الرئيس السنيورة للحرة: رئيس الجمهورية قال انه علم بوجود هذه المواد قبل 15 يوما من الانفجار

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

أجرت قناة الحرة حواراً مع الرئيس فؤاد السنيورة حول آخر التطورات في لبنان هذا هو نصه:

س: إذا من يحمل المسؤولية عن انفجار المرفأ في العاصمة اللبنانية بيروت، سؤال يبحث عن إجابة وطبعا بات شماعة للقوى السياسية بإلقاء اللوم على الطرف الآخر. تطور جديد في هذه القضية بادعاء قاضي التحقيق العدلي في لبنان على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وثلاثة من الوزراء السابقين يتهمهم بالإهمال والتقصير الذي أدى الى انفجار المرفأ وحدد القاضي موعد الاستماع للرئيس دياب يوم الاثنين المقبل في مقر الحكومة. واعتبر دياب ان الادعاء هو استهداف لموقع ولرئيس الوزراء (تقرير). وحول هذا الموضوع ننتقل الى السيد رئيس وزراء لبنان الأسبق السيد فؤاد السنيورة. دعني انطلق من تصريحات حسان دياب عندما قال فيها ان هذا الامر استهداف لمنصب رئيس الحكومة ان يتم استدعاؤه من اجل الإهمال في قضية المرفأ:

ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين وشكرا على الاستضافة، وشكراً على الاهتمام بقضايا لبنان.

قبل أن أدخل بهذه التفاصيل أود أن أقول ان جريمة تفجير مرفأ بيروت التي حصلت في الرابع من آب الماضي هي بحق جريمة العصر إذ أنها تعتبر من أكبر ثلاثة تفجيرات غير نووية حصلت في العالم. وهي جريمة تحمل معها الكثير من عناصر الشكوك والريبة والتساؤلات الخطيرة حول أسباب حصول هذا التفجير، ولماذا توجهت تلك السفينة وعلى متنها تلك الكميات من نترات الامونيوم، وكيف غيّرت وجهتها لتصل إلى مرفأ بيروت، وكيف أفرغت حمولتها في عنابر المرفأ، وكيف أُغْرقت الباخرة في محيط مرفأ بيروت بعد ذلك. ومن كان وراء مجيء تلك الشحنة الخطرة إلى لبنان، ومن هو صاحبها الحقيقي، ومن هي الفئات التي كانت تحمي استمرار وجود هذه الكميات في مرفأ بيروت عبر تلك اليد الخفية التي كانت تؤمن التغطية الكاملة على تلك المواد المتفجرة والخطرة، ومن كان وراء إخراج كميات منها، لاسيما وأن قسماً من حائط العنبر الذي كانت فيه تلك الكميات كان مهدماً بما يسمح بالدخول إلى العنبر وإخراج كميات منه. وكل ذلك يطرح تساؤلات خطيرة تجب الإجابة عليها حتى تكون جميع الأمور والملابسات واضحة أمام جميع اللبنانيين.

أما الامر الثاني الذي ينبغي ان يكون واضحاً وثابتاً، وهو أنه من حق جميع اللبنانيين وكل لبناني، أصيب أو لم يصب، من حقه أن يعلم كامل الحقيقة. وأنا أجلس هنا وأحدثك من مكان تعرض للتهشيم والتكسير نتيجة ذلك التفجير. إنّه من حق جميع اللبنانيين ان يعلموا كامل حقيقة ما جرى ولماذا جرى ومن هو المسؤول أو المسؤولين عما حصل.

الامر الثالث انه لا يجوز على الاطلاق ان تكون هناك خيمة أو حماية تغطي أي انسان او أي فرد او أي مجموعة تكون قد شاركت فيما حصل، أو أن تكون مسؤولة عن ارتكاب اهمال أو تقصير أو تواطؤ مهما علا شأن هذا الشخص أو أولئك الأشخاص وفي أي موقع يشغله أو يشغلونه. إذ لا يمكن التذرع بأي عذر أو سبب ليكون أي شخص بمنأى عن المحاسبة والمساءلة. ولذلك، فإنه يجب ان يصار الى كشف الحقيقة كاملة، ولتتم عندها محاكمة أولئك المتورطين والمسؤولين.

انطلاقاً من هذه الاعتبارات الثلاثة التي ذكرتها فقد بادرنا نحن كرؤساء سابقين في اليوم التالي ولم يكن قد مضى على حادثة التفجير سوى ساعات قليلة، وإدراكاً منا بالهواجس والمخاوف التي تعتمل في صدورنا وبصدر كل لبناني بشأن إمكانية تسييس التحقيق أو إفساد القضاء، فقد بادرنا مباشرة إلى المطالبة بالاستعانة بتحقيق دولي يتمتع بالحرفية وبالحيادية والنزاهة لكي يتولى التحقيق في هذه الجريمة لكشف ملابساتها. ولقد طالبنا وقتها من جميع الأجهزة القضائية والعسكرية والأمنية المعنية بالحفاظ على مسرح الجريمة وعدم العبث به ريثما يباشر التحقيق الدولي عمله. ولقد كان هاجسنا ودافعنا آنذاك في الاستعانة بلجنة تحقيق دولية، الخوف والتحسب من قبلنا من التأخير والتمييع إذا ما تسلم التحقيق في هذه الجريمة قضاة لبنانيون قد يصبحوا معرضين للضغوط والحسابات السياسية والضغوط المحلية أو ما شابه.

في المقابل، كان قد وعدنا رئيس الجمهورية آنذاك أنه وخلال خمسة أيام سوف ينجلي التحقيق ليبيّن لجميع اللبنانيين حقيقة ما جرى. وها قد مضى على هذا التفجير أكثر من أربعة أشهر ولا تزال التحقيقات تميل يمنه ويسره ولا يبدو أنها تلامس سوى القشور، وأنها لا تقارب جوهر المشكلات الأساسية في هذه الجريمة، وتحديداً لكشف من أتى بتلك الشحنة إلى لبنان وماذا كان غرضه ومن هو المستفيد منها، ومن كان يستعمل ويخرج كميات منها من العنبر ومن حرم المرفأ، ومن كان يحرص على ان لا يصار إلى إعادة شحن تلك الكميات إلى خارج لبنان ومن كان يحرص على عدم اتلافها.

س: لماذا حسان دياب؟ لماذا ليس سعد الحريري على سبيل المثال؟ لماذا يقول حسان دياب ان هذا استهداف لمنصب رئيس الوزراء وفيه تجاوز للبرلمان.

ج: قبل ان آتي الى الموضوع الدستوري بشأن الادعاءات التي وجهها المحقق العدلي، أودّ أن أشير إلى حادثتين مثيرتان للاهتمام، وذلك بما يتعلق بما نقل على لسان فخامة الجمهورية وعن رئيس الحكومة.

الأولى، ان فخامة الرئيس وأنا سمعته بأذني شخصياً يقول إنه كانت لديه معلومات وأنه علم بموضوع هذه الكميات من نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في عنابر المرفأ. وأنه علم بهذا الأمر قبل خمسة عشرة يوما من حادث التفجير. وهذا فخامة الرئيس، وهو ليس إنساناً عادياً بل هو قائد الجيش الأسبق، وهو بصفته هذه هو رئيس المجلس الأعلى للدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلّحة، وهو أيضاً وكعسكري ضليع وصاحب المعرفة والخبرة في المواد المتفجرة وبنوعية هذه الكميات وما يمكن ان يتأتى عن وجود هذه الكميات في عنابر المرفأ وعلى قربة من المناطق السكنية من مخاطر. هذا علماً أن لبنان يمنع منعاً باتاً استيراد أي كيلوغرام من هذه المواد القابلة للتفجير قبل الحصول على الموافقة المسبقة من مجلس الوزراء. بالتالي، فقد كان رئيس الجمهورية وبكل صفاته يقول انه كان يعلم قبل 15 يوما عن هذه الكميات ولم يتخذ أي اجراء.

أما رئيس الحكومة، فقد نقل عنه أيضاً أنه عندما علم بشأنها، فقد كان بوده ان ينزل الى المرفأ ليعاينها من اجل ان يستكشف ملابسات هذه المسألة ثم عدل عن تلك الزيارة. ولذلك يطرح السؤال: لماذا لم يبادر إلى اتخاذ أي موقف يحول دون بقاء تلك الكميات وما يحمله استمرار وجودها في عنابر المرفأ من مخاطر.

الآن لماذا هذه الانتقائية في الملاحقة وفي هذا الامر، فغنّ كلاهما مسؤول.

نعود الى الدستور، فالدستور واضح بشأن ملاحقة الأشخاص الذين ينطبق عليهم أحكام المواد 70 و71 و80 من الدستور، بأن هذا الامر ينبغي ان يصار الى النظر به من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي يؤلف من سبعة نواب وثمانية من أعلى القضاة. وهذا واضح شديد الوضوح في تلك المواد.

صحيح أنّ المحقق العدلي كان قد أرسل رسالة الى مجلس النواب، وبغض النظر عن إشكاليات التبليغ، وذلك بتاريخ 24/11/2020، وحيث يذكر في رسالته أنّ هناك شبهات جدية على كل رؤساء الحكومات والوزراء الذين تعاقبوا على رئاسة الحكومات وعلى الوزراء الذين تولوا حقائب المال والأشغال والعدل منذ سنة 2013 حتى سنة 2020 وعددهم جميعاً 16 شخص بمن فيهم أربع رؤساء حكومة.

ولقد بادر رئيس مجلس النواب في حينها إلى إجابة قاضي التحقيق بشأن عدم كفاية الأدلة، وأنّه لم يتم تزويد المجلس النيابي بالمعلومات الكافية.

إلاّ أنّ المحقق بادر بعد ذلك إلى مناقضة نفسه وتخلى عن الرسالة التي أرسلها لمجلس النواب، وها هو يقوم اليوم باستدعاء أربعة من الأشخاص الستة عشر وبشكل انتقائي للاستجواب بكونهم متهمين ومدّعى عليهم. وهو بذلك يخالف الدستور ويتخطى صلاحياته ويخالف مضمون كتابه ويخالف مبدأ فصل السلطات الدستورية لأن الدستور يحرص على حصر الادعاء بمجلس النواب في هذه الحالات.

الامر الذي أقوله في هذا الصدد، أنه لا يجوز أن يستعمل القضاء كقناع لعمليات بوليسية أو لتركيب اتهامات من أجل تصفية الحسابات السياسية أو للانتقام.

وإذا كان هناك من حيادية حقيقية فمن الأولى ان يصار الى طلب الاستماع إلى فخامة الرئيس الذي قال بعظمة لسانه انه علم بالأمر يوم العشرين من تموز أي قبل 15 يوما من التفجير، أي خمسة عشرة يوماً وهي مدة كانت كافية وكفيلة بتفكيك قنبلة ذرية.

اعتقد اننا ينبغي ان نعود الى التركيز الكامل على كشف الحقيقة بكاملها. لأنّ هذا التفجير على كبره وأهميته، وبما يخبئه من ملابسات، فإنه لا يمكن الاكتفاء والالتهاء بطلب الاستعانة بالقمر الصناعي الفرنسي حتى يزود الفرنسيون القضاء اللبناني بمعلومات. الامر أخطر من ذلك بكثير وهذا الامر كان ينبغي ان يصار إلى أن يعالج بطريقة مختلفة تماماً. وأنا أعتقد أنه لا يمكن ان تتم التحقيقات بشكل حيادي وصحيح الا من خلال العودة إلى المطالبة بتحقيق تجريه لجنة تحقيق دولية. إذ أنه هو الوسيلة الحقيقية والصحيحة والموثوقة من أجل أن يرتاح اللبنانيون ويطمئنوا إلى أنه تجري التحقيقات بحيادية ودون كيدية ودون التغطية على أحد، وليتأكدوا أن الامر ليس فيه عمليات افساد او عمليات استغلال للقضاء من اجل النيل من اشخاص معينين.

س: إذا اردت ان الخص كلامك انت هنا تدافع عن رئيس الوزراء السيد حسان دياب وتقول انه إذا كان هناك ادعاء تجاه شخص لا بد ان يكون على الجميع. هل هذا ممكن في لبنان؟

ج: أنا لا أدافع عن أي انسان على الاطلاق، أنا ومن اليوم الأول كنت ولا أزال أطالب بتحقيق شفاف موضوعي بعيد عن الكيد وبعيد عن الغرضية وبعيد عن تسييس القضاء وذلك للحؤول دون تسخير القضاء لخدمة اهداف سياسية. هذا الذي نريده وهذا الذي يريده اللبنانيون.

لقد أضاع المسؤولون حتى الآن أكثر من 4 أشهر في كلام من هنا وهناك وبالتالي لم نصل الى الحقيقة ولا سيما ان هذه العملية فيها ملابسات وفيها أمور كثيرة تتعلق بالباخرة وحمولتها كيف أبحرت والى اين كانت متجهة وماذا كانت تحمل وما الغرض الحقيقي منها ولماذا أدخلت الى لبنان ومن كان وراء حمايتها. ومن هي تلك اليد الخفية التي كانت ترعى الأمور بشأنها وشأن حمولتها بحيث لا يمكن الكشف عن جميع الملابسات وكيف كان المستودع مفتوحاً وكيف كانت تهرب بعض من تلك الكميات من أصل 2755 طناً التي كانت تمثل الحمولة الكاملة لتلك السفينة.

س: كانت هذه الباخرة موجودة في الميناء ومنذ متى نترات الامونيوم موجودة داخل العنبر. ولكن دعني اختم بتكرار سؤالي مرة أخرى. هل ممكن في لبنان ان يحاسب جميع المسؤولين عن الفساد، عن الدمار، عن انفجار المرفأ؟ هل هذا ممكن؟

ج: هذا ليس أمراً عادياً وبالتالي لا يجوز التعامل معه بهذه الخفة. إذ كان ينبغي ان يصار الى تعيين لجنة دولية لكي تتولى التحقيق، ولاسيما وأنه كان يجري تهريب قسم من تلك الكميات، ولاسيما أيضاً أنّ كل التقديرات عن حجم التفجير الذي حصل في المرفأ يشير إلى أنّ كمية المواد التي انفجرت لا تتعدى ثلث مجموع الكميات التي في المرفأ وجرى خزنها في العنبر المعني؟ أين أصبحت الكميات الأخرى وكيف هُرِّبت ومن استعملها؟ هذه كلها أسئلة أساسية، ولا أمكن التوصل إلى إجابات مقنعة بعد بسبب هذه الملابسات الكثيرة التي تحيط بها.

المشكلة الآن أصبحت في تسييس القضاء اللبناني ونحن نعرف كيف يجري تسخير القضاء لخدمة اشخاص معينين وبالتالي الى تركيب ملفات.

أنا لا ادافع عن أي شخص، إذا كان رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء مقصرين أو أن الوزراء مقصرين فليحاكموا ولا يجوز ان تكون هناك حماية لأحد. ولكن أن يجري ذلك في ظل احترام الدستور وعبر اعتماد الهيئات الدستورية المعنية التي حددها الدستور، لا أن يصار إلى مخالفة الدستور. ولكن أكرر أنه، وفي ضوء ما جرى من تطورات أخيرة، فإنه أصبح يشكّل سبباً إضافياً يوجب العودة إلى تعيين لجنة تحقيق دولية تتولى قطع الشك باليقين.

تاريخ الخبر: 
11/12/2020