطع جسر الرينغ في أوتوستراد بيروت. يعني مرةً أخرى بعد أمس اليوم هناك قطع آخر لذات الجسر جسر الرينغ من قبل مناصري حزب الله دولة الرئيس تعليق سريع يبدو أنّه الإجراءات المتخذة لحد الآن لم تردع هؤلاء حتى الآن؟
ج: كما قلت قبل قليل، فإنّه يُمكن لهؤلاء أن يستمروا في غيّهم وضلالهم، ولكن اعتقد أنَّ الموقف الحكومي، وموقف فخامة الرئيس، وموقف دولة الرئيس صارم في هذا الشأن. وأنّ الحكومة ستستمر في اعتماده، وبالتالي سيصار إلى الاستمرار في ضبط هذه الأمور، وأن أي تساهل أو تقاعس في التعامل مع مثل هذه الممارسات يؤدي إلى إسقاط العهد من أول ضربة. هذا الأمر لن يحصل، واللبنانيون بكثرتهم الكاثرة هم ضد هذه الممارسات جملة وتفصيلاً، ويجب ان لا يُصار إلى الوقوع في مستنقع التراخي أو التقاعس أو التردد في عملية ضبط هذه الأمور.
من يريد أن يحتج ويعبر عن رأيه فهذا من حقّه. نعم، هناك مكان يمكن أن يقف فيه المتظاهرون ليعبّروا عن رأيهم، ولكنه ممنوع منعاً باتاً أن يقطعوا الطريق. التعبير عن الرأي هذا حقهم. نحن نخالفهم الرأي، ولكن لهم الحق في إبداء رأيهم. ولكن أي قطع للطريق، أو وضع أي حواجز، أو أي إثارة للشغب، أو أي تعكير للأمن، يجب أن يكون هناك موقف الحكومة ثابتاً وقوياً وصارماً من أجل أن ترسل رسالة إلى كل اللبنانيين، أنَّ الدولة يجب أن تعود لممارسة سلطتها ودورها وهيبتها، وأنَّه يجب أن تعود لأداء دورها، وتعود صاحبة السلطة الوحيدة، وأن لا يكون هناك من أي قوة أو سلاح في لبنان غير سلاح الدولة اللبنانية، ويجب أن يتم التدرج في هذا الامر، حيث نبدأ بدءا من منطقه جنوب الليطاني، ولكن هذا الأمر يجب أن يسري سريعاً بعد ذلك على كل لبنان.