الرئيس السنيورة لـ الحدث: حصرية السلاح بيد الدولة الطريق الوحيد لاستعادة الاقتصاد حيويته ونموه

اجرت قناة الحدث منة محطة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول اخر التطورات وفي ما يلي نصه:
س: ينضم إلينا مشاهدينا من جبل لبنان رئيس الحكومة اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة. دولة الرئيس، مساء الخير، واهلاً وسهلاً بكم معنا. بدايةً، نريد أن نعرف رأيك بتصريحات الرئيس عون للحدث فيما يتعلق بهذا القرار الحاسم للحكومة ولرئاسة الجمهورية بشأن نزع سلاح حزب الله. هل هو قرار لا رجعة فيه بالرغم من كل التهديدات وبأنّ هذه البنود ستطبق؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. مما لا شكّ فيه، أنّ ما أدلى به فخامة الرئيس في حديثه، هو فعلياً ينطبق على الواقع اللبناني بما خصّ مسألة حصرية السلاح، وهي مسألة جوهرية وأساسية. وهي التي كان قد جرى البت فيها في اتفاق الطائف في العام 1989. وكيف أنه، وعلى مدى هذه السنوات الماضية كان هذا الموضوع موضوع اخذ ورد بين جميع القوى اللبنانية ومع حزب الله. ولكن كانت الظروف تمنع في أن يُصار الى التقدم على هذا المسار لتنفيذ حصرية السلاح. لكن الأمور، وكما بات يعلم الجميع قد تفاقمت بعد ذلك. وبالتالي، فقد حصلت متغيرات كبرى، وكان من أهم ذلك انتخاب فخامة الرئيس جوزاف عون في السابع من كانون الثاني/ يناير هذا العام، وأيضاً في خطاب القسم الذي أدلى به فخامة الرئيس، وفي بيان الحكومة اللبنانية الجديدة التي عبرت عن هذا المبدأ بشأن حصرية السلاح، حيث تطابق هذا الموقف مع ما أتى في خطاب القسم، وما جاء أيضاً في البيان الوزاري الذي نالت الحكومة على الثقة من مجلس النواب على أساس منه، وحيث يتمثل كلاً من حزب الله وحركة امل في هذه الحكومة.
الآن، الحكومة أخذت خلال الاسبوعين الماضيين قراراً هاماً وأساسياً في الموافقة بداية على الاهداف التي جاءت بها الورقة الأميركية. كما أنّ الحكومة طلبت من قيادة الجيش اللبناني أن تدرس الفصول الثلاثة الواردة في هذه الورقة. هذا الموقف الذي اتخذته الحكومة يصدر من موقف لبناني عارم مؤيد، ومطالب بحصرية السلاح وبعدم استمرار ازدواجية الدولة. لاسيما وأن هذا الأمر قد بات ضرورياً، وبشكلٍ مطلق، من أجل أن يستعيد لبنان دولته، ولتكون للبنان دولة طبيعية، وبالتالي أن يكون لديها علاقات مع العالم العربي والدولي، ومن ضمنهم إيران، وهي العلاقات التي يجب أن تقوم على أساس الاحترام المتبادل. وكما ذكر فخامة الرئيس أن تكون مبنية على أساس يحول دون هذه الدول من التدخل بشؤون بعضهما بعضاً الداخلية. وهذا هو الطريق الوحيد ليستعيد الاقتصاد اللبناني، كدولة طبيعية ويستعيد حيويته، كما ويستطيع ان يبني قواه العسكرية، وأن يبدأ مشروع عملية إعادة الاعمار التي تستفيد منها بيئة حزب الله بشكلٍ أساسي، وكذلك أيضاً في أن يستعيد الاقتصاد اللبناني حيويته، بما يمكن لبنان من أن يتخطى مشكلاته المالية والنقدية المتعاظمة.
س: طيب دولة الرئيس، يعني نتحدث عن قرار حازم، ولكن نبيه بري في تصريحاته للحدث يقول بانه ليس هنالك شيء يقدمه لبراك، وبأنه يتحدث عن مسالة الحوار مرة أخرى، ويقول يجب على الاسرائيلي أن يلتزم وينسحب من لبنان، ثم الحديث عن حصر السلاح. هل هذه أو هذا الموقف من نبيه بري مؤثّر نوعاً ما؟
ج: لا شك ان هذه النقاط التي أوردها الرئيس بري هامة وجديرة بالنظر فيها، وأيضاً اعتقد ان هناك ضرورة في ان يتفهم الجانب الأميركي والجانب الفرنسي الوضع الدقيق الذي أصبح فيه لبنان. لا شك ان لبنان يتعرض الان لضغوط هائلة من قبل اسرائيل التي تستمر في عدوانها وفي اصطيادها للبنانيين، ولاسيما من عناصر حزب الله. وها هي إسرائيل تمارس تسلطها وعدوانها واختراقها للأجواء اللبنانية، وتستمر في احتلالها لمناطق جديدة في لبنان. لكنه مع إدراكنا الكبير لهذا الأمر، فإنَّ هناك، ومن جانب آخر، إملاءات تمارسها إيران على لبنان واللبنانيين. ولقد شهدنا كيف كانت زيارة السيد علي لاريجاني وما صرح به، وبالتالي هو قد كان أكثر وضوحا في تصريحه من عند الرئيس بري، إذْ قال وبشكل واضح وتعني الكثير باللغة الدبلوماسية يكون هذا امر فيه نوع من التهويل والتهديد بقوله: "اننا ننصحكم بالحفاظ على المقاومة وعلى سلاح حزب الله".
طبيعي هذا الأمر يعني أنَّ إيران ترسل رسائل واضحة للولايات المتحدة عبر حزب الله، وذلك لأنّ هناك حاجة أيضاً من قبل الراعي الأميركي بأن يدرك أنّ هذه الرسائل موجهة له ليبدأ التفاهم مع إيران.
نحن نعلم إن كان قد تمّ التوصل بتاريخ 27/11/2024 لاتفاق التفاهمات الجديدة بشأن الترتيبات اللازمة من اجل تطبيق القرار الـ1701، وهو ما وقع عليه الرئيس بري في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي. إلاّ أن هناك حاجة ماسة للنظر إلى الأمور بطريقة متبصرة ومتعاونة من أجل تسهيل عملية عودة حزب الله ليعود تحت كنف الدولة اللبنانية. وبالتالي فيما يسهم في ترتيب الأمور نحو حصرية السلاح بالتوازي مع إبعاد لبنان عن مزيد من المشكلات.
هناك كما نعلم جميعاً قرار أساسي صارم في أنّ الدولة اللبنانية ملتزمةً بشكلٍ كامل بتطبيق مبدا حصرية السلاح. الآن السؤال: كيف نتقدم على هذا المسار؟ وكيف يمكن للراعي الأميركي أيضاً أن يسهم بهذه العملية من اجل جعل هذه العملية تتم بشكلٍ كامل، وبدون استعمال العنف، وبما يحول دون تطور الأمور نحو الأسوأ في لبنان، وأن تطبق هذه التفاهمات الجديدة، ودون أي أعذار يمكن ان تتذرع بها إسرائيل.
س: دولة الرئيس، عندما يتحدث نبيه بري عن الحوار وبانه لا يمكن تطبيق اي من البنود قبل ان تنسحب اسرائيل هل هذا الامر يعرقل المسار الذي تحدثت عنه الحكومة بشأن وضع خطة قبل نهاية هذا الشهر من الجيش لنزع السلاح لحزب الله وايضا قبل نهاية العام حتى تنفذ؟
ج: لا بدّ لي من أن أقول لك شيئاً واضحاً. خلال هذه الفترة الماضية، وعلى مدى أكثر من عقدين، اللبنانيون وأشقاءهم وأصدقاءهم كان يسمعون كلاماً كثيراً فيما خصّ سلاح حزب الله، وبشأن ضرورة التحاور معه من أجل وضع استراتيجية جديدة للدفاع عن لبنان. ولكن كان كل ذلك يقتصر على كلام لا يتحول إلى أي نتيجة على الإطلاق. والمشكلة كانت ولاتزال تكمن بالعلاقة مع حزب الله ومع حركة أمل. إذْ لم يصل هذا الكلام إلى أي نتيجة. فنحن التقينا في العام 2006 بشأن طاولة الحوار الوطني. ما حصل آنذاك، أننا اتفقنا على العديد من الأمور. والمشكلة انه في كل مرة كان ينقلب حزب الله على الاتفاقات التي كانت تحصل ولم يحصل أي تقدم. على أي حال، وبالرغم من كل ذلك النكول من حزب الله، فإنَّ هناك حاجة الآن للتواصل مع حزب الله، واعتقد انّ هذا ضروري وليس بالدخول بسلسلة لا تنتهي من الحوارات لأنّ الحوار قد حصل وانتهى. الآن يبقى إقامة التواصل مع حزب الله وهذا أمر ضروري. ومد اليد الى حزب الله أمر ضروري، ولكن تحت سقف التوصل الى حصرية السلاح. أعتقد أنّ هناك إمكانية من أجل أن يتقدم حزب الله لينضوي تحت سلطة الدولة اللبنانية، ولذلك أرى أنّ الأمر بيستاهل الجهد الذي يمكن بذله من أجل الاقناع والشرح وإظهار مصلحة الحزب في ذلك من أجل أن نتقدّم على هذا المسار.
س: طيب ماذا إنْ لم اي يستجب حزب الله لهذه اليد الممدودة؟ هل عدم تماهيه مع حركة امل فيما يتعلق بالحرب الأهلية سيؤثر على ابطال هذه التهديدات ام انه لديه ما يفعله؟
ج: أنا اعتقد، ودعينا أن نكون واضحين، في هذا الأمر أنا أعتقد أنّ الكلام الذي يقوله الشيخ نعيم قاسم، هو أقرب إلى التهويل منه إلى القدرة على أن يرتكب هذه الخطيئة الكبرى في ان يتسبب بفتنة. وانا اعتقد ايضاً انه ليس هناك من أحد يريد ان يتورط لبنان أو أن يُزجَّ بلبنان في حرب أهلية بين اللبنانيين. ما حدا معه وليس هناك أحد عنده القدرة لذلك. كما أنه ليس هناك من أطراف خارجيين يمكن ان يساهموا بهذه العملية الفتنوية. فبالتالي الآن هناك مسألة يجب ان ندركها بان إيران قد أصدرت أمر عمليات لحزب الله عندما زار علي لاريجاني لبنان. وهذا ما دفع الشيخ نعيم قاسم لأن يصرح بأننا سنخوض معركة كربلائية وهذا كلام أقرب الى التهويل. ولكن بذات الوقت هو فعلياً رسالة. وهم في ذلك يستعملون لبنان صندوقة بريد. وهم يستعملون لبنان لإرسال رسالة توجهها إيران للأميركان أنه احكوا معنا. لذلك، فإنّ هذا الموضوع مطلوب من الأميركيين أن يحكوا مع الإيرانيين. الإيرانيون يريدون، وبعد الانهيارات التي حصلت وأثرت سلباً على وجودهم الفاعل في أربع عواصم عربية، حيث سقطت دمشق من يدهم وكذلك بيروت، يريدون أن يتواصلوا مع الأميركيين، وهذا أمر يخصهم ولكننا لا نريد نحن أن ندفع ثمن ذلك.
الآن هذا الموقف المستجد الذي يعبر فيه لبنان عما يكّنه اللبنانيون من حاجة لأن يعود لبنان بلداً طبيعياً ودولة طبيعية، وبالتالي هناك مشكلات في العراق ومشكلات أثرت على نفوذ إيران في المنطقة إلى جانب ما حصل في سوريا ولبنان. ومشكلات أيضاً في صنعاء. يعني هذه الاذرع التي كانت لإيران بدأت تتساقط واحدة تلو الأخرى. ولهذا يصر الايرانيون من أجل تحسين موقعهم التفاوضي مع الولايات المتحدة من خلال لبنان، وأكرّر هنا أنه لا يمكن للبنان أن يكون الطرف الذي يدفع الثمن.
لذلك، وفي ضوء هذه المتغيرات الكبرى في المنطقة، فإني اعتقد أنّ الأمر بات يقتضي مدّ اليد الى حزب الله، وذلك بالتواصل بشكلٍ جيد وهادف، وبالتالي يجب على الحزب أن يدرك أنه له مصلحة اكيدة في ان يعود الى لبنان بشروط الدولة اللبنانية، وبالتالي لتتحقق حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني ويعود لبنان دولة طبيعية.