الرئيس السنيورة : لبنان على مشارف الانضمام الى نادي الدول المنتجة للنفط والغاز لكن علينا الانتظار طويلا قبل تدفق العائدات والتأكد من مواقع التنقيب

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثاني: 
حاضر في منتدى الطاقة في الحوض الشرقي للمتوسط في جامعة نيقوسيا والتقى وزير خارجية قبرص

 

كشف رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة ان هيئة المسح الجيولوجي الأميركية قدرت أن جوف الحوض الشرقي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط مشابهة لمناطق شاسعة أخرى في العالم  ويحتوي على حوالى 122 ترليون قدم مكعب من الغاز طبيعي و1,7 مليار برميل من النفط غير المكتشفة والقابلة للتجدد.وقال الرئيس السنيورة :  ان لبنان على مشارف الانضمام الى مجموعة الدول المنتجة للغاز والنفط. ونقر تماماً أنه علينا التنبه لعامل أساسي ألا وهو أنه علينا الانتظار طويلاً (لمدة تتراوح بين سبع وعشر سنوات) قبل تدفق العائدات الى لبنان جراء بيع الموارد النفطية، هذا بعد التأكد من مواقع التنقيب المحتملة من خلال عمليات الحفر. لذا من المهم جداً ألا يتم الوقوع في توقعات مبالغ بها تغذيها تصاريح سياسية من هنا وهناك أو لضغوط لزيادة الانفاق غير المضمون من الان.

كلام الرئيس السنيورة جاء امس امام حشد من رجال الاعمال وممثلي شركات واكاديميين ومختصين بموضوع النفط خلال محاضرة له في منتدى اقامته  مؤسسة Gulf Intelligence

 تحت عنوان   " منتدى الطاقة في دول المشرق "  في جامعة نيقوسيا في قبرص .

وفي ما يلي نص المحاضرة :

 

السيدات والسادة،

الضيوف الكرام،

 اسمحوا لي أن أتوجه لكم بالشكر  لحضوركم اليوم كما ولمؤسسة Gulf Intelligence  على تنظيم هذا المنتدى الهام الذي تمت دعوتي إليه لأشاطركم بعض الأفكار حول التجربة اللبنانية في مجال التنقيب عن النفط والغاز. اسمحوا لي عند هذه النقطة أن أوضح لكم أنني لم أعد اليوم أضطلع بأي دور تنفيذي في الحكومة اللبنانية وأن تياري السياسي ينتمي رسمياً للمعارضة غداة تشكيل الحكومة الجديدة الأسبوع الماضي. لذا أرجو منكم التنبه إلى أنني أتوجه إليكم اليوم أساساً بصفتي ممثل للشعب اللبناني ورئيس لكتلة نواب المستقبل، إضافةً إلى كوني رئيسا سابقا  لمجلس الوزراء في لبنان واكب عن كثب الجهود التي بذلها لبنان حتى الآن في مجال التنقيب عن النفط والغاز.

 أولاً،لطالما اعتبرت أن ثروة لبنان الأهم هي رأسماله البشري وليس موارده الطبيعية. فإضافةً لنظامه السياسي والاقتصادي الحر والمنفتح، واقتصاده المستند إلى الخبرة والمعرفة وليس إلى قدرته على تصدير السلع. وبالرغم من سنوات المعاناة الطويلة التي عرفها لبنان جراء الحروب وانعدام الاستقرار الداخلي المستمر، فقد نجح في تحقيق أعلى ناتج محلي إجمالي للفرد في الدول العربية باستثناء الدول الست المصدرة للنفط في مجلس التعاون الخليجي. وهو الأمر الذي يشكل إثباتاً صريحاً لقوة وقدرة الاقتصاد اللبناني ومرونته وقدرته على مقاومة الصدمات. إنه من شأن التوقعات الايجابية في ما يخص احتمال اكتشاف كميات كبيرة من النفط أو الغاز أن تعزز من قدرة الاقتصاد اللبناني وتؤمن له مستوى نوعي أعلى من النمو والتطور إقليمياً لاسيما وأنها ستساهم في معالجة المشاكل الناجمة عن العجز المالي الكبير وعبء الدين المتراكم خلال العقود الثلاثة الماضية.

 لقد قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية للمرة الأولى أن جوف الحوض الشرقي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط وهي منطقة مشابهة لمناطق شاسعة أخرى في العالم يحتوي ربما على حوالي 122 ترليون قدم مكعب من الغاز طبيعي و1,7 مليار برميل من النفط والغاز غير المكتشف والقابلة للاستخراج، علماً أن المنطقة الاقتصادية الحصرية اللبنانية تقع بالكامل ضمن الحوض الشرقي، الأمر الذي من شأنه أن يوفر فرصةً كبيرة للبنان لجهة تنويع مصادر نموه وتمكين اقتصاده من أن ينضم بشكل مستدام لمجموعة البلدان ذات الدخل المرتفع.

 ثانياً، إضافةً لتعزيز فرص النمو المستدام لديه، فان احتمال اكتشاف النفط أو الغاز سيساعد لبنان على تحقيق مستوى أعلى من الأمن والاستقرار في مجال الطاقة. فلبنان يقوم حالياً، وخلافاً لمعظم دول المنطقة، باستيراد كافة المنتجات النفطية الضرورية لقطاعات النقل وتوليد الكهرباء والتدفئة والصناعة وقطاعات أخرى، لذا فانه يعاني من مستوى عال من التبعية في مجال الطاقة.

 ثالثاً، سيكون للاكتشاف المحتمل للغاز أو النفط أثراً أساسياً على المالية العامة وعلى الاقتصاد، وذلك ليس فقط لجهة الإيرادات العامة إنما سيشمل هذا الأثر الإيجابي جانب تخفيض النفقات التي ستتحملها مؤسسة كهرباء لبنان. كذلك الأمر عبر الحد وبشكل رئيسي من مستوى العجز الذي تعانيه ميزانية تلك المؤسسة. كما أنه سيساهم في خفض كلفة الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية مما سيعزز قدرة لبنان التنافسية.

 بالفعل، فإنه يتم حالياً توليد 50% من الكهرباء التي يتم إنتاجها في لبنان عبر توربينات غاز تعمل على الدارة المختلطة وهي تعمل بمعظمها على النفط وليس على الغاز الطبيعي، الأمر الذي يرفع من كلفة كل كيلووات يتم إنتاجه. أضف إلى أن بعض محطات إنتاج الكهرباء الصغيرة التي لا تعمل على أساس الدارة المختلطة لا تزال تعمل على النفط المستورد وليس على الغاز الطبيعي.

 لقد بذلت الحكومة التي ترأستها جهوداً لخفض كلفة إنتاج الكهرباء في لبنان وذلك من خلال تأمين استيراد الغاز الطبيعي من مصر عبر خط الأنابيب العربي الذي يمر عبر الأردن وسوريا. إلا أن كميات الغاز الطبيعي التي حصل عليها لبنان من مصر ليست كافية لتشغيل حتى محطة واحدة لتوليد الكهرباء المنتجة لـ450 ميغاوات بشكل كامل. ولبنان عمل في هذا المجال على استطلاع إمكانية التعاون مع دول الجوار خاصةً عبر سوريا من العراق وتركيا والتوافق على مد خط أنابيب جديدة وبالتالي إفساح الفرصة أمام استيراد كميات إضافية من الغاز الطبيعي من روسيا والعراق.

 من جهة أخرى، وفي حال تمت اكتشافات غاز تجارية في المياه اللبنانية، فانه سيتم توليد وعلى الأقل ثلثي الكهرباء المنتجة حالياً في لبنان من خلال استخدام الغاز الطبيعي، وبالتأكيد سيتم، وبفضل التوفير المحقق في كلفة الإنتاج، تحويل محطات الإنتاج الأخرى تدريجياً للعمل على الغاز الطبيعي. هذا بالإضافة إلى أنه يمكن عندها بناء محطات جديدة تنتج 1000 ميغاوات على الأقل على هذا الأساس علماً أن العجز في قطاع إنتاج الكهرباء في لبنان يفوق الـ1500 ميغاوات في الوقت الحاضر.

 رابعاً، إن التنقيب عن النفط والغاز في حوض الشرق المتوسط سيعزز بالتأكيد التعاون بين لبنان وقبرص في قطاع إنتاج الطاقة، علماً أن للبلدين مصلحة مشتركة في ذلك. ومما لا شك فيه أن البلدين يتشاركان في ملكية بعض أبار الغاز والنفط، لذا فان اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين الذي تم توقيعه في 17 كانون الثاني 2007 يعتبر تمهيداً لاتفاق مستقبلي في قسم منها بشكل غير مباشر حول نقطتين إضافيتين في الشمال والجنوب تعود ملكيتها لثلاثة بلدان، علماً أنه يجب أن يلي ذلك اتفاق حول إطار العمل الخاص بتطوير خط التوسط بين قبرص ولبنان للموارد النفطية و"اتفاق السرية" بشكل مشابه للاتفاقات التي تم توقيعها بين قبرص ومصر.

 إن كلاً من لبنان وقبرص لديهما فرصاً جيدة للتعاون مع الدول الأخرى، وخاصةً مع سوريا وتركيا من خلال تطوير مشاريع بنى تحتية مشتركة كان ذلك من عمليات التنقيب ومد أنابيب الغاز أو بناء المحطات إضافةً إلى  تقاسم وتبادل الخبرات في هذا المجال، وحيث يتمكن البلدان من الاستفادة من وفورات الحجم الكبير التي توفرها مشاريع مماثلة.

 وسنعمل بالطبع، كفريق سياسي لبناني، على تشجيع الحكومة اللبنانية على مواصلة التعاون الوثيق مع قبرص في مجال إنتاج الطاقة.

 خامساً، اسمحوا لي أن أطلعكم على الجهود التي بذلناها خلال العقد الماضي: فقد بدأت أعمال التنقيب في لبنان بعد أن تم تكليف شركة Spectrumبجمع بيانات جوفية ثنائية الأبعاد لـ4500 كلم بين العامين 2000 و2002. ولاحقاً في شهر تموز من العام 2005 خلال توَلّي رئاسة مجلس الوزراء للمرة الأولى، فقد تم طلب المزيد من المسوحات الجوفية الثنائية والثلاثية الأبعاد. وعلى ذلك فقد تمّ مسح أكثر من 12،000 كلم و4000 كلم2 على التوالي منذ العام 2000 وحيث تم الحصول على أحدث البيانات بالاستناد إلى آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال. وقد استحصل عدد من شركات النفط المعروفة على بعض من هذه البيانات استعداداً لمرحلة منح التراخيص المقبلة لدى لبنان. ففي التقرير الذي أعدته شركة PGSالنروجية في العام 2008 حول البيانات الثلاثية الأبعاد، أشارت إلى أن الشاطئ اللبناني يمثل على ما يبدو قاعدة هامة للموارد النفطية التي لم يتم اكتشافها بعد. كما حددت الدراسة الحالية عدداً من مواقع التنقيب الضخمة المحتملة التي تستحق مزيداً من الاهتمام من قبل قطاع النفط الدولي. لكن، وبطبيعة الحال، يجب التأكد من هذه المواقع ومن جدواها التجارية من خلال عمليات الحفر.

 سادساً، فيما يتعلق بترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، اسمحوا لي أن أطلعكم على ما تم انجازه حتى الآن من قبل الحكومة اللبنانية.

 في إطار التحضير لمرحلة منح التراخيص واعترافاً منها بأهمية وضرورة ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية واستناد للأعمال التي سبق لمكتب الدراسات الهيدروغرافية في المملكة المتحدة (UKHO) أن قام بها، وقعت الحكومة اللبنانية مع الجمهورية القبرصية في 17 كانون الثاني 2007 على اتفاق ترسيم يغطي المنطقة الممتدة بين البلدين من دون التطرق للمناطق التي تعود ملكيتها لثلاثة بلدان والتي سيتم ترسيمها لاحقاً بعد انجاز ترسيم الحدود الجنوبية والشمالية للمنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية. ولقد قام لبنان لاحقاً في 30/12/2008 بتشكيل لجنة لترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية لجهتي الجنوب والشمال. وفي شهر أيار 2009، قدمت اللجنة تقريرها الذي حاز على موافقة مجلس الوزراء. وقد ضُمّ إلى تقرير اللجنة هذا الذي حددت بموجبه الحدود البحرية الشمالية والجنوبية بشكل أحادي إضافةً للخط الوسطي للاتفاق الثنائي الموقع مع الجمهورية القبرصية. وفي 14 تموز 2010 رفعت بعثة لبنان الدائمة في الأمم المتحدة تقريراً وقائمة بالإحداثيات الجغرافية للحدود الجنوبية لمكتب الأمين العام للأمم المتحدة وفق ما يقتضيه القانون البحري الدولي الذي قام لبنان بالتوقيع عليه خلاف إسرائيل التي لم تفعل ذلك أبداً.

 وقد تم كذلك، في 19 تشرين الأول 2010، رفع إحداثيات الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان للخط الوسطي مع قبرص وإرساله للأمم المتحدة.

 والجدير بالذكر أن اللجنة حددت خط الحدود اللبنانية للمنطقة الاقتصادية الخالصة انطلاقاً من النقطة الساحلية في أقصى الجنوب اللبناني وصولاً للنقطة 23 التي تم تحديدها وفق مبادئ القانون البحري واستناداً لتقارير مكتب الدراسات الهيدروغرافية في المملكة المتحدة (UKHO).

 سابعاً، كما تعلمون جميعاً فان منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي بسبب حالة الحرب القائمة فيها والنزاعات في أغلب الأوقات. بالرغم من ذلك، فإننا لا زلنا مهتمين في تحويل أية موارد نفطية محتملة في منطقتنا الاقتصادية الخالصة لفائدة دائمة لمجتمعنا. إلا أنه علينا في الوقت ذاته التأكد من حماية حقوقنا السيادية على مواردنا البحرية بالتزامن مع التعاون الوثيق مع قبرص والمنظمات الدولية لضمان حماية حقوق البلاد المعنية لا أكثر ولا أقل.

 لقد عرضنا قضيتنا أمام الأمم المتحدة المؤتمنة على حفظ السلام والأمن في هذه المنطقة تماماً كما في أي مكان آخر، كما عرضناها أمام قوات حفظ السلام، اليونيفيل، المتواجدة في لبنان تنفيذاً لمهمتها القاضية بالحؤول دون حصول أي نزاع بين لبنان وإسرائيل. وقد تكلمت شخصياً مع الأمين العام للأمم المتحدة تمنيت عليه اتخاذ الخطوات الوقائية اللازمة لإحباط نشوب أي نزاع محتمل من خلال العمل والمساعدة على ترسيم الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية الحصرية اللبنانية تحت رعاية الأمم المتحدة.

 أعتقد وآمل حقاً أن الحكومة اللبنانية الحالية تحرص على أبعاد مسألة ترسيم الحدود وإبقائها  بمنأى عن متاهات السياسات المحلية والإقليمية، كما آمل أن تضطلع الأمم المتحدة بدور فاعل في هذا المجال. وأنا على ثقة كذلك الأمر أن دولة قبرص الصديقة حاضرة وقادرة في هذا الإطار على لعب دور مفيد في المنطقة إذا ما اقتضى الأمر مساهمةً منها في تحقيق هذا الهدف.

 وكما أشرت سابقاً، لا يزال الوضع السياسي في حوض شرق منطقة البحر الأبيض المتوسط متأزماً بما أن لبنان لا يزال رسمياً في حالة حرب مع إسرائيل (علماً أن لبنان ملتزم بشروط هدنة العام 1949 وبقرار مجلس الأمن رقم 1701). في هذا الإطار وبناءً على طلبي، وجه وزير الشؤون الخارجية في الحكومة الثانية التي ترأستها وفي 5 شباط 2009 كتاباً لشركة Noble Energyجاء فيه " لن يسمح لبنان بأي تعد على مناطقه البحرية، بما في ذلك المنطقة الاقتصادية الخالصة، أو بأي تنقيب أو محاولة للحصول أو لاستنفاد مواردنا الطبيعية (حتى في المناطق التي لا تقع ضمن سلطة الجمهورية اللبنانية)، كما أن لبنان سيحمل الشركة مسؤولية أي انتهاك لحقوقنا السيادية ولسلطته. وعلى ذلك تحتفظ الجمهورية اللبنانية بحق اتخاذ أية خطوات ضرورية لحماية مصالحها."

 أما النقطة الثامنة فتتعلق بإطار العمل المؤسساتي اللبناني المطلوب لعمليات التنقيب عن الموارد النفطية. من المهم الإشارة في هذا الإطار إلى أن كافة الأبحاث التي تم إجراؤها حول ما أصبح معروفاً على نطاق واسع "بالمرض الهولندي"، هذه الظاهرة التي تشير إلى ممارسات سياسية وإدارية يتحول بموجبها اكتشاف مورد طبيعي من نعمة، كما هو مفترض، إلى نقمة و في نهاية المطاف إلى سبب للتدهور الاقتصادي. ولقد أجمعت كل الدراسات البحثية على أن الدول التي اعتمدت الإطار المؤسساتي الأكثر تطوراً قبل اكتشاف الموارد النفطية أو الغازية هي الدول التي استفادت أكثر من غيرها من هذه الاكتشافات وهي الدول التي تجنبت بالتالي الأعراض المعتادة لذلك المرض والمتمثلة بتدهور القطاعات الاقتصادية المنتجة، وتراجع القدرة التنافسية، والفساد وسوء الإدارة.

 غالباً ما يتم في هذا الإطار إعطاء النروج مثلاً للبلد الذي استطاع تجنب الوقوع في فخ المرض الهولندي بفضل نجاحه في إنشاء مؤسسات فاعلة قبل عملية اكتشاف الموارد النفطية. لا يمكننا إلا أن نتوجه بالشكر في هذا الإطار لمؤسس القطاع النفطي في النروج الذي شاءت الصدف أن يكون عراقي الجنسية. فقد نجحت النروج في استخلاص العبر من تجارب دول أخرى وتجنبت بالتالي الكلفة العالية التي كان يمكن لها أن تتحملها في إطار تطويرها لقطاع التنقيب عن المورد النفطية. نتيجة ما تقدم وبفضل ذلك، فقد طلب لبنان مساعدة مملكة النروج بموجب برنامج الغاز للتنمية. وتجدر الإشارة إلى أن النروج تعتبر الدول الرائدة عالمياً في مجال التنقيب البحري وإنتاج النفط منذ ما يزيد عن الأربعين عاماً.

 لذا، فقد قامت النروج والحكومة اللبنانية التي كنت أترأسها بإطلاق هذا التعاون في شباط 2007 ولا يزال التعاون قائماً حتى اليوم. أما الهدف من هذا البرنامج فقد تمثل بدعم ومساعدة لبنان في إدارة موارده النفطية الجوفية المحتملة على إنشاء المؤسسات ذات الصلة، ووضع السياسة النفطية والتشريعات ذات الصلة، وتدريب الموظفين ومساعدة السلطات اللبنانية على تحضير المفاوضات الخاصة بمنح التراخيص. لقد كان هذا التعاون بين البلدين فعالاً للغاية ولا يزال كذلك بالنسبة للبنان.

 أما النقطة التاسعة في هذا الإطار فتتعلق بقانون النفط الذي صادق عليه المجلس النيابي اللبناني في 17 آب 2010. أما أهم ما نص عليه القانون كان في اقتراح إنشاء إدارة نفط Petroleum Administrationتقوم بإدارة النشاطات النفطية بشكل يومي وتتمتع بعد إنشائها بالاستقلالية المالية والإدارية. من المهم في هذا المجال وعند تأسيس هذه الإدارة التأكد من أن أعضاء مجلس الإدارة التي سيتم إنشاؤها هم من أصحاب الكفاءات العالية، والذي يجب أن يتم اختيارهم بعناية وشفافية على أساس الجدارة والمؤهلات العالية وبعد التأكد من خبراتهم في هذا المجال وشرط ألا تخضع هذه العملية لأية تجاذبات سياسية أو ضغوط يمارسها السياسيون. بعبارة أخرى، علينا تجنب الوقوع في فخ الإصابة "بالمرض اللبناني" حيث تلعب بنتيجته الاعتبارات الدينية والمذهبية أو الولاءات الحزبية دوراً أكبر من معايير الكفاءة وبالتالي أكثر تأثيراً في عملية اختيار الهيئة الحكومية الإدارية Petroleum Administration.

 تجدر الإشارة إلى أن قانون النفط اللبناني ينص في نهاية المطاف على إنشاء صندوق سيادي حيث تقوم الدولة عندها بإيداع العائدات الصافية الني تجمعها أو تتلقاها. وعلى الدولة اللبنانية عندها الحرص على استخدام عائدات الصندوق وفق معايير صارمة تتعلق بتنفيذ عمليات هذا الصندوق. وسيتم، وفق ما نص عليه قانون الموارد النفطية الجوفية، وضع قانون منفصل في هذا الإطار لضمان تجنب أية آثار اقتصادية سلبية على الاقتصاد الوطني على المديين القصير والطويل إضافةً إلى محاولة تعزيز المنافع المرتقبة للبنان وبما يضمن رفاهية الأجيال المستقبلية. سيكون على الحكومة اللبنانية عندها وضع هذا القانون وعرضه على مجلس النواب في الوقت المناسب، على أمل أن يؤدي بشكل مباشر إلى تجنب المرض الهولندي الذي سبق لنا أن تطرقنا له.

  

أصدقائي الأعزاء،

السيدات والسادة،

 إنها لحظات مهمة، فلبنان أصبح على مشارف الانضمام إلى مجموعة الدول المنتجة للغاز والنفط. ونقر تماماً هنا أنه علينا التنبه لعامل أساسي ألا وهو أنه علينا الانتظار طويلاً (لمدة تتراوح بين سبع وعشرة سنوات) قبل تدفق العائدات إلى لبنان جراء بيع الموارد النفطية أو الغازية، هذا بعد التأكد من مواقع التنقيب المحتملة من خلال عمليات الحفر. لذا، وخاصةً في ما يتعلق بلبنان، فإنه من المهم جداً ألا يتم الإذعان لتوقعات جامحة تغذيها تصاريح سياسية من هنا وهناك أو لضغوط شعبوية لزيادة الإنفاق غير المبرر قبل الحصول على تلك الموارد. من جهة أخرى علينا الحرص على تسريع الإفساح في المجال أمام التنقيب عن النفط في أقرب وقت ممكن، إلا أنه علينا، في الوقت ذاته، التأكد من حسن سير الأمور منذ البداية، لذا علينا العمل على تحسين مجالات الاستفادة من الخبرات الدولية وأفضل الممارسات في هذا المجال.

 نحن محظوظون لانضمامنا لهذا النادي متأخرين فلا يزال لدينا الكثير لنتعلمه من تجارب البلدان الأخرى، والتمتع بالقدرة الفعلية على تجنب الأخطاء التي وقعت فيها تلك البلدان، على ما نأمل.

 أشكركم على اهتمامكم وأنا مستعد للإجابة على أية أسئلة. ودار اثر ذلك حوار بين الرئيس السنيورة والحضور.

تاريخ الخطاب: 
25/06/2011